يتميز لبنان بخصائص طبيعية رائعة، الاجواء تتغيير بإستمرار وبوتيرة تجعل الساكن لا يمل منها، فالفصول ترخي ظلالها وتأثيراتها على تصرّفات البشر وأحاديثهم ولقاءاتهم، حيث عندما يجتمع إثنان أو أكثر يباشرون بتحليل تأثيرات المناخ والجفاف والامطار عند حصولها، بالإضافة الى التحليل السياسي.
إنه اللبناني بإمتياز مع عاداته بتحليل كل شيء ما عدا الاهم، يغوص بالتحاليل لأوضاع لا يستطيع منها شيئا والامور التي تتداخل في شؤونه الحياتية اليومية يعتبرها غير جديرة بأن تأخذ من وقته، معتقدا بأن لا قدرة له عليها، وهذا هو الخطأ الشائع والمعمم، هكذا من السهل بمكان تحليل وتصنيف الطقس وما سيحصل مستقبلا ومن غير المستطاع تحليل تصرفات السياسيين الذين جرّوا البلاد والمواطن الى الهاوية، إقتصاديا وإجتماعيا وخدماتيا وصحيّا وماليا.
جرّاء هذا التمادي بعدم تحمّل المسؤلية الفردية وغياب ثقافة المواطنة أصبح الوطن مرتعا للمافيات التي تقتات من الموارد العامة ما تشاء من دون حسيب او رقيب لا بل نجد دوما تبريرا من مسؤول هنا او متعهّد من هناك لفشلهم في تطبيق ما يرجوه المواطن.
هكذا تغوص الحقائق في مجاهل الزمن ويذوب الحساب، ولا يعود له مكان في الساحات او الدفاتر، واللبناني مأخوذ بكيفية الوصول الى عمله او العودة الى منزله في بحر من السيارات المكدسة على الاوتوسترادات والطرقات الفرعية، نظرا لغياب الادارة، ونظرا الى حاجته لتأمين إستمرارية ما يسمى بمعاش أصبح العيش معه لا يكفي الأساسيات.
ومع بداية هطول الامطار وتوقعات الشتاءالقادم لا بد للمواطن من ان يكون رهينة سياسيين وعدم كفاءة إدارية عن سابق تصور وتصميم، وكيف لا في ظل سرقة الوقت والهروب الى الأمام التي يبدع في صناعتهما سياسيوا هذا الزمن المشؤوم، هكذا تسرق الايام والسنوات من وقت اللبناني وحياته الى جانب تجميد أمواله والكثير الكثير أيضا، وكل ذلك على حساب الابداع وتطبيق القوانين الغائبة مع صديقتها المحاسبة عن واقع الحال، في بلاد قيل عنها منارة للشرق والغرب، هذه المنارة التي إنطفأت مع غياب الكهرباء وإزدياد المحاصصات والسرقات في اغلب إدارات الدولة الفاسدة… والسلام..
عصام عطالله - أستاذ جامعي، باحث وكاتب - السبت 11 كانون الأول 2021
إرسال تعليق