لم تحدث العقوبات الأميركية المفروضة على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل مفاجأة في الوسط السياسي الذي كان يتوقع صدورها، وإن كانت تزامنت مع انصراف الحكم والحكومة إلى حسم الخلاف حول التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي والمالية العامة للدولة اللذين ربما فوجئا بتدقيق جنائي من نوع آخر صدر عن الخزانة الأميركية واستهدف باسيل مالياً وسياسياً، مع أن الأخير حاول في أول رد فعل أن يوحي بأن العقوبات جاءت على خلفية خياراته السياسية في محاولة لتمرير رسالة إلى حليفه "حزب الله" كي لا يتركه وحيداً في منازلته مع واشنطن.
فالعقوبات الأميركية المفروضة على باسيل لم تكن وليدة ساعتها وإنما جاءت على خلفية بدء تدهور علاقته بواشنطن التي أخذت تتراكم منذ أكثر من سنتين وتحديداً عندما كان في عداد الوفد الرئاسي إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، إذ لم يلحظ اجتماعه بأي مسؤول أميركي، وتذرع حينها بأنه لم يطلب مواعيد للقاء كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترمب وهذا ما كرره أيضاً في نهاية جولته على عددٍ من دول أميركا اللاتينية التي انتهت بزيارته لواشنطن للقاء أركان الجالية اللبنانية ومسؤولي "التيار الوطني".
ولم تنجح المحاولات لرأب الصدع بين باسيل وواشنطن التي بدأت تراقب سلوكه منذ أن أبرز العماد ميشال عون ورقة التفاهم مع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في شباط (فبراير) 2006، وصولاً إلى توليه وزارات الاتصالات والطاقة والخارجية التي كانت وراء اتهامه بسوء إدارة المال العام وتلقي الرشاوى واستخدام نفوذه في إدارات الدولة، إضافة إلى تحالفه مع "حزب الله".
حتى أن باسيل كان يتوقع العقوبات، خصوصاً في ضوء امتناع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لدى زيارته بيروت عن لقائه لتكر السبحة لاحقاً عندما استثني من لقاءات نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل ومساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر، مع أن مصادر مقربة من باسيل حاولت توحي بأن السبب أنه امتنع بناء لطلب هيل عندما التقاه سابقاً عن فك ارتباطه بـ"حزب الله" وهذا ما لمح إليه بصورة غير مباشرة في تغريدته في أول تعليق على استهدافه بالعقوبات.
كما أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان أعلم قبل أيام بصدور العقوبات الأميركية على باسيل، وهذا ما أدى إلى تأجيل اجتماعه الذي كان مقرراً مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الخميس الماضي إلى أول من أمس بسبب انشغاله بمواكبة التداعيات المترتبة على صدور العقوبات.
وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي مطلع لـ"الشرق الأوسط" بأنه من السابق لأوانه الغوص في التداعيات المترتبة على العقوبات التي استهدفت رأس القوة الضاربة المقررة سياسياً وذات اليد الطولى في القرارات التي يتخذها عون، ورأى بأن رد الفعل الأولي للأخير ما هو إلا نسخة طبق الأصل عن رد فعله حيال العقوبات التي استهدفت الوزيرين السابقين النائب علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، وبالتالي لا بد من ترقب رد فعله السياسي، وأيضاً رد فعل باسيل الذي سيعلنه اليوم والذي لا يمكن التعامل معه بمعزل عن المواقف السياسية اللاحقة لرئيس الجمهورية.
ولفت المصدر نفسه إلى أن استهداف باسيل شكل ضربة لعون ليس لأنه وريثه السياسي فحسب، وإنما لكونه يلعب دور رئيس الظل الذي يحيل عون إليه كل من يراجعه بالشأن السياسي العام، وهذا باعتراف الحلفاء قبل الخصوم، إضافة إلى أن عون أتاح له السيطرة على التيار السياسي المحسوب عليه والذي يشكل فريقه الاستشاري، وبالتالي إبعاد من يعارضه داخل أهل البيت وهذا ما شمل ابنتيه ميراي عون الهاشم وكلودين عون روكز.
وسأل: هل يذهب عون بعيداً في احتضان باسيل بصرف النظر عن حجم الكلفة السياسية التي سيتكبدها مع دخوله الثلث الأخير من ولايته الرئاسية، أم أنه سيبادر إلى رسم مسافة لنفسه تجنبه ردود الفعل المحلية والخارجية، رغم أن الخسارة التي أصابت باسيل لا تعوض وستدفع باتجاه تراجع طموحاته الرئاسية إن لم تكن أصبحت معدومة.
واعتبر المصدر بأن اختبار رد فعل عون سيكون من خلال المشاورات الجارية بينه وبين الحريري لتشكيل الحكومة رغم أن اجتماعهما الأخير لم يحمل أي جديد وطغى عليه طيف العقوبات على باسيل، وبالتالي لم يعرف إذا كانت المشاورات ستستأنف في الأسبوع المقبل، أم أن هناك ضرورة لترحيلها إلى وقت غير محدد.
وكشف بأن اجتماعات عون - الحريري لم تحقق حتى الساعة التقدم المطلوب، وقال بأن الإيجابية التي تتحدث عنها باستمرار البيانات الإعلامية الصادرة عن بعبدا والتي تقابل بصمت من الحريري وأوساطه تعكس واقع الحال طالما أن المشاورات لم تقترب من النصف الآخر للطريق وما زالت تراوح مكانها، فيما لن يتراجع الحريري عن موقفه بتشكيل حكومة من 18 وزيراً ويصر على عدم الاعتذار عن التكليف مهما كلف الأمر.
وأكد بأنه ليس في وارد التكهن بموقف عون الذي أصيب بتسونامي سياسية مصدرها العقوبات، وسأل ما إذا كان سيدير ظهره لها ويتصرف كما كان قبل صدورها وصولاً إلى تعويم باسيل وإحضاره كطرف ثالث في مفاوضات التأليف، وهل يدعمه "حزب الله" من دون أي تردد ما يعيد التأليف إلى المربع الأول؟
واعتبر بأن هذه العقوبات ما هي إلا رسالة موجهة لغير باسيل وإلى عددٍ من المنتمين إلى الطبقة السياسية الذين تنتظرهم دفعة من العقوبات، وقال إن لبنان يقف مع صدورها أمام مرحلة جديدة غير تلك التي كانت قائمة، وهذا ما يستدعي ترجيح كفة المجيء بحكومة تكنوقراط لقطع الطريق على احتمال ضم وزراء يمكن أن تشملهم العقوبات.
وبالنسبة إلى تداعيات العقوبات على الوضع الداخلي لـ"التيار الوطني"، قال المصدر بأن صدورها يشكل انعطافاً في الموقف الأميركي لمصلحة تبني واشنطن لمطالب الحراك المدني، ورأى بأن التيار سيتعرض إلى اهتزاز لا يمكن تقدير مفاعيله، خصوصاً أنه أسقط حاجز الخوف أو المراعاة لدى الذين يتموضعون في الضفة الثانية المناوئة لباسيل، وهذا قد يدفعهم إلى التجرؤ عليه ومن بينهم عدد من النواب والبيت الداخلي لعون الذي كان يحذر من التمادي بلا رادع مع سياسات باسيل التي أدخلت العهد في اشتباكات سياسية لا تعد ولا تحصى.
فالعقوبات الأميركية المفروضة على باسيل لم تكن وليدة ساعتها وإنما جاءت على خلفية بدء تدهور علاقته بواشنطن التي أخذت تتراكم منذ أكثر من سنتين وتحديداً عندما كان في عداد الوفد الرئاسي إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، إذ لم يلحظ اجتماعه بأي مسؤول أميركي، وتذرع حينها بأنه لم يطلب مواعيد للقاء كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترمب وهذا ما كرره أيضاً في نهاية جولته على عددٍ من دول أميركا اللاتينية التي انتهت بزيارته لواشنطن للقاء أركان الجالية اللبنانية ومسؤولي "التيار الوطني".
ولم تنجح المحاولات لرأب الصدع بين باسيل وواشنطن التي بدأت تراقب سلوكه منذ أن أبرز العماد ميشال عون ورقة التفاهم مع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في شباط (فبراير) 2006، وصولاً إلى توليه وزارات الاتصالات والطاقة والخارجية التي كانت وراء اتهامه بسوء إدارة المال العام وتلقي الرشاوى واستخدام نفوذه في إدارات الدولة، إضافة إلى تحالفه مع "حزب الله".
حتى أن باسيل كان يتوقع العقوبات، خصوصاً في ضوء امتناع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لدى زيارته بيروت عن لقائه لتكر السبحة لاحقاً عندما استثني من لقاءات نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل ومساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر، مع أن مصادر مقربة من باسيل حاولت توحي بأن السبب أنه امتنع بناء لطلب هيل عندما التقاه سابقاً عن فك ارتباطه بـ"حزب الله" وهذا ما لمح إليه بصورة غير مباشرة في تغريدته في أول تعليق على استهدافه بالعقوبات.
كما أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان أعلم قبل أيام بصدور العقوبات الأميركية على باسيل، وهذا ما أدى إلى تأجيل اجتماعه الذي كان مقرراً مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الخميس الماضي إلى أول من أمس بسبب انشغاله بمواكبة التداعيات المترتبة على صدور العقوبات.
وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي مطلع لـ"الشرق الأوسط" بأنه من السابق لأوانه الغوص في التداعيات المترتبة على العقوبات التي استهدفت رأس القوة الضاربة المقررة سياسياً وذات اليد الطولى في القرارات التي يتخذها عون، ورأى بأن رد الفعل الأولي للأخير ما هو إلا نسخة طبق الأصل عن رد فعله حيال العقوبات التي استهدفت الوزيرين السابقين النائب علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، وبالتالي لا بد من ترقب رد فعله السياسي، وأيضاً رد فعل باسيل الذي سيعلنه اليوم والذي لا يمكن التعامل معه بمعزل عن المواقف السياسية اللاحقة لرئيس الجمهورية.
ولفت المصدر نفسه إلى أن استهداف باسيل شكل ضربة لعون ليس لأنه وريثه السياسي فحسب، وإنما لكونه يلعب دور رئيس الظل الذي يحيل عون إليه كل من يراجعه بالشأن السياسي العام، وهذا باعتراف الحلفاء قبل الخصوم، إضافة إلى أن عون أتاح له السيطرة على التيار السياسي المحسوب عليه والذي يشكل فريقه الاستشاري، وبالتالي إبعاد من يعارضه داخل أهل البيت وهذا ما شمل ابنتيه ميراي عون الهاشم وكلودين عون روكز.
وسأل: هل يذهب عون بعيداً في احتضان باسيل بصرف النظر عن حجم الكلفة السياسية التي سيتكبدها مع دخوله الثلث الأخير من ولايته الرئاسية، أم أنه سيبادر إلى رسم مسافة لنفسه تجنبه ردود الفعل المحلية والخارجية، رغم أن الخسارة التي أصابت باسيل لا تعوض وستدفع باتجاه تراجع طموحاته الرئاسية إن لم تكن أصبحت معدومة.
واعتبر المصدر بأن اختبار رد فعل عون سيكون من خلال المشاورات الجارية بينه وبين الحريري لتشكيل الحكومة رغم أن اجتماعهما الأخير لم يحمل أي جديد وطغى عليه طيف العقوبات على باسيل، وبالتالي لم يعرف إذا كانت المشاورات ستستأنف في الأسبوع المقبل، أم أن هناك ضرورة لترحيلها إلى وقت غير محدد.
وكشف بأن اجتماعات عون - الحريري لم تحقق حتى الساعة التقدم المطلوب، وقال بأن الإيجابية التي تتحدث عنها باستمرار البيانات الإعلامية الصادرة عن بعبدا والتي تقابل بصمت من الحريري وأوساطه تعكس واقع الحال طالما أن المشاورات لم تقترب من النصف الآخر للطريق وما زالت تراوح مكانها، فيما لن يتراجع الحريري عن موقفه بتشكيل حكومة من 18 وزيراً ويصر على عدم الاعتذار عن التكليف مهما كلف الأمر.
وأكد بأنه ليس في وارد التكهن بموقف عون الذي أصيب بتسونامي سياسية مصدرها العقوبات، وسأل ما إذا كان سيدير ظهره لها ويتصرف كما كان قبل صدورها وصولاً إلى تعويم باسيل وإحضاره كطرف ثالث في مفاوضات التأليف، وهل يدعمه "حزب الله" من دون أي تردد ما يعيد التأليف إلى المربع الأول؟
واعتبر بأن هذه العقوبات ما هي إلا رسالة موجهة لغير باسيل وإلى عددٍ من المنتمين إلى الطبقة السياسية الذين تنتظرهم دفعة من العقوبات، وقال إن لبنان يقف مع صدورها أمام مرحلة جديدة غير تلك التي كانت قائمة، وهذا ما يستدعي ترجيح كفة المجيء بحكومة تكنوقراط لقطع الطريق على احتمال ضم وزراء يمكن أن تشملهم العقوبات.
وبالنسبة إلى تداعيات العقوبات على الوضع الداخلي لـ"التيار الوطني"، قال المصدر بأن صدورها يشكل انعطافاً في الموقف الأميركي لمصلحة تبني واشنطن لمطالب الحراك المدني، ورأى بأن التيار سيتعرض إلى اهتزاز لا يمكن تقدير مفاعيله، خصوصاً أنه أسقط حاجز الخوف أو المراعاة لدى الذين يتموضعون في الضفة الثانية المناوئة لباسيل، وهذا قد يدفعهم إلى التجرؤ عليه ومن بينهم عدد من النواب والبيت الداخلي لعون الذي كان يحذر من التمادي بلا رادع مع سياسات باسيل التي أدخلت العهد في اشتباكات سياسية لا تعد ولا تحصى.
الشرق الاوسط - 9 تشرين الثاني 2020
إرسال تعليق