يقول مسؤول حكومي سابق بارز لـ"النهار العربي" إن معلوماته التي استقاها عندما كان في السلطة عندما جرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) 2005، ثم في الأعوام اللاحقة التي تلت الاغتيال، لا سيما خلال الفترة التي انطلقت أعمال المحكمة الخاصة وقرار مجلس الأمن الرقم 1757 الصادر في 30 أيار (مايو) 2007، تؤكد أن الحكم الذي سيصدر في 7 آب (أغسطس) الجاري عن المحكمة لن يكون سوى الرأس الظاهر من جبل الجليد.
ما لم تحصل مفآجات عند صدور الحكم، وهو ما ليس متوقعاً، فإن الإدانة ستتجه الى خمسة أعضاء في "حزب الله"، أحدهم قيادي بارز هو مصطفى بدر الدين (قتل في سوريا في 13 أيار/ مايو 2016). أما الأعضاء الأربعة الآخرون فهم: سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا.
هل ستنتهي قضية المحكمة عند حدود هذه الإدانة التي لا تحمل جديداً منذ أعوام؟
قبل المضي الى الإجابة عن هذا السؤال استناداً الى ما في جعبة المسؤول السابق، لا بد بداية من طرح السؤال الآتي: لماذا بقي التحقيق الدولي في الجريمة قبل ولادة المحكمة مرتكزاً فقط على حصر المسؤولية عن الجريمة ضمن النظام الأمني اللبناني - السوري المشترك من دون الاقتراب ولو بصورة غير مباشرة الى مسؤولية "حزب الله" الذي اتضح أن الإدانة ذهبت بكاملها الى إعضاء في تنظيمه وبينهم القيادي بدر الدين؟
على أي حال، هناك معلومات مثيرة حول الجزء السوري المتصل بالجريمة والمحكمة. وأهم ما في هذه المعلومات التي لم يشر إليها من قبل، هو دور العقيد رستم غزالة الذي كان يحتل أرفع منصب في النظام السوري خلال فترة وصايته على لبنان، أي رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان، أي الحاكم العسكري للبنان طوال الفترة التي شغل فيها هذا المنصب بدءاً من عام 2002 حتى رحيل هذه القوات عن لبنان في 26 نيسان (أبريل) عام 2005 أي بعد نحو شهرين على اغتيال رفيق الحريري.
يقول المسؤول نفسه لـ "النهار العربي" حول العقيد غزالة: "بعد ظهر يوم السبت في 12 شباط (فبراير) عام 2005، أي قبل يومين فقط من جريمة الاغتيال، اتصل هذا المسؤول الأمني السوري هاتفياً بالرئيس الحريري في مقره بقريطم في بيروت وطلب منه في صورة خشنة أن يرسل اليه فوراً عبر مساعده يحيى العرب الملقب بـ"أبو طارق" والذي لقي حتفه مع الرئيس الحريري، مبلغاً مقداره عشرات الآلاف من الدولارات (تردد أنه 70 الف دولار أميركي نقداً). وردّ الرئيس الحريري على "أبو عبدو" (وهو لقب غزالي) بأنه مستعد لتلبية طلبه، لكنه اقترح إرجاء الأمر الى يوم الاثنين (أي 14 شباط/ فبراير يوم تنفيذ الاغتيال) بسبب إقفال المصارف في ذلك اليوم. لكن صوت غزالة علا عبر الهاتف ممزوجاً بالغضب والسباب مشدداً على حصوله على المبلغ فوراً. عندئذ ردّ الحريري على العقيد السوري بأنه سيتصرف بطريقة مناسبة، وأنهى المكالمة. بعد ذلك أعطى الحريري توجيهاته، من بينها الطلب إلى مصرف أن يفتح أبوابه استثنائياً، كما طلب من معاونيه أن يجمعوا ما هو متوفر من العملة الأميركية نقداً. وهكذا، توفر المبلغ الذي طلبه الضابط السوري، وتولى العرب نقله بحقيبة الى مقر غزالة في عنجر في اليوم نفسه.
وروى المسؤول السابق، نقلاً عن الحريري عندما التقاه في قصر قريطم في 13 شباط (فبراير)، أن غزالة لم يكتف بأن طلب من "أبو طارق" أن يضع الحقيبة في زاوية الغرفة التي كان فيها مكتب المسؤول السوري، بل وجّه شتيمة له قائلاً ان الشتيمة لمعلمه أيضاً. وبدا الرئيس الحريري في غاية الأسى من سلوك غزالة وقال إنه لا يجد مبرراً لهذا السلوك الفظ.
كثيرون ممن تعاملوا مع رستم غزالة خلال وجوده في لبنان، يقولون إن الأخير كان موصوفاً بطبعه الفظ الذي نال من زعماء ومسؤولين لبنانيين كبار. وكان واضحاً أن الضابط السوري يتصرف انطلاقاً من تفويض منحه إياه الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم يقدم على استبدال غازي كنعان الشخصية الأمنية المرموقة أيام الرئيس حافظ الأسد وهو من الطائفة العلوية التي تنتمي اليها عائلة الأسد (قضى نحبه في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2005 في حالة انتحار مزعومة)، بضابط أقل أهمية وينتمي الى الطائفة السنيّة المهمّشة في سوريا منذ وصول الأسد الأب الى الحكم عام 1970، إلا لكي يصل الى أهدافه في لبنان بطريقة صارمة ومهما كانت فظّة، وهذا ما قام به غزالة.
خيّل للحريري أن غزالة مارس الفظاظة، جرياً على سابق عهده. لكن المسؤول السابق الذي التقى الحريري عشية اغتياله كان له رأي مغاير وهو أن قرار الاغتيال قد اتخذ، وأن غزالة الذي كان يعرف بهذا القرار، سارع الى "الفوز بآخر غنيمة من قريطم" قبل أن يوصد باب القصر بعد رحيل صاحبه. وحاول المسؤول السابق أن ينقل للحريري تحذيراً من مغبة ما ينتظره إذا ما بقي في لبنان وذلك نقلاً عن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، لكن "أبو بهاء" (لقب الحريري) أصرّ على أن السوريين لن يجرؤوا على قتله استناداً الى ضمانات تلقاها شخصياً من الغرب وتحديداً من صديقه الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران. وهكذا بقي الحريري في بيروت ليكون في اليوم التالي على موعد مع الاغتيال.
يكشف المسؤول السابق أيضاً، أن رستم غزالة الذي كان بعد جريمة 14 شباط (فبراير) 2005 محور التحقيق الدولي مع سوريا، أظهر بوادر تعاون مع التحقيق، ما سمح لرئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن ليقول في اجتماع خاص في باريس قبل عودته الى بيروت حيث سقط ضحية انفجار سيارة مفخخة في 19 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2012، إن هذا الضابط السوري "غير ما تعتقدون، إنه معادٍ لنا، إنه يتعاون بكل ما في الكلمة من معنى". ويشير المصدر الى أن اجتماعات كانت تعقد على الحدود اللبنانية - السورية في منطقة راشيا بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وكان يشارك فيها غزالة والحسن وضباط آخرون من الجانبين.
لم يستشهد المحقق الدولي الألماني ديتليف ميليس في تقريره عن اغتيال الرئيس الحريري الصادر في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2005 بأحد كما استشهد بغزالة. ومن الفائدة استعادة الفقرة التي ورد فيها اسم غزالة في تقرير ميليس: "بحسب ما ورد في التقرير السابق، أكّد تحقيق اللجنة الدولية المستقلة (برئاسة بيتر فيتزجيرالد والصادر في 24 آذار/ مارس 2005) أنه خلال الفترة التي سبقت الاغتيال، كان التوتر يزداد بين الرئيس الحريري والمسؤولين السوريين، وضمنهم الرئيس السوري بشار الأسد، وأشار التقرير السابق الى لقاء جرى بتاريخ 26 آب (أغسطس) 2004 بين الرئيس الحريري والرئيس الأسد، وبدا أن النزاع بلغ ذروته خلال هذا اللقاء. واستناداً الى التحقيق توصلاً الى المزيد من المعلومات الواردة في شأن هذا التوتر، علم المفوّض فيتزجيرالد بوجود اتفاق مزعوم شفهي بين كبار المسؤولين الســـوريين والرئيس الحريري يحدّد ما يُسمح للأخير بالقيام به وما لا يُسمح له به في ما يتعلق بسوريا (ما يُسمى "بروتوكول دمـــشق"). وما يعتبر إشارة إضافية الى وجود هذا الاتفاق تسجيل الاتصال الهاتفـــي بين السيد غزالة والرئيس الحريري والذي جرى في 3 آب (أغسطس) 2004، في تمام الساعة 10:30، كما يأتي:
- غزالة: "دولة الرئيس، تعقيباً على اللقاء الذي جرى والاتفاق الذي توصلنا إليه في شأن الهدنة والحملات السياسية المتبادلة بينك وبين رئيس الجمهورية، قرأت في صحيفة "المستقبل" ما يلي (...) "مسؤولون يحمون الفساد". يعتبر هذا الكلام بمثابة خرق للهدنة. لماذا هذا الموضوع، دولة الرئيس؟ ألم نتفق على وقف الموضوع؟"
- الرئيس الحريري: "(...) التصريح كان في كل الصحف، في الواقع، كنت أول..."
- غزالة: "أود أن أطرح عليك سؤالاً: دولة الرئيس، هل ما زلت ملتزماً بالاتفاق؟"
- الرئيس الحريري: "طبعاً"
هل كان قرار المحقق ميليس إيراد نص طويل نسبياً يتعلّق بغزالة في تقريره الذي رفعه الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ومجلس الأمن الدولي في نهاية عام 2005 مجرد مصادفة؟
لا جواب حاسماً على هذا السؤال. لكن من المؤكد أن مصرع غزالة في 24 نيسان (أبريل) 2015، وبطريقة وصفت في حينه بأنها وحشية تشير وفق المسؤول السابق الى أن النظام السوري أراد "التخلّص من شاهد مهم للغاية حمل معه الى القبر أسراراً عن أعقد مرحلة في تاريخ الوصاية السورية على لبنان والتي استمرت 30 عاماً وأنهاها اغتيال رفيق الحريري".
ما ورد عن غزالة هناك الكثير ليروى عن غيره والذي ما زال مصنّفاً بأنه من أسرار محكمة الحريري.
ما لم تحصل مفآجات عند صدور الحكم، وهو ما ليس متوقعاً، فإن الإدانة ستتجه الى خمسة أعضاء في "حزب الله"، أحدهم قيادي بارز هو مصطفى بدر الدين (قتل في سوريا في 13 أيار/ مايو 2016). أما الأعضاء الأربعة الآخرون فهم: سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا.
هل ستنتهي قضية المحكمة عند حدود هذه الإدانة التي لا تحمل جديداً منذ أعوام؟
قبل المضي الى الإجابة عن هذا السؤال استناداً الى ما في جعبة المسؤول السابق، لا بد بداية من طرح السؤال الآتي: لماذا بقي التحقيق الدولي في الجريمة قبل ولادة المحكمة مرتكزاً فقط على حصر المسؤولية عن الجريمة ضمن النظام الأمني اللبناني - السوري المشترك من دون الاقتراب ولو بصورة غير مباشرة الى مسؤولية "حزب الله" الذي اتضح أن الإدانة ذهبت بكاملها الى إعضاء في تنظيمه وبينهم القيادي بدر الدين؟
على أي حال، هناك معلومات مثيرة حول الجزء السوري المتصل بالجريمة والمحكمة. وأهم ما في هذه المعلومات التي لم يشر إليها من قبل، هو دور العقيد رستم غزالة الذي كان يحتل أرفع منصب في النظام السوري خلال فترة وصايته على لبنان، أي رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان، أي الحاكم العسكري للبنان طوال الفترة التي شغل فيها هذا المنصب بدءاً من عام 2002 حتى رحيل هذه القوات عن لبنان في 26 نيسان (أبريل) عام 2005 أي بعد نحو شهرين على اغتيال رفيق الحريري.
يقول المسؤول نفسه لـ "النهار العربي" حول العقيد غزالة: "بعد ظهر يوم السبت في 12 شباط (فبراير) عام 2005، أي قبل يومين فقط من جريمة الاغتيال، اتصل هذا المسؤول الأمني السوري هاتفياً بالرئيس الحريري في مقره بقريطم في بيروت وطلب منه في صورة خشنة أن يرسل اليه فوراً عبر مساعده يحيى العرب الملقب بـ"أبو طارق" والذي لقي حتفه مع الرئيس الحريري، مبلغاً مقداره عشرات الآلاف من الدولارات (تردد أنه 70 الف دولار أميركي نقداً). وردّ الرئيس الحريري على "أبو عبدو" (وهو لقب غزالي) بأنه مستعد لتلبية طلبه، لكنه اقترح إرجاء الأمر الى يوم الاثنين (أي 14 شباط/ فبراير يوم تنفيذ الاغتيال) بسبب إقفال المصارف في ذلك اليوم. لكن صوت غزالة علا عبر الهاتف ممزوجاً بالغضب والسباب مشدداً على حصوله على المبلغ فوراً. عندئذ ردّ الحريري على العقيد السوري بأنه سيتصرف بطريقة مناسبة، وأنهى المكالمة. بعد ذلك أعطى الحريري توجيهاته، من بينها الطلب إلى مصرف أن يفتح أبوابه استثنائياً، كما طلب من معاونيه أن يجمعوا ما هو متوفر من العملة الأميركية نقداً. وهكذا، توفر المبلغ الذي طلبه الضابط السوري، وتولى العرب نقله بحقيبة الى مقر غزالة في عنجر في اليوم نفسه.
وروى المسؤول السابق، نقلاً عن الحريري عندما التقاه في قصر قريطم في 13 شباط (فبراير)، أن غزالة لم يكتف بأن طلب من "أبو طارق" أن يضع الحقيبة في زاوية الغرفة التي كان فيها مكتب المسؤول السوري، بل وجّه شتيمة له قائلاً ان الشتيمة لمعلمه أيضاً. وبدا الرئيس الحريري في غاية الأسى من سلوك غزالة وقال إنه لا يجد مبرراً لهذا السلوك الفظ.
كثيرون ممن تعاملوا مع رستم غزالة خلال وجوده في لبنان، يقولون إن الأخير كان موصوفاً بطبعه الفظ الذي نال من زعماء ومسؤولين لبنانيين كبار. وكان واضحاً أن الضابط السوري يتصرف انطلاقاً من تفويض منحه إياه الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم يقدم على استبدال غازي كنعان الشخصية الأمنية المرموقة أيام الرئيس حافظ الأسد وهو من الطائفة العلوية التي تنتمي اليها عائلة الأسد (قضى نحبه في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2005 في حالة انتحار مزعومة)، بضابط أقل أهمية وينتمي الى الطائفة السنيّة المهمّشة في سوريا منذ وصول الأسد الأب الى الحكم عام 1970، إلا لكي يصل الى أهدافه في لبنان بطريقة صارمة ومهما كانت فظّة، وهذا ما قام به غزالة.
خيّل للحريري أن غزالة مارس الفظاظة، جرياً على سابق عهده. لكن المسؤول السابق الذي التقى الحريري عشية اغتياله كان له رأي مغاير وهو أن قرار الاغتيال قد اتخذ، وأن غزالة الذي كان يعرف بهذا القرار، سارع الى "الفوز بآخر غنيمة من قريطم" قبل أن يوصد باب القصر بعد رحيل صاحبه. وحاول المسؤول السابق أن ينقل للحريري تحذيراً من مغبة ما ينتظره إذا ما بقي في لبنان وذلك نقلاً عن نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، لكن "أبو بهاء" (لقب الحريري) أصرّ على أن السوريين لن يجرؤوا على قتله استناداً الى ضمانات تلقاها شخصياً من الغرب وتحديداً من صديقه الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران. وهكذا بقي الحريري في بيروت ليكون في اليوم التالي على موعد مع الاغتيال.
يكشف المسؤول السابق أيضاً، أن رستم غزالة الذي كان بعد جريمة 14 شباط (فبراير) 2005 محور التحقيق الدولي مع سوريا، أظهر بوادر تعاون مع التحقيق، ما سمح لرئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن ليقول في اجتماع خاص في باريس قبل عودته الى بيروت حيث سقط ضحية انفجار سيارة مفخخة في 19 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2012، إن هذا الضابط السوري "غير ما تعتقدون، إنه معادٍ لنا، إنه يتعاون بكل ما في الكلمة من معنى". ويشير المصدر الى أن اجتماعات كانت تعقد على الحدود اللبنانية - السورية في منطقة راشيا بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وكان يشارك فيها غزالة والحسن وضباط آخرون من الجانبين.
لم يستشهد المحقق الدولي الألماني ديتليف ميليس في تقريره عن اغتيال الرئيس الحريري الصادر في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2005 بأحد كما استشهد بغزالة. ومن الفائدة استعادة الفقرة التي ورد فيها اسم غزالة في تقرير ميليس: "بحسب ما ورد في التقرير السابق، أكّد تحقيق اللجنة الدولية المستقلة (برئاسة بيتر فيتزجيرالد والصادر في 24 آذار/ مارس 2005) أنه خلال الفترة التي سبقت الاغتيال، كان التوتر يزداد بين الرئيس الحريري والمسؤولين السوريين، وضمنهم الرئيس السوري بشار الأسد، وأشار التقرير السابق الى لقاء جرى بتاريخ 26 آب (أغسطس) 2004 بين الرئيس الحريري والرئيس الأسد، وبدا أن النزاع بلغ ذروته خلال هذا اللقاء. واستناداً الى التحقيق توصلاً الى المزيد من المعلومات الواردة في شأن هذا التوتر، علم المفوّض فيتزجيرالد بوجود اتفاق مزعوم شفهي بين كبار المسؤولين الســـوريين والرئيس الحريري يحدّد ما يُسمح للأخير بالقيام به وما لا يُسمح له به في ما يتعلق بسوريا (ما يُسمى "بروتوكول دمـــشق"). وما يعتبر إشارة إضافية الى وجود هذا الاتفاق تسجيل الاتصال الهاتفـــي بين السيد غزالة والرئيس الحريري والذي جرى في 3 آب (أغسطس) 2004، في تمام الساعة 10:30، كما يأتي:
- غزالة: "دولة الرئيس، تعقيباً على اللقاء الذي جرى والاتفاق الذي توصلنا إليه في شأن الهدنة والحملات السياسية المتبادلة بينك وبين رئيس الجمهورية، قرأت في صحيفة "المستقبل" ما يلي (...) "مسؤولون يحمون الفساد". يعتبر هذا الكلام بمثابة خرق للهدنة. لماذا هذا الموضوع، دولة الرئيس؟ ألم نتفق على وقف الموضوع؟"
- الرئيس الحريري: "(...) التصريح كان في كل الصحف، في الواقع، كنت أول..."
- غزالة: "أود أن أطرح عليك سؤالاً: دولة الرئيس، هل ما زلت ملتزماً بالاتفاق؟"
- الرئيس الحريري: "طبعاً"
هل كان قرار المحقق ميليس إيراد نص طويل نسبياً يتعلّق بغزالة في تقريره الذي رفعه الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ومجلس الأمن الدولي في نهاية عام 2005 مجرد مصادفة؟
لا جواب حاسماً على هذا السؤال. لكن من المؤكد أن مصرع غزالة في 24 نيسان (أبريل) 2015، وبطريقة وصفت في حينه بأنها وحشية تشير وفق المسؤول السابق الى أن النظام السوري أراد "التخلّص من شاهد مهم للغاية حمل معه الى القبر أسراراً عن أعقد مرحلة في تاريخ الوصاية السورية على لبنان والتي استمرت 30 عاماً وأنهاها اغتيال رفيق الحريري".
ما ورد عن غزالة هناك الكثير ليروى عن غيره والذي ما زال مصنّفاً بأنه من أسرار محكمة الحريري.
أحمد عياش - النهار - 4 اب 2020
إرسال تعليق