استقطب الرئيس العماد ميشال سليمان حركة ديبلوماسية واسعة على اثر الكلمة التي القاها في "اللقاء الوطني" في بعبدا والذي كان نجمه مع تأكيده اعادة الاعتبار الى "اعلان بعبدا" الذي يدفع بلبنان لان ينأى بنفسه عن محاور المنطقة ووضع النقاط على الحروف في ما يواجهه لبنان. ولعل قصر بعبدا استاء لاحقا من دعوة الرئيس سليمان التي استحوذت على اهتمام لم تعد تحظى به الرئاسة الاولى على رغم ما نقل من ارتياح لمشاركة رئيس الجمهورية السابق في اللقاء بما اكسبه بعدا اكثر من لقاء اهل البيت الواحد وقوى 8 أذار باعتبار ان مشاركة سليمان والنائب تيمور جنبلاط خرقت فقط هذا الطابع.
والواقع ان الحركة الديبلوماسية العربية والغربية في اتجاه الرئيس سليمان بدت معبرة عن رغبة في موقف لبناني لم يعد يجد تظهيرا له لا في مواقف القوى المعارضة على اختلافها وليس موجودا اصلا في مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولو انه يرسل اشارات في الاونة الاخيرة الى رغبة لديه في التمايز قليلا عن حليفه الشيعي من دون ان تجد هذه الرغبة ترجمة فعلية لها.
غني عن القول ان الدول الخليجية محرجة ازاء تركها للبنان يتخبط في البحث عن سبل دعم في الصين او دفعه نحو ايران ولكنها في الوقت نفسه تريد ان يقوم اللبنانيون بخطوات تعيد الثقة بهم خصوصا ان اصدقاءهم من الافرقاء اللبنانيين يلقون عليهم مسؤولية التفرج على واقع انهياري وترك لبنان لمصيره في ظل سلطة "حزب الله" ونفوذه. هذه الحركة الديبلوماسية المعبرة عن هذه الرغبة وجدت ضالتها في الموقف الاخير للبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي طالب رئيس الجمهورية بفك الحصار عن الشرعية وتحرير القرار كما طالب بتحييد لبنان والمحافظة من الامم المتحدة على استقلاله.
لا يستطيع الافرقاء اللبنانيون وعلى رغم عتبهم على اصدقائهم عدم القيام باي خطوة او تحرك تظهران ان هناك ممانعة لمشروع "الممانعة" والذي يمثله نفوذ "حزب الله" وسلاحه. لا بد من القول ان استياء لم يخف ازاء اهمال ذكر رؤساء الحكومات السابقين في بيان مقاطعتهم لـ"اللقاء الوطني" في قصر بعبدا سلاح الحزب المهيمن على القرار اللبناني.
كما كانت هناك تساؤلات لم يخفها ديبلوماسيون حيال قول رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وردا على مطالبة لبنانية بتنفيذ القرار 1559 ان الوقت الراهن ليس للبحث في سلاح الحزب. فيما لم يلاق سليمان في موقفه سوى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الى حد كبير كما ان بكركي باتت مسؤولة عن السكوت على ما يحصل.
يحتاج الخارج الراغب في دعم لبنان الى ان يرى مواقف غير مهادنة لـ"حزب الله" على الاقل في الموقف السياسي المعلن وليس في حروب اهلية يمكن ان تنشأ نتيجة لذلك من خلال الدفع في اتجاه تحييد لبنان ورفض اخذه الى محاور سياسية من شأنه ان تبعده عن محيطه.
يحتاج الخارج الراغب في دعم لبنان الى ان يرى مواقف غير مهادنة لـ"حزب الله" على الاقل في الموقف السياسي المعلن وليس في حروب اهلية يمكن ان تنشأ نتيجة لذلك من خلال الدفع في اتجاه تحييد لبنان ورفض اخذه الى محاور سياسية من شأنه ان تبعده عن محيطه.
كان يكفي ان يلمس الجميع بعد الكلام على تغيير الحكومة نهاية الاسبوع الماضي والبحث عن حكومة جديدة انخفاضا ملموسا في سعر الدولار الاميركي ما يقارب الالفي ليرة. اذ ان حكومة تنفذ قرار الحزب ستدفع بالبلد الى الهاوية ولا استعداد لدى احد لتعويم قوى السلطة او الحكومة على رغم اشاعة اجواء من هذا النوع. ثمة ما هو متوقع او منتظر في الواقع على محورين: احدهما جبهة وطنية جامعة تلتقي على مواقف وطنية موحدة تضغط على الاقل في المواطن الصحيحة اكان في الاصلاحات او تصحيح ما يجب ان يكون عليه موقع لبنان سياسيا وتقديم رؤية سياسية في ظل غياب اي رؤية لا للحكومة الراهنة ولا لقوى السلطة التي لا تقدم مجتمعة سوى المحاصصة واقتسام النفوذ في المواقع في الوقت ان سلطة القرار والنفوذ في مكان اخر وفق ما يدرك الجميع.
وكان يمكن لو نجحت الاتصالات لموقف موحد من "اللقاء الوطني" الذي عقد في بعبدا كان يمكن ان يجمع الى رؤساء الحكومات السابقين رؤساء الجمهورية السابقين وربما الرئيس حسين الحسيني ايضا كرئيس سابق لمجلس النواب تظهير نواة لالتقاء سياسي بموقف انقاذي للبلد لان انتظار انهيار البلد الذي يقود اليه اداء قوى السلطة قد لا يصب في مصلحة القوى المعترضة على ارتهان اللبنانيين من اهل السلطة ايضا كما ليس في مصلحة لبنان. ويكفي متابعة كيفية مقاربة السلطة لملف الكهرباء بعد اعوام من التعطيل والعرقلة لتظهير مدى الجشع واللامبالاة بمصير الناس كما لو ان الدولار لم يبلغ العشرة آلاف ليرة مقابل الليرة اللبنانية.
المحور الثاني يتصل بموقف مسيحي ضاغط تفيد بعض المعطيات ان البطريرك الراعي قد يكون في صدد الاعداد له راهنا. قد يخدم ذلك رئيس الجمهورية في حال كان في نيته فعلا استعادة زمام القرار السياسي من يد "حزب الله" وفقا لما يوحي به سعيه في بعض الملفات الاساسية او قد يعبر الموقف السياسي عن وجود رأي مسيحي اخر لا يوافق ما يذهب اليه العهد من تسليم الامور في البلد للحزب وترك لبنان ينزلق الى المحور الايراني ويكون جزءا منه.
المحور الثاني يتصل بموقف مسيحي ضاغط تفيد بعض المعطيات ان البطريرك الراعي قد يكون في صدد الاعداد له راهنا. قد يخدم ذلك رئيس الجمهورية في حال كان في نيته فعلا استعادة زمام القرار السياسي من يد "حزب الله" وفقا لما يوحي به سعيه في بعض الملفات الاساسية او قد يعبر الموقف السياسي عن وجود رأي مسيحي اخر لا يوافق ما يذهب اليه العهد من تسليم الامور في البلد للحزب وترك لبنان ينزلق الى المحور الايراني ويكون جزءا منه.
فبالنسبة الى الحزب المتمتع بتغطية مسيحية امنها له التيار العوني منذ 2006 هناك موقف مسيحي اخر كان دائما موجودا لكن الواقع الراهن في ضوء ما آل اليه الوضع من انهيار طاول كل المرتكزات التي اعتد بها لبنان عموما والمسيحيون خصوصا من قطاع مصرفي انتهى ولم يعد قائما ولا ثقة بقيامته الى الانهيار الاكاديمي والتربوي والصحي يفترض اعلاء الصوت لوضع حد لذلك. اذ بات سلاح الحزب مكلفا جدا للبلد وعدم حصره في يد الدولة اللبنانية لانه افقد لبنان كل علاقته الخارجية والدعم المطلوب لقيامته. لا يمكن الصمت على ما يجري تخوفا من الاسوأ فيما ينحدر البلد الى الاسوأ حتى في ظل الصمت بل ربما بسببه ايضا.
روزانا بو منصف - النهار - 8 تموز 2020
إرسال تعليق