هناك خدعة كبيرة وقع فيها الشعب اللبناني. تم تحييد ميشال عون وجبران باسيل وما فعلاه منذ شباط 2006 إلى يوم 13 تشرين الأول 2019. كذلك، تم تحييد "حزب الله" وما فعله منذ العام 2000 وحتى اليوم.
هذا التحييد هو خديعة سياسية ماكرة، ليس بهدف تبرئتهم من المسؤولية الأساسية عن خراب الجمهورية فقط، بل بهدف تجهيل الأسباب الفعلية والمرتكبين الحقيقيين. والترويج المتعمد لفكرة أن الأزمة اللبنانية راهناً هي مشكلة في النظام الاقتصادي والمصرفي حصراً، واحدة من الأكاذيب الفاحشة التي تضلل الناس وتطمس الحقيقة.
الفساد والهندسات المالية والاستدانة غير المنضبطة وتواطؤ المصارف والسياسة المتهورة لمصرف لبنان وحاكمه، كلها وقائع صحيحة وكارثية وأفضت إلى الأزمة. وكانت بوادرها الأولى مكشوفة للعيان منذ العام 2011، وتأكدت على نحو متسارع وحتمي بعد العام 2016. والسيء في الأمر، أن الآخرين من أمثال سعد الحريري ونبيه برّي ووليد جنبلاط، كانوا يدركون هذا المسار إلى الهاوية وسكتوا وسايروا وتواطؤوا لحسابات سياسية خاصة بهم، ومعاكسة تماماً لـ"الواجب السياسي" الوطني، إن صح التعبير. وعليه، هم متساوون في مسؤولية الجرم مع المرتكبين الآخرين.
"القضية اللبنانية" ليست أزمة مصرفية ومديونية عامة وحسب، بل هي كارثة نظام سياسي صاغه حزب الله بالشراكة مع التيار الوطني الحر. نظام مارق وعدائي وملتحق بمحور إقليمي ليس لديه سوى مشاريع الحروب المذهبية وتدمير الكيانات الوطنية ودساتيرها.
النظام السياسي اللبناني الذي قام على أنقاض الطائف، وهو الذي لم يكتمل مبناه يوماً، موغل في المروق، انعزالي ومتخاصم مع المجتمعين العربي والدولي، تجتمع فيه أيديولوجيا حربية دينية عنيفة مع تيار فاشي متعصب طائفياً. جمع سام ومميت لأي مجتمع. وصفة ناجعة للخراب.
عندما يكون شريك في النظام يحارب في ضواحي حلب وأرياف إدلب إلى جانب بشار الأسد، والشريك الآخر يعلن كل يوم رغبته برمي اللاجئين في البحر، فيما "خطيب" الجمهورية يتوعد أميركا والدول العربية وإسرائيل، بل العالم كله، بالويل والثأر والحرب والصواريخ.. فهذا نظام لا يستقيم لا مع تجارة ولا مع زراعة ولا صناعة ولا مصارف ولا سياحة ولا خدمات. هذا النظام الأشبه بدويلة غزة أو دويلة صعدة أو دويلة الضاحية الجنوبية، يليق به دوام الحرب وتوالي العقوبات وتصفير الاستثمارات وإعدام التنمية، حيث لا فرق بين الانتصار والموت العميم. وحيث اقتصاد التهريب والزراعات غير الشرعية وتصنيع القنابل والعبوات وتخريج قوافل الشهداء، وشق المعابر غير الشرعية، والاستيلاء على المعابر الشرعية التي لا تعود "شرعية"، إلى أن تنعدم كل شروط الاقتصاد.
البلوى هنا تتبدى في التلاقح العضوي بين منظومة الفساد والنهج الاقتصادي – المالي – المصرفي، من جهة، والنظام السياسي الذي صاغه حزب الله بالشراكة مع التيار الوطني الحر، وارتضاه من ادعوا أنهم "معارضة". هذه هي الكارثة التي يحاول اللبنانيون المكابرة عليها وإنكارها وإشاحة وجوههم عنها.
مع ذلك، التشاؤم ليس في وقوعنا بالكارثة، ولا وقوعنا تحت نير غلبة التسلط المسلح، وحسب، بل مصدر التشاؤم في هذه الخديعة التي اسمها حكومة حسان دياب. البروفسور الذي في لحظة إعلانه إفلاس الدولة، وجد متسعاً من الوقت ليتحفنا بهذر من نوع: "بلدنا رائع واستثنائي. شعبنا فريد من نوعه. وأنا مؤمن حقاً بمواهبنا الجماعية وغير العادية".
هذا الميل المنحرف في الأدب الرديء يوازي الأزمة الاقتصادية أهمية وحافزاً للخروج إلى الشارع غضباً واحتجاجاً. ببساطة، لأن الأدب الرديء تحديداً يعدم أي مخيلة سياسية يعوّل عليها لـ"إنقاذ" البلد.
الفساد والهندسات المالية والاستدانة غير المنضبطة وتواطؤ المصارف والسياسة المتهورة لمصرف لبنان وحاكمه، كلها وقائع صحيحة وكارثية وأفضت إلى الأزمة. وكانت بوادرها الأولى مكشوفة للعيان منذ العام 2011، وتأكدت على نحو متسارع وحتمي بعد العام 2016. والسيء في الأمر، أن الآخرين من أمثال سعد الحريري ونبيه برّي ووليد جنبلاط، كانوا يدركون هذا المسار إلى الهاوية وسكتوا وسايروا وتواطؤوا لحسابات سياسية خاصة بهم، ومعاكسة تماماً لـ"الواجب السياسي" الوطني، إن صح التعبير. وعليه، هم متساوون في مسؤولية الجرم مع المرتكبين الآخرين.
"القضية اللبنانية" ليست أزمة مصرفية ومديونية عامة وحسب، بل هي كارثة نظام سياسي صاغه حزب الله بالشراكة مع التيار الوطني الحر. نظام مارق وعدائي وملتحق بمحور إقليمي ليس لديه سوى مشاريع الحروب المذهبية وتدمير الكيانات الوطنية ودساتيرها.
النظام السياسي اللبناني الذي قام على أنقاض الطائف، وهو الذي لم يكتمل مبناه يوماً، موغل في المروق، انعزالي ومتخاصم مع المجتمعين العربي والدولي، تجتمع فيه أيديولوجيا حربية دينية عنيفة مع تيار فاشي متعصب طائفياً. جمع سام ومميت لأي مجتمع. وصفة ناجعة للخراب.
عندما يكون شريك في النظام يحارب في ضواحي حلب وأرياف إدلب إلى جانب بشار الأسد، والشريك الآخر يعلن كل يوم رغبته برمي اللاجئين في البحر، فيما "خطيب" الجمهورية يتوعد أميركا والدول العربية وإسرائيل، بل العالم كله، بالويل والثأر والحرب والصواريخ.. فهذا نظام لا يستقيم لا مع تجارة ولا مع زراعة ولا صناعة ولا مصارف ولا سياحة ولا خدمات. هذا النظام الأشبه بدويلة غزة أو دويلة صعدة أو دويلة الضاحية الجنوبية، يليق به دوام الحرب وتوالي العقوبات وتصفير الاستثمارات وإعدام التنمية، حيث لا فرق بين الانتصار والموت العميم. وحيث اقتصاد التهريب والزراعات غير الشرعية وتصنيع القنابل والعبوات وتخريج قوافل الشهداء، وشق المعابر غير الشرعية، والاستيلاء على المعابر الشرعية التي لا تعود "شرعية"، إلى أن تنعدم كل شروط الاقتصاد.
البلوى هنا تتبدى في التلاقح العضوي بين منظومة الفساد والنهج الاقتصادي – المالي – المصرفي، من جهة، والنظام السياسي الذي صاغه حزب الله بالشراكة مع التيار الوطني الحر، وارتضاه من ادعوا أنهم "معارضة". هذه هي الكارثة التي يحاول اللبنانيون المكابرة عليها وإنكارها وإشاحة وجوههم عنها.
مع ذلك، التشاؤم ليس في وقوعنا بالكارثة، ولا وقوعنا تحت نير غلبة التسلط المسلح، وحسب، بل مصدر التشاؤم في هذه الخديعة التي اسمها حكومة حسان دياب. البروفسور الذي في لحظة إعلانه إفلاس الدولة، وجد متسعاً من الوقت ليتحفنا بهذر من نوع: "بلدنا رائع واستثنائي. شعبنا فريد من نوعه. وأنا مؤمن حقاً بمواهبنا الجماعية وغير العادية".
هذا الميل المنحرف في الأدب الرديء يوازي الأزمة الاقتصادية أهمية وحافزاً للخروج إلى الشارع غضباً واحتجاجاً. ببساطة، لأن الأدب الرديء تحديداً يعدم أي مخيلة سياسية يعوّل عليها لـ"إنقاذ" البلد.
يوسف بزي - المدن - 8-3-2020
إرسال تعليق