بنصاب منقوص وشرعية مشكوك بدستوريتها، حازت حكومة حسان دياب الثقة البرلمانية رغماً عن أنوف الناس الذين سُحلوا في الشوارع المحيطة بالمجلس النيابي أمس على أيدي الأجهزة الأمنية والعسكرية المكلفة حماية السلطة من غضب الثوار، فكانت الحصيلة أن سقطت حكومة دياب بأكثرية 360 جريحاً حجبوا الثقة عنها بدمائهم، بينما كانت أكثرية 8 آذار تعاني الأمرّين في سبيل شرعنة حكومتها، بدءاً من عجزها الفاضح عن تأمين النصاب القانوني اللازم لانعقاد الهيئة العامة ما اضطر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الاتصال بصديقه وليد جنبلاط لإسناده بأربعة من نواب "اللقاء الديمقراطي" على جناح السرعة، وصولاً إلى مشهدية نيل الحكومة ثقة "النصف ناقص واحد" بواقع 63 نائباً من أصل إجمالي أعضاء المجلس الـ128.
وفي وقائع جلسة الثقة المهزوزة، انتظر بري أكثر من نصف ساعة بعد تمام الساعة 11 موعد جلسة الثقة من دون أن يتأمن نصاب الـ65 نائباً لانعقاد الجلسة، فنقل بعض النواب لـ"نداء الوطن" أنّ رئيس المجلس أبدى حينها استياءه الشديد من الرئيس سعد الحريري الذي لم يحضر نواب كتلته، وكذلك من "القوات اللبنانية" التي حضر 8 نواب من كتلتها لكنهم آثروا عدم تأمين النصاب، فلجأ بري عندئذ إلى جنبلاط مستعجلاً وصول نواب كتلته، ليبادر عند الساعة 11:36 وقبل اكتمال النصاب داخل القاعة العامة إلى الإيعاز بـ"قرع الجرس"، تمهيداً لدخوله القاعة العامة مفتتحاً الجلسة بحضور 58 نائباً، فأضفى عليها نصاباً قانونياً افتراضياً "على اعتبار ما سيكون" بعد وصول نواب "الاشتراكي" فضلاً عن أربعة من كتلة "التنمية والتحرير" الذين كانوا في طريقهم من المطار إلى البرلمان.
وإزاء تأكيد "مدوّن محضر الأسماء" للصحافيين أنّ عدد النواب الحاضرين في القاعة العامة لم يتخطّ عدد الـ58 عند انعقادها، اعتبرت مصادر رئاسة المجلس النيابي لـ"نداء الوطن" أنّ "من حق رئيس المجلس الدخول إلى القاعة والطلب إلى الموظف المعني أن ينادي على النواب الموجودين خارجاً، خصوصاً وأنه تم إبلاغ الرئيس بري حينها أنّ نواب "اللقاء الديموقراطي" باتوا في حرم المجلس وهم في طريقهم إلى القاعة العامة"، في وقت نقلت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" أنّ لجوء بري إلى جنبلاط أتى بعدما "سمع كلاماً مفاده أنّ الحريري لن يتولى تأمين النصاب للجلسة وأنّ ذلك من مهمة الأكثرية النيابية، مستغرباً الاتكال على فريق المعارضة للقيام بمهمة الموالاة!".
أما في الشكل، فبدا نواب السلطة المكلفون تأمين النصاب أقرب إلى ضفة "تهريب الثقة" من منحها، خصوصاً في ظل لجوء عدد منهم إلى أن يبيت ليلته إما في مكاتب المجلس (لا سيما من نواب تكتل "لبنان القوي") أو في الفنادق القريبة، في وقت حرص بعضهم على الوصول فجراً إلى ساحة النجمة هرباً من مواجهة الثوار على الطرقات، كما حصل صباحاً مع النائب سليم سعادة الذي أكل نصيبه من غضب الناس، فأصيب إصابة سطحية في وجهه نقل على إثرها إلى المستشفى حيث أجريت له الإسعافات الأولية اللازمة، قبل أن يعود إلى الهيئة العامة ليلقي كلمته ويحجب الثقة عن حكومة دياب من ضمن 20 نائباً حجبوها، مقابل امتناع واحد هو النائب ميشال ضاهر. وكان بري قد سعى جاهداً إلى تقليص عدد طالبي الكلام واختصار الجلسة بيوم واحد بدل اثنين، تحت وطأة اعتراض الشارع وتضعضع الجبهة المانحة للثقة، كما حصر فترة الاستراحة بين الجلستين الصباحية والمسائية بساعة بدل ساعتين طالباً للنواب سندويشات من مطعم "الديوان"، لتعذّر خروجهم كي يتناولوا الغداء خارج المجلس خشية مواجهة المتظاهرين.
وفي المضمون، إستوقف المراقبين تسليم دياب بالأمر الواقع واعترافه بالفيتو الخارجي على حكومته، لا سيما من خلال الإشارة في كلمته الجوابية على مداخلات النواب إلى حاجة الحكومة إلى "قوة دفع داخلية (...)، بما أن بعض الخارج منشغل عنا أو يدير ظهره لنا أو يحاسبنا". وتوازياً، إستحوذ ملف الكهرباء على حصة الأسد من إضبارة مآخذ المعارضة على حكومة دياب، خصوصاً وأنه أبرز ميوله الواضحة نحو تعويم خطة "البواخر" التي أعدها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي شدد في كلمته أمس على أنّ حل مشكلة الكهرباء مرهون بتنفيذ هذه الخطة "لأن لا خطة غيرها".
وفي المقابل، لا تستبشر مصادر المعارضة "بحلول إصلاحية جذرية ستتخذها الحكومة الحالية لهذا الملف، الذي يستنزف الخزينة العامة طالما أنها استنسخت خطة استئجار البواخر تحت عنوان "الحلول المرحلية" بانتظار الحل الدائم، وهذا بحد ذاته استمرار لسياسة هدر المال العام بشكل يعطي انطباعاً سلبياً لدى الجهات الخارجية المعنية بمراقبة مسار الإصلاح، الذي ستنتهجه الحكومة والذي من المفترض أن يشكل قطاع الكهرباء معياراً أساسياً فيه سواء بالنسبة للبنك الدولي أو للدول الراعية لمؤتمر "سيدر" ومجموعة الدعم الدولية للبنان"، موضحةً أنّ "الهدر في هذا القطاع تسبب بأكثر من 52 في المئة من حجم الدين العام أو ما يعادل 47 مليار دولار".
وفي هذا الإطار، تلاقت مداخلتا "الاشتراكي" و"المستقبل" في جلسة الأمس عند الإضاءة على عتمة الكهرباء "فبعد سنة على إقرار خطة الوزيرة البستاني في 2019 وثلاث سنوات على إقرار خطة 2017 و10 سنوات على إقرار خطة 2010، ما زالت التغذية بالكهرباء تتراجع إلى أن وصلنا إلى 12 ساعة وعجز سنوي يلامس الملياري دولار"، حسبما قال النائب محمد الحجار، خصوصاً وأنّ "وزارة الطاقة اعترفت بنسبة هدر إجمالية قدرها 34% العام 2018، بينما تقديرات البنك الدولي تشير إلى نسبة 40%"، وفق ما لفت النائب هادي أبو الحسن سائلاً الوزارة عما حققته لجهة الالتزام بتوصية تعيين مجلس الإدارة والهيئة الناظمة خلال فترة ستة أشهر... وحتى عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب أنور الخليل لم تحُل تغطية كتلته السياسية للحكومة دون تشديده على كونها "في بيانها الوزاري مستمرة باعتماد سياسات خاطئة" في مقاربة ملف الكهرباء.
وبالانتظار، تتجه الأنظار إلى ما ستخرج به أول جلسة لمجلس الوزراء بعد منح الحكومة الثقة ظهر الخميس المقبل، خصوصاً وأنّ الدعوة لانعقاد الجلسة في قصر بعبدا حدّدت جدول أعمال فضفاضاً من بند واحد يتمحور حول "بحث الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي" في البلاد.
وفي وقائع جلسة الثقة المهزوزة، انتظر بري أكثر من نصف ساعة بعد تمام الساعة 11 موعد جلسة الثقة من دون أن يتأمن نصاب الـ65 نائباً لانعقاد الجلسة، فنقل بعض النواب لـ"نداء الوطن" أنّ رئيس المجلس أبدى حينها استياءه الشديد من الرئيس سعد الحريري الذي لم يحضر نواب كتلته، وكذلك من "القوات اللبنانية" التي حضر 8 نواب من كتلتها لكنهم آثروا عدم تأمين النصاب، فلجأ بري عندئذ إلى جنبلاط مستعجلاً وصول نواب كتلته، ليبادر عند الساعة 11:36 وقبل اكتمال النصاب داخل القاعة العامة إلى الإيعاز بـ"قرع الجرس"، تمهيداً لدخوله القاعة العامة مفتتحاً الجلسة بحضور 58 نائباً، فأضفى عليها نصاباً قانونياً افتراضياً "على اعتبار ما سيكون" بعد وصول نواب "الاشتراكي" فضلاً عن أربعة من كتلة "التنمية والتحرير" الذين كانوا في طريقهم من المطار إلى البرلمان.
وإزاء تأكيد "مدوّن محضر الأسماء" للصحافيين أنّ عدد النواب الحاضرين في القاعة العامة لم يتخطّ عدد الـ58 عند انعقادها، اعتبرت مصادر رئاسة المجلس النيابي لـ"نداء الوطن" أنّ "من حق رئيس المجلس الدخول إلى القاعة والطلب إلى الموظف المعني أن ينادي على النواب الموجودين خارجاً، خصوصاً وأنه تم إبلاغ الرئيس بري حينها أنّ نواب "اللقاء الديموقراطي" باتوا في حرم المجلس وهم في طريقهم إلى القاعة العامة"، في وقت نقلت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" أنّ لجوء بري إلى جنبلاط أتى بعدما "سمع كلاماً مفاده أنّ الحريري لن يتولى تأمين النصاب للجلسة وأنّ ذلك من مهمة الأكثرية النيابية، مستغرباً الاتكال على فريق المعارضة للقيام بمهمة الموالاة!".
أما في الشكل، فبدا نواب السلطة المكلفون تأمين النصاب أقرب إلى ضفة "تهريب الثقة" من منحها، خصوصاً في ظل لجوء عدد منهم إلى أن يبيت ليلته إما في مكاتب المجلس (لا سيما من نواب تكتل "لبنان القوي") أو في الفنادق القريبة، في وقت حرص بعضهم على الوصول فجراً إلى ساحة النجمة هرباً من مواجهة الثوار على الطرقات، كما حصل صباحاً مع النائب سليم سعادة الذي أكل نصيبه من غضب الناس، فأصيب إصابة سطحية في وجهه نقل على إثرها إلى المستشفى حيث أجريت له الإسعافات الأولية اللازمة، قبل أن يعود إلى الهيئة العامة ليلقي كلمته ويحجب الثقة عن حكومة دياب من ضمن 20 نائباً حجبوها، مقابل امتناع واحد هو النائب ميشال ضاهر. وكان بري قد سعى جاهداً إلى تقليص عدد طالبي الكلام واختصار الجلسة بيوم واحد بدل اثنين، تحت وطأة اعتراض الشارع وتضعضع الجبهة المانحة للثقة، كما حصر فترة الاستراحة بين الجلستين الصباحية والمسائية بساعة بدل ساعتين طالباً للنواب سندويشات من مطعم "الديوان"، لتعذّر خروجهم كي يتناولوا الغداء خارج المجلس خشية مواجهة المتظاهرين.
وفي المضمون، إستوقف المراقبين تسليم دياب بالأمر الواقع واعترافه بالفيتو الخارجي على حكومته، لا سيما من خلال الإشارة في كلمته الجوابية على مداخلات النواب إلى حاجة الحكومة إلى "قوة دفع داخلية (...)، بما أن بعض الخارج منشغل عنا أو يدير ظهره لنا أو يحاسبنا". وتوازياً، إستحوذ ملف الكهرباء على حصة الأسد من إضبارة مآخذ المعارضة على حكومة دياب، خصوصاً وأنه أبرز ميوله الواضحة نحو تعويم خطة "البواخر" التي أعدها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي شدد في كلمته أمس على أنّ حل مشكلة الكهرباء مرهون بتنفيذ هذه الخطة "لأن لا خطة غيرها".
وفي المقابل، لا تستبشر مصادر المعارضة "بحلول إصلاحية جذرية ستتخذها الحكومة الحالية لهذا الملف، الذي يستنزف الخزينة العامة طالما أنها استنسخت خطة استئجار البواخر تحت عنوان "الحلول المرحلية" بانتظار الحل الدائم، وهذا بحد ذاته استمرار لسياسة هدر المال العام بشكل يعطي انطباعاً سلبياً لدى الجهات الخارجية المعنية بمراقبة مسار الإصلاح، الذي ستنتهجه الحكومة والذي من المفترض أن يشكل قطاع الكهرباء معياراً أساسياً فيه سواء بالنسبة للبنك الدولي أو للدول الراعية لمؤتمر "سيدر" ومجموعة الدعم الدولية للبنان"، موضحةً أنّ "الهدر في هذا القطاع تسبب بأكثر من 52 في المئة من حجم الدين العام أو ما يعادل 47 مليار دولار".
وفي هذا الإطار، تلاقت مداخلتا "الاشتراكي" و"المستقبل" في جلسة الأمس عند الإضاءة على عتمة الكهرباء "فبعد سنة على إقرار خطة الوزيرة البستاني في 2019 وثلاث سنوات على إقرار خطة 2017 و10 سنوات على إقرار خطة 2010، ما زالت التغذية بالكهرباء تتراجع إلى أن وصلنا إلى 12 ساعة وعجز سنوي يلامس الملياري دولار"، حسبما قال النائب محمد الحجار، خصوصاً وأنّ "وزارة الطاقة اعترفت بنسبة هدر إجمالية قدرها 34% العام 2018، بينما تقديرات البنك الدولي تشير إلى نسبة 40%"، وفق ما لفت النائب هادي أبو الحسن سائلاً الوزارة عما حققته لجهة الالتزام بتوصية تعيين مجلس الإدارة والهيئة الناظمة خلال فترة ستة أشهر... وحتى عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب أنور الخليل لم تحُل تغطية كتلته السياسية للحكومة دون تشديده على كونها "في بيانها الوزاري مستمرة باعتماد سياسات خاطئة" في مقاربة ملف الكهرباء.
وبالانتظار، تتجه الأنظار إلى ما ستخرج به أول جلسة لمجلس الوزراء بعد منح الحكومة الثقة ظهر الخميس المقبل، خصوصاً وأنّ الدعوة لانعقاد الجلسة في قصر بعبدا حدّدت جدول أعمال فضفاضاً من بند واحد يتمحور حول "بحث الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي" في البلاد.
نداء الوطن - 12-2-2020
إرسال تعليق