مسكينة هي هذه السلطة، تشدّ من ضعفها قوة وتتوارى خلف "جدران الخوف" من غضبة الناس... لا هي قادرة على إلغاء ثورة 17 تشرين ولا هي مستعدة لإلغاء ذاتها، وأمام عجزها عن زج كل الشعب المنتفض عليها في السجون وجدت الحل بأن تعتقل نفسها بنفسها لتقبع ضمن نظاق جغرافي معزول تحوّلت معه ساحتا النجمة ورياض الصلح إلى معتقل أشبه بـ"ألكاتراز" تتحصن فيه تحت حراسة أمنية وعسكرية مشددة تؤمن لها ممارسة سطوتها على اللبنانيين من وراء حجاب إسمنتي تتأهب من خلفه "أساطيل" الخراطيم والرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع والهراوات، متربصةً بكل مواطن تسوّل له نفسه تعكير صفو أهل الحكم في السراي والمجلس النيابي.
لكن على عهدهم بعدم الاستكانة والخنوع بعد كسرهم حاجز الخوف وكل "التابوات" الطائفية والمذهبية والحزبية، تداعى اللبنانيون المنتفضون خلال الساعات الأخيرة إلى تجييش أنفسهم وشحذ هممهم متوعدين السلطة بموجة شعبية متجددة اليوم رفضاً لتهريبة "الموازنة" في المجلس النيابي بحضور حكومة فولكلورية غير حائزة على الثقة، سوف يتمجلس رئيسها حسان دياب وعدد من وزرائه على المقاعد الحكومية "صمٌّ بكمٌ" لزوم المشهد التشريعي ليبصموا في نهايته على مشروع موازنة لا ناقة لهم فيها ولا جمل وكل ما هو مطلوب منهم مجرد تبني موازنة "الأمر الواقع".
فالمشكلة في إقرار موازنة 2020 لا تتمحور فقط حول مخالفتها للدستور لجهة مناقشتها وتلاوة فذلكتها بوجود حكومة لم تنل بعد ثقة مجلس النواب، إنما المخالفة الفاضحة شكلاً ومضموناً أيضاً تبقى في ما سيترتب عنها من نتائج منبثقة عن إقرار موازنة أعدتها حكومة سابقة وكانت السبب في إشعال ثورة 17 تشرين الأول، لا سيما في ظل ما تتضمنه من أرقام باتت منفصمة عن الواقع ورغم ذلك تتبناها اليوم حكومة تدّعي الإصلاح، وتنصّب نفسها منقذاً منتظراً من ورطة نقدية سبّبتها آلية إفراط الدولة في الإستدانة من حسابات المودعين في المصارف.
حكومة دياب وقعت في الفخ نفسه، وها هي تكشف عن حقيقة هامشها الضيّق لترضخ عند أول مفترق أمام أجندة السلطة فتتبنى سياستها نفسها التي كانت قد ألقت بكرة نار دينها العام الباهظ إلى ملعب مصرف لبنان عبر تحميله، ومن بعده المصارف التجارية، عبء شطب أو تخفيض الفوائد، بغية تبييض عجزها العام ووضعه "دفترياً" في نسب مقبولة دولياً... ومَن أفضل من حكومة الأكثرية الحاكمة لتتبنى بشكل أعمى مخالفات هذه الأكثرية في إقرار مشاريع الكهرباء في دير عمار والزهراني قبل تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين مجلس إدارة جديد لشركة كهرباء لبنان، ضاربةً بعرض الحائط الشرط الاكثر إلحاحاً الذي وضعه مؤتمر "سيدر" من أجل مساعدة لبنان؟
هو اللغم الأول في الحقل المليء بالألغام الذي ستسير فوقه حكومة دياب يكاد ينفجر في وجه وزير ماليتها غازي وزني، ليس لأنه داس عليه بل لأنه كان معداً سلفاً للإنفجار، بحيث وصلت للنواب 3 أوراق من المجلس قيل إنها فذلكة ارسلها وزير المالية الجديد الذي سرعان ما نفى أن يكون قد أرسل أي فذلكة جديدة أو أي نص آخر له علاقة بالموازنة، مؤكّداً أنّ الموازنة التي ستقر في الهيئة العامة هي موازنة الحكومة السابقة. وهو إقرار رسمي لا يحتاج إلى التأويل، شددت أمامه مصادر دستورية لـ"نداء الوطن" على أنّ ما يحصل هو "بدعة موصوفة" سواءً لناحية مثول حكومة جديدة أمام البرلمان قبل حيازتها ثقته، أو لجهة تبنيها مشروع موازنة لم تشارك في إعداده، موضحةً أنّ هذه الحكومة الحالية إنما تعمد إلى تبني أرقام أصبحت بمعظمها "وهمية" نتيجة تبدّل المعطيات والتوقعات على مستويي الإيرادات والنفقات وبالتالي كان لا بدّ من أن يصار إلى استرداد المشروع القديم ووضع موازنة جديدة تتماشى مع المستجدات والمتغيرات المالية المتسارعة منذ ما بعد 17 تشرين الأول.
لكن على عهدهم بعدم الاستكانة والخنوع بعد كسرهم حاجز الخوف وكل "التابوات" الطائفية والمذهبية والحزبية، تداعى اللبنانيون المنتفضون خلال الساعات الأخيرة إلى تجييش أنفسهم وشحذ هممهم متوعدين السلطة بموجة شعبية متجددة اليوم رفضاً لتهريبة "الموازنة" في المجلس النيابي بحضور حكومة فولكلورية غير حائزة على الثقة، سوف يتمجلس رئيسها حسان دياب وعدد من وزرائه على المقاعد الحكومية "صمٌّ بكمٌ" لزوم المشهد التشريعي ليبصموا في نهايته على مشروع موازنة لا ناقة لهم فيها ولا جمل وكل ما هو مطلوب منهم مجرد تبني موازنة "الأمر الواقع".
فالمشكلة في إقرار موازنة 2020 لا تتمحور فقط حول مخالفتها للدستور لجهة مناقشتها وتلاوة فذلكتها بوجود حكومة لم تنل بعد ثقة مجلس النواب، إنما المخالفة الفاضحة شكلاً ومضموناً أيضاً تبقى في ما سيترتب عنها من نتائج منبثقة عن إقرار موازنة أعدتها حكومة سابقة وكانت السبب في إشعال ثورة 17 تشرين الأول، لا سيما في ظل ما تتضمنه من أرقام باتت منفصمة عن الواقع ورغم ذلك تتبناها اليوم حكومة تدّعي الإصلاح، وتنصّب نفسها منقذاً منتظراً من ورطة نقدية سبّبتها آلية إفراط الدولة في الإستدانة من حسابات المودعين في المصارف.
حكومة دياب وقعت في الفخ نفسه، وها هي تكشف عن حقيقة هامشها الضيّق لترضخ عند أول مفترق أمام أجندة السلطة فتتبنى سياستها نفسها التي كانت قد ألقت بكرة نار دينها العام الباهظ إلى ملعب مصرف لبنان عبر تحميله، ومن بعده المصارف التجارية، عبء شطب أو تخفيض الفوائد، بغية تبييض عجزها العام ووضعه "دفترياً" في نسب مقبولة دولياً... ومَن أفضل من حكومة الأكثرية الحاكمة لتتبنى بشكل أعمى مخالفات هذه الأكثرية في إقرار مشاريع الكهرباء في دير عمار والزهراني قبل تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين مجلس إدارة جديد لشركة كهرباء لبنان، ضاربةً بعرض الحائط الشرط الاكثر إلحاحاً الذي وضعه مؤتمر "سيدر" من أجل مساعدة لبنان؟
هو اللغم الأول في الحقل المليء بالألغام الذي ستسير فوقه حكومة دياب يكاد ينفجر في وجه وزير ماليتها غازي وزني، ليس لأنه داس عليه بل لأنه كان معداً سلفاً للإنفجار، بحيث وصلت للنواب 3 أوراق من المجلس قيل إنها فذلكة ارسلها وزير المالية الجديد الذي سرعان ما نفى أن يكون قد أرسل أي فذلكة جديدة أو أي نص آخر له علاقة بالموازنة، مؤكّداً أنّ الموازنة التي ستقر في الهيئة العامة هي موازنة الحكومة السابقة. وهو إقرار رسمي لا يحتاج إلى التأويل، شددت أمامه مصادر دستورية لـ"نداء الوطن" على أنّ ما يحصل هو "بدعة موصوفة" سواءً لناحية مثول حكومة جديدة أمام البرلمان قبل حيازتها ثقته، أو لجهة تبنيها مشروع موازنة لم تشارك في إعداده، موضحةً أنّ هذه الحكومة الحالية إنما تعمد إلى تبني أرقام أصبحت بمعظمها "وهمية" نتيجة تبدّل المعطيات والتوقعات على مستويي الإيرادات والنفقات وبالتالي كان لا بدّ من أن يصار إلى استرداد المشروع القديم ووضع موازنة جديدة تتماشى مع المستجدات والمتغيرات المالية المتسارعة منذ ما بعد 17 تشرين الأول.
نداء الوطن - 27-1-2020
إرسال تعليق