تجاوز الخلاف المتفاقم بين منطقتي بشري والضنية حول موقع بركة المياه في القرنة السوداء الكثير من الحدود والسقوف، ليتخذ ابعاداً طائفية ومناطقية حشرت جميع المعنيين في «القرنة الضيقة». فهل ينجح الحكماء في المعالجة ام انّ الفتنة ستعوم على سطح البركة؟
هي مجرد بركة مياه، كان يُراد من إنشائها ري بعض الاراضي الزراعية في جرود بقاعصفرين، فإذا بها تتحوّل في اتجاه «ري» الضغائن والاحقاد، نتيجة وجودها في منطقة متنازع عليها بين بشري والضنية، الامر الذي حرَف المشروع الانمائي عن وجهته الاصلية وأهدافه الاساسية، بحيث أصبح يشكّل تهديداً للسلم الاهلي بدل ان يكون رافداً من روافد النهوض بمنطقة مهّمشة، لا يميّز الاهمال فيها بين مسلم ومسيحي.
وإذا كان هذا النزاع الحاد قد انطلق في البداية من اعتبارات جغرافية وبيئية، إلّا انّه ما لبث ان تمدّد في اتجاهات طائفية وسياسية نافرة، على جري العادة في لبنان، حيث تتكفّل الهواجس المنتفخة في معظم الاحيان بتضخيم اي ملف وتشويهه.
وانعكست «أزمة البركة» حملات متبادلة بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي التي شطرها خط التماس «البرمائي» الى معسكرين، فيما أعرب أحد نواب المنطقة بصراحة عن قلقه الشديد حيال المسار الذي تتخذه هذه القضية، بعدما سادت لهجة التحدّي على الارض وفي العالم الافتراضي، منبّهاً الى انّ ما يحصل هو كناية عن لعب بالنار، «وبالتالي يُخشى من انه قد يصعب في لحظة ما ضبط انفعالات الناس وردود افعالهم، إذا لم يتمّ التوصل في اقصر وقت ممكن الى حل توافقي ومنصف».
ويلفت مصدر مواكب عن قرب لخلاف بشري - الضنية حول الترسيم العقاري، الى انّ «المزايدات» المنطلقة من حسابات مناطقية وطائفية، ساهمت في تأجيج جمر الأزمة، مستغرباً كيف انّ البعض يتصرّف وكأن الترسيم هو بين دولتين متخاصمتين وليس قضاءين متجاورين.
ويتساءل المصدر: هل صار مطلوباً الحصول على «فيزا» للعبور من جرد الى آخر، ولمصلحة من هذه التعبئة التي أعادت فرز الناس وتصنيفهم فئوياً؟
وما يزيد المشكلة تعقيداً انّ كلاً من طرفيها يبدو واثقاً في أنّه على حق، مستنداً الى براهين قانونية وجغرافية تعزّز طرحه. بالنسبة الى ممثلي الضنية، لا نقاش في أنّ القرنة السوداء تتبع لقضائهم، وانّ الوثائق التاريخية كما خرائط مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني تثبت هذه الحقيقة العقارية، وبالتالي فانّ البركة التي تُنشأ هناك هي، في رأيهم، «شرعية» وقانونية وصديقة للبيئة ومستوفية جميع الشروط والضوابط الضرورية، ولا مبرر لكل هذه الضجة المفتعلة حولها.
أما الفريق الآخر، وفي طليعته «القوات»، فيعتبر انّ البركة نُقلت من مكانها المفترض في وادي الدبة ضمن جرود بقاعصفرين الى حقل سمارة الواقع على علو 2700 متر، أي أعلى بـ 350 متراً عن الموقع الاصلي للبركة، «في حين انه ممنوع إقامة اي منشآت او القيام بأعمال حفر على علو يتجاوز الـ2400 متر، إلا بإذن وبعد دراسة من وزارة البيئة، الى جانب انّ حقل سمارة يقع في منطقة متنازع عليها بين بلدتي بشري وبقاعصفرين، ولا يجوز تنفيذ اي مشروع فيه قبل معالجة تلك الاشكالية،» وفق مقاربة هذا الفريق.
ووسط هذا الانقسام، علمت «الجمهورية»، انّ النائبة ستريدا جعجع «باغتت» عضو «اللقاء التشاوري» النائب جهاد الصمد باتصال هاتفي الاسبوع الماضي، وأنّ حواراً لا يخلو من السخونة السياسية دار بينهما، على وقع التجاذبات حول البركة «الضائعة النسب».
وتفيد المعلومات، انّ جعجع استفسرت آنذاك من الصمد عمّا سيطرحه بالنسبة الى الخلاف العقاري، خلال مؤتمر صحافي كانت تفترض انّه سيعقده، فأوضح لها انّ الامر لا يتعلق بمؤتمر صحافي، وانما بلقاء شعبي سيجمعه مع مناصريه في الضنية لتداول ملف البركة وامتداداته.
وطلبت ستريدا من الصمد ان يروي الوقائع والحقائق كما هي، ودعته الى عدم تجاهل ما فعلته «القوات» من أجل الضنية، لافتة الى انّ البركة موضع النزاع، تخالف الاصول وقرار وزير البيئة، «ونحن نؤيّد الموقع الآخر المُقترح لها، والذي تتوافر فيه المعايير المطلوبة».
استفز كلام ستريدا الصمد، الذي شعر بأنّها تحاول ان تملي عليه ما يجب أن يقوله، فأجابها: «لا أحد يملي عليّ ماذا أحكي او ماذا أفعل». واضاف: «كما انكم «بتشوفوا حالكم» لكون غابة الارز تقع في بشري، نحن ايضاً «منشوف حالنا» لكون القرنة السوداء هي جزء من تراث الضنية».
وتابع مخاطباً ستريدا: «اننا حريصون على افضل العلاقات مع بشري، ولا نشكك في شرعية «القوات»، بل نسعى الى التعاون مع نوابكم في المجلس النيابي، لكن دعيني أصارحك بأنّ لدي مشكلة كبيرة مع زوجك سمير، وهي انه قاتل الرئيس رشيد كرامي، اما العفو الذي ناله فينهي العقوبة لا الجرم».
إنزعجت ستريدا من تعليق الصمد، وردّت عليه بالتشديد على انّ الحكم الذي صدر في حق زوجها هو سياسي بامتياز، «وكلنا نعرف واقع القضاء في لبنان، وأنا أدعوك الى ان تراجع ما قاله وائل ابو فاعور عن السلوك الذي اعتمده القضاء حيال حادثة قبرشون»، فأجابها الصمد: «اطلبوا إعادة إجراء المحاكمة إذا كنتم واثقين من البراءة».
هي مجرد بركة مياه، كان يُراد من إنشائها ري بعض الاراضي الزراعية في جرود بقاعصفرين، فإذا بها تتحوّل في اتجاه «ري» الضغائن والاحقاد، نتيجة وجودها في منطقة متنازع عليها بين بشري والضنية، الامر الذي حرَف المشروع الانمائي عن وجهته الاصلية وأهدافه الاساسية، بحيث أصبح يشكّل تهديداً للسلم الاهلي بدل ان يكون رافداً من روافد النهوض بمنطقة مهّمشة، لا يميّز الاهمال فيها بين مسلم ومسيحي.
وإذا كان هذا النزاع الحاد قد انطلق في البداية من اعتبارات جغرافية وبيئية، إلّا انّه ما لبث ان تمدّد في اتجاهات طائفية وسياسية نافرة، على جري العادة في لبنان، حيث تتكفّل الهواجس المنتفخة في معظم الاحيان بتضخيم اي ملف وتشويهه.
وانعكست «أزمة البركة» حملات متبادلة بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي التي شطرها خط التماس «البرمائي» الى معسكرين، فيما أعرب أحد نواب المنطقة بصراحة عن قلقه الشديد حيال المسار الذي تتخذه هذه القضية، بعدما سادت لهجة التحدّي على الارض وفي العالم الافتراضي، منبّهاً الى انّ ما يحصل هو كناية عن لعب بالنار، «وبالتالي يُخشى من انه قد يصعب في لحظة ما ضبط انفعالات الناس وردود افعالهم، إذا لم يتمّ التوصل في اقصر وقت ممكن الى حل توافقي ومنصف».
ويلفت مصدر مواكب عن قرب لخلاف بشري - الضنية حول الترسيم العقاري، الى انّ «المزايدات» المنطلقة من حسابات مناطقية وطائفية، ساهمت في تأجيج جمر الأزمة، مستغرباً كيف انّ البعض يتصرّف وكأن الترسيم هو بين دولتين متخاصمتين وليس قضاءين متجاورين.
ويتساءل المصدر: هل صار مطلوباً الحصول على «فيزا» للعبور من جرد الى آخر، ولمصلحة من هذه التعبئة التي أعادت فرز الناس وتصنيفهم فئوياً؟
وما يزيد المشكلة تعقيداً انّ كلاً من طرفيها يبدو واثقاً في أنّه على حق، مستنداً الى براهين قانونية وجغرافية تعزّز طرحه. بالنسبة الى ممثلي الضنية، لا نقاش في أنّ القرنة السوداء تتبع لقضائهم، وانّ الوثائق التاريخية كما خرائط مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني تثبت هذه الحقيقة العقارية، وبالتالي فانّ البركة التي تُنشأ هناك هي، في رأيهم، «شرعية» وقانونية وصديقة للبيئة ومستوفية جميع الشروط والضوابط الضرورية، ولا مبرر لكل هذه الضجة المفتعلة حولها.
أما الفريق الآخر، وفي طليعته «القوات»، فيعتبر انّ البركة نُقلت من مكانها المفترض في وادي الدبة ضمن جرود بقاعصفرين الى حقل سمارة الواقع على علو 2700 متر، أي أعلى بـ 350 متراً عن الموقع الاصلي للبركة، «في حين انه ممنوع إقامة اي منشآت او القيام بأعمال حفر على علو يتجاوز الـ2400 متر، إلا بإذن وبعد دراسة من وزارة البيئة، الى جانب انّ حقل سمارة يقع في منطقة متنازع عليها بين بلدتي بشري وبقاعصفرين، ولا يجوز تنفيذ اي مشروع فيه قبل معالجة تلك الاشكالية،» وفق مقاربة هذا الفريق.
ووسط هذا الانقسام، علمت «الجمهورية»، انّ النائبة ستريدا جعجع «باغتت» عضو «اللقاء التشاوري» النائب جهاد الصمد باتصال هاتفي الاسبوع الماضي، وأنّ حواراً لا يخلو من السخونة السياسية دار بينهما، على وقع التجاذبات حول البركة «الضائعة النسب».
وتفيد المعلومات، انّ جعجع استفسرت آنذاك من الصمد عمّا سيطرحه بالنسبة الى الخلاف العقاري، خلال مؤتمر صحافي كانت تفترض انّه سيعقده، فأوضح لها انّ الامر لا يتعلق بمؤتمر صحافي، وانما بلقاء شعبي سيجمعه مع مناصريه في الضنية لتداول ملف البركة وامتداداته.
وطلبت ستريدا من الصمد ان يروي الوقائع والحقائق كما هي، ودعته الى عدم تجاهل ما فعلته «القوات» من أجل الضنية، لافتة الى انّ البركة موضع النزاع، تخالف الاصول وقرار وزير البيئة، «ونحن نؤيّد الموقع الآخر المُقترح لها، والذي تتوافر فيه المعايير المطلوبة».
استفز كلام ستريدا الصمد، الذي شعر بأنّها تحاول ان تملي عليه ما يجب أن يقوله، فأجابها: «لا أحد يملي عليّ ماذا أحكي او ماذا أفعل». واضاف: «كما انكم «بتشوفوا حالكم» لكون غابة الارز تقع في بشري، نحن ايضاً «منشوف حالنا» لكون القرنة السوداء هي جزء من تراث الضنية».
وتابع مخاطباً ستريدا: «اننا حريصون على افضل العلاقات مع بشري، ولا نشكك في شرعية «القوات»، بل نسعى الى التعاون مع نوابكم في المجلس النيابي، لكن دعيني أصارحك بأنّ لدي مشكلة كبيرة مع زوجك سمير، وهي انه قاتل الرئيس رشيد كرامي، اما العفو الذي ناله فينهي العقوبة لا الجرم».
إنزعجت ستريدا من تعليق الصمد، وردّت عليه بالتشديد على انّ الحكم الذي صدر في حق زوجها هو سياسي بامتياز، «وكلنا نعرف واقع القضاء في لبنان، وأنا أدعوك الى ان تراجع ما قاله وائل ابو فاعور عن السلوك الذي اعتمده القضاء حيال حادثة قبرشون»، فأجابها الصمد: «اطلبوا إعادة إجراء المحاكمة إذا كنتم واثقين من البراءة».
عماد مرمل - الجمهورية - 23 ايلول 2019
إرسال تعليق