في اليوم الثالث لحادث قبرشمون، توزعت الجهود على احتواء التوتر بتسليم عناصر مشتبه بتورطها بالحادث وتنتسب إلى الحزب التقدمي الاشتراكي ومتابعة الاتصالات لفرض مسار تهدوي، من التبريد إلى المراجعة الأمر الذي حدا بالرئيس سعد الحريري إلى إعلان تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة أمس، افساحاً في المجال لإنضاج المساعي وإعطاء «انفسنا نفس»، على حدّ تعبير رئيس الحكومة، الذي أشار إلى انني: اترأس حكومة وفاق وطني، وليس خلاف ونحتاج إلى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان، وقررت تأجيل الجلسة حتى يتنفس الاحتقان ويأخذ القضاء مجراه، نافياً ان يكون وزراء لبنان القوي الذي يرأسه الوزير جبران باسيل يريدون تعطيل الجلسة.
وعلمت «اللواء» ان تأجيل الجلسة بقرار من الرئيس الحريري جنب البلد «خضة كبيرة» وسمح بتمرير قطوع حادث قبرشمون وتداعياته.
وكشف مصدر وزاري ان الوزير باسيل حاول من خلال جمع وزرائه الايحاء بأنه يتحكم بالثلث المعطل، وانه بالإمكان التصويت على قرار إحالة الحادث إلى المجلس العدلي، بصرف النظر عمّا يمكن ان تؤول عملية التصويت..
وقال المصدر لـ«اللواء» ان اتصالاً اجراه الرئيس الحريري بالرئيس ميشال عون لتدارك الموقف، من خلال تأجيل الجلسة، ووصول وزراء من التيار إلى السراي الكبير قبل عملية التأجيل، وللحؤول دون تصديع الحكومة.
وتأتي هذه التطورات، في سياق المواقف التي أحاطت بجلسة المجلس الأعلى للدفاع، حيث كشفت مصادر شاركت في اجتماع، انه قبل ترؤس رئيس الجمهورية وحضوره الجلسة بدا الجو مشحوناً، ومن دون مقدمات، بادر الوزير باسيل وزيرة الداخلية ريّا الحسن بالقول، وبلهجة حادّة: أنت انتبهي لحالك، فردت عليه قائلة: ما بسمحلك تقلي هيك؟ ولا تهددني، فهمت، انا وزيرة داخلية على رأس السطح، فأجابها قائلاً: انتبهي ع حالك عم قلك.. فردت عليه قائلة بلهجة حادة: روح شوف حالك، انا ما حدا بيهددني، ثم دخل رئيس الجمهورية وترأس الجلسة، وتحدث عن ضرورة ملاحقة مطلقي الرصاص وإلقاء القبض عليهم، وتولي القوى الأمنية والجيش مهمات حفظ الأمن، وأيده وزيرالدفاع، ووزير الخارجية والوزير سليم جريصاتي، الذين تناوبوا على الكلام مشددين على ضرورة إرسال الجيش ليقوم بالمداهمات في المنطقة، وينتشر في كل المناطق، وإلقاء القبض والقيام بالمداهمات، والعمل على نزع الأسلحة من أيادي الأهالي، وهنا تدخل الرئيس الحريري، وتحدث بلهجة قوية، معتبرا انه لا يجوز زج الجيش في الخلاف الحاصل، وضرورة الحفاظ على التهدئة، ولملمة ذيول ما حصل، وتكثيف الاتصالات والمشاورات السياسية، مع القوى المعنية بنزع فتيل الأزمة وإعادة الأمور إلى نصابها، على ان تتولى الأجهزة القضائية التحقيق في مجريات الأحداث، وإلقاء القبض على المتورطين والمرتكبين.
وأضافت المصادر ان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان قدم تقريراً موثقاً ومفصلاً عمّا سبق الأحداث، وما تمّ خلالها، وكيفية تطوّر الأمور، ولم يترك شاردة ولا واردة مما اعتبره الحاضرون بأنه تقرير مهني صرف.
وفي حين لوحظ ان القيادة العسكرية لم تشأ الغوص في الكلام أكثر، مع رفض زج الجيش في الخلافات السياسية، بناء على طلب الوزراء الثلاثة، حيث أخذ الكلام مدير المخابرات بالجيش وتحدث مطولاً عن المعالجات المطلوبة، بكثير من الواقعية والخبرة وعدم الانجرار إلى مواقف غير محسوبة، وان يتواكب تحرك الأجهزة باتصالات سياسية، يتم خلالها التوافق على ملاحقة المطلوبين واحالتهم إلى القضاء..
لقاء الحريري - جنبلاط
وفي معلومات «اللواء» ان أكثر من عنصر أمني وسياسي دخل على خط تهدئة الأوضاع التي توترت في منطقة قرى عاليه الأحد الماضي، كان أبرزها اللقاء الذي تمّ ترتيبه على عجل بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في حضور رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، في دار الطائفة الدرزية في بيروت، على هامش التعازي برئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين.
وبطبيعة الحال، فإن لا الوقت ولا المناسبة كانت تسمح للرجلين بأن يجلسا لأكثر من ربع ساعة، على اعتبار ان اللقاء كان فقط لسحب فتيل التوتر الحاصل في الجبل، وان تكريس المصالحة بينهما في عهدة الرئيس نبيه برّي الذي سيجمعهما إلى مائدة عشاء في عين التينة، كانت معدة قبل حادثة الجبل، خلال 48 ساعة.
ووفق المعلومات فإن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وهناك توافق في الرأي، لتقريب القراءات حول كيفية التعاطي مع حادثة قبرشمون، وأكّد جنبلاط استعداده الكامل للتجاوب مع مساعي التهدئة وتسليم المطلوبين، وأبلغ الرئيس الحريري بأن الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون بل هو الذي طالب من اللحظة الأولى بالتحقيق لكشف كافة الملابسات، نافياً «رواية الكمين المعد مسبقاً»، ومحاولة اغتيال الوزيرين جبران باسيل وصالح الغريب.
ومن جهته، اكد الرئيس الحريري انه لم يكن في الأساس مع إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، وليس في ذلك انتقاصاً من المجلس العدلي، متسائلاً عن الفائدة منه في هذا الوقت، إذا كان لدى الحزب الاشتراكي نية واستعداد لتسليم المتورطين في إطلاق النار للقضاء، مشدداً على ان الأساس في المعالجات يكون بالتهدئة في لغة الخطاب السياسي، وفي تسليم هؤلاء، ثم ندع القضاء، وفق التحقيقات التي سيقوم بها، بأن يُقرّر هو ما إذا كانت الحادثة اعتداء على أمن الدولة، أم مجرّد اشكال أمني حصل ابن لحظته، وليس معداً ومحضراً سلفاً، مثلما يقول الفريق الآخر.
تطيير مجلس الوزراء
والظاهر ان هذه الرؤية للمعالجات، كانت سبباً في تطيير جلسة مجلس الوزراء، بالنظر لاستحالة التوافق الوزاري على إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، بين وجهة نظر الرئيس الحريري ومعه وزيرا الحزب الاشتراكي وائل أبو فاعور واكرم شهيب اللذان اشترطا بضم حادثة الشويفات، ووزاء «القوات اللبنانية» في مقابل إصرار وزراء «التيار الوطني الحر» ومعهم وزراء «حزب الله» والحزب الديموقراطي على الإحالة للمجلس العدلي فيما لم يعرف موقف وزراء الرئيس نبيه برّي.
وبدا واضحاً منذ الصباح، ان لا حل للمشكلة الا بتأجيل الجلسة ومعها ترحيل موضوع المجلس العدلي، بانتظار انتهاء المساعي الجارية على خط تسليم المتورطين بالحادثة، لكن الرئيس الحريري فوجئ باعتكاف وزراء تكتل «لبنان القوي» عن الحضور إلى السراي، في إطار حركة ضغط كانت ترمي إلى أمر من اثنين: اما الإصرار على طرح مسألة الاحالة إلى المجلس العدلي على التصويت، وهو ما رفضه الرئيس الحريري، نظراً لما كان يشكله هذا الأمر من تعقيد، أو ان يكون الوزير باسيل هو صاحب القرار بتعطيل النصاب وليس رئيس الحكومة. لكن الرئيس الحريري رفض أيضاً العرض الثاني، مُصراً على ضرورة حضور الوزراء إلى السراي، وان يخرج الإعلان عن تأجيل الجلسة من السراي بعد اكتمال النصاب، وليس من قصر بسترس، حيث مكتب باسيل، بسبب فقدانه على أساس انه هو الذي يملك الثلث المعطل.
وإزاء إصرار الحريري عاد باسيل ورضخ بايفاد أربعة من وزرائه التسعة الذين كانوا مجتمعين في مكتبه، إلى جانب الوزراء الـ17 الذين كانوا ينتظرون في قاعة مجلس الوزراء، بحيث اكتمل النصاب، فدخل الرئيس الحريري عندئذ إلى القاعة، وأبلغ الوزراء بتأجيل الجلسة بعد انتظار ساعتين.
وعبر الرئيس الحريري عن انزعاجه من باسيل، عندما حمله مسؤولية ما حصل في الجبل بشكّل غير مباشر، حينما لفت النظر إلى ان المسؤول يتعين عليه ان يتلمس ردة فعل الأهالي حيال ما يقوله ويعلنه، لكنه شدّد على ان الامن خط أحمر.
وقال: إذا أراد أحدهم ان يلعب معي لعبة تعطيل الجلسات، فأنا من يتخذ موقفاً، ولا يظننَّ أحد انه بإمكانه ان يضع «فيتو» عليَّ، فأنا من يضع «الفيتو» وسيكون بدل الفيتو «فيتوين»، لكن الحريري طلب عدم قراءة تأجيل الجلسة على انه أمر سلبي، بل إيجابي لحل المشكلة، مشيرا إلى انه بحاجة إلى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان.
وفي معلومات لـ «اللواء» ان جلسة مجلس الوزراء بدت طبيعية وان وزيري الأشتراكي دخلا الجلسة بشكل عادي، وقد مازح الوزير ابو فاعور الوزير محمود قماطي بالقول: «انا الميليشاوي وائل ابو فاعور، فرد احد الوزراء عليه بالقول: اذا نحن ماذا فرقة كشافة».
وقالت مصادر وزارية ان معظم الوزراء سجلوا استياءهم من طريقة تعاطي وزراء التيار الوطني الحر لجهة جعلهم ينتظرون لمدة ساعتين ونصف ساعة قبل بلورة قرارهم من الجلسة حتى ان احد الوزراء قال لـ«اللواء» اننا شعرنا وكأننا في المدرسة.
وعلم ان الوزراء قضوا هذه الفترة بتبادل الأحاديث مع العلم انه كان يمكن استغلال هذا الوقت في العمل في الوزارات. وعلم ايضا ان الحريري بدا هادئا مؤكدا بعد حضور 4 وزراء من التيار الوطني الحر الجلسة ضرورة اتخاذ الأمور بروية وعدم خلق شرخ اكبر في البلد مما هو حاصل.
وساطة ابراهيم
واكدت المصادر الوزارية ان مهلة الـ48 ساعة كفيلة ببلورة الأمور بعد دخول اللواء عباس ابراهيم على خط الوساطة، حيث باشرها بزيارة الحريري في السراي والتقاه في حضور الوزيرين شهيب وأبو فاعور، وجرى بحث في موضوع تسليم المشتبه بتورطهم في الأحداث من عناصر الحزب الاشتراكي، وكان أيضاً على اتصال مع جنبلاط والوزير باسيل، ثم انتقل إلى دارة خلدة والتقى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في حضور الوزير صالح الغريب الذي كان زار السراي مطالباً الحريري «بإحقاق الحق» بحسب قوله.
وتركز البحث في لقاء خلدة، على حلحلة قضية رفض دفن الضحيتين رامي سلمان وسامر أبو فراج، حتى تسليم المتهمين بإطلاق النار على موكب الغريب في حادثة قبرشمون.
وقال اللواء ابراهيم لـ«اللواء»: ان الامن يُستعاد بالتدرج، واللجوء الى القوة هو اخر اسلوب، واستعادة الامن في الجبل بدأت بالتواصل مع الاطراف المعنية من اجل البدء بالخطوة الاولى وهي تسليم المشتبه بتورطهم بإطلاق النار، وقدتسلمنا في الثالثة من بعد الظهر(امس) ثلاثة شبان من الحزب التقدمي الاشتراكي، وتعهد الحزب بتسليم كل من يظهره التحقيق لاحقا متورطا او مشتبها به.
اضاف: نحن ننتظر التحقيقات الامنية والقضائية وننسق مع الجيش وشعبة المعلومات من اجل تحديد هوية باقي المشتبه بهم، وانا مكلف بتسلمهم من الجهات المعنية، وسيتم ايضا تسليم المشتبه بهم من الحزب الديموقراطي، وقد ظهر ان وليد بك (جنبلاط) من خلال موقفه (تغريدة عبر تويتر) والمير طلال (ارسلان) متجاوبان وكذلك الاطراف المعنية الاخرى متجاوبة ومنها الوزير باسيل عبر موقفه الهادئ (امس)، ولا يوجد اي طرف يريد ان يفتح مشكلا جديدا في البلد، ونأمل ان ننتهي من مهمة توقيف وتسلم المطلوبين خلال يومين او ثلاثة على الاكثر.
وعن الشق السياسي من عملية التهدئة؟ قال اللواء ابراهيم: نحن نتولى الشق الامني ونترك السياسة للسياسيين، لكننا نهيء لهم الارضية بالعمل الامني للتهدئة من اجل القيام بعملهم السياسي في جو مستقر.
وحول موضوع تشييع الضحيتين رامي سلمان وسامر ابو فرج بعد ما بدأ تنفيذ شرط ذويهما بتسليم المطلوبين؟ قال ان هذا الامر ينسق به المير طلال وأعتقد ان الامور صارت منتهية..
من جهته، قال أرسلان: ان اللواء عباس ابراهيم موقع ثقة بالنسبة، إلي وعندما يضع يده في أي قضية فإنه يضعها بالحق والعدالة لاستتباب الأمن والعدالة لنا جميعا.
ولاحقاً اجتمع النائب ارسلان بذوي الضحيتين وتقرر تسلم جثمانيهما وتحديد موعد الدفن لاحقا بعد تسليم كل المتورطين بالحادث، وجرى نقل الجثمانين من مستشفى الشحار الى مستشفى قبر شمون الحكومي..
وسبق مهمة ابراهيم اعلان قيادة الجيش في بيان لمديرية التوجيه عن توقيف مديرية المخابرات كلاًّ من (ف.ع) و(خ.غ) للاشتباه بمشاركتهما في حادثة إطلاق النار في بلدة قبرشمون، وقد ضبطت بحوزتهما أسلحة ورمانات يدوية وذخائر حربية. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. (وهما من الحزب التقدمي).
ولوحظ ان مساعي المدير العام للأمن العام ترافقت مع تغريدة لجنبلاط قدم فيها التعزية لأهالي الضحايا، متمنياً الشفاء للجرحى، وأشاد بدور الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية كافة في تثبيت الأمن والاستقرار.
وعلمت «اللواء» ان تأجيل الجلسة بقرار من الرئيس الحريري جنب البلد «خضة كبيرة» وسمح بتمرير قطوع حادث قبرشمون وتداعياته.
وكشف مصدر وزاري ان الوزير باسيل حاول من خلال جمع وزرائه الايحاء بأنه يتحكم بالثلث المعطل، وانه بالإمكان التصويت على قرار إحالة الحادث إلى المجلس العدلي، بصرف النظر عمّا يمكن ان تؤول عملية التصويت..
وقال المصدر لـ«اللواء» ان اتصالاً اجراه الرئيس الحريري بالرئيس ميشال عون لتدارك الموقف، من خلال تأجيل الجلسة، ووصول وزراء من التيار إلى السراي الكبير قبل عملية التأجيل، وللحؤول دون تصديع الحكومة.
وتأتي هذه التطورات، في سياق المواقف التي أحاطت بجلسة المجلس الأعلى للدفاع، حيث كشفت مصادر شاركت في اجتماع، انه قبل ترؤس رئيس الجمهورية وحضوره الجلسة بدا الجو مشحوناً، ومن دون مقدمات، بادر الوزير باسيل وزيرة الداخلية ريّا الحسن بالقول، وبلهجة حادّة: أنت انتبهي لحالك، فردت عليه قائلة: ما بسمحلك تقلي هيك؟ ولا تهددني، فهمت، انا وزيرة داخلية على رأس السطح، فأجابها قائلاً: انتبهي ع حالك عم قلك.. فردت عليه قائلة بلهجة حادة: روح شوف حالك، انا ما حدا بيهددني، ثم دخل رئيس الجمهورية وترأس الجلسة، وتحدث عن ضرورة ملاحقة مطلقي الرصاص وإلقاء القبض عليهم، وتولي القوى الأمنية والجيش مهمات حفظ الأمن، وأيده وزيرالدفاع، ووزير الخارجية والوزير سليم جريصاتي، الذين تناوبوا على الكلام مشددين على ضرورة إرسال الجيش ليقوم بالمداهمات في المنطقة، وينتشر في كل المناطق، وإلقاء القبض والقيام بالمداهمات، والعمل على نزع الأسلحة من أيادي الأهالي، وهنا تدخل الرئيس الحريري، وتحدث بلهجة قوية، معتبرا انه لا يجوز زج الجيش في الخلاف الحاصل، وضرورة الحفاظ على التهدئة، ولملمة ذيول ما حصل، وتكثيف الاتصالات والمشاورات السياسية، مع القوى المعنية بنزع فتيل الأزمة وإعادة الأمور إلى نصابها، على ان تتولى الأجهزة القضائية التحقيق في مجريات الأحداث، وإلقاء القبض على المتورطين والمرتكبين.
وأضافت المصادر ان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان قدم تقريراً موثقاً ومفصلاً عمّا سبق الأحداث، وما تمّ خلالها، وكيفية تطوّر الأمور، ولم يترك شاردة ولا واردة مما اعتبره الحاضرون بأنه تقرير مهني صرف.
وفي حين لوحظ ان القيادة العسكرية لم تشأ الغوص في الكلام أكثر، مع رفض زج الجيش في الخلافات السياسية، بناء على طلب الوزراء الثلاثة، حيث أخذ الكلام مدير المخابرات بالجيش وتحدث مطولاً عن المعالجات المطلوبة، بكثير من الواقعية والخبرة وعدم الانجرار إلى مواقف غير محسوبة، وان يتواكب تحرك الأجهزة باتصالات سياسية، يتم خلالها التوافق على ملاحقة المطلوبين واحالتهم إلى القضاء..
لقاء الحريري - جنبلاط
وفي معلومات «اللواء» ان أكثر من عنصر أمني وسياسي دخل على خط تهدئة الأوضاع التي توترت في منطقة قرى عاليه الأحد الماضي، كان أبرزها اللقاء الذي تمّ ترتيبه على عجل بين الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في حضور رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، في دار الطائفة الدرزية في بيروت، على هامش التعازي برئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين.
وبطبيعة الحال، فإن لا الوقت ولا المناسبة كانت تسمح للرجلين بأن يجلسا لأكثر من ربع ساعة، على اعتبار ان اللقاء كان فقط لسحب فتيل التوتر الحاصل في الجبل، وان تكريس المصالحة بينهما في عهدة الرئيس نبيه برّي الذي سيجمعهما إلى مائدة عشاء في عين التينة، كانت معدة قبل حادثة الجبل، خلال 48 ساعة.
ووفق المعلومات فإن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وهناك توافق في الرأي، لتقريب القراءات حول كيفية التعاطي مع حادثة قبرشمون، وأكّد جنبلاط استعداده الكامل للتجاوب مع مساعي التهدئة وتسليم المطلوبين، وأبلغ الرئيس الحريري بأن الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون بل هو الذي طالب من اللحظة الأولى بالتحقيق لكشف كافة الملابسات، نافياً «رواية الكمين المعد مسبقاً»، ومحاولة اغتيال الوزيرين جبران باسيل وصالح الغريب.
ومن جهته، اكد الرئيس الحريري انه لم يكن في الأساس مع إحالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي، وليس في ذلك انتقاصاً من المجلس العدلي، متسائلاً عن الفائدة منه في هذا الوقت، إذا كان لدى الحزب الاشتراكي نية واستعداد لتسليم المتورطين في إطلاق النار للقضاء، مشدداً على ان الأساس في المعالجات يكون بالتهدئة في لغة الخطاب السياسي، وفي تسليم هؤلاء، ثم ندع القضاء، وفق التحقيقات التي سيقوم بها، بأن يُقرّر هو ما إذا كانت الحادثة اعتداء على أمن الدولة، أم مجرّد اشكال أمني حصل ابن لحظته، وليس معداً ومحضراً سلفاً، مثلما يقول الفريق الآخر.
تطيير مجلس الوزراء
والظاهر ان هذه الرؤية للمعالجات، كانت سبباً في تطيير جلسة مجلس الوزراء، بالنظر لاستحالة التوافق الوزاري على إحالة حادثة قبرشمون إلى المجلس العدلي، بين وجهة نظر الرئيس الحريري ومعه وزيرا الحزب الاشتراكي وائل أبو فاعور واكرم شهيب اللذان اشترطا بضم حادثة الشويفات، ووزاء «القوات اللبنانية» في مقابل إصرار وزراء «التيار الوطني الحر» ومعهم وزراء «حزب الله» والحزب الديموقراطي على الإحالة للمجلس العدلي فيما لم يعرف موقف وزراء الرئيس نبيه برّي.
وبدا واضحاً منذ الصباح، ان لا حل للمشكلة الا بتأجيل الجلسة ومعها ترحيل موضوع المجلس العدلي، بانتظار انتهاء المساعي الجارية على خط تسليم المتورطين بالحادثة، لكن الرئيس الحريري فوجئ باعتكاف وزراء تكتل «لبنان القوي» عن الحضور إلى السراي، في إطار حركة ضغط كانت ترمي إلى أمر من اثنين: اما الإصرار على طرح مسألة الاحالة إلى المجلس العدلي على التصويت، وهو ما رفضه الرئيس الحريري، نظراً لما كان يشكله هذا الأمر من تعقيد، أو ان يكون الوزير باسيل هو صاحب القرار بتعطيل النصاب وليس رئيس الحكومة. لكن الرئيس الحريري رفض أيضاً العرض الثاني، مُصراً على ضرورة حضور الوزراء إلى السراي، وان يخرج الإعلان عن تأجيل الجلسة من السراي بعد اكتمال النصاب، وليس من قصر بسترس، حيث مكتب باسيل، بسبب فقدانه على أساس انه هو الذي يملك الثلث المعطل.
وإزاء إصرار الحريري عاد باسيل ورضخ بايفاد أربعة من وزرائه التسعة الذين كانوا مجتمعين في مكتبه، إلى جانب الوزراء الـ17 الذين كانوا ينتظرون في قاعة مجلس الوزراء، بحيث اكتمل النصاب، فدخل الرئيس الحريري عندئذ إلى القاعة، وأبلغ الوزراء بتأجيل الجلسة بعد انتظار ساعتين.
وعبر الرئيس الحريري عن انزعاجه من باسيل، عندما حمله مسؤولية ما حصل في الجبل بشكّل غير مباشر، حينما لفت النظر إلى ان المسؤول يتعين عليه ان يتلمس ردة فعل الأهالي حيال ما يقوله ويعلنه، لكنه شدّد على ان الامن خط أحمر.
وقال: إذا أراد أحدهم ان يلعب معي لعبة تعطيل الجلسات، فأنا من يتخذ موقفاً، ولا يظننَّ أحد انه بإمكانه ان يضع «فيتو» عليَّ، فأنا من يضع «الفيتو» وسيكون بدل الفيتو «فيتوين»، لكن الحريري طلب عدم قراءة تأجيل الجلسة على انه أمر سلبي، بل إيجابي لحل المشكلة، مشيرا إلى انه بحاجة إلى 48 ساعة لتنفيس الاحتقان.
وفي معلومات لـ «اللواء» ان جلسة مجلس الوزراء بدت طبيعية وان وزيري الأشتراكي دخلا الجلسة بشكل عادي، وقد مازح الوزير ابو فاعور الوزير محمود قماطي بالقول: «انا الميليشاوي وائل ابو فاعور، فرد احد الوزراء عليه بالقول: اذا نحن ماذا فرقة كشافة».
وقالت مصادر وزارية ان معظم الوزراء سجلوا استياءهم من طريقة تعاطي وزراء التيار الوطني الحر لجهة جعلهم ينتظرون لمدة ساعتين ونصف ساعة قبل بلورة قرارهم من الجلسة حتى ان احد الوزراء قال لـ«اللواء» اننا شعرنا وكأننا في المدرسة.
وعلم ان الوزراء قضوا هذه الفترة بتبادل الأحاديث مع العلم انه كان يمكن استغلال هذا الوقت في العمل في الوزارات. وعلم ايضا ان الحريري بدا هادئا مؤكدا بعد حضور 4 وزراء من التيار الوطني الحر الجلسة ضرورة اتخاذ الأمور بروية وعدم خلق شرخ اكبر في البلد مما هو حاصل.
وساطة ابراهيم
واكدت المصادر الوزارية ان مهلة الـ48 ساعة كفيلة ببلورة الأمور بعد دخول اللواء عباس ابراهيم على خط الوساطة، حيث باشرها بزيارة الحريري في السراي والتقاه في حضور الوزيرين شهيب وأبو فاعور، وجرى بحث في موضوع تسليم المشتبه بتورطهم في الأحداث من عناصر الحزب الاشتراكي، وكان أيضاً على اتصال مع جنبلاط والوزير باسيل، ثم انتقل إلى دارة خلدة والتقى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في حضور الوزير صالح الغريب الذي كان زار السراي مطالباً الحريري «بإحقاق الحق» بحسب قوله.
وتركز البحث في لقاء خلدة، على حلحلة قضية رفض دفن الضحيتين رامي سلمان وسامر أبو فراج، حتى تسليم المتهمين بإطلاق النار على موكب الغريب في حادثة قبرشمون.
وقال اللواء ابراهيم لـ«اللواء»: ان الامن يُستعاد بالتدرج، واللجوء الى القوة هو اخر اسلوب، واستعادة الامن في الجبل بدأت بالتواصل مع الاطراف المعنية من اجل البدء بالخطوة الاولى وهي تسليم المشتبه بتورطهم بإطلاق النار، وقدتسلمنا في الثالثة من بعد الظهر(امس) ثلاثة شبان من الحزب التقدمي الاشتراكي، وتعهد الحزب بتسليم كل من يظهره التحقيق لاحقا متورطا او مشتبها به.
اضاف: نحن ننتظر التحقيقات الامنية والقضائية وننسق مع الجيش وشعبة المعلومات من اجل تحديد هوية باقي المشتبه بهم، وانا مكلف بتسلمهم من الجهات المعنية، وسيتم ايضا تسليم المشتبه بهم من الحزب الديموقراطي، وقد ظهر ان وليد بك (جنبلاط) من خلال موقفه (تغريدة عبر تويتر) والمير طلال (ارسلان) متجاوبان وكذلك الاطراف المعنية الاخرى متجاوبة ومنها الوزير باسيل عبر موقفه الهادئ (امس)، ولا يوجد اي طرف يريد ان يفتح مشكلا جديدا في البلد، ونأمل ان ننتهي من مهمة توقيف وتسلم المطلوبين خلال يومين او ثلاثة على الاكثر.
وعن الشق السياسي من عملية التهدئة؟ قال اللواء ابراهيم: نحن نتولى الشق الامني ونترك السياسة للسياسيين، لكننا نهيء لهم الارضية بالعمل الامني للتهدئة من اجل القيام بعملهم السياسي في جو مستقر.
وحول موضوع تشييع الضحيتين رامي سلمان وسامر ابو فرج بعد ما بدأ تنفيذ شرط ذويهما بتسليم المطلوبين؟ قال ان هذا الامر ينسق به المير طلال وأعتقد ان الامور صارت منتهية..
من جهته، قال أرسلان: ان اللواء عباس ابراهيم موقع ثقة بالنسبة، إلي وعندما يضع يده في أي قضية فإنه يضعها بالحق والعدالة لاستتباب الأمن والعدالة لنا جميعا.
ولاحقاً اجتمع النائب ارسلان بذوي الضحيتين وتقرر تسلم جثمانيهما وتحديد موعد الدفن لاحقا بعد تسليم كل المتورطين بالحادث، وجرى نقل الجثمانين من مستشفى الشحار الى مستشفى قبر شمون الحكومي..
وسبق مهمة ابراهيم اعلان قيادة الجيش في بيان لمديرية التوجيه عن توقيف مديرية المخابرات كلاًّ من (ف.ع) و(خ.غ) للاشتباه بمشاركتهما في حادثة إطلاق النار في بلدة قبرشمون، وقد ضبطت بحوزتهما أسلحة ورمانات يدوية وذخائر حربية. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص. (وهما من الحزب التقدمي).
ولوحظ ان مساعي المدير العام للأمن العام ترافقت مع تغريدة لجنبلاط قدم فيها التعزية لأهالي الضحايا، متمنياً الشفاء للجرحى، وأشاد بدور الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية كافة في تثبيت الأمن والاستقرار.
اللواء 3 تموز 2019
إرسال تعليق