بعد الإعلان عن دعمها للخطة البريطانية، تتراجع باريس ولم تعد تؤيّد أكثر من مجرد مشاركة المعلومات مع شركائها.
الولايات المتحدّة تمتلك خطّة. الأوروبيون أيضاً، لكنّهم لا يريدون الإختلاط مع واشنطن. أمّا إيران، فهي ترفض هاتين المبادرتين رفضاً قاطعاً. بالمختصر، يبدو أمن الملاحة في مضيق هرمز، مركز التوتّرات التي تحصل منذ شهرين، معقّد جدّاً. في التاسع من تموز، أخذت واشنطن، التي تتّهم طهران بمهاجمة العديد من الناقلات منذ منتصف شهر أيّار، المبادرة. ليس تحالفاً عسكرياً جديداً، ولكن بتعبير أكثر تواضعاً، هذه المبادرة هي بمثابة «إضاءة المنارة» ليستمرّ النفط في التدفّق في هذا المضيق الإستراتيجي بالنسبة للإقتصاد العالمي. من الواضح أنّ البنتاغون سيوفّر طرقاً لتنسيق مراقبة المضيق، بينما سيقوم حلفاؤه بدوريات في المياه القريبة وسيرافقون سفنهم التجارية. المشكلة: المحسوبون على أنهم حلفاء يشتكون.
الإثنين الماضي، وبعد الاستيلاء على الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» من قبل الحرس الثوري الإيراني، أعلن وزير خارجية بريطانيا المستقيل، جيريمي هانت، بدوره، إعداد «مهمّة حماية بحرية موجّهة من قبل الأوروبيين، في أسرع وقت ممكن». ودعمت باريس وبرلين هذه الفكرة. وأكد وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان الثلاثاء الماضي في الجمعية الوطنية الفرنسية، أنّ الدول الأوروبية الثلاث التي وقّعت الإتفاق النووي الإيراني في العام 2015، والذي خرج منه دونالد ترامب في العام الماضي، تعمل على «مهمّة ملاحقة ومراقبة».
تماماً قبل الاستيلاء على سفينة «ستينا إمبيرو»، أكّدت فرنسا أنها لا تنوي تعزيز وسائلها العسكرية في الخليج حيث لديها هناك فرقاطة بصفة دائمة. وقال عسكري فرنسي يوم الأربعاء: «ننتظر رؤية ترتيبات تنفيذ هذه المهمة. هذا خيار واقعي، ويمكن أن يساهم في تهدئة الوضع، بشرط أن يكون الوجود غير أميركي ولديه رغبة حقيقية في التهدئة. ولا يجب أبداً أن يتحوّل إلى قوّة تدخّل».
بحسب هذا الخبير، هنالك خياران: إمّا طرق خاضعة للحراسة أو للمرافَقة، بمجرد دخول أي سفينة إلى المضيق. «طرق المرافَقة تستهلك الكثير من الموارد، إذ يجب أن يكون هنالك زورق في الأمام وآخر من الخلف، وبنى تحتية أخرى تدور حول السفينة التي نحميها»، هذا ما يفسّره الجندي. أمّا «الطرق الخاضعة للحراسة، فهي خيار أسهل، نبقى في الممر خلال دخول السفينة إلى المضيق».
وأكّد سمير مدني مدير شركة TankerTrackers، التي تراقب تحرّكات الناقلات من صور الأقمار الصناعية للفيغارو: «نوصي بتشغيل نظام تحديد هوية السفن بشكل دائم، بدعم من نظام لتتبّع السفن الإضافية التي ستتنقّل داخل ممر مَحمي ضمن تحالف بحري». ويؤكد خبير في دبي: «كان هذا الحل المستخدم خلال حرب الناقلات في الثمانينات. لكنه مُكلف، غير مناسب وغير سليم».
الحرس الثوري الإيراني يراقب كل شيء
يتلاقى الخبيران على نقطة واحدة. يُعتبر احتجاز الناقلة البريطانية عملاً إنتقامياً بعدما قبضت المملكة المتحدة في 4 تموز على ناقلة إيرانية في جبل طارق. يتهم الخبير في دبي قائلاً: «هذا صراع ثنائي تسعى لندن إلى تدويله من أجل تحمّل المخاطر المشتركة». ويوافق ديبلوماسي أميركي، استشارته الفيغارو، على هذا الرأي. ويضيف: «في نهاية ولايته يوم الاثنين، أخرج جيريمي هانت الفكرة من باله. فخليفته وجد مجلّداً على مكتبه، ولكنه كان فارغاً. ما هو مضمون الخطة الأوروبية؟ لا أحد يدري. بعد أن كان هناك 6 سفن بريطانية في الخليج، منذ شهر، لم يتبقّ واحدة منها اليوم».
بالنسبة إلى سمير مدني: «إنّ الطريقة الأسهل لحل الأزمة قد تكون من خلال تبادل الناقلات: بإطلاق لندن سراح غرايس 1 الإيرانية، مقابل إفراج إيران عن ستينا. فلم تتم خسارة أي حياة، إنه ليس عملاً إرهابياً، وبالتالي لن يضطر البريطانيون للاختباء. نحن لا نتفاوض مع الإرهابيين». وأضاف الخبير في دبي: «إنّ إرسال سفن إضافية سيزيد من المخاطر». مضيق هرمز مزدحم أصلاً، على الرغم من أنّ وقوع الأزمة أدّى إلى انخفاض عدد الناقلات التي تمر عبره بنسبة 22 في المئة في حزيران، بحسب شركة الشحن الإسرائيلية Windward.
«في أضيق نقطة من المضيق، لا يوجد سوى المياه الإقليمية الإيرانية والعمانية»، بحسب ما يتذكّره جندي يتردّد إلى المكان. «ينادينا الإيرانيون بانتظام. نجيبهم بإعطائهم الحد الأدنى من المعلومات ونحاول قضاء اليوم بسلام». ويضيف الجندي: «بفضل أسطول طائرات بدون طيار من النوع الذي تم تدميره في 20 حزيران من قبل الولايات المتحدة، يعلم الإيرانييون بكل ما يحصل في المضيق. إنهم يسيطرون تماماً على المنطقة. لديهم محطات لخفر السواحل بمستوى أجهزة الإشارات الموجودة لدينا، حيث يأتي الحرس الثوري الإيراني بانتظام لرؤية القوارب الأجنبية».
يُعتبر مضيق هرمز نقطة الاتصال الوحيدة بين الحرس الثوري الإيراني والبحارة الأميركيين على هذا الكوكب. ليس كل يوم، لكن في كثير من الأحيان، «عندما يرسل الأميركيون مجموعة حاملات طائرات، لا تكون بمفردها، بل ترافقها أيضاً سفينة حربية، أقلّها غواصة وناقلات نفط وفرقاطات مضادة للغواصات. وبالتالي، هناك تفاعلات كثيرة محتملة. يصبح الأميركيون إجرائيين للغاية وعَصبيين عند اقتراب السفن الإيرانية منهم»، بحسب الخبير في دبي.
العصبية الأميركية
يقول الجندي الفرنسي: «أكثر ما صدمني هو هدوء الإيرانيين السائد وسط الهيجان الأميركي. أتذكّر حادث كانون الثاني 2016 عندما تمّ نقل عشرة بحارة أميركيين إلى إيران، واستمعنا إلى برامج التبادل الإذاعي، كان يشعر البحارة الأميركيون بالذعر آنذاك. نسمعهم يأمرون الإيرانيين: «نريد رؤية رجالنا الآن»، فيجيبونهم قائلين: «كلا، في الليل الأمر غير مناسب». أمّا نحن، الفرنسيين، فلم نرغب أبداً في التدخّل»، يؤكّد العسكري.
في باريس، يبدو أننا نعي جيداً الخطر. بعد ثلاثة أيام فقط من الإعلان البريطاني، بدأ الوقت ينفد. ستكتفي كل من باريس وبرلين ولندن «بتنسيق وتبادل معلوماتها ولكن لن تنشر وسائل إضافية في الخليج»، بحسب ما أفادت به وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، يوم الخميس، غير القادرة على الإفصاح عمّا إذا كانت المناقشات «ناجحة تماماً».
يسأل جان مارك ريكلي، رئيس المخاطر العالمية في مركز جنيف للسياسة الأمنية: «كيف نتصرّف من دون الولايات المتحدة؟». ويضيف: «لن يكون لدى الأوروبيين ما يكفي من السفن إذا أرادوا مرافقة جميع القوافل. لا أدري بأي اجراءات يمكنهم الوصول إلى تحقيق مبادرتهم، ولا أرى كيف يمكنهم تجنّب التعاون مع الولايات المتحدة، التي تملك وسائل مهمة جداً».
في النهاية، تمكّنت التحذيرات الإيرانية من إقناع الأوروبيين. قال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جانهجيري يوم الثلاثاء: «لا داعي لتشكيل تحالف لحماية المنطقة». وقال أيضاً الجنرال حسين دهغان، وزير الدفاع السابق: «أي تغيير يحصل في الوضع القائم في مضيق هرمز، سيفتح الباب أمام مواجهة خطيرة».
الولايات المتحدّة تمتلك خطّة. الأوروبيون أيضاً، لكنّهم لا يريدون الإختلاط مع واشنطن. أمّا إيران، فهي ترفض هاتين المبادرتين رفضاً قاطعاً. بالمختصر، يبدو أمن الملاحة في مضيق هرمز، مركز التوتّرات التي تحصل منذ شهرين، معقّد جدّاً. في التاسع من تموز، أخذت واشنطن، التي تتّهم طهران بمهاجمة العديد من الناقلات منذ منتصف شهر أيّار، المبادرة. ليس تحالفاً عسكرياً جديداً، ولكن بتعبير أكثر تواضعاً، هذه المبادرة هي بمثابة «إضاءة المنارة» ليستمرّ النفط في التدفّق في هذا المضيق الإستراتيجي بالنسبة للإقتصاد العالمي. من الواضح أنّ البنتاغون سيوفّر طرقاً لتنسيق مراقبة المضيق، بينما سيقوم حلفاؤه بدوريات في المياه القريبة وسيرافقون سفنهم التجارية. المشكلة: المحسوبون على أنهم حلفاء يشتكون.
الإثنين الماضي، وبعد الاستيلاء على الناقلة البريطانية «ستينا إمبيرو» من قبل الحرس الثوري الإيراني، أعلن وزير خارجية بريطانيا المستقيل، جيريمي هانت، بدوره، إعداد «مهمّة حماية بحرية موجّهة من قبل الأوروبيين، في أسرع وقت ممكن». ودعمت باريس وبرلين هذه الفكرة. وأكد وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان الثلاثاء الماضي في الجمعية الوطنية الفرنسية، أنّ الدول الأوروبية الثلاث التي وقّعت الإتفاق النووي الإيراني في العام 2015، والذي خرج منه دونالد ترامب في العام الماضي، تعمل على «مهمّة ملاحقة ومراقبة».
تماماً قبل الاستيلاء على سفينة «ستينا إمبيرو»، أكّدت فرنسا أنها لا تنوي تعزيز وسائلها العسكرية في الخليج حيث لديها هناك فرقاطة بصفة دائمة. وقال عسكري فرنسي يوم الأربعاء: «ننتظر رؤية ترتيبات تنفيذ هذه المهمة. هذا خيار واقعي، ويمكن أن يساهم في تهدئة الوضع، بشرط أن يكون الوجود غير أميركي ولديه رغبة حقيقية في التهدئة. ولا يجب أبداً أن يتحوّل إلى قوّة تدخّل».
بحسب هذا الخبير، هنالك خياران: إمّا طرق خاضعة للحراسة أو للمرافَقة، بمجرد دخول أي سفينة إلى المضيق. «طرق المرافَقة تستهلك الكثير من الموارد، إذ يجب أن يكون هنالك زورق في الأمام وآخر من الخلف، وبنى تحتية أخرى تدور حول السفينة التي نحميها»، هذا ما يفسّره الجندي. أمّا «الطرق الخاضعة للحراسة، فهي خيار أسهل، نبقى في الممر خلال دخول السفينة إلى المضيق».
وأكّد سمير مدني مدير شركة TankerTrackers، التي تراقب تحرّكات الناقلات من صور الأقمار الصناعية للفيغارو: «نوصي بتشغيل نظام تحديد هوية السفن بشكل دائم، بدعم من نظام لتتبّع السفن الإضافية التي ستتنقّل داخل ممر مَحمي ضمن تحالف بحري». ويؤكد خبير في دبي: «كان هذا الحل المستخدم خلال حرب الناقلات في الثمانينات. لكنه مُكلف، غير مناسب وغير سليم».
الحرس الثوري الإيراني يراقب كل شيء
يتلاقى الخبيران على نقطة واحدة. يُعتبر احتجاز الناقلة البريطانية عملاً إنتقامياً بعدما قبضت المملكة المتحدة في 4 تموز على ناقلة إيرانية في جبل طارق. يتهم الخبير في دبي قائلاً: «هذا صراع ثنائي تسعى لندن إلى تدويله من أجل تحمّل المخاطر المشتركة». ويوافق ديبلوماسي أميركي، استشارته الفيغارو، على هذا الرأي. ويضيف: «في نهاية ولايته يوم الاثنين، أخرج جيريمي هانت الفكرة من باله. فخليفته وجد مجلّداً على مكتبه، ولكنه كان فارغاً. ما هو مضمون الخطة الأوروبية؟ لا أحد يدري. بعد أن كان هناك 6 سفن بريطانية في الخليج، منذ شهر، لم يتبقّ واحدة منها اليوم».
بالنسبة إلى سمير مدني: «إنّ الطريقة الأسهل لحل الأزمة قد تكون من خلال تبادل الناقلات: بإطلاق لندن سراح غرايس 1 الإيرانية، مقابل إفراج إيران عن ستينا. فلم تتم خسارة أي حياة، إنه ليس عملاً إرهابياً، وبالتالي لن يضطر البريطانيون للاختباء. نحن لا نتفاوض مع الإرهابيين». وأضاف الخبير في دبي: «إنّ إرسال سفن إضافية سيزيد من المخاطر». مضيق هرمز مزدحم أصلاً، على الرغم من أنّ وقوع الأزمة أدّى إلى انخفاض عدد الناقلات التي تمر عبره بنسبة 22 في المئة في حزيران، بحسب شركة الشحن الإسرائيلية Windward.
«في أضيق نقطة من المضيق، لا يوجد سوى المياه الإقليمية الإيرانية والعمانية»، بحسب ما يتذكّره جندي يتردّد إلى المكان. «ينادينا الإيرانيون بانتظام. نجيبهم بإعطائهم الحد الأدنى من المعلومات ونحاول قضاء اليوم بسلام». ويضيف الجندي: «بفضل أسطول طائرات بدون طيار من النوع الذي تم تدميره في 20 حزيران من قبل الولايات المتحدة، يعلم الإيرانييون بكل ما يحصل في المضيق. إنهم يسيطرون تماماً على المنطقة. لديهم محطات لخفر السواحل بمستوى أجهزة الإشارات الموجودة لدينا، حيث يأتي الحرس الثوري الإيراني بانتظام لرؤية القوارب الأجنبية».
يُعتبر مضيق هرمز نقطة الاتصال الوحيدة بين الحرس الثوري الإيراني والبحارة الأميركيين على هذا الكوكب. ليس كل يوم، لكن في كثير من الأحيان، «عندما يرسل الأميركيون مجموعة حاملات طائرات، لا تكون بمفردها، بل ترافقها أيضاً سفينة حربية، أقلّها غواصة وناقلات نفط وفرقاطات مضادة للغواصات. وبالتالي، هناك تفاعلات كثيرة محتملة. يصبح الأميركيون إجرائيين للغاية وعَصبيين عند اقتراب السفن الإيرانية منهم»، بحسب الخبير في دبي.
العصبية الأميركية
يقول الجندي الفرنسي: «أكثر ما صدمني هو هدوء الإيرانيين السائد وسط الهيجان الأميركي. أتذكّر حادث كانون الثاني 2016 عندما تمّ نقل عشرة بحارة أميركيين إلى إيران، واستمعنا إلى برامج التبادل الإذاعي، كان يشعر البحارة الأميركيون بالذعر آنذاك. نسمعهم يأمرون الإيرانيين: «نريد رؤية رجالنا الآن»، فيجيبونهم قائلين: «كلا، في الليل الأمر غير مناسب». أمّا نحن، الفرنسيين، فلم نرغب أبداً في التدخّل»، يؤكّد العسكري.
في باريس، يبدو أننا نعي جيداً الخطر. بعد ثلاثة أيام فقط من الإعلان البريطاني، بدأ الوقت ينفد. ستكتفي كل من باريس وبرلين ولندن «بتنسيق وتبادل معلوماتها ولكن لن تنشر وسائل إضافية في الخليج»، بحسب ما أفادت به وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، يوم الخميس، غير القادرة على الإفصاح عمّا إذا كانت المناقشات «ناجحة تماماً».
يسأل جان مارك ريكلي، رئيس المخاطر العالمية في مركز جنيف للسياسة الأمنية: «كيف نتصرّف من دون الولايات المتحدة؟». ويضيف: «لن يكون لدى الأوروبيين ما يكفي من السفن إذا أرادوا مرافقة جميع القوافل. لا أدري بأي اجراءات يمكنهم الوصول إلى تحقيق مبادرتهم، ولا أرى كيف يمكنهم تجنّب التعاون مع الولايات المتحدة، التي تملك وسائل مهمة جداً».
في النهاية، تمكّنت التحذيرات الإيرانية من إقناع الأوروبيين. قال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جانهجيري يوم الثلاثاء: «لا داعي لتشكيل تحالف لحماية المنطقة». وقال أيضاً الجنرال حسين دهغان، وزير الدفاع السابق: «أي تغيير يحصل في الوضع القائم في مضيق هرمز، سيفتح الباب أمام مواجهة خطيرة».
جورج مالبرونو - لو فيغارو - الجمهورية - 26 تموز 2019
إرسال تعليق