غليان كامل في المنطقة، واستنفار عام على مستوى العالم بأسره، لمتابعة تسارع التطورات فيها وارتفاع منسوب التوتر بين الولايات المتحدة الاميركية وايران. وانكبّ محللو أعمدة كبريات الصحف العالمية على قراءة حدث إسقاط ايران لطائرة الاستطلاع الاميركية، ولكن من دون ان تقترب مقارباتهم لهذا الحدث، من نافذة تطلّ على حقيقة ما يجري، والمسار الذي تسلكه المنطقة. فيما كشف ديبلوماسيون اوروبيون لـ"الجمهورية" أنّ "طهران وجهت رسالة غير مباشرة الى واشنطن بأنها ستستمر في شن عمليات "مضايقة" للمصالح الاميركية عبر حلفائها ووكلائها في العراق واليمن، في حال استمر منعها من بيع نفطها، والكرة هنا في ملعب الرئيس الاميركي الذي عليه ان يشتري السلام".
وسط ذلك، يبقى الوضع متأرجحاً بين حديث عن احتمالات مفتوحة وسيناريوهات حربية يندفع اليها صقور الحرب في واشنطن وطهران، وبين حديث عن مراوحة في التوتر من دون ان يبلغ حد الانفجار. ويبدو انّ فرضية المراوحة هي التي تتقدم وسط هذه الاجواء، يعزّز ذلك كلام لمسؤولين اميركيين بأنّ واشنطن ستبتلع حادث إسقاط الطائرة، اضافة الى انّ موقف الادارة الاميركية يشوبه نوع من عدم الوضوح، عبرت عنه التغريدات التصعيدية للرئيس الاميركي دونالد ترامب بعد اسقاط الطائرة، والتي عادت واصطدمت بمبادرته الى إلغاء عمل عسكري ضد اهداف في ايران قبل دقائق من موعده الذي كان مقرراً فجر امس الجمعة.
لبنان واكب هذه التطورات، مع تخوفات على المستوى الرسمي من تطورات دراماتيكية على مستوى المنطقة بأسرها في حال اشتعل فتيل التفجير. وفي هذا السياق، يندرج تأكيد مرجع كبير لـ"الجمهورية"، بـ"أن المنطقة قد دخلت مدار التصعيد، وإن لم ينفجر الآن، فسينفجر في وقت لاحق، وبالتالي فإنّ احتمال ان يكون التصعيد محدوداً، او احتمال نشوب حرب مدمرة، هما احتمالان متساويان. وامّا لبنان وسط هذه التطورات، فينبغي عليه ان يحضّر نفسه لكل الاحتمالات، وما عليه في هذه الحال الا ان يفكر في احتواء التداعيات التي يمكن ان تترتب على اي تطورات قد تحصل ما بين الولايات المتحدة وايران.
ساترفيلد: عودة متأخرة
على الصعيد الداخلي، يبدو انّ الافق مسدود حالياً حول ملف النازحين السوريين، في ظل اليقين الذي بلغته المستويات الرسمية والسياسية بأنّ هذا الملف مجمّد لوقت طويل، علماً انّ السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين قد اكد في الساعات الماضية ان مشاركة لبنان في مؤتمر استانا تصبّ في خدمة هدف اعادة النازحين. كما انّ الافق يبدو شبه مسدود حالياً امام ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل، حيث دخل هذا الملف في مرحلة جمود مفاجىء، لا توجد اي مؤشرات على تحريكه.
وبحسب مصادر معنية بهذا الملف، فإن الوسيط الاميركي دايفيد ساترفيلد كان متحمساً للعودة الى لبنان بعد انتقاله من بيروت الى اسرائيل، الا انه عاد وأرجأ عودته من دون ان يحدد موعداً لعودته من جديد الى بيروت.
واكدت المصادر "ان لا معطيات جدية حول عودة ساترفيلد الى بيروت، وهذا مؤشر سلبي، الا انّ الملاحظ هو الكلام الاسرائيلي الذي أعلنه وزير الطاقة الاسرائيلي عن إمكانية استئناف المفاوضات الحدودية مع لبنان خلال شهر من الآن، وإمكان التوصّل الى اتفاق خلال فترة من ستة اشهر الى تسعة، فهذا الكلام لبنان ليس معنياً به، ولا نعرف علام استند، وهنا ينبغي الانتباه الى انّ الاسرائيلي، وبحسب ما كشف وزير الطاقة الاسرائيلي، ما زال يتحدث عن سقوف زمنية، وهو أمر سبق للبنان ان اعلن انه يرفضه بشكل قاطع، وابلغ ذلك الى ساترفيلد.
وفد أميركي
ولكن في المقابل، يصل الى بيروت مطلع الأسبوع المقبل وفد اميركي يضم مجموعة من أعضاء الكونغرس والدبلوماسيين الأميركيين السابقين الذين التقوا على تشكيل فريق عمل من اجل متابعة "القضية السورية" بهدف مناقشة التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة والوقوف على موقف لبنان. ويضم الوفد رئيسة المجموعة السيدة دانا سترو، والسكرتيرة التنفيذية لها منى يعقوبيان، السفير السابق فريدريك هوف الذي كان مكلفاً لأعوم عدة تلت العام 2009 بمتابعة ملف ترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان واسرائيل، السيد كريستوفر توتل، الدكتورة مارا كارلين، وفانس سيركهوك. وفي جدول اعمال الوفد لقاءات مع كبار المسؤولين، بحث الوضع في سوريا ومتابعة مفاوضات ترسيم الحدود.
لا تعيينات قريباً
يبقى الاستنفار النيابي معلناً لإنجاز مشروع موازنة العام 2019 اواخر الشهر الجاري، ما لم تطرأ مستجدات، او بمعنى أصح، مزايدات نيابية تؤخر ذلك الى ما بعد هذا الموعد. ويتزامن هذا الاستنفار، مع اجازة غير معلنة على مستوى العمل الحكومي، ربطاً بوجود رئيس الحكومة سعد الحريري في دولة الامارات العربية المتحدة. وكذلك مع استمرار التجاذب في الصالونات والمقار السياسية حول موضوع التعيينات في بعض المراكز الحساسة، والتي اكدت مصادر وزارية معنية بملف التعيينات لـ"الجمهورية" بأن ليس هناك ما يؤشّر الى طرح موضوع التعيينات في المدى المنظور، بالنظر الى الخلاف الحاد حولها بين بعض القوى السياسية، وإصرار جهات سياسية فاعلة في السلطة على تجاوز آلية التعيينات التي وضعت في العام 2010.
الا انّ المصادر كشفت لـ"الجمهورية" عن تحضيرات لتمرير تعيينات محدودة جداً، قد تطال حصراً تعيين مدعي عام التمييز، خلفاً للقاضي سمير حمود الذي احيل على التقاعد من اسابيع، فيما تغيب اي تحضيرات لتعيين اعضاء الهيئات الناظمة للكهرباء والطيران المدني والاتصالات، على الرغم من إلحاح "سيدر" على هذه التعيينات التي يعتبرها جزءاً من الاصلاحات التي ينبغي على لبنان إجراءها سريعاً، والامر نفسه بالنسبة الى نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة، الذين يعطّل تعيينهم الخلاف السياسي، واصرار بعض القوى السياسية النافذة على الاستحواذ بالحصة الاكبر في هذا التعيين.
الجمارك... أزمة جديدة
في هذا الوقت تكشّفت في الساعات الماضية فصول ازمة جديدة في الجمارك، دارت رحاها على حلبة "دورة خفراء الجمارك" المعطلة منذ 5 سنوات. وهي ازمة تفاقم الاجواء غير السليمة التي تسود العلاقة بين المجلس الاعلى للجمارك والمديرية العامة للجمارك، ولاسيما الاختلافات حول الصلاحيات، والقرار.
هذه الازمة الجديدة، يفاقمها التباين الحاد بين الطرفين، فالمدير العام للجمارك بدري ضاهر قام بنشر الدورة وإصدارها باعتبارها قانونية، ومراعية لمعيار الكفاءة والمناصفة، فيما اعتبرها المجلس الاعلى للجمارك غير قانونية وتحتوي على شوائب كبرى، وصدرت خلافاً للأصول والقانون، وهو امر يدفع الى طرح تساؤلات عن المسؤول عن هذا الخلل، الذي أطاح مجدداً بدورة خفراء معلّقة منذ 5 سنوات، خصوصاً انّ اصواتاً بدأت تتعالى وتتحدث عن مداخلات سياسية سبقت وتلت مبادرة المدير العام نشر اسماء الفائزين في الدورة، ومن ثم قرار المجلس الاعلى باعتبار هذا النشر غير قانوني.
فرحة لم تكتمل
في المعلومات، إنّ 853 مشاركاً في تلك الدورة قد عاشوا اعتباراً من امس الاول فرحة الفوز التي انتظروها لخمس سنوات، بعد مبادرة المدير العام للجمارك بدري ضاهر الى توقيع لائحة اسماء الفائزين ونشرها على موقع يحمل اسم "المديرية العامة للجمارك اللبنانية".
الّا انّ هذه الفرحة كانت مؤقتة، إذ سرعان ما انكسرت باصطدام هذه اللائحة وطريقة نشرها باعتراض المجلس الاعلى للجمارك، الذي سارعَ الى اصدار بيان قال فيه:
"تداولت وسائل الاعلام الإكترونية والمقروءة والمسموعة والمرئية أخباراً تتناول صدور نتيجة دورة خفراء الجمارك التي جرت ربيع عام 2014، مع كَم هائل من التحليلات والاستنتاجات والتسريبات المغلوطة والمدسوسة بهدف حرف الانظار عن الواقع والوقائع. وعليه يهم المجلس الاعلى للجمارك ان يوضح الآتي:
اولاً، سنداً لنص المادة 7 من القرار رقم 83 / 2005 الصادر بتاريخ 7 نيسان 2005 المبني على القانون الصادر بالمرسوم رقم 1802 / 79 تاريخ 27 شباط 1979 على مدير الجمارك العام ان يعلن لائحة بأسماء المرشحين الناجحين ويرفعها الى المجلس الاعلى للجمارك الذي يعود له البَت بتعيينهم واصدار القرار بذلك.
ثانياً، انّ ما تم ايداعه معالي وزير المالية والذي أحاله بدوره الى هذا المجلس ما هو سوى جدول بأسماء لم يراع فيه مبدأ اي من الكفاءة والتراتبية وفق ما تقتضيه الأصول النظامية وحصرت الاسماء بعدد 853 وهو العدد المطلوب، من قبل مقام مجلس الوزراء، فضلاً عمّا شابَها من مغالطات واخطاء ظاهرة للعيان.
ثالثاً، انّ هذا المجلس يؤكد حرصه على العيش المشترك والمناصفة والتزامه بهما وبمبادىء الكفاءة والتراتبية والشفافية وذلك خلافاً لما يُشاع، وعليه لا يمكن اصدار قرار بتعيين خفراء في الجمارك على اساس لائحة لا تراعي كل ما سبق، ومخالفة لأحكام القانون الصادر بالمرسوم رقم 1802 / 79 تاريخ 27 شباط 1979.
رابعاً، يعمل هذا المجلس على تدارك كل ما سبق مع المراجع المختصة لاسيما مع معالي وزير المالية، ضنّاً بمصلحة البلاد العليا وبالشباب المتباري المتساوين امام القانون سنداً لأحكام الدستور.
ضاهر لـ"الجمهورية"
وسألت "الجمهورية" المدير العام للجمارك بدري ضاهر عن هذا الامر، فقال: انا قمتُ بما يمليه عليه واجبي، وفي هذا الامر اعتمدنا مبدأ الكفاءة والمناصفة، ووفق توجيهات فخامة الرئيس، وكذلك معالي وزير المالية.
وعمّا اذا كانت هناك ضغوطات سياسية، قال: لا اعرف، واذا كان هناك من لا يريد توقيع هذه اللائحة، فأنا لا اعرف لماذا.
واكد ضاهر انّ الهدف الاساس هو مراعاة مصلحة الجمارك قبل اي اعتبارات اخرى، هذه الدورة عمرها ما يزيد على خمس سنوات، ولا يجوز ان تبقى معلقة، علماً انّ كادر الجمارك فقير جداً، لا يتعدى 1100 على مستوى كل لبنان، وبالتالي نحن مضطرون لهذه الدورة.
طفيلي لـ"الجمهورية"
امّا رئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد اسعد طفيلي فقال لـ"الجمهورية": إنني لن اضيف شيئاً على ما ورد في بيان المجلس الاعلى، فأنا ملتزم به حرفياً، والامور يجب ان تتم وفق القانون وبحسب الاصول. وبالتالي، على الجميع ان يلتزموا بالقانون ولا يجب أن يتجاوزوه.
وبحسب مصادر المجلس الاعلى فإنّ أعضاءه فوجئوا بنشر اللائحة، و"خصوصاً انه قد سبق لها أن أحيلت على المجلس، من دون ان تُرفق بمحاضر لجنة التطويع في الجمارك. وتبيّن من خلال المراجعة الاولية انها خضعت لشطب اسماء واضافة اسماء، وبالنظر الى هذا الامر قام المجلس بردّها الى المدير العام وأعطى وزير المال علماً بذلك".
وسط ذلك، يبقى الوضع متأرجحاً بين حديث عن احتمالات مفتوحة وسيناريوهات حربية يندفع اليها صقور الحرب في واشنطن وطهران، وبين حديث عن مراوحة في التوتر من دون ان يبلغ حد الانفجار. ويبدو انّ فرضية المراوحة هي التي تتقدم وسط هذه الاجواء، يعزّز ذلك كلام لمسؤولين اميركيين بأنّ واشنطن ستبتلع حادث إسقاط الطائرة، اضافة الى انّ موقف الادارة الاميركية يشوبه نوع من عدم الوضوح، عبرت عنه التغريدات التصعيدية للرئيس الاميركي دونالد ترامب بعد اسقاط الطائرة، والتي عادت واصطدمت بمبادرته الى إلغاء عمل عسكري ضد اهداف في ايران قبل دقائق من موعده الذي كان مقرراً فجر امس الجمعة.
لبنان واكب هذه التطورات، مع تخوفات على المستوى الرسمي من تطورات دراماتيكية على مستوى المنطقة بأسرها في حال اشتعل فتيل التفجير. وفي هذا السياق، يندرج تأكيد مرجع كبير لـ"الجمهورية"، بـ"أن المنطقة قد دخلت مدار التصعيد، وإن لم ينفجر الآن، فسينفجر في وقت لاحق، وبالتالي فإنّ احتمال ان يكون التصعيد محدوداً، او احتمال نشوب حرب مدمرة، هما احتمالان متساويان. وامّا لبنان وسط هذه التطورات، فينبغي عليه ان يحضّر نفسه لكل الاحتمالات، وما عليه في هذه الحال الا ان يفكر في احتواء التداعيات التي يمكن ان تترتب على اي تطورات قد تحصل ما بين الولايات المتحدة وايران.
ساترفيلد: عودة متأخرة
على الصعيد الداخلي، يبدو انّ الافق مسدود حالياً حول ملف النازحين السوريين، في ظل اليقين الذي بلغته المستويات الرسمية والسياسية بأنّ هذا الملف مجمّد لوقت طويل، علماً انّ السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين قد اكد في الساعات الماضية ان مشاركة لبنان في مؤتمر استانا تصبّ في خدمة هدف اعادة النازحين. كما انّ الافق يبدو شبه مسدود حالياً امام ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل، حيث دخل هذا الملف في مرحلة جمود مفاجىء، لا توجد اي مؤشرات على تحريكه.
وبحسب مصادر معنية بهذا الملف، فإن الوسيط الاميركي دايفيد ساترفيلد كان متحمساً للعودة الى لبنان بعد انتقاله من بيروت الى اسرائيل، الا انه عاد وأرجأ عودته من دون ان يحدد موعداً لعودته من جديد الى بيروت.
واكدت المصادر "ان لا معطيات جدية حول عودة ساترفيلد الى بيروت، وهذا مؤشر سلبي، الا انّ الملاحظ هو الكلام الاسرائيلي الذي أعلنه وزير الطاقة الاسرائيلي عن إمكانية استئناف المفاوضات الحدودية مع لبنان خلال شهر من الآن، وإمكان التوصّل الى اتفاق خلال فترة من ستة اشهر الى تسعة، فهذا الكلام لبنان ليس معنياً به، ولا نعرف علام استند، وهنا ينبغي الانتباه الى انّ الاسرائيلي، وبحسب ما كشف وزير الطاقة الاسرائيلي، ما زال يتحدث عن سقوف زمنية، وهو أمر سبق للبنان ان اعلن انه يرفضه بشكل قاطع، وابلغ ذلك الى ساترفيلد.
وفد أميركي
ولكن في المقابل، يصل الى بيروت مطلع الأسبوع المقبل وفد اميركي يضم مجموعة من أعضاء الكونغرس والدبلوماسيين الأميركيين السابقين الذين التقوا على تشكيل فريق عمل من اجل متابعة "القضية السورية" بهدف مناقشة التطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة والوقوف على موقف لبنان. ويضم الوفد رئيسة المجموعة السيدة دانا سترو، والسكرتيرة التنفيذية لها منى يعقوبيان، السفير السابق فريدريك هوف الذي كان مكلفاً لأعوم عدة تلت العام 2009 بمتابعة ملف ترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان واسرائيل، السيد كريستوفر توتل، الدكتورة مارا كارلين، وفانس سيركهوك. وفي جدول اعمال الوفد لقاءات مع كبار المسؤولين، بحث الوضع في سوريا ومتابعة مفاوضات ترسيم الحدود.
لا تعيينات قريباً
يبقى الاستنفار النيابي معلناً لإنجاز مشروع موازنة العام 2019 اواخر الشهر الجاري، ما لم تطرأ مستجدات، او بمعنى أصح، مزايدات نيابية تؤخر ذلك الى ما بعد هذا الموعد. ويتزامن هذا الاستنفار، مع اجازة غير معلنة على مستوى العمل الحكومي، ربطاً بوجود رئيس الحكومة سعد الحريري في دولة الامارات العربية المتحدة. وكذلك مع استمرار التجاذب في الصالونات والمقار السياسية حول موضوع التعيينات في بعض المراكز الحساسة، والتي اكدت مصادر وزارية معنية بملف التعيينات لـ"الجمهورية" بأن ليس هناك ما يؤشّر الى طرح موضوع التعيينات في المدى المنظور، بالنظر الى الخلاف الحاد حولها بين بعض القوى السياسية، وإصرار جهات سياسية فاعلة في السلطة على تجاوز آلية التعيينات التي وضعت في العام 2010.
الا انّ المصادر كشفت لـ"الجمهورية" عن تحضيرات لتمرير تعيينات محدودة جداً، قد تطال حصراً تعيين مدعي عام التمييز، خلفاً للقاضي سمير حمود الذي احيل على التقاعد من اسابيع، فيما تغيب اي تحضيرات لتعيين اعضاء الهيئات الناظمة للكهرباء والطيران المدني والاتصالات، على الرغم من إلحاح "سيدر" على هذه التعيينات التي يعتبرها جزءاً من الاصلاحات التي ينبغي على لبنان إجراءها سريعاً، والامر نفسه بالنسبة الى نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة، الذين يعطّل تعيينهم الخلاف السياسي، واصرار بعض القوى السياسية النافذة على الاستحواذ بالحصة الاكبر في هذا التعيين.
الجمارك... أزمة جديدة
في هذا الوقت تكشّفت في الساعات الماضية فصول ازمة جديدة في الجمارك، دارت رحاها على حلبة "دورة خفراء الجمارك" المعطلة منذ 5 سنوات. وهي ازمة تفاقم الاجواء غير السليمة التي تسود العلاقة بين المجلس الاعلى للجمارك والمديرية العامة للجمارك، ولاسيما الاختلافات حول الصلاحيات، والقرار.
هذه الازمة الجديدة، يفاقمها التباين الحاد بين الطرفين، فالمدير العام للجمارك بدري ضاهر قام بنشر الدورة وإصدارها باعتبارها قانونية، ومراعية لمعيار الكفاءة والمناصفة، فيما اعتبرها المجلس الاعلى للجمارك غير قانونية وتحتوي على شوائب كبرى، وصدرت خلافاً للأصول والقانون، وهو امر يدفع الى طرح تساؤلات عن المسؤول عن هذا الخلل، الذي أطاح مجدداً بدورة خفراء معلّقة منذ 5 سنوات، خصوصاً انّ اصواتاً بدأت تتعالى وتتحدث عن مداخلات سياسية سبقت وتلت مبادرة المدير العام نشر اسماء الفائزين في الدورة، ومن ثم قرار المجلس الاعلى باعتبار هذا النشر غير قانوني.
فرحة لم تكتمل
في المعلومات، إنّ 853 مشاركاً في تلك الدورة قد عاشوا اعتباراً من امس الاول فرحة الفوز التي انتظروها لخمس سنوات، بعد مبادرة المدير العام للجمارك بدري ضاهر الى توقيع لائحة اسماء الفائزين ونشرها على موقع يحمل اسم "المديرية العامة للجمارك اللبنانية".
الّا انّ هذه الفرحة كانت مؤقتة، إذ سرعان ما انكسرت باصطدام هذه اللائحة وطريقة نشرها باعتراض المجلس الاعلى للجمارك، الذي سارعَ الى اصدار بيان قال فيه:
"تداولت وسائل الاعلام الإكترونية والمقروءة والمسموعة والمرئية أخباراً تتناول صدور نتيجة دورة خفراء الجمارك التي جرت ربيع عام 2014، مع كَم هائل من التحليلات والاستنتاجات والتسريبات المغلوطة والمدسوسة بهدف حرف الانظار عن الواقع والوقائع. وعليه يهم المجلس الاعلى للجمارك ان يوضح الآتي:
اولاً، سنداً لنص المادة 7 من القرار رقم 83 / 2005 الصادر بتاريخ 7 نيسان 2005 المبني على القانون الصادر بالمرسوم رقم 1802 / 79 تاريخ 27 شباط 1979 على مدير الجمارك العام ان يعلن لائحة بأسماء المرشحين الناجحين ويرفعها الى المجلس الاعلى للجمارك الذي يعود له البَت بتعيينهم واصدار القرار بذلك.
ثانياً، انّ ما تم ايداعه معالي وزير المالية والذي أحاله بدوره الى هذا المجلس ما هو سوى جدول بأسماء لم يراع فيه مبدأ اي من الكفاءة والتراتبية وفق ما تقتضيه الأصول النظامية وحصرت الاسماء بعدد 853 وهو العدد المطلوب، من قبل مقام مجلس الوزراء، فضلاً عمّا شابَها من مغالطات واخطاء ظاهرة للعيان.
ثالثاً، انّ هذا المجلس يؤكد حرصه على العيش المشترك والمناصفة والتزامه بهما وبمبادىء الكفاءة والتراتبية والشفافية وذلك خلافاً لما يُشاع، وعليه لا يمكن اصدار قرار بتعيين خفراء في الجمارك على اساس لائحة لا تراعي كل ما سبق، ومخالفة لأحكام القانون الصادر بالمرسوم رقم 1802 / 79 تاريخ 27 شباط 1979.
رابعاً، يعمل هذا المجلس على تدارك كل ما سبق مع المراجع المختصة لاسيما مع معالي وزير المالية، ضنّاً بمصلحة البلاد العليا وبالشباب المتباري المتساوين امام القانون سنداً لأحكام الدستور.
ضاهر لـ"الجمهورية"
وسألت "الجمهورية" المدير العام للجمارك بدري ضاهر عن هذا الامر، فقال: انا قمتُ بما يمليه عليه واجبي، وفي هذا الامر اعتمدنا مبدأ الكفاءة والمناصفة، ووفق توجيهات فخامة الرئيس، وكذلك معالي وزير المالية.
وعمّا اذا كانت هناك ضغوطات سياسية، قال: لا اعرف، واذا كان هناك من لا يريد توقيع هذه اللائحة، فأنا لا اعرف لماذا.
واكد ضاهر انّ الهدف الاساس هو مراعاة مصلحة الجمارك قبل اي اعتبارات اخرى، هذه الدورة عمرها ما يزيد على خمس سنوات، ولا يجوز ان تبقى معلقة، علماً انّ كادر الجمارك فقير جداً، لا يتعدى 1100 على مستوى كل لبنان، وبالتالي نحن مضطرون لهذه الدورة.
طفيلي لـ"الجمهورية"
امّا رئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد اسعد طفيلي فقال لـ"الجمهورية": إنني لن اضيف شيئاً على ما ورد في بيان المجلس الاعلى، فأنا ملتزم به حرفياً، والامور يجب ان تتم وفق القانون وبحسب الاصول. وبالتالي، على الجميع ان يلتزموا بالقانون ولا يجب أن يتجاوزوه.
وبحسب مصادر المجلس الاعلى فإنّ أعضاءه فوجئوا بنشر اللائحة، و"خصوصاً انه قد سبق لها أن أحيلت على المجلس، من دون ان تُرفق بمحاضر لجنة التطويع في الجمارك. وتبيّن من خلال المراجعة الاولية انها خضعت لشطب اسماء واضافة اسماء، وبالنظر الى هذا الامر قام المجلس بردّها الى المدير العام وأعطى وزير المال علماً بذلك".
22 حزيران 2019
إرسال تعليق