مع ان اللبنانيين عاينوا وعانوا الكثير من المآزق والازمات الاقتصادية والمالية في حقب ما بعد الحرب، فان ما يعانونه في الازمة الحالية يتخذ الطابع الأسوأ من كل السوابق من حيث تعرضهم لموجات التخويف والضياع وانعدام الرؤية ناهيك بتداعيات الازدواجية السياسية التي تطبع مواقف معظم القوى السياسية في المزج بين الاتجاهات الشعبوية والاتجاهات الجدية التي تفرض تحمل أصعب المسؤوليات. هذه الانطباعات تولدت في الساعات الاخيرة خصوصاً بعدما تصاعدت المخاوف على الواقع الاقتصادي والمالي بقوة، مع ان مراجع معنية أكدت لـ"النهار" ان الوضع المالي هو دوما تحت السيطرة عازية موجة الشائعات والمخاوف الاخيرة الى حركة النقاش الواسع حول الموازنة.
ولكن في ظل تعاقب تصريحات ومواقف علنية للكثير من المسؤولين والقادة السياسيين تنذر بتعاظم اخطار واحتمالات الانهيار، بدأ الامر يرتب انعكاسات سلبية واسعة في حركة التداول المالي دقت اصداؤها بقوة أسماع المسؤولين وبدأت على الاثر محاولات لاحتوائها وتهدئة آثارها. ولعل المشهد السياسي والاعلامي الذي رسمته الجلسة التشريعية لمجلس النواب وما اعقبها من اطلاق مواقف وتوضيحات، لم ينجح في تبديد الغموض الكثيف الذي لا يزال يكتنف مصير المواجهة الصاعدة بين اتجاهات شد الاحزمة والتقشف في مشروع الموازنة من خلال اجتراح اجراءات تلامس مواقع حساسة على مستويات الانفاق العام بما يشمل بعض التمدد نحو فئات من المخصصات والرواتب العالية السقوف، وحركة الاحتجاج الاستباقية التي اتسعت أمس واتخذت طابع الاعتصامات المنظمة والاضرابات العامة.
وبينما يشكل بت الهيكلية النهائية لمشروع الموازنة خط الفصل الحاسم في جلاء الاتجاهات النهائية لاحتواء اخطار المرحلة الحالية واطلاق مسارات المعالجات الطارئة للواقعين الاقتصادي والمالي، ترددت معلومات عن اتجاه الى توزيع مشروع الموازنة على الوزراء الثلثاء المقبل اذا تقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس ولم يطح موعدها تاخير اضافي في الاتفاق بين مكونات الحكومة على رزمة الاجراءات التقشفية التي عمل ويستمر في العمل عليها رئيس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل. وربما شكلت المقابلة التلفزيونية للوزير خليل هذه الليلة عبر محطة "ام تي في" مؤشراً ملموساً حيال انجاز التوافقات السياسية أو عدم انجازها على الاجراءات التي يفترض ان تخفض ارقام الموازنة الى نسبة تلامس الاربعة في المئة وذلك من خلال تشريحه الابواب التفصيلية التي ستطاولها الخفوضات "الموجعة". وفي ظل هذا المناخ الخانق والمحتدم اكتسبت المواقف التي عبر عنها الرئيس الحريري امس من مجلس النواب أهمية استثنائية ذلك أنه، على رغم نفيه ان يكون الواقع الحالي "انهيارياً"، لم يتردد في رسم ملامح شديدة الخطورة لاتجاهات الوضع في حال التلكؤ عن اتخاذ الاجراءات الموجعة.
الحريري: الاكثر تقشفاً
وحذر رئيس الحكومة أنه "في حال لم نتخذ قرارات تقشفية حقيقية فقد نصل إلى كارثة حقيقية خلال سنة... ان من واجبي كرئيس حكومة ان أكون صادقاً مع الناس وان أشرح لهم الوضع الحقيقي الذي نحن فيه، فإذا لم نتخذ إجراءات تقشفية حقيقية ونقم بخطوات أساسية، سنصل الى مكان لا تحمد عقباه. يجب التكلم بصدق مع الناس بعيداً من المزايدات، والمطلوب منا كحكومة الموازنة الأكثر تقشفاً في تاريخ لبنان لأن وضعنا المالي لا يسمح لنا بزيادة الإنفاق التي حصلت فيها مشكلات في هذا الشأن". ورأى أن "المصارف عليها مسؤولية ومستعدة أن تتحمل وتساهم بكل هذه الخطة ولكن يجب أن نرى اصلاحاً حقيقيا"، مشيراً الى أنه "في باريس 2 ذهب لبنان الى فرنسا والمصارف وضعت 10 الاف مليار في تصرف الدولة ونحن لم نقم بأي اصلاح، لذلك يجب ان نكون صادقين مع المواطنين ومع العسكريين ومع ادارة البلد، فإذا بقينا على هذا النمط سنصل الى كارثة. اذا اصابتنا المصيبة من سينقذنا؟ اقول هذا الكلام لأنني أريد أن أكون صادقاً مع الجميع وعلينا أن نتكاتف بعضنا مع البعض". وأوضح أن "الخطة التي نتبعها متوازية مع مشروع الموازنة ونحتاج الى اكبر توافق ونحتاج الى حوار حقيقي مع كل اللبنانيين". وخاطب العكسريين قائلاً: "العسكري مستعد للتضحية بدمه من أجل بلده واذا كان انقاذ البلد يحتاج الى تضحية، أما الذين توجهوا الى الشارع فذلك نتيجة الشائعات".
وكان الحريري اعلن أمام النواب في الجلسة "ان كل ما يحكى عن تخفيضات هو كلام صحف"، مشدداً على "ان الحكومة تعمل ليلا ونهارا للوصول الى ارقام تحفظ مالية الدولة وأصحاب الدخل المحدود". وخلص الى ان "المزايدة لا ولن تفيد أحداً لأن البلد اذا سقط فسنقع كلنا معه".
وأكد وزير المال بدوره ان خفض المعاشات "ليس جزءاً من مشروع الموازنة الذي قدمه". وقال: "لم يُبتّ أي أمر على الاطلاق يتعلّق بالمسّ بالرواتب". وأجاب عن سؤال بأن وزير الخارجية جبران باسيل "عبّر عن وجهة نظره وهي موضع نقاش... أما موضوع الموازنة فيُناقش بشكل كامل ولم يتم اقرار او التوافق على أي أمر بعد ".
وسارع باسيل الى تكرار موقفه من موضوع الرواتب وان "هذا الامر يتطلّب صراحة وجرأة ومسؤولية وطنية، لدينا موظفون في الدولة وكذلك موظفون في القطاع الخاص يجب ان نفكّر بهم أيضا". وقال: "بعض الاعلام والسياسيين اجتزأ ما قلته في موضوع رواتب القطاع العام وهو يشمل خمسة امور: حجم الدولة الذي يشكل جزءاً يسيراً من الموضوع وخدمة الدين والتهرب الضريبي والجمركي والكهرباء والضرائب التي يمكن ان تستوفى من اصحاب الجيوب الكبيرة ".
ويشار في هذا السياق الى ان الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله سيلقي كلمة مساء الاثنين المقبل في احتفال لكشافة المهدي ويرجح ان يتطرق فيها الى ملف الموازنة والقضايا المتصلة به.
خطة الكهرباء
وعلى وقع اعتصام حاشد نفذته هيئة التنسيق النقابية في ساحة رياض الصلح رفضاً لاي مس بالرواتب والاجور والتعويضات، مررت الجلسة التشريعية لمجلس النواب خطّة الكهرباء كما هي، بعد سقوط كل اقتراحات القوانين المقدمة لتعديلها، ولا سيما من "القوات اللبنانية" عبراقتراح للنائب جورج عدوان لتعيين الهيئة الناظمة في مدة اقصاها ستة اشهر.
كذلك رفض نواب "اللقاء الديموقراطي" مهلة السنوات الثلاث التي أقرها مجلس النواب لتمديد العمل بالقانون 2014/288 وطالبوا بخفضها إلى سنة واحدة، مشدّدين على موقفهم المطالب بإنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، الكفيلة بإسقاط حصرية السلطة من يد الوزير. وقال نواب اللقاء: "إن كنّا ضمن اللجنة الوزارية التي أقرّت الخطة انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية وحرصنا على ضرورة الإسراع بإصلاح قطاع الكهرباء ولم نتنكر لهذا الأمر، لكنّنا متمسكون برأينا الواضح والصريح حول ضرورة تعيين الهيئة الناظمة". وقدّم نواب اللقاء اقتراحاً لخفض المهلة، لكن الإقتراح سقط أمام تصويت الأكثرية، وأقرّت خطة الكهرباء من دون تعديلات.
ولكن في ظل تعاقب تصريحات ومواقف علنية للكثير من المسؤولين والقادة السياسيين تنذر بتعاظم اخطار واحتمالات الانهيار، بدأ الامر يرتب انعكاسات سلبية واسعة في حركة التداول المالي دقت اصداؤها بقوة أسماع المسؤولين وبدأت على الاثر محاولات لاحتوائها وتهدئة آثارها. ولعل المشهد السياسي والاعلامي الذي رسمته الجلسة التشريعية لمجلس النواب وما اعقبها من اطلاق مواقف وتوضيحات، لم ينجح في تبديد الغموض الكثيف الذي لا يزال يكتنف مصير المواجهة الصاعدة بين اتجاهات شد الاحزمة والتقشف في مشروع الموازنة من خلال اجتراح اجراءات تلامس مواقع حساسة على مستويات الانفاق العام بما يشمل بعض التمدد نحو فئات من المخصصات والرواتب العالية السقوف، وحركة الاحتجاج الاستباقية التي اتسعت أمس واتخذت طابع الاعتصامات المنظمة والاضرابات العامة.
وبينما يشكل بت الهيكلية النهائية لمشروع الموازنة خط الفصل الحاسم في جلاء الاتجاهات النهائية لاحتواء اخطار المرحلة الحالية واطلاق مسارات المعالجات الطارئة للواقعين الاقتصادي والمالي، ترددت معلومات عن اتجاه الى توزيع مشروع الموازنة على الوزراء الثلثاء المقبل اذا تقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس ولم يطح موعدها تاخير اضافي في الاتفاق بين مكونات الحكومة على رزمة الاجراءات التقشفية التي عمل ويستمر في العمل عليها رئيس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل. وربما شكلت المقابلة التلفزيونية للوزير خليل هذه الليلة عبر محطة "ام تي في" مؤشراً ملموساً حيال انجاز التوافقات السياسية أو عدم انجازها على الاجراءات التي يفترض ان تخفض ارقام الموازنة الى نسبة تلامس الاربعة في المئة وذلك من خلال تشريحه الابواب التفصيلية التي ستطاولها الخفوضات "الموجعة". وفي ظل هذا المناخ الخانق والمحتدم اكتسبت المواقف التي عبر عنها الرئيس الحريري امس من مجلس النواب أهمية استثنائية ذلك أنه، على رغم نفيه ان يكون الواقع الحالي "انهيارياً"، لم يتردد في رسم ملامح شديدة الخطورة لاتجاهات الوضع في حال التلكؤ عن اتخاذ الاجراءات الموجعة.
الحريري: الاكثر تقشفاً
وحذر رئيس الحكومة أنه "في حال لم نتخذ قرارات تقشفية حقيقية فقد نصل إلى كارثة حقيقية خلال سنة... ان من واجبي كرئيس حكومة ان أكون صادقاً مع الناس وان أشرح لهم الوضع الحقيقي الذي نحن فيه، فإذا لم نتخذ إجراءات تقشفية حقيقية ونقم بخطوات أساسية، سنصل الى مكان لا تحمد عقباه. يجب التكلم بصدق مع الناس بعيداً من المزايدات، والمطلوب منا كحكومة الموازنة الأكثر تقشفاً في تاريخ لبنان لأن وضعنا المالي لا يسمح لنا بزيادة الإنفاق التي حصلت فيها مشكلات في هذا الشأن". ورأى أن "المصارف عليها مسؤولية ومستعدة أن تتحمل وتساهم بكل هذه الخطة ولكن يجب أن نرى اصلاحاً حقيقيا"، مشيراً الى أنه "في باريس 2 ذهب لبنان الى فرنسا والمصارف وضعت 10 الاف مليار في تصرف الدولة ونحن لم نقم بأي اصلاح، لذلك يجب ان نكون صادقين مع المواطنين ومع العسكريين ومع ادارة البلد، فإذا بقينا على هذا النمط سنصل الى كارثة. اذا اصابتنا المصيبة من سينقذنا؟ اقول هذا الكلام لأنني أريد أن أكون صادقاً مع الجميع وعلينا أن نتكاتف بعضنا مع البعض". وأوضح أن "الخطة التي نتبعها متوازية مع مشروع الموازنة ونحتاج الى اكبر توافق ونحتاج الى حوار حقيقي مع كل اللبنانيين". وخاطب العكسريين قائلاً: "العسكري مستعد للتضحية بدمه من أجل بلده واذا كان انقاذ البلد يحتاج الى تضحية، أما الذين توجهوا الى الشارع فذلك نتيجة الشائعات".
وكان الحريري اعلن أمام النواب في الجلسة "ان كل ما يحكى عن تخفيضات هو كلام صحف"، مشدداً على "ان الحكومة تعمل ليلا ونهارا للوصول الى ارقام تحفظ مالية الدولة وأصحاب الدخل المحدود". وخلص الى ان "المزايدة لا ولن تفيد أحداً لأن البلد اذا سقط فسنقع كلنا معه".
وأكد وزير المال بدوره ان خفض المعاشات "ليس جزءاً من مشروع الموازنة الذي قدمه". وقال: "لم يُبتّ أي أمر على الاطلاق يتعلّق بالمسّ بالرواتب". وأجاب عن سؤال بأن وزير الخارجية جبران باسيل "عبّر عن وجهة نظره وهي موضع نقاش... أما موضوع الموازنة فيُناقش بشكل كامل ولم يتم اقرار او التوافق على أي أمر بعد ".
وسارع باسيل الى تكرار موقفه من موضوع الرواتب وان "هذا الامر يتطلّب صراحة وجرأة ومسؤولية وطنية، لدينا موظفون في الدولة وكذلك موظفون في القطاع الخاص يجب ان نفكّر بهم أيضا". وقال: "بعض الاعلام والسياسيين اجتزأ ما قلته في موضوع رواتب القطاع العام وهو يشمل خمسة امور: حجم الدولة الذي يشكل جزءاً يسيراً من الموضوع وخدمة الدين والتهرب الضريبي والجمركي والكهرباء والضرائب التي يمكن ان تستوفى من اصحاب الجيوب الكبيرة ".
ويشار في هذا السياق الى ان الامين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله سيلقي كلمة مساء الاثنين المقبل في احتفال لكشافة المهدي ويرجح ان يتطرق فيها الى ملف الموازنة والقضايا المتصلة به.
خطة الكهرباء
وعلى وقع اعتصام حاشد نفذته هيئة التنسيق النقابية في ساحة رياض الصلح رفضاً لاي مس بالرواتب والاجور والتعويضات، مررت الجلسة التشريعية لمجلس النواب خطّة الكهرباء كما هي، بعد سقوط كل اقتراحات القوانين المقدمة لتعديلها، ولا سيما من "القوات اللبنانية" عبراقتراح للنائب جورج عدوان لتعيين الهيئة الناظمة في مدة اقصاها ستة اشهر.
كذلك رفض نواب "اللقاء الديموقراطي" مهلة السنوات الثلاث التي أقرها مجلس النواب لتمديد العمل بالقانون 2014/288 وطالبوا بخفضها إلى سنة واحدة، مشدّدين على موقفهم المطالب بإنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، الكفيلة بإسقاط حصرية السلطة من يد الوزير. وقال نواب اللقاء: "إن كنّا ضمن اللجنة الوزارية التي أقرّت الخطة انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية وحرصنا على ضرورة الإسراع بإصلاح قطاع الكهرباء ولم نتنكر لهذا الأمر، لكنّنا متمسكون برأينا الواضح والصريح حول ضرورة تعيين الهيئة الناظمة". وقدّم نواب اللقاء اقتراحاً لخفض المهلة، لكن الإقتراح سقط أمام تصويت الأكثرية، وأقرّت خطة الكهرباء من دون تعديلات.
النهار 18 نيسان 2019
إرسال تعليق