ثمة في لبنان من يريد تزوير التاريخ والجغرافيا. لطالما شهدت المجتمعات البشرية ظواهر تريد اختزال الحقيقة بشخصها أو نفسها او فكرها. ولكن غالباً ما كانت هذه النماذج تنهار ولو بعد حين. وفي الأغلب، يقع هؤلاء في شرور أعمالهم أو في تناقضاتهم فيحتارون كيف يذهبون إلى لحس مواقفهم وسحبها. تماماً كما هو الحال بالنسبة إلى مزارع شبعا والتي كان كثر يعتبرونها غير لبنانية قانونية وبحاجة إلى إثبات رسمي سوري لتسجيله لدى الامم المتحدة، وبالتالي إدراج المزارع تحت نطاق عمل المناطق التي يشملها القرار 425 وليس القرار 242.
العنوان الأساسي الذي يحكم مزارع شبعا لبنانياً، هو عنوان ترسيم الحدود، والطرف الذي يعارض هذا الترسيم معروف مع حلفائه الإقليميين، والذين اليوم يذهبون إلى توسيع نطاق تأثيرهم ليس من خلال عرقلة الترسيم جنوباً بل حتى شمالاً وشرقاً. ويدّعي هؤلاء مقاومة، وعفّة، يعضون انفسهم من خلال ادعاءاتهم في مصاف الأولياء أو الحكماء، او باعة صكوك الغفران والوطنية.
ولأجل تعزيز هؤلاء لمنطقهم، يعملون على تنميط التفكير في المجتمع، في السياسة والإعلام، كما هو مشهود في لبنان اليوم، فيصبح المرء ممنوعاً من التفكير أو الإبتكار او التحليل، وإلا يصبح خارجاً عن النطاق المسموح به، وبالتالي يحال إلى صفة المخوَنين، أما من يلتزم بالإملاءات ولا يخرج عن النص المكتوب فهو صاحب العقل والتفكير والتدبير. وليتمكن هؤلاء من تثبيت أنفسهم، يعززون منطق الحملات العشوائية والتخوينية التي يديرونها، فلا يجعلون أي خارج عن شمولية تفكيرهم، قادراً على التعبير أو يخشى من قول ما يفكّر به. ربطاً بحملات تهويلية وتخويفية لإحجام الخصوم او المعارضين لما هو سائد عن كشف مكائدهم.
وحده وليد جنبلاط خارج تلك القاعدة. يعرف كيف يقدم، ومتى. يجيد تمرير الرسالة، وكشف المفضوح. ويحسن اختيار التوقيت، في لحظة إقليمية ودولية تتغير فيها حدود المنطقة وخرائطها. لكن باعة الوطنية هؤلاء يذهبون إلى اتجاهاتهم الصغيرة وآفاقهم الضيقة، فيحصرون قضية وطنية عروبية استراتيجية، في منطق المصلحة الشخصية. يتهمون وليد جنبلاط بأنه فجّر قنبلة مزارع شبعا والفضيحة التي تعتريها بسبب النظام السوري، للدفاع عن مصلحته الشخصية. ليس غريباً هذا الأسلوب عن أصحاب هذا الفكر الضيق.
فأساساً هم لم تعد تعنيهم وطنية ولا عروبة، في ظل الصفقات المتتالية التي تتظهر، من التنازل عن الجولان إلى تسليم الرفات وما سيأتي بعدها من مواقف تسليف للعدو الإسرائيلي طمعاً بالحفاظ على كرسي فوق ركام سوريا واهلها. والاكيد ان من كان ينظّر لسوريا المفيدة، ويرسل الرسائل كما الهدايا إلى نتنياهو بان الدولة العلوية في سوريا تخدم رؤية إسرائيل ولا تضرها، ومن يحلم بإعادة نسج تحالف الأقليات لا تعنيه عروبة ولا تعنيه فلسطين، وهو الخبير في تدبير ما عجز عنه الإسرائيليون في إجتياح بيروت وضرب منظمة التحرير والقضية الفلسطينية، وصولاً إلى محاولة استلحاق نفسه بصفقة القرن، لعلّه يحفظ رأسها، كما فعل أسلافه بعد حرب العام 1973، واخذ بموجبها لبنان. الطرف نفسه اليوم يسعى إلى تقديم الهدايا لعلّه يأخذ سوريا مجدداً، والآخرون من حلفائه يأخذون لبنان.
وهل من يهتم بالعروبة والقضية، أو يدّعي الوطنية والحرص عليها، يشنّ هجوماً مركزاً على جنبلاط، لأجل قرار حول معمل او مصنع؟ من يتخذ قراراً بفرض القطيعة لاجل ذلك، هو الذي يكون مهجوساً بالمصلحة الشخصية أو المالية، إما لمنفعة خاصة أو لأنه تلقى أمراً بذلك.
ووسط ضيق أفق هؤلاء، فإن هجومهم يتركز على الجانب الشخصي، لهدف واحد وأساسي، وهو إشاحة النظر عن ما يفضحه وليد جنبلاط، وهو القارئ الخبير للمستقبل. ما يريدونه هو إسكات جنبلاط باتهامه بالشخصانية والمصلحية، لعلّه يكتم ما يتكشف لديه من فضائح على مستوى بيع البلاد والعباد.
العنوان الأساسي الذي يحكم مزارع شبعا لبنانياً، هو عنوان ترسيم الحدود، والطرف الذي يعارض هذا الترسيم معروف مع حلفائه الإقليميين، والذين اليوم يذهبون إلى توسيع نطاق تأثيرهم ليس من خلال عرقلة الترسيم جنوباً بل حتى شمالاً وشرقاً. ويدّعي هؤلاء مقاومة، وعفّة، يعضون انفسهم من خلال ادعاءاتهم في مصاف الأولياء أو الحكماء، او باعة صكوك الغفران والوطنية.
ولأجل تعزيز هؤلاء لمنطقهم، يعملون على تنميط التفكير في المجتمع، في السياسة والإعلام، كما هو مشهود في لبنان اليوم، فيصبح المرء ممنوعاً من التفكير أو الإبتكار او التحليل، وإلا يصبح خارجاً عن النطاق المسموح به، وبالتالي يحال إلى صفة المخوَنين، أما من يلتزم بالإملاءات ولا يخرج عن النص المكتوب فهو صاحب العقل والتفكير والتدبير. وليتمكن هؤلاء من تثبيت أنفسهم، يعززون منطق الحملات العشوائية والتخوينية التي يديرونها، فلا يجعلون أي خارج عن شمولية تفكيرهم، قادراً على التعبير أو يخشى من قول ما يفكّر به. ربطاً بحملات تهويلية وتخويفية لإحجام الخصوم او المعارضين لما هو سائد عن كشف مكائدهم.
وحده وليد جنبلاط خارج تلك القاعدة. يعرف كيف يقدم، ومتى. يجيد تمرير الرسالة، وكشف المفضوح. ويحسن اختيار التوقيت، في لحظة إقليمية ودولية تتغير فيها حدود المنطقة وخرائطها. لكن باعة الوطنية هؤلاء يذهبون إلى اتجاهاتهم الصغيرة وآفاقهم الضيقة، فيحصرون قضية وطنية عروبية استراتيجية، في منطق المصلحة الشخصية. يتهمون وليد جنبلاط بأنه فجّر قنبلة مزارع شبعا والفضيحة التي تعتريها بسبب النظام السوري، للدفاع عن مصلحته الشخصية. ليس غريباً هذا الأسلوب عن أصحاب هذا الفكر الضيق.
فأساساً هم لم تعد تعنيهم وطنية ولا عروبة، في ظل الصفقات المتتالية التي تتظهر، من التنازل عن الجولان إلى تسليم الرفات وما سيأتي بعدها من مواقف تسليف للعدو الإسرائيلي طمعاً بالحفاظ على كرسي فوق ركام سوريا واهلها. والاكيد ان من كان ينظّر لسوريا المفيدة، ويرسل الرسائل كما الهدايا إلى نتنياهو بان الدولة العلوية في سوريا تخدم رؤية إسرائيل ولا تضرها، ومن يحلم بإعادة نسج تحالف الأقليات لا تعنيه عروبة ولا تعنيه فلسطين، وهو الخبير في تدبير ما عجز عنه الإسرائيليون في إجتياح بيروت وضرب منظمة التحرير والقضية الفلسطينية، وصولاً إلى محاولة استلحاق نفسه بصفقة القرن، لعلّه يحفظ رأسها، كما فعل أسلافه بعد حرب العام 1973، واخذ بموجبها لبنان. الطرف نفسه اليوم يسعى إلى تقديم الهدايا لعلّه يأخذ سوريا مجدداً، والآخرون من حلفائه يأخذون لبنان.
وهل من يهتم بالعروبة والقضية، أو يدّعي الوطنية والحرص عليها، يشنّ هجوماً مركزاً على جنبلاط، لأجل قرار حول معمل او مصنع؟ من يتخذ قراراً بفرض القطيعة لاجل ذلك، هو الذي يكون مهجوساً بالمصلحة الشخصية أو المالية، إما لمنفعة خاصة أو لأنه تلقى أمراً بذلك.
ووسط ضيق أفق هؤلاء، فإن هجومهم يتركز على الجانب الشخصي، لهدف واحد وأساسي، وهو إشاحة النظر عن ما يفضحه وليد جنبلاط، وهو القارئ الخبير للمستقبل. ما يريدونه هو إسكات جنبلاط باتهامه بالشخصانية والمصلحية، لعلّه يكتم ما يتكشف لديه من فضائح على مستوى بيع البلاد والعباد.
أهمية وليد جنبلاط، انه شوكة في حلق تحالف الأقليات، وغرزة في خاصرة التفتيت المذهبي الذي يرسم للمنطقة، ولو وافق على ذلك لما تعرّضت السويداء لما تعرّضت له من مجازر، ولما تعرّض هو والجبل لكل محاولات الإختراق والإفتراء والتخوين والإستهداف، وصولاً إلى حدّ التهديد بالإستهداف الجسدي.
مجدداً يقول وليد جنبلاط كلمته ويمشي. يكشف إحدى أفظع فضائح العصر، وموقفه حول ضرورة تثبيت مزارع شبعا وترسيم الحدود، ينطلق من مبدأ الدفاع عنها والمسارعة إلى إثبات لبنانيتها، خوفاً من ضمها إلى الجولان الذي اعترفت واشنطن بسيادة إسرائيل عليه، وتنازل عنه النظام السوري لقاء إبقاء بشار الأسد في السلطة، والخوف الأساسي لدى جنبلاط من ان يكون التوجه إلى التنازل عن مزارع شبعا أيضاً، او إبقائها ذريعة بيد النظام السوري وغير السوري.
يخوض وليد جنبلاط المواجهة وحيداً، وهي مواجهة كل لبناني وكل عربي. مشكلتهم معه، انه لم يدخل في الحسابات الضيقة، ولم يرض أن يبقى أسير طائفة او أسير حساباتهم وشروطهم. مشكلة وليد جنبلاط أنه يتعالى على الصغائر والشعبوية، ويرفض تكريس الصنمية والمذهبية. كما حمل وليد جنبلاط ذات يوم 14 آذار على كتفيه، يحمل اليوم قضية مزارع شبعا، وكشف فضائح المفاوضات السرية الدائرة، والتي تنذر بمؤامرة كبرى تتعرض لها المنطقة كلها تماماً كما كانت المؤامرة التي تعرض لها الشعب السوري، وواجه أفظع مجزرة بتاريخ البشرية على مرأى العالم وصمته. مشكلتهم مع وليد جنبلاط أنه لا يسكت أو يستكين، لا يخاف ولا يتوانى، وليس من طينة الذين يتراجعون أمام الضغوط والتهديد.
ربيع سرجون - الانباء - الاثنين 29 نيسان 2019
إرسال تعليق