من الطبيعي أن يثير تصنيف واشنطن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أجواء تساؤلية حول الاحتمالات المطروحة من كلا الجانبين. فنصر الله حدد بوضوح رؤية الحزب، وواشنطن قالت بوضوح أيضاً برنامجها المعلن تجاه إيران والمنطقة. وبين المعادلتين أين موقع السلطة وأجهزتها، وهل تتعاطى بجدية مع المرحلة المقبلة؟
تتقاطع معلومات رسميين وسياسيين حول موقع المواجهة المنتظرة. فقد سمع الأميركيون خلال الزيارات الديلوماسية المتعاقبة ردوداً واضحة، ليس من جانب السلطة الرسمية بكل مواقعها فحسب، بل أيضاً من حلفاء واشنطن، بأن لا أحد يمكنه أن يذهب الى الوقوف الى جانب واشنطن في سعيها الى تضييق الخناق على الحزب لأن أي عقوبات ستطاول لبنان كله وليس الحزب فقط. ومن الطبيعي ألا تغير واشنطن برنامجها التصعيدي على إيران والحزب لمجرد أن لبنان لن يكون في موقع المواجهة الى جانبها. جاء قرار تصنيف الحرس الثوري خطوة متقدمة على طريق المسار الذي تريد الإدارة الأميركية من خلاله تأكيد تصميمها على سياسة عزل إيران على طريق فرض الاشتباك المباشر أو الحوار. رغم أن نسبة ترجيح الحل التفاوضي مرتفعة، إلا أنه لا أحد يستبعد خيار المواجهة. لكن الاعتقاد أنها ستكون في سوريا، وليس في لبنان. فعدّة المواجهة مكتملة لدى الجانبين، وساحة سوريا حالياً أرض خصبة أكثر من لبنان، في ظل تداخل الدورين الروسي والإيراني أخيراً وتشابك مصالحهما. صحيح أن ثمة محاولة لصرف النظر عن دور روسيا في صفقة تسليم رفات الجندي الإسرائيلي الى تل أبيب والتنسيق المتنامي بينهما والذي سيتعزز بعد فوز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة، إلا أن ذلك لا يستوجب غض النظر أيضاً عن أن موسكو المستاءة من طهران، تمدّ يدها الى واشنطن في ملفات المنطقة. وهذا يعني أن الأفق مفتوح على كثير من الاحتمالات.
خطورة ما يحصل في مرحلة التجاذب الحاد والتصعيدي، يفترض في المبدأ أن يدفع لبنان الى الحفاظ على الاستقرار الداخلي، بعيداً عن هزة داخلية، في انتظار جلاء الصورة الإقليمية في الأشهر المقبلة. لكن المشهد الداخلي مغاير تماماً لأنه بات يحمل الكثير من الذبذبات التي تمس الاستقرار. فانفلاش المواضيع المالية والأمنية والقضائية، دفعة واحدة، تحت عناوين مختلفة، لا يساهم في تعزيز صورة البلد المستقر، ولو كانت الأسباب الموجبة محقّة مئة في المئة. فحملة مكافحة الفساد والهدر وقمع المخالفات على المستويات كافة وفي كل الوزارات المعنية، تعطي لبنان صورة جديدة وشفافة. لكن الأيام الأخيرة حملت تطورات لا ترى فيها مصادر رسمية إيجابيات. فالحملة المطلوبة تحولت إلى صراع بين الأجهزة القضائية والأمنية وباتت أطراف من كلا الموقعين تهاجم المواقع الأخرى. والمواجهة بين هذه الأجهزة وشن حملات متبادلة تساهم في تهشيم المؤسستين الضروريتين لتأمين الحصانة للبلد والنظام. صحيح أن خلفيات موضوعية يتذرع بها المعنيون كمحاربة الفساد ومعالجة الثغَر القائمة في المؤسستين، لكن كان يمكن حل هذه الإشكالات بعيداً عن تشهير بعضهما بالبعض الآخر، بما يخدم الغاية المرجوة، من دون تعريض القضاء والأمن للمساءلة وللحملات السياسية. ففي مرحلة التهدئة التي تعتمدها القوى كافة، وفي ظل تجانس المؤسسات تحت سقف السلطة السياسية، يبدو مستغرباً اللجوء الى إثارة الضجيج حول مواقع رسمية يفترض أن تكون محيّدة تماماً، ولو كانت تخوض معارك لوقف الهدر وملاحقة المرتكبين. وهذا كله ينعكس سلباً على السلطة، ويأتي في توقيت سيئ وملتبس، ولا سيما أن أي حركة من هذا النوع مرصودة بدقة على المستويات الدولية كافة، وخصوصاً على مستوى القضاء والأمن. حتى مالياً، كل الاعتراضات الوزارية التي سيقت في الآونة الأخيرة كان يمكن أن تعالج داخل البيت الواحد، رغم صحتها وأهميتها، وخصوصاً أن المعترضين على أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أصبحوا أكثر من ذي قبل، لكن المشكلة بحسب أحد السياسيين المعارضين لسلامة وأدائه، أن الطبقة الحاكمة هي التي مددت له وأبقته في الموقع نفسه لسنوات طويلة، حتى باتت أسيرة له، وتتعاطى معه على أنه لا يمكن استبداله وأن سياساته باتت الشر الذي لا بد منه. من دون أن يعني ذلك أن الكلام على الموضوع المالي في الأوساط الرسمية لن يكون من دون ارتدادات، ما يفترض التمييز بين كشف الحقائق إعلامياً، وشن سياسيين حملات لا تخدم نهج السلطة في مرحلة المواجهة مع واشنطن التي تضع لبنان تحت الرقابة المشددة في كل الملفات المالية والقضائية والأمنية، التي فتحت دفعة واحدة، ولا قدرة للسلطة الحالية على امتصاص صدماتها في وقت واحد.
تتقاطع معلومات رسميين وسياسيين حول موقع المواجهة المنتظرة. فقد سمع الأميركيون خلال الزيارات الديلوماسية المتعاقبة ردوداً واضحة، ليس من جانب السلطة الرسمية بكل مواقعها فحسب، بل أيضاً من حلفاء واشنطن، بأن لا أحد يمكنه أن يذهب الى الوقوف الى جانب واشنطن في سعيها الى تضييق الخناق على الحزب لأن أي عقوبات ستطاول لبنان كله وليس الحزب فقط. ومن الطبيعي ألا تغير واشنطن برنامجها التصعيدي على إيران والحزب لمجرد أن لبنان لن يكون في موقع المواجهة الى جانبها. جاء قرار تصنيف الحرس الثوري خطوة متقدمة على طريق المسار الذي تريد الإدارة الأميركية من خلاله تأكيد تصميمها على سياسة عزل إيران على طريق فرض الاشتباك المباشر أو الحوار. رغم أن نسبة ترجيح الحل التفاوضي مرتفعة، إلا أنه لا أحد يستبعد خيار المواجهة. لكن الاعتقاد أنها ستكون في سوريا، وليس في لبنان. فعدّة المواجهة مكتملة لدى الجانبين، وساحة سوريا حالياً أرض خصبة أكثر من لبنان، في ظل تداخل الدورين الروسي والإيراني أخيراً وتشابك مصالحهما. صحيح أن ثمة محاولة لصرف النظر عن دور روسيا في صفقة تسليم رفات الجندي الإسرائيلي الى تل أبيب والتنسيق المتنامي بينهما والذي سيتعزز بعد فوز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة، إلا أن ذلك لا يستوجب غض النظر أيضاً عن أن موسكو المستاءة من طهران، تمدّ يدها الى واشنطن في ملفات المنطقة. وهذا يعني أن الأفق مفتوح على كثير من الاحتمالات.
خطورة ما يحصل في مرحلة التجاذب الحاد والتصعيدي، يفترض في المبدأ أن يدفع لبنان الى الحفاظ على الاستقرار الداخلي، بعيداً عن هزة داخلية، في انتظار جلاء الصورة الإقليمية في الأشهر المقبلة. لكن المشهد الداخلي مغاير تماماً لأنه بات يحمل الكثير من الذبذبات التي تمس الاستقرار. فانفلاش المواضيع المالية والأمنية والقضائية، دفعة واحدة، تحت عناوين مختلفة، لا يساهم في تعزيز صورة البلد المستقر، ولو كانت الأسباب الموجبة محقّة مئة في المئة. فحملة مكافحة الفساد والهدر وقمع المخالفات على المستويات كافة وفي كل الوزارات المعنية، تعطي لبنان صورة جديدة وشفافة. لكن الأيام الأخيرة حملت تطورات لا ترى فيها مصادر رسمية إيجابيات. فالحملة المطلوبة تحولت إلى صراع بين الأجهزة القضائية والأمنية وباتت أطراف من كلا الموقعين تهاجم المواقع الأخرى. والمواجهة بين هذه الأجهزة وشن حملات متبادلة تساهم في تهشيم المؤسستين الضروريتين لتأمين الحصانة للبلد والنظام. صحيح أن خلفيات موضوعية يتذرع بها المعنيون كمحاربة الفساد ومعالجة الثغَر القائمة في المؤسستين، لكن كان يمكن حل هذه الإشكالات بعيداً عن تشهير بعضهما بالبعض الآخر، بما يخدم الغاية المرجوة، من دون تعريض القضاء والأمن للمساءلة وللحملات السياسية. ففي مرحلة التهدئة التي تعتمدها القوى كافة، وفي ظل تجانس المؤسسات تحت سقف السلطة السياسية، يبدو مستغرباً اللجوء الى إثارة الضجيج حول مواقع رسمية يفترض أن تكون محيّدة تماماً، ولو كانت تخوض معارك لوقف الهدر وملاحقة المرتكبين. وهذا كله ينعكس سلباً على السلطة، ويأتي في توقيت سيئ وملتبس، ولا سيما أن أي حركة من هذا النوع مرصودة بدقة على المستويات الدولية كافة، وخصوصاً على مستوى القضاء والأمن. حتى مالياً، كل الاعتراضات الوزارية التي سيقت في الآونة الأخيرة كان يمكن أن تعالج داخل البيت الواحد، رغم صحتها وأهميتها، وخصوصاً أن المعترضين على أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أصبحوا أكثر من ذي قبل، لكن المشكلة بحسب أحد السياسيين المعارضين لسلامة وأدائه، أن الطبقة الحاكمة هي التي مددت له وأبقته في الموقع نفسه لسنوات طويلة، حتى باتت أسيرة له، وتتعاطى معه على أنه لا يمكن استبداله وأن سياساته باتت الشر الذي لا بد منه. من دون أن يعني ذلك أن الكلام على الموضوع المالي في الأوساط الرسمية لن يكون من دون ارتدادات، ما يفترض التمييز بين كشف الحقائق إعلامياً، وشن سياسيين حملات لا تخدم نهج السلطة في مرحلة المواجهة مع واشنطن التي تضع لبنان تحت الرقابة المشددة في كل الملفات المالية والقضائية والأمنية، التي فتحت دفعة واحدة، ولا قدرة للسلطة الحالية على امتصاص صدماتها في وقت واحد.
هيام القصيفي - الاخبار 12 نيسان 2019
إرسال تعليق