تعيين حزبيين وعونيين ملتزمين في وزارات التيار الوطني الحر ليس صدفة، بل استراتيجية اعتمدها رئيس التيار الوطني الحر بالتوافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون، للإمساك بكافة الوزارات و«تسهيل مهمة محاسبة المسؤولين عنها في حال الفشل»، على ما يقول عونيون.
أثناء تسميته المرشحين في الانتخابات النيابية الأخيرة، كان واضحاً أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يجنح نحو المستقلين الذين يرى في رصيدهم إضافة على أصوات العونيين، على رغم أن غالبيتهم ينتمي إلى توجّهات سياسية مناقضة لتوجّهات الرئيس ميشال عون. هذه «الاستراتيجية» التي اعتمدت نسبياً في تعيين وزراء الحكومة السابقة، استبعدت كلياً في انتقاء وزراء ما يسمى بـ«حكومة العهد الأولى»، فلم يظهر أيّ من حلفاء التيار «المستقلين» (نعمة افرام، ميشال ضاهر، ميشال معوّض...) في مرسوم تأليف الحكومة. طغى الانتماء الحزبي والعوني على كل ما عداه، أكان ذلك في ما خص وزراء التيار الوطني الحر أو الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية.
تقول مصادر التيار إن «ما سبق ليس صدفة، بل خيار اتبعه باسيل للإمساك بوزرائه أولاً، ومحاسبتهم في حال لم يكونوا على قدر المتوقع، وهو ما يصعب فعله مع غير العونيين». وتضيف المصادر نفسها أن خطة العمل المعدة سلفاً «تتطلب حزماً وإنجازات سريعة ومتجانسة مع بعضها البعض، حيث يفرض الواقع أحياناً تعاون الوزارات، وهنا يكون التنسيق أسهل في ظل الانتماء الحزبي». اللافت هنا أن باسيل قطع الطريق هذه المرة على المستشارة الأولى لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، بعدم تسمية أيّ وزير مقرب منها في أيّ حقيبة. ما سبق لم يكن ليمر لولا موافقة ضمنية من الرئيس عون، في حين كانت ميراي قد نجحت في المرة السابقة بتعيين وزير الاقتصاد السابق رائد خوري. تبرر مصادر عونية الموضوع بالقول إن «كثرة الطباخين تفسد الطبخة، ولا يمكن لمن يرغب في إنجاح عمل الوزراء التلهي بخلافات داخلية على حساب الأولويات».
أما في ما خص الأسماء المُعيّنة، فقد اتُخِذت عدة اعتبارات خلال عملية الانتقاء، وهي كالآتي:
1- طوال فترة تشكيل الحكومة، بقيت أسماء ثلاثة قيد التداول لشغل وزارة العدل، من دون أن تحسم لمصلحة أحد: الوزير سليم جريصاتي، القاضي المتقاعد ألبرت سرحان والنائب إبراهيم كنعان. ساهم فيتو باسيل على عودة جريصاتي بتقليل حظوظه، من دون أن يلغيها كلياً، وهذا مع تمسك الرئيس عون به، فيما علت أسهم كنعان وسرحان. في النهاية، كان تمسك باسيل وعون باسمين مارونيين، هما ندى بستاني ومنصور بطيش، إضافة إلى باسيل نفسه، هو ما أسقط حظوظ كنعان نهائياً.
كان ذلك، أيضاً، وسط الحديث عن «صعوبة تجيير رئاسة لجنة المال النيابية لغير كنعان، الذي يعرف كل تفصيل فيها». إضافة إلى ما تقدّم، يُحكى في الكواليس العونية عن عدم رغبة باسيل بمنح كنعان فرصة لبناء زعامة داخل التيار (وهو ما تنفيه المصادر الرسمية في التيار)، فضلاً عن كون كنعان يمثّل حالة التفاهم مع القوات اللبنانية لا حالة الصراع الحالية. هكذا كانت الأرجحية للعضو السابق في مجلس شورى الدولة ألبرت سرحان الذي يحوز ثقة الرئيس عون. تقول مصادر بعبدا إن لدى سرحان عدة استحقاقات قريبة في وزارة العدل، بغية بدء الإصلاحات، لا سيما أن ثلاثة قضاة يخرجون قريباً إلى التقاعد وهم: رئيس مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري، رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان والنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود. تلك فرصة لبدء مسار إصلاحي في القضاء، على أن تُستتبع بتشكيلات قضائية. وتضيف المصادر أن «وضع رئيس التفتيش المركزي جورج عطية سيعالج أيضاً، لا سيما أنه خيّب أمل الرئيس عون بعدم إحكام قبضته على مكامن الفساد كما وعد». ربما يقود كل ما سبق إلى «الاستغناء عن خدمات رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد». خطوط «النفضة» الواسعة سيضعها الرئيس عون في المؤتمر القضائي الذي يعقده أواخر الشهر المقبل.
2- أوحت التطورات الأخيرة أن وزير الاقتصاد السابق رائد خوري باقٍ في وزارته، وذلك بعد «معركة مولدات الكهرباء» التي خاضها في الأشهر الماضية. وكان خوري يعد بالتفرغ منذ الأسبوع المقبل لمكافحة أعمال التهريب، غير أن المفاجأة أتت أول من أمس بإعلان المصرفي منصور بطيش وزيراً للاقتصاد. صحيح أن بطيش هو أحد المقربين من الرئيس عون وأحد مرشحيه السابقين لخلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأن في رصيده كتاباً يتحدّث عن ضرورة إصلاح النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة، لكن أيّاً من العونيين لا يعرف إن كان بطيش «موكلاً ترجمة أفكاره إلى واقع ملموس، في ظل تركيبة حكومية تضم الكثير من ممثلي الشركات المالية وكبار المودعين، وهي لن تسهل عليه القيام بهذا العمل».
تعيين حزبيين وعونيين ملتزمين في وزارات التيار الوطني الحر ليس صدفة، بل استراتيجية اعتمدها رئيس التيار الوطني الحر بالتوافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون، للإمساك بكافة الوزارات و«تسهيل مهمة محاسبة المسؤولين عنها في حال الفشل»، على ما يقول عونيون
أثناء تسميته المرشحين في الانتخابات النيابية الأخيرة، كان واضحاً أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يجنح نحو المستقلين الذين يرى في رصيدهم إضافة على أصوات العونيين، على رغم أن غالبيتهم ينتمي إلى توجّهات سياسية مناقضة لتوجّهات الرئيس ميشال عون. هذه «الاستراتيجية» التي اعتمدت نسبياً في تعيين وزراء الحكومة السابقة، استبعدت كلياً في انتقاء وزراء ما يسمى بـ«حكومة العهد الأولى»، فلم يظهر أيّ من حلفاء التيار «المستقلين» (نعمة افرام، ميشال ضاهر، ميشال معوّض...) في مرسوم تأليف الحكومة. طغى الانتماء الحزبي والعوني على كل ما عداه، أكان ذلك في ما خص وزراء التيار الوطني الحر أو الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية.
تقول مصادر التيار إن «ما سبق ليس صدفة، بل خيار اتبعه باسيل للإمساك بوزرائه أولاً، ومحاسبتهم في حال لم يكونوا على قدر المتوقع، وهو ما يصعب فعله مع غير العونيين». وتضيف المصادر نفسها أن خطة العمل المعدة سلفاً «تتطلب حزماً وإنجازات سريعة ومتجانسة مع بعضها البعض، حيث يفرض الواقع أحياناً تعاون الوزارات، وهنا يكون التنسيق أسهل في ظل الانتماء الحزبي». اللافت هنا أن باسيل قطع الطريق هذه المرة على المستشارة الأولى لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، بعدم تسمية أيّ وزير مقرب منها في أيّ حقيبة. ما سبق لم يكن ليمر لولا موافقة ضمنية من الرئيس عون، في حين كانت ميراي قد نجحت في المرة السابقة بتعيين وزير الاقتصاد السابق رائد خوري. تبرر مصادر عونية الموضوع بالقول إن «كثرة الطباخين تفسد الطبخة، ولا يمكن لمن يرغب في إنجاح عمل الوزراء التلهي بخلافات داخلية على حساب الأولويات».
أما في ما خص الأسماء المُعيّنة، فقد اتُخِذت عدة اعتبارات خلال عملية الانتقاء، وهي كالآتي:
1- طوال فترة تشكيل الحكومة، بقيت أسماء ثلاثة قيد التداول لشغل وزارة العدل، من دون أن تحسم لمصلحة أحد: الوزير سليم جريصاتي، القاضي المتقاعد ألبرت سرحان والنائب إبراهيم كنعان. ساهم فيتو باسيل على عودة جريصاتي بتقليل حظوظه، من دون أن يلغيها كلياً، وهذا مع تمسك الرئيس عون به، فيما علت أسهم كنعان وسرحان. في النهاية، كان تمسك باسيل وعون باسمين مارونيين، هما ندى بستاني ومنصور بطيش، إضافة إلى باسيل نفسه، هو ما أسقط حظوظ كنعان نهائياً.
كان ذلك، أيضاً، وسط الحديث عن «صعوبة تجيير رئاسة لجنة المال النيابية لغير كنعان، الذي يعرف كل تفصيل فيها». إضافة إلى ما تقدّم، يُحكى في الكواليس العونية عن عدم رغبة باسيل بمنح كنعان فرصة لبناء زعامة داخل التيار (وهو ما تنفيه المصادر الرسمية في التيار)، فضلاً عن كون كنعان يمثّل حالة التفاهم مع القوات اللبنانية لا حالة الصراع الحالية. هكذا كانت الأرجحية للعضو السابق في مجلس شورى الدولة ألبرت سرحان الذي يحوز ثقة الرئيس عون. تقول مصادر بعبدا إن لدى سرحان عدة استحقاقات قريبة في وزارة العدل، بغية بدء الإصلاحات، لا سيما أن ثلاثة قضاة يخرجون قريباً إلى التقاعد وهم: رئيس مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري، رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان والنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود. تلك فرصة لبدء مسار إصلاحي في القضاء، على أن تُستتبع بتشكيلات قضائية. وتضيف المصادر أن «وضع رئيس التفتيش المركزي جورج عطية سيعالج أيضاً، لا سيما أنه خيّب أمل الرئيس عون بعدم إحكام قبضته على مكامن الفساد كما وعد». ربما يقود كل ما سبق إلى «الاستغناء عن خدمات رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد». خطوط «النفضة» الواسعة سيضعها الرئيس عون في المؤتمر القضائي الذي يعقده أواخر الشهر المقبل.
2- أوحت التطورات الأخيرة أن وزير الاقتصاد السابق رائد خوري باقٍ في وزارته، وذلك بعد «معركة مولدات الكهرباء» التي خاضها في الأشهر الماضية. وكان خوري يعد بالتفرغ منذ الأسبوع المقبل لمكافحة أعمال التهريب، غير أن المفاجأة أتت أول من أمس بإعلان المصرفي منصور بطيش وزيراً للاقتصاد. صحيح أن بطيش هو أحد المقربين من الرئيس عون وأحد مرشحيه السابقين لخلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأن في رصيده كتاباً يتحدّث عن ضرورة إصلاح النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة، لكن أيّاً من العونيين لا يعرف إن كان بطيش «موكلاً ترجمة أفكاره إلى واقع ملموس، في ظل تركيبة حكومية تضم الكثير من ممثلي الشركات المالية وكبار المودعين، وهي لن تسهل عليه القيام بهذا العمل».
3 - كان محسوماً، منذ البداية، استبدال وزير الطاقة والمياه السابق سيزار أبي خليل بندى بستاني، والأخيرة متخصصة في كل ما يعنى بملف مؤسسة كهرباء لبنان ومعامل الإنتاج. لا يتعلق الأمر هنا بـ«فشل أبي خليل على المستوى الإعلامي، بل بتنفيذه دوره الذي تركز على الموضوع النفطي»، بحسب ما تقول مصادر التيار، مضيفة: «باسيل يريد أن يؤدي أبي خليل دوراً سياسياً سيظهر مستقبلاً». ولأن أولوية عمل التيار، في المرحلة المقبلة، سيتركز على الكهرباء، فإنّ بستاني «تتولى هذا الملف منذ العام 2010 في الوزارة، إلى جانب العمل الإداري المتمثل في شؤون الموظفين».
4- عند بدء التفاوض على توزيع الحقائب، وضع باسيل عينه على وزارة الزراعة. ظلت هذه الحقيبة تتأرجح بين الأحزاب، فيما حضر اسم الحزبي العوني الذي سيتسلمها في حال آلت للتيار فوراً: رئيس جمعية «الطاقة الوطنية اللبنانية» فادي جريصاتي، الذي كان يتابع ملف الزراعة مع باسيل. ولمّا تعذر الحصول على الوزارة المذكورة، أوكلت إليه وزارة البيئة. لذلك، لم يحل تمسك الرئيس عون بإبقاء وزير العدل السابق سليم جريصاتي بقربه دون تعيين الأول؛ ولو أنهما يحملان اسم العائلة نفسه وينحدران من قضاء زحلة.
5- فاجأ باسيل الشباب العونيين بتعيين أحدهم وزيراً للمهجرين، هو غسان عطالله من قضاء الشوف. كان عطالله يعمل منذ مدة على ملف المهجرين، وهو قدّم إلى التيار مشروعين في هذا السياق: واحد لإعادة المهجرين بشكل نهائي ومنحهم كامل مستحقاتهم، والآخر لإقفال الصندوق. يفترض بعطالله أن ينفذ هذين المشروعين بوقف مزاريب الهدر الكبيرة في هذه الوزارة سعياً وراء إنهاء الملف بشكل نهائي كي يتم إلغاء الوزارة من بعده.
يوم أمس، اجتمع المجلس السياسي في التيار الوطني الحر برئاسة باسيل وحضور كل الوزراء والنواب وأعضاء المكتب السياسي «لتحفيز المجتمعين على البدء بالعمل وتقديم اقتراحات خلال مهلة أسبوعين لما يعتزمون فعله داخل وزاراتهم». كان العنوان الرئيسي للاجتماع هو «الإنتاجية، على أن يحاسب الوزراء كل آخر شهر على ما أنجزوه أو لم ينجزوه خلال هذه الفترة»، على ما أكّد باسيل للمجتمعين.
تقول مصادر التيار إن «ما سبق ليس صدفة، بل خيار اتبعه باسيل للإمساك بوزرائه أولاً، ومحاسبتهم في حال لم يكونوا على قدر المتوقع، وهو ما يصعب فعله مع غير العونيين». وتضيف المصادر نفسها أن خطة العمل المعدة سلفاً «تتطلب حزماً وإنجازات سريعة ومتجانسة مع بعضها البعض، حيث يفرض الواقع أحياناً تعاون الوزارات، وهنا يكون التنسيق أسهل في ظل الانتماء الحزبي». اللافت هنا أن باسيل قطع الطريق هذه المرة على المستشارة الأولى لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، بعدم تسمية أيّ وزير مقرب منها في أيّ حقيبة. ما سبق لم يكن ليمر لولا موافقة ضمنية من الرئيس عون، في حين كانت ميراي قد نجحت في المرة السابقة بتعيين وزير الاقتصاد السابق رائد خوري. تبرر مصادر عونية الموضوع بالقول إن «كثرة الطباخين تفسد الطبخة، ولا يمكن لمن يرغب في إنجاح عمل الوزراء التلهي بخلافات داخلية على حساب الأولويات».
أما في ما خص الأسماء المُعيّنة، فقد اتُخِذت عدة اعتبارات خلال عملية الانتقاء، وهي كالآتي:
1- طوال فترة تشكيل الحكومة، بقيت أسماء ثلاثة قيد التداول لشغل وزارة العدل، من دون أن تحسم لمصلحة أحد: الوزير سليم جريصاتي، القاضي المتقاعد ألبرت سرحان والنائب إبراهيم كنعان. ساهم فيتو باسيل على عودة جريصاتي بتقليل حظوظه، من دون أن يلغيها كلياً، وهذا مع تمسك الرئيس عون به، فيما علت أسهم كنعان وسرحان. في النهاية، كان تمسك باسيل وعون باسمين مارونيين، هما ندى بستاني ومنصور بطيش، إضافة إلى باسيل نفسه، هو ما أسقط حظوظ كنعان نهائياً.
كان ذلك، أيضاً، وسط الحديث عن «صعوبة تجيير رئاسة لجنة المال النيابية لغير كنعان، الذي يعرف كل تفصيل فيها». إضافة إلى ما تقدّم، يُحكى في الكواليس العونية عن عدم رغبة باسيل بمنح كنعان فرصة لبناء زعامة داخل التيار (وهو ما تنفيه المصادر الرسمية في التيار)، فضلاً عن كون كنعان يمثّل حالة التفاهم مع القوات اللبنانية لا حالة الصراع الحالية. هكذا كانت الأرجحية للعضو السابق في مجلس شورى الدولة ألبرت سرحان الذي يحوز ثقة الرئيس عون. تقول مصادر بعبدا إن لدى سرحان عدة استحقاقات قريبة في وزارة العدل، بغية بدء الإصلاحات، لا سيما أن ثلاثة قضاة يخرجون قريباً إلى التقاعد وهم: رئيس مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري، رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان والنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود. تلك فرصة لبدء مسار إصلاحي في القضاء، على أن تُستتبع بتشكيلات قضائية. وتضيف المصادر أن «وضع رئيس التفتيش المركزي جورج عطية سيعالج أيضاً، لا سيما أنه خيّب أمل الرئيس عون بعدم إحكام قبضته على مكامن الفساد كما وعد». ربما يقود كل ما سبق إلى «الاستغناء عن خدمات رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد». خطوط «النفضة» الواسعة سيضعها الرئيس عون في المؤتمر القضائي الذي يعقده أواخر الشهر المقبل.
2- أوحت التطورات الأخيرة أن وزير الاقتصاد السابق رائد خوري باقٍ في وزارته، وذلك بعد «معركة مولدات الكهرباء» التي خاضها في الأشهر الماضية. وكان خوري يعد بالتفرغ منذ الأسبوع المقبل لمكافحة أعمال التهريب، غير أن المفاجأة أتت أول من أمس بإعلان المصرفي منصور بطيش وزيراً للاقتصاد. صحيح أن بطيش هو أحد المقربين من الرئيس عون وأحد مرشحيه السابقين لخلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأن في رصيده كتاباً يتحدّث عن ضرورة إصلاح النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة، لكن أيّاً من العونيين لا يعرف إن كان بطيش «موكلاً ترجمة أفكاره إلى واقع ملموس، في ظل تركيبة حكومية تضم الكثير من ممثلي الشركات المالية وكبار المودعين، وهي لن تسهل عليه القيام بهذا العمل».
تعيين حزبيين وعونيين ملتزمين في وزارات التيار الوطني الحر ليس صدفة، بل استراتيجية اعتمدها رئيس التيار الوطني الحر بالتوافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون، للإمساك بكافة الوزارات و«تسهيل مهمة محاسبة المسؤولين عنها في حال الفشل»، على ما يقول عونيون
أثناء تسميته المرشحين في الانتخابات النيابية الأخيرة، كان واضحاً أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يجنح نحو المستقلين الذين يرى في رصيدهم إضافة على أصوات العونيين، على رغم أن غالبيتهم ينتمي إلى توجّهات سياسية مناقضة لتوجّهات الرئيس ميشال عون. هذه «الاستراتيجية» التي اعتمدت نسبياً في تعيين وزراء الحكومة السابقة، استبعدت كلياً في انتقاء وزراء ما يسمى بـ«حكومة العهد الأولى»، فلم يظهر أيّ من حلفاء التيار «المستقلين» (نعمة افرام، ميشال ضاهر، ميشال معوّض...) في مرسوم تأليف الحكومة. طغى الانتماء الحزبي والعوني على كل ما عداه، أكان ذلك في ما خص وزراء التيار الوطني الحر أو الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية.
تقول مصادر التيار إن «ما سبق ليس صدفة، بل خيار اتبعه باسيل للإمساك بوزرائه أولاً، ومحاسبتهم في حال لم يكونوا على قدر المتوقع، وهو ما يصعب فعله مع غير العونيين». وتضيف المصادر نفسها أن خطة العمل المعدة سلفاً «تتطلب حزماً وإنجازات سريعة ومتجانسة مع بعضها البعض، حيث يفرض الواقع أحياناً تعاون الوزارات، وهنا يكون التنسيق أسهل في ظل الانتماء الحزبي». اللافت هنا أن باسيل قطع الطريق هذه المرة على المستشارة الأولى لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، بعدم تسمية أيّ وزير مقرب منها في أيّ حقيبة. ما سبق لم يكن ليمر لولا موافقة ضمنية من الرئيس عون، في حين كانت ميراي قد نجحت في المرة السابقة بتعيين وزير الاقتصاد السابق رائد خوري. تبرر مصادر عونية الموضوع بالقول إن «كثرة الطباخين تفسد الطبخة، ولا يمكن لمن يرغب في إنجاح عمل الوزراء التلهي بخلافات داخلية على حساب الأولويات».
أما في ما خص الأسماء المُعيّنة، فقد اتُخِذت عدة اعتبارات خلال عملية الانتقاء، وهي كالآتي:
1- طوال فترة تشكيل الحكومة، بقيت أسماء ثلاثة قيد التداول لشغل وزارة العدل، من دون أن تحسم لمصلحة أحد: الوزير سليم جريصاتي، القاضي المتقاعد ألبرت سرحان والنائب إبراهيم كنعان. ساهم فيتو باسيل على عودة جريصاتي بتقليل حظوظه، من دون أن يلغيها كلياً، وهذا مع تمسك الرئيس عون به، فيما علت أسهم كنعان وسرحان. في النهاية، كان تمسك باسيل وعون باسمين مارونيين، هما ندى بستاني ومنصور بطيش، إضافة إلى باسيل نفسه، هو ما أسقط حظوظ كنعان نهائياً.
كان ذلك، أيضاً، وسط الحديث عن «صعوبة تجيير رئاسة لجنة المال النيابية لغير كنعان، الذي يعرف كل تفصيل فيها». إضافة إلى ما تقدّم، يُحكى في الكواليس العونية عن عدم رغبة باسيل بمنح كنعان فرصة لبناء زعامة داخل التيار (وهو ما تنفيه المصادر الرسمية في التيار)، فضلاً عن كون كنعان يمثّل حالة التفاهم مع القوات اللبنانية لا حالة الصراع الحالية. هكذا كانت الأرجحية للعضو السابق في مجلس شورى الدولة ألبرت سرحان الذي يحوز ثقة الرئيس عون. تقول مصادر بعبدا إن لدى سرحان عدة استحقاقات قريبة في وزارة العدل، بغية بدء الإصلاحات، لا سيما أن ثلاثة قضاة يخرجون قريباً إلى التقاعد وهم: رئيس مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري، رئيس ديوان المحاسبة القاضي أحمد حمدان والنائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود. تلك فرصة لبدء مسار إصلاحي في القضاء، على أن تُستتبع بتشكيلات قضائية. وتضيف المصادر أن «وضع رئيس التفتيش المركزي جورج عطية سيعالج أيضاً، لا سيما أنه خيّب أمل الرئيس عون بعدم إحكام قبضته على مكامن الفساد كما وعد». ربما يقود كل ما سبق إلى «الاستغناء عن خدمات رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد». خطوط «النفضة» الواسعة سيضعها الرئيس عون في المؤتمر القضائي الذي يعقده أواخر الشهر المقبل.
2- أوحت التطورات الأخيرة أن وزير الاقتصاد السابق رائد خوري باقٍ في وزارته، وذلك بعد «معركة مولدات الكهرباء» التي خاضها في الأشهر الماضية. وكان خوري يعد بالتفرغ منذ الأسبوع المقبل لمكافحة أعمال التهريب، غير أن المفاجأة أتت أول من أمس بإعلان المصرفي منصور بطيش وزيراً للاقتصاد. صحيح أن بطيش هو أحد المقربين من الرئيس عون وأحد مرشحيه السابقين لخلافة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأن في رصيده كتاباً يتحدّث عن ضرورة إصلاح النظام الضريبي ليكون أكثر عدالة، لكن أيّاً من العونيين لا يعرف إن كان بطيش «موكلاً ترجمة أفكاره إلى واقع ملموس، في ظل تركيبة حكومية تضم الكثير من ممثلي الشركات المالية وكبار المودعين، وهي لن تسهل عليه القيام بهذا العمل».
3 - كان محسوماً، منذ البداية، استبدال وزير الطاقة والمياه السابق سيزار أبي خليل بندى بستاني، والأخيرة متخصصة في كل ما يعنى بملف مؤسسة كهرباء لبنان ومعامل الإنتاج. لا يتعلق الأمر هنا بـ«فشل أبي خليل على المستوى الإعلامي، بل بتنفيذه دوره الذي تركز على الموضوع النفطي»، بحسب ما تقول مصادر التيار، مضيفة: «باسيل يريد أن يؤدي أبي خليل دوراً سياسياً سيظهر مستقبلاً». ولأن أولوية عمل التيار، في المرحلة المقبلة، سيتركز على الكهرباء، فإنّ بستاني «تتولى هذا الملف منذ العام 2010 في الوزارة، إلى جانب العمل الإداري المتمثل في شؤون الموظفين».
4- عند بدء التفاوض على توزيع الحقائب، وضع باسيل عينه على وزارة الزراعة. ظلت هذه الحقيبة تتأرجح بين الأحزاب، فيما حضر اسم الحزبي العوني الذي سيتسلمها في حال آلت للتيار فوراً: رئيس جمعية «الطاقة الوطنية اللبنانية» فادي جريصاتي، الذي كان يتابع ملف الزراعة مع باسيل. ولمّا تعذر الحصول على الوزارة المذكورة، أوكلت إليه وزارة البيئة. لذلك، لم يحل تمسك الرئيس عون بإبقاء وزير العدل السابق سليم جريصاتي بقربه دون تعيين الأول؛ ولو أنهما يحملان اسم العائلة نفسه وينحدران من قضاء زحلة.
5- فاجأ باسيل الشباب العونيين بتعيين أحدهم وزيراً للمهجرين، هو غسان عطالله من قضاء الشوف. كان عطالله يعمل منذ مدة على ملف المهجرين، وهو قدّم إلى التيار مشروعين في هذا السياق: واحد لإعادة المهجرين بشكل نهائي ومنحهم كامل مستحقاتهم، والآخر لإقفال الصندوق. يفترض بعطالله أن ينفذ هذين المشروعين بوقف مزاريب الهدر الكبيرة في هذه الوزارة سعياً وراء إنهاء الملف بشكل نهائي كي يتم إلغاء الوزارة من بعده.
يوم أمس، اجتمع المجلس السياسي في التيار الوطني الحر برئاسة باسيل وحضور كل الوزراء والنواب وأعضاء المكتب السياسي «لتحفيز المجتمعين على البدء بالعمل وتقديم اقتراحات خلال مهلة أسبوعين لما يعتزمون فعله داخل وزاراتهم». كان العنوان الرئيسي للاجتماع هو «الإنتاجية، على أن يحاسب الوزراء كل آخر شهر على ما أنجزوه أو لم ينجزوه خلال هذه الفترة»، على ما أكّد باسيل للمجتمعين.
رلى ابراهيم - الاخبار - السبت 2 شباط 2019
إرسال تعليق