أرسى البابا فرنسيس سابقة تاريخية بحشده أمس أكبر تظاهرة احتفالية مسيحية على أرض الجزيرة العربية شارك فيها عشرات الآلاف المسيحيين وآلاف من المسلمين وديانات أخرى وكرست اعترافاً بالوجود المسيحي “المقيم” في منطقة الخليج، ومؤشراً إضافياً لسياسة التسامح التي تنتهجها دولة الامارات العربية المتحدة المسلمة حيال الديانات الأخرى.
ولعل القداس المهيب الذي تابعه الملايين حول العالم يشكل الخطوة الأولى على طريق تعزيز العيش المشترك الذي رسمت خريطته “وثيقة الأخوة الانسانية “التي وقعها الحبر الأعظم وشيخ الأزهر أحمد الطيب مساء الإثنين.
واكتسب اللقاء المؤثر والذي طال انتظاره بين البابا وأبناء رعيته في هذه المنطقة من العالم، دلالات لا تقل أهمية عن لقاءاته مع شيخ الأزهر ومجلس حكماء المسلمين ومؤتمر “الاخوة الانسانية”، غير أن الفرح الكبير الذي اجتاح مدينة زايد الرياضية لدى وصوله، أضفى على الحدث بعداً إنسانياً وعاطفياً إضافياً عكس الحب الكبير للبابا الارجنتيني المتواضع.
وشكلت ترنيمة “هللويا” التي صدحت عبر مكبرات الصوت وصور المسيح والحبر الاعظم، كما الصلبان التي وضعها رهبان وراهبات على صدورهم، مظهراً اضافياً للتنوع الذي يضفي على الامارات الغنية اقتصادياً، غنى روحياً وثقافياً.
وكان مستقبلو البابا من جنسيات مختلفة يتحدثون لغات مختلفة ويمارسون شعائر منوعة ويرتدون أزياء لا يشبه بعضها بعضاً. فيليبينيون وهنود وسوريون وأردنيون ولبنانيون ومصريون تعمل غالبيتهم في الامارات، سبقوه بساعات الى مدينة الشيخ زايد. وما أن أطلت سيارة “باباموبيل” من بعيد يرافقها سيراً حراس ببدلات سود ، حتى تحول الصرح الرياضي موجة صفراء من الاعلام الفاتيكانية التي خفقت عالياً، وكلما كان الموكب البابا يتقدم كانت الحماسة تزيد، وهتافات “Papa Francisco” و“Viva il Papa” و“We love You”، ترتفع أكثر. ورد “الضيف الكبير” على الاستقبال الحار مباركاً الحشود يميناً ويساراً، وتوقف موكبه عندما تقدم منه رجل يحمل طفلاً فباركه قبل أن يواصل الموكب جولته. ولم تهدأ “العاصفة” الا بعدما دخل البابا قاعدة لتبديل ملابسه ايذاناً ببدء القداس.
من مذبح أبيض يعلوه صليب عملاق وعليه تمثال أبيض للعذراء، بدا البابا الأرجنتيني المتحدّر من أصول ايطالية لأبوين هاجرا إلى الارجنتين، والذي يتعاطف كثيراً مع المغتربين والمهاجرين، متفهماً للحنين الذي يشعر به هؤلاء وحماستهم لرؤيته بينهم. قال لهم: “من المؤكّد أنه ليس سهلاً بالنسبة إليكم أن تعيشواً بعيدا من البيت وأن تشعروا ربما… بمستقبل غير أكيد. لكنّ الربّ… لا يترك” المؤمنين به.
وأمام هذه الفسيفساء البشرية، أَضاف: “أنتم جوقة تتضمّن تنوّع جنسيّات ولغات وطقوس، تنوّعاً يحبّه الروح القدس ويريد على الدوام أن ينسّقه ليصنع منه سمفونية”. ولم ينس شكرهم على إيمانهم، قائلاً: “جئت أيضاً كي أشكركم على طريقة عيشكم للإنجيل الذي سمعناه. يُقال إنه بين الإنجيل المكتوب والإنجيل المعيش نجد الفرق عينه بين الموسيقى المكتوبة والموسيقى المعزوفة. أنتم هنا تعزفون لحن الإنجيل وتعيشون حماسة نغمته”.
ودليلاً على التنوع الكبير بين الجالية الكاثوليكية في الخليج، تليت صلوات بلغات عدة، بينها الكونكاني الهندية والتاغالوغ الفيليبينية والفرنسية والإنكليزية.
وكان المنظمون أعلنوا قبل القدّاس ان عدد التذاكر التي بيعت لحضور القداس يبلغ 135 ألفاً. وصرح الناطق باسم الفاتيكان أليساندرو جيزوتي بأن 180 الفاً كانوا هناك. وأفادت مصادر كنسية أن بين الحاضرين، نحو أربعة آلاف مسلم أتوا لمشاهدة البابا. وكان بينهم محجبات كثيرات.
وظهرت في أيدي الحشود بعض أعلام الدول التي يتحدرون منها، كالعلمين اللبناني والأردني، الا أن علمي الفاتيكان والامارات كانا الحاضرين الأكبرين. وقال براديش، الهندي الذي يعمل في الامارات والذي حمل لافتة كتب فيها بالانكليزية “شكراً الامارات”: “أحب بلدي، لكنني مقيم في الامارات وهذا بلدي أيضاً”.
وقالت ساهمارا، الفيليبينية التي جاءت مع مواطناتها من البحرين لحضور القداس: “لن أنسى هذا اليوم في حياتي”. عند الظهر، انتهى القداس وظهر البابا عبر شاشات عملاقة يترك المذبح وهو ينظر الى الحشود الى يساره حتى لحظة دخوله خلف عازل، وكأنه لم يشأ للقاء أن ينتهي. وقرابة الساعة الأولى بعد الظهر، غادر أبو ظبي على متن طائرة تابعة لشركة الاتحاد الاماراتية. ومع أن الزيارة لم تكن طويلة، إلا أن المحرمات التي كسرتها والسوابق التي أرستها سيكون لها صدى كبير في المنطقة. أما نداءاته التي وجهها الى الزعماء الدينيين للعمل معاً من أجل رفض “القساوة البائسة” للحرب ومقاومة “منطق القوة المسلحة وتشييد الجدران” فستكون برسم الزعماء الدينيين والسياسيين على السواء للعمل معاً من أجل تحقيق التعايش وتحويل الاختلاف الديني في المنطقة غنى وثراء بعدما كان لعقود سبباً للحروب والاقتتال.
ولعل القداس المهيب الذي تابعه الملايين حول العالم يشكل الخطوة الأولى على طريق تعزيز العيش المشترك الذي رسمت خريطته “وثيقة الأخوة الانسانية “التي وقعها الحبر الأعظم وشيخ الأزهر أحمد الطيب مساء الإثنين.
واكتسب اللقاء المؤثر والذي طال انتظاره بين البابا وأبناء رعيته في هذه المنطقة من العالم، دلالات لا تقل أهمية عن لقاءاته مع شيخ الأزهر ومجلس حكماء المسلمين ومؤتمر “الاخوة الانسانية”، غير أن الفرح الكبير الذي اجتاح مدينة زايد الرياضية لدى وصوله، أضفى على الحدث بعداً إنسانياً وعاطفياً إضافياً عكس الحب الكبير للبابا الارجنتيني المتواضع.
وشكلت ترنيمة “هللويا” التي صدحت عبر مكبرات الصوت وصور المسيح والحبر الاعظم، كما الصلبان التي وضعها رهبان وراهبات على صدورهم، مظهراً اضافياً للتنوع الذي يضفي على الامارات الغنية اقتصادياً، غنى روحياً وثقافياً.
وكان مستقبلو البابا من جنسيات مختلفة يتحدثون لغات مختلفة ويمارسون شعائر منوعة ويرتدون أزياء لا يشبه بعضها بعضاً. فيليبينيون وهنود وسوريون وأردنيون ولبنانيون ومصريون تعمل غالبيتهم في الامارات، سبقوه بساعات الى مدينة الشيخ زايد. وما أن أطلت سيارة “باباموبيل” من بعيد يرافقها سيراً حراس ببدلات سود ، حتى تحول الصرح الرياضي موجة صفراء من الاعلام الفاتيكانية التي خفقت عالياً، وكلما كان الموكب البابا يتقدم كانت الحماسة تزيد، وهتافات “Papa Francisco” و“Viva il Papa” و“We love You”، ترتفع أكثر. ورد “الضيف الكبير” على الاستقبال الحار مباركاً الحشود يميناً ويساراً، وتوقف موكبه عندما تقدم منه رجل يحمل طفلاً فباركه قبل أن يواصل الموكب جولته. ولم تهدأ “العاصفة” الا بعدما دخل البابا قاعدة لتبديل ملابسه ايذاناً ببدء القداس.
من مذبح أبيض يعلوه صليب عملاق وعليه تمثال أبيض للعذراء، بدا البابا الأرجنتيني المتحدّر من أصول ايطالية لأبوين هاجرا إلى الارجنتين، والذي يتعاطف كثيراً مع المغتربين والمهاجرين، متفهماً للحنين الذي يشعر به هؤلاء وحماستهم لرؤيته بينهم. قال لهم: “من المؤكّد أنه ليس سهلاً بالنسبة إليكم أن تعيشواً بعيدا من البيت وأن تشعروا ربما… بمستقبل غير أكيد. لكنّ الربّ… لا يترك” المؤمنين به.
وأمام هذه الفسيفساء البشرية، أَضاف: “أنتم جوقة تتضمّن تنوّع جنسيّات ولغات وطقوس، تنوّعاً يحبّه الروح القدس ويريد على الدوام أن ينسّقه ليصنع منه سمفونية”. ولم ينس شكرهم على إيمانهم، قائلاً: “جئت أيضاً كي أشكركم على طريقة عيشكم للإنجيل الذي سمعناه. يُقال إنه بين الإنجيل المكتوب والإنجيل المعيش نجد الفرق عينه بين الموسيقى المكتوبة والموسيقى المعزوفة. أنتم هنا تعزفون لحن الإنجيل وتعيشون حماسة نغمته”.
ودليلاً على التنوع الكبير بين الجالية الكاثوليكية في الخليج، تليت صلوات بلغات عدة، بينها الكونكاني الهندية والتاغالوغ الفيليبينية والفرنسية والإنكليزية.
وكان المنظمون أعلنوا قبل القدّاس ان عدد التذاكر التي بيعت لحضور القداس يبلغ 135 ألفاً. وصرح الناطق باسم الفاتيكان أليساندرو جيزوتي بأن 180 الفاً كانوا هناك. وأفادت مصادر كنسية أن بين الحاضرين، نحو أربعة آلاف مسلم أتوا لمشاهدة البابا. وكان بينهم محجبات كثيرات.
وظهرت في أيدي الحشود بعض أعلام الدول التي يتحدرون منها، كالعلمين اللبناني والأردني، الا أن علمي الفاتيكان والامارات كانا الحاضرين الأكبرين. وقال براديش، الهندي الذي يعمل في الامارات والذي حمل لافتة كتب فيها بالانكليزية “شكراً الامارات”: “أحب بلدي، لكنني مقيم في الامارات وهذا بلدي أيضاً”.
وقالت ساهمارا، الفيليبينية التي جاءت مع مواطناتها من البحرين لحضور القداس: “لن أنسى هذا اليوم في حياتي”. عند الظهر، انتهى القداس وظهر البابا عبر شاشات عملاقة يترك المذبح وهو ينظر الى الحشود الى يساره حتى لحظة دخوله خلف عازل، وكأنه لم يشأ للقاء أن ينتهي. وقرابة الساعة الأولى بعد الظهر، غادر أبو ظبي على متن طائرة تابعة لشركة الاتحاد الاماراتية. ومع أن الزيارة لم تكن طويلة، إلا أن المحرمات التي كسرتها والسوابق التي أرستها سيكون لها صدى كبير في المنطقة. أما نداءاته التي وجهها الى الزعماء الدينيين للعمل معاً من أجل رفض “القساوة البائسة” للحرب ومقاومة “منطق القوة المسلحة وتشييد الجدران” فستكون برسم الزعماء الدينيين والسياسيين على السواء للعمل معاً من أجل تحقيق التعايش وتحويل الاختلاف الديني في المنطقة غنى وثراء بعدما كان لعقود سبباً للحروب والاقتتال.
موناليزا فريحة - النهار - الاربعاء 6 شباط 2019
إرسال تعليق