الدولة، بأمّها وأبيها ما خلا استثناءات ضئيلة، على شاكلة عبثية مستنقع الضبية.
تكمن العبثية في أن الكارثة - الفضيحة تتكرر كل عام في تلك المنطقة (غير النائية والبعيدة عن بيروت 12 كيلومترا لا أكثر)، فيما وزارة الأشغال العامة عاجزة سوى عن توصيف مسبّب الكارثة! تُتّهم الأحوال المناخية، لا مَن قرّر المليارات على البنى التحتية الواهية، ومَن صرفها ومن نفّذها وتواطأ في إفسادها، ومن هو مخوّل مراقبة كل ذلك.
تُتّهم تلك الأحوال لا مَن قرّر أن تكون وزارة - نواة كتلك ترضيةً أو بدلا من ضائع في سياق نظام الحصص البالي، وأن تبقى ترضيةً في الحكومة المعلّقة، فيما تغيب نتفُ استراتيجيات مواكِبة لما ستكون عليه منح سيدر وقروضه على سبيل المثال، واجتماعات المؤتمر الباريسي تحفل بقصص من غاب عنه مع أن واجبه يفترض به أن يأتي لو بخطة ورقية واحدة في موازاة المشاريع الكبرى المطروحة.
أما عبثية الدولة فلا افتضاح لها اكثر، بل أفظع من اللَوْك السياسي - الحزبي الذي ينتهك، قصدا وعن سابق تصوّر وتصميم، التشكيل الحكومي المترنّح.
حسابات الحكومة، في مكان ما، تشبه تماما حسابات الوزارة - الترضية. عطاءات وزارية قائمة على مبدأ مكافأة أو تعويض أو حتى زكزكة، توزّع لأفرقاء بعضهم لا يزن وزن ريشة، وبعضهم الآخر منخرط أصلا في تكتلات موازية. مع ذلك لم يُحجَب جهد لإيجاد مخرج يرضي المكافئ ويُخرج الحكومة من عنق الزجاجة، مخرج كاد ان يحقق الغاية منه لولا ذلك الثلث.
جوهر التعطيل الحكومي أن ثمة فريقا - ليس حزب الله، أو هكذا يقول مسؤولو الحزب - يتحيّن كل فرصة لمنع حصول تكتل العهد على الثلث الضامن، ولن يعدم أي مناسبة، حتى لو تأبّد الفراغ، لتحقيق هذه الغاية التي في رأيه ترتبط ارتباطا وثيقا بالمسار الرئاسي.
في ذهن هذا الفريق أن تعطيل الثلث الضامن يسهم في قطع السبيل الرئاسي على جبران باسيل الذي ما فتئ يستغرب هذا المنطق، مكررا أن ما يحصل على هذا المستوى هو من قبيل «التناطح السياسي الأبعد من تأليف الحكومة، وهو ليس مرتبطا بالنسبة الينا بالاستحقاق الرئاسي لأن عندنا رئيس جمهورية نفتخر به وهو استثنائي ولن يتكرر. اما اذا كان للآخرين مشروع يريدون رميه على غيرهم فحق لهم ان يفكروا كذلك من دون رمي الأمر على الآخرين».
تأكيد باسيل هذا جاء في سياق إفتعال نقاش، غير أخلاقي، عن الوراثة المبكرة لميشال عون، وهو النقاش الذي بدأته جهات سياسية وإعلامية في العام الأول لولاية الرجل، وتستمر به منذ ذلك الحين، تلميحا وتورية بدءا، ليتحوّل تدريجاً في الآونة الأخيرة الى كلام مباشر، من نوع أن صحة الرئيس لن تتيح له إكمال عهده!
في الأصل، يعمد خصوم باسيل الى ربط كل حراك يقوم به داخليا وخارجيا برغبته في التمهيد لهذه الخلافة. للمسألة بُعْد غيبيّ يتجاوز قواعد السُّلوك المقرَّرة في المجتمع والأدبيات والأخلاقيات السياسية والإنسانية، أظهر القائمون عليها أن لا قعر لهم في التسويق لها، حتى لو أتى الكلام على شاكلة الضرب بالرمل وقراءة الطالع وإدعاء معرفة ما في الغيب أو ما عند الباري!
في منطق هؤلاء، أن ثمة من يتيقّن حتفه، يوما وساعة، ويهيئ لخليفة كي يرثه!
مجمل هذا الواقع بات أمرا مُدركا ديبلوماسيا، وعلى وجه التحديد في الوسط المسيحي الذي ما عاد يهضم إتهام العهد بتعطيل نفسه. بذلك لم يعد في استطاعة المعطِّل الاستمرار في مساره من غير ثمن. والثمن هنا سياسي قبل كل شيء، تماما كما الثمن المفترض أن يدفعه القائم على فضيحة مستنقع الضبية.
تُتّهم تلك الأحوال لا مَن قرّر أن تكون وزارة - نواة كتلك ترضيةً أو بدلا من ضائع في سياق نظام الحصص البالي، وأن تبقى ترضيةً في الحكومة المعلّقة، فيما تغيب نتفُ استراتيجيات مواكِبة لما ستكون عليه منح سيدر وقروضه على سبيل المثال، واجتماعات المؤتمر الباريسي تحفل بقصص من غاب عنه مع أن واجبه يفترض به أن يأتي لو بخطة ورقية واحدة في موازاة المشاريع الكبرى المطروحة.
أما عبثية الدولة فلا افتضاح لها اكثر، بل أفظع من اللَوْك السياسي - الحزبي الذي ينتهك، قصدا وعن سابق تصوّر وتصميم، التشكيل الحكومي المترنّح.
حسابات الحكومة، في مكان ما، تشبه تماما حسابات الوزارة - الترضية. عطاءات وزارية قائمة على مبدأ مكافأة أو تعويض أو حتى زكزكة، توزّع لأفرقاء بعضهم لا يزن وزن ريشة، وبعضهم الآخر منخرط أصلا في تكتلات موازية. مع ذلك لم يُحجَب جهد لإيجاد مخرج يرضي المكافئ ويُخرج الحكومة من عنق الزجاجة، مخرج كاد ان يحقق الغاية منه لولا ذلك الثلث.
جوهر التعطيل الحكومي أن ثمة فريقا - ليس حزب الله، أو هكذا يقول مسؤولو الحزب - يتحيّن كل فرصة لمنع حصول تكتل العهد على الثلث الضامن، ولن يعدم أي مناسبة، حتى لو تأبّد الفراغ، لتحقيق هذه الغاية التي في رأيه ترتبط ارتباطا وثيقا بالمسار الرئاسي.
في ذهن هذا الفريق أن تعطيل الثلث الضامن يسهم في قطع السبيل الرئاسي على جبران باسيل الذي ما فتئ يستغرب هذا المنطق، مكررا أن ما يحصل على هذا المستوى هو من قبيل «التناطح السياسي الأبعد من تأليف الحكومة، وهو ليس مرتبطا بالنسبة الينا بالاستحقاق الرئاسي لأن عندنا رئيس جمهورية نفتخر به وهو استثنائي ولن يتكرر. اما اذا كان للآخرين مشروع يريدون رميه على غيرهم فحق لهم ان يفكروا كذلك من دون رمي الأمر على الآخرين».
تأكيد باسيل هذا جاء في سياق إفتعال نقاش، غير أخلاقي، عن الوراثة المبكرة لميشال عون، وهو النقاش الذي بدأته جهات سياسية وإعلامية في العام الأول لولاية الرجل، وتستمر به منذ ذلك الحين، تلميحا وتورية بدءا، ليتحوّل تدريجاً في الآونة الأخيرة الى كلام مباشر، من نوع أن صحة الرئيس لن تتيح له إكمال عهده!
في الأصل، يعمد خصوم باسيل الى ربط كل حراك يقوم به داخليا وخارجيا برغبته في التمهيد لهذه الخلافة. للمسألة بُعْد غيبيّ يتجاوز قواعد السُّلوك المقرَّرة في المجتمع والأدبيات والأخلاقيات السياسية والإنسانية، أظهر القائمون عليها أن لا قعر لهم في التسويق لها، حتى لو أتى الكلام على شاكلة الضرب بالرمل وقراءة الطالع وإدعاء معرفة ما في الغيب أو ما عند الباري!
في منطق هؤلاء، أن ثمة من يتيقّن حتفه، يوما وساعة، ويهيئ لخليفة كي يرثه!
مجمل هذا الواقع بات أمرا مُدركا ديبلوماسيا، وعلى وجه التحديد في الوسط المسيحي الذي ما عاد يهضم إتهام العهد بتعطيل نفسه. بذلك لم يعد في استطاعة المعطِّل الاستمرار في مساره من غير ثمن. والثمن هنا سياسي قبل كل شيء، تماما كما الثمن المفترض أن يدفعه القائم على فضيحة مستنقع الضبية.
أنطوان الأسمر - "اللواء" - 12 كانون الثاني 2019
إرسال تعليق