يَمضي لبنان في «حربٍ باردة» عنوانُها معاودةُ تشكيل السلطة وتَوازُناتها السياسية وخياراتِها الكبرى عبر حكومةٍ جديدة لم تَرَ النور رغم مرور أكثر من 100 يوم على تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليفها، وبتفويض 111 نائباً من أصل 128 من أعضاء البرلمان الجديد الذي انتُخب في 7 مايو الماضي.
وثمة مَن يربط في بيروت هذه «الحرب الباردة» ومآلاتها بحروبٍ موازية أكثر ضجيجاً في المنطقة التي يشكّل لبنان إحدى ساحاتها الخلْفية، كالحرب بـ«كل أنواع الأسلحة» في سورية وعليها، وخصوصاً مع العدّ التنازُلي لمعركة إدلب، والحرب الناعمة ضدّ إيران ونفوذها وأذرعها، ولا سيما في ضوء العقوبات الأميركية المتدحْرجة ضدّ طهران والمرشّحة لأن تصبح أكثر قسوة في نوفمبر المقبل.
ورغم أن لبنان لم يكن يوماً خارج لعبة «الأوعية المتّصلة» بين أزماته وبين صراع اللاعبين الإقليميين والدوليين في المنطقة، فإن الحضور الخارجي في مأزقه السياسي - الدستوري الذي يحتجز الآن تشكيل الحكومة الجديدة، بدا جلياً وبـ«الصوت والصورة» مع الإعلان المبكّر للجنرال الإيراني قاسم سليماني «الانتصار» بحصْدِ 74 نائباً في البرلمان الجديد والدعوة لتشكيل «حكومة مقاومة».
ويحلو لحلفاء إيران في بيروت، كـ«حزب الله» وسواه، اتّهام السعودية بممارسةِ ضغوط تُعَرْقِل تشكيل الحكومة، وسط انطباعٍ بأن أمر عملياتِ سليماني استدْرَج تَشدُّداً يعبّر عنه حلفاء الرياض، الأمر الذي أضاف الى التعقيدات الداخلية التقليدية في مقاربةِ استحقاقاتٍ من هذا النوع أبعاداً خارجية لا يمكن التقليل من وطأتها.
ولم يَعُدْ سرّاً أن الرئيس ميشال عون وفريقه أَكْثرا قبل مدّة من الغمْز من قناة الرياض، في معرض كلامه عن المسؤوليات في تأخُّر تشكيل الحكومة، قبل أن يحدّد مطلع الشهر الجاري مهلةً افتراضية للحريري لتقديم تشكيلته وسط الترويج لخياراتٍ قد يُقْدِم عليها لحشْره ووضْعه أمام خياريْن: إما إنجاز مهمّته وإما الاعتذار.
ورغم أن الحريري، الذي أَطْلَقَ حركةَ مشاوراتٍ ماراثونية الأسبوع الماضي، بدا حازماً في تَمسُّكه بمعادلةٍ من حدّيْن: لا مهل دستورية تقيّد مهمّته، والعمل على إقناع الجميع بتقديم تنازلاتٍ متبادلة، فإنه سيكون عرضةً لمزيد من الضغوط من تَحالُف عون و«حزب الله»، الذي يرى في حركة الرئيس المكلّف مجرّد مناورةٍ لكسْب الوقت بانتظارِ مآل معركة ادلب وما ستفضي إليه العقوبات على إيران.
واللافت ان الحريري نَجَحَ عبر الجولة الأخيرة من مشاوراته في التقدّم خطوةً الى الأمام عبر حلْحلة العقدتيْن الأهمّ. فحزب «القوات اللبنانية» خفّض من مستوى مطالبه، وكذلك الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أبدى انفتاحاً على حلٍّ وسط، وهي المَخارج التي لا بدّ من استكمالها مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لإحداثِ خرْقٍ فعلي يتيح تقديم تشكيلةٍ لرئيس الجمهورية.
واستبقتْ أوساطٌ بارزة في تحالف «8 مارس» اللقاءَ المرتقب بين الحريري وباسيل بالإيحاء أن ما حُكي عن تسهيلاتٍ قدّمتْها «القوات» و«الاشتراكي» للرئيس المكلّف غير كافية وتضمر المزيد من المماطلةِ استجابةً لإرادةٍ خارجية تريد تعليق الحكومة بانتظار ما يشاع تارةً عن ضربة أميركية لسورية اقتصاصاً من المعركة في إدلب، وتارة أخرى عن التهاوي المرتقَب للنظام الإيراني تحت وطأة العقوبات.
وقالت الأوساط لـ«الراي» إن عون لن يقف مكتوفاً إزاء ما يعتبره أخطاراً تحوط بالبلاد جراء ترْكها بلا حكومة ولحساباتٍ تتّصل بالخارج، وتالياً فإنه يتحضّر لخطواتٍ سيُفرِج عنها في الوقت المناسب لوضع حدٍّ لاستنكاف الحريري عن تشكيل الحكومة، وهو - أي عون - يبحث عن أبواب دستورية تمكّنه من وضْع حدّ لما يراه مماطلةً قي لحظةِ بلوغ التحدي الاقتصادي - المالي مستوياتٍ مُقْلِقة.
وكشفتْ الأوساط أن عون قد يلجأ الى ما يشبه المشاورات مع الكتل البرلمانية التي يُرجَّح ان يعيد بعضها النظر في الموقف من تكليف الحريري تشكيل الحكومة، مشيرة الى «اننا نريد الحريري أن يشكّل وأن يكون برمزيّته الإقليمية والدولية في الحُكم، ولكنه لا يريد الإقدام ويكتفي بحركةٍ استعراضية لشراء وقتٍ لا طائل منه ولن يغيّر في الواقع شيئاً».
ورغم أن أي اتجاهٍ من هذا النوع قد يسلكه عون مدعوماً من «حزب الله» من شأنه فتْح البلاد أمام صراعٍ سياسي - طائفي سيكون عنوانه «الانقلاب على الطائف»، فإن الأوساط البارزة في «8 مارس» ترى أن ما بعد معركة ادلب لن يكون كما قبلها وخصوصاً في حال اقتصرتْ الضربة الأميركية التي يريدها دونالد ترامب لاعتباراتٍ داخلية، على طابعٍ مدوْزن يشبه الضربة الأخيرة الأميركية - البريطانية - الفرنسية.
وثمة مَن يربط في بيروت هذه «الحرب الباردة» ومآلاتها بحروبٍ موازية أكثر ضجيجاً في المنطقة التي يشكّل لبنان إحدى ساحاتها الخلْفية، كالحرب بـ«كل أنواع الأسلحة» في سورية وعليها، وخصوصاً مع العدّ التنازُلي لمعركة إدلب، والحرب الناعمة ضدّ إيران ونفوذها وأذرعها، ولا سيما في ضوء العقوبات الأميركية المتدحْرجة ضدّ طهران والمرشّحة لأن تصبح أكثر قسوة في نوفمبر المقبل.
ورغم أن لبنان لم يكن يوماً خارج لعبة «الأوعية المتّصلة» بين أزماته وبين صراع اللاعبين الإقليميين والدوليين في المنطقة، فإن الحضور الخارجي في مأزقه السياسي - الدستوري الذي يحتجز الآن تشكيل الحكومة الجديدة، بدا جلياً وبـ«الصوت والصورة» مع الإعلان المبكّر للجنرال الإيراني قاسم سليماني «الانتصار» بحصْدِ 74 نائباً في البرلمان الجديد والدعوة لتشكيل «حكومة مقاومة».
ويحلو لحلفاء إيران في بيروت، كـ«حزب الله» وسواه، اتّهام السعودية بممارسةِ ضغوط تُعَرْقِل تشكيل الحكومة، وسط انطباعٍ بأن أمر عملياتِ سليماني استدْرَج تَشدُّداً يعبّر عنه حلفاء الرياض، الأمر الذي أضاف الى التعقيدات الداخلية التقليدية في مقاربةِ استحقاقاتٍ من هذا النوع أبعاداً خارجية لا يمكن التقليل من وطأتها.
ولم يَعُدْ سرّاً أن الرئيس ميشال عون وفريقه أَكْثرا قبل مدّة من الغمْز من قناة الرياض، في معرض كلامه عن المسؤوليات في تأخُّر تشكيل الحكومة، قبل أن يحدّد مطلع الشهر الجاري مهلةً افتراضية للحريري لتقديم تشكيلته وسط الترويج لخياراتٍ قد يُقْدِم عليها لحشْره ووضْعه أمام خياريْن: إما إنجاز مهمّته وإما الاعتذار.
ورغم أن الحريري، الذي أَطْلَقَ حركةَ مشاوراتٍ ماراثونية الأسبوع الماضي، بدا حازماً في تَمسُّكه بمعادلةٍ من حدّيْن: لا مهل دستورية تقيّد مهمّته، والعمل على إقناع الجميع بتقديم تنازلاتٍ متبادلة، فإنه سيكون عرضةً لمزيد من الضغوط من تَحالُف عون و«حزب الله»، الذي يرى في حركة الرئيس المكلّف مجرّد مناورةٍ لكسْب الوقت بانتظارِ مآل معركة ادلب وما ستفضي إليه العقوبات على إيران.
واللافت ان الحريري نَجَحَ عبر الجولة الأخيرة من مشاوراته في التقدّم خطوةً الى الأمام عبر حلْحلة العقدتيْن الأهمّ. فحزب «القوات اللبنانية» خفّض من مستوى مطالبه، وكذلك الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أبدى انفتاحاً على حلٍّ وسط، وهي المَخارج التي لا بدّ من استكمالها مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لإحداثِ خرْقٍ فعلي يتيح تقديم تشكيلةٍ لرئيس الجمهورية.
واستبقتْ أوساطٌ بارزة في تحالف «8 مارس» اللقاءَ المرتقب بين الحريري وباسيل بالإيحاء أن ما حُكي عن تسهيلاتٍ قدّمتْها «القوات» و«الاشتراكي» للرئيس المكلّف غير كافية وتضمر المزيد من المماطلةِ استجابةً لإرادةٍ خارجية تريد تعليق الحكومة بانتظار ما يشاع تارةً عن ضربة أميركية لسورية اقتصاصاً من المعركة في إدلب، وتارة أخرى عن التهاوي المرتقَب للنظام الإيراني تحت وطأة العقوبات.
وقالت الأوساط لـ«الراي» إن عون لن يقف مكتوفاً إزاء ما يعتبره أخطاراً تحوط بالبلاد جراء ترْكها بلا حكومة ولحساباتٍ تتّصل بالخارج، وتالياً فإنه يتحضّر لخطواتٍ سيُفرِج عنها في الوقت المناسب لوضع حدٍّ لاستنكاف الحريري عن تشكيل الحكومة، وهو - أي عون - يبحث عن أبواب دستورية تمكّنه من وضْع حدّ لما يراه مماطلةً قي لحظةِ بلوغ التحدي الاقتصادي - المالي مستوياتٍ مُقْلِقة.
وكشفتْ الأوساط أن عون قد يلجأ الى ما يشبه المشاورات مع الكتل البرلمانية التي يُرجَّح ان يعيد بعضها النظر في الموقف من تكليف الحريري تشكيل الحكومة، مشيرة الى «اننا نريد الحريري أن يشكّل وأن يكون برمزيّته الإقليمية والدولية في الحُكم، ولكنه لا يريد الإقدام ويكتفي بحركةٍ استعراضية لشراء وقتٍ لا طائل منه ولن يغيّر في الواقع شيئاً».
ورغم أن أي اتجاهٍ من هذا النوع قد يسلكه عون مدعوماً من «حزب الله» من شأنه فتْح البلاد أمام صراعٍ سياسي - طائفي سيكون عنوانه «الانقلاب على الطائف»، فإن الأوساط البارزة في «8 مارس» ترى أن ما بعد معركة ادلب لن يكون كما قبلها وخصوصاً في حال اقتصرتْ الضربة الأميركية التي يريدها دونالد ترامب لاعتباراتٍ داخلية، على طابعٍ مدوْزن يشبه الضربة الأخيرة الأميركية - البريطانية - الفرنسية.
"الراي الكويتية" - 3 أيلول 2018
إرسال تعليق