لم تُفصح الأجهزة الأمنية عن حجم الخرق الإلكتروني الذي اسهدف مؤسسات أمنية رسمية وشركات خاصة. المعلومات الأولية تظهر أنّ المشتبه فيه «عبقري» لبناني متخصّص في أمن المعلومات ذاع صيته دولياً، لكن القضاء تركه لـ«أسباب عصبية ونفسية». أما الأخطر، فالدور الذي لعبه وزير العدل في إيصال معلومات مغلوطة لرئاسة الجمهورية.
منذ عقد من الزمن، تتوالى «فضائح» ملف الاتصالات. من ملف التنصت الداخلي، إلى ملف الاختراق الإلكتروني الأخطر في تاريخ لبنان، مروراً بالتجسس الإسرائيلي والإنترنت غير الشرعي. ملفات تشي بافتقاد لبنان استراتيجية الحد الأدنى في التعامل مع قطاع الاتصالات، والمؤسف أن نكتشف أن الدولة، بوزاراتها ومؤسساتها، وخصوصاً هيئة أوجيرو، في حالة «كوما».
عندما أثارت «الأخبار» قبل أربعة أيام القرصنة الإلكترونية الأخطر في تاريخ لبنان، خصوصاً بما أدت إليه على مدى أسابيع مضت، من انهيار مواقع رسمية حساسة بالكامل وشبه انهيار، فضلاً عن استهداف شركات خاصة كبيرة، أبدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اهتماماً استثنائياً بالملف، طالباً من المعنيين السير في التحقيقات حتى النهاية.
لكن ما إن برز إلى الواجهة اسم أحد المتورطين المرتبطين بأحد كبار المصرفيين اللبنانيين، كان لسان حال مراجع رسمية بارزة أن الملاحقة ستتوقف ولن تستمر التحقيقات، وقالت: «نيال يلي معو مصاري، ما حدا بيقدر يطالو بلبنان». اللافت أنّ الموقوف جمع العدوّين اللدودين في الأشرفية. فقد خاض غمار الوساطة لإطلاقه كل من «الضدّين الكاثوليكيين» في الأشرفية. كيف لا وهو ابن سفير فرسان مالطا في لبنان.
وبالفعل، حصل ما كان متوقعاً، وعلى يد من؟ على يد وزير العدل سليم جريصاتي الذي كان يدلي بمعطيات متناقضة للنيابة العامة والقصر الجمهوري والصحافيين والمراجع الأمنية المعنية، من دون معرفة أسباب هذا السلوك الذي أدى في النهاية إلى إطلاق سراح (خ. ص.) بذريعة وضعه الصحي وحاجته إلى تلقّي العلاج وتناول أدوية و«انهياره نفسياً» و«إصابته بعارض تصلب شديد قد يشكل خطراً على حياته»، الأمر الذي يستوجب نقله على وجه السرعة إلى أحد المستشفيات، لا سيما أنّه ذكر خلال التحقيق أنّه يتناول دواء أعصاب لعلاج خلل في الدماغ قد يؤدي إلى الفصام. ونقلت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أنّ الموقوف «تُرِك بسند إقامة (مُنعَ من السفر) لدواعٍ صحية وطبية حصراً»، نافية الخضوع لأي نوع من الضغوط، باعتبار أنّ المشتبه فيه «سيخضع للمحاكمة بالتزامن مع خضوعه للعلاج».
ما حصل، وهو برسم النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الذي نال موافقة وزير العدل، أن (خ. ص.)، وبدل أن ينقل إلى المستشفى، توجه إلى منزله في العاصمة، حيث كان يمارس نشاطه بعد ذلك بشكل اعتيادي ويتلقّى اتصالات تهنئة بالسلامة، وبينها من بعض المسؤولين في الدولة. وبرغم أنّ مصادر قضائية تنفي حصول القاضي حمود على ضوء أخضر من وزير العدل لترك الموقوف، مشيرة إلى أنّ الأخير عَلِم من حمود بحصول إخلاء السبيل، إلا أنّ الثابت أنّ جريصاتي كان يقود معركة ترك الموقوف المذكور.
والسؤال البديهي في هذا السياق، هل هناك اعتبارات معينة جعلت وزير العدل يموّه على القضية أو يتساهل فيها؟ وهل أن سلوكاً من هذا النوع يمكن أن يقبل به رئيس الجمهورية الذي ظل حتى يوم أول من أمس يؤكد أنه لن يسمح بإقفال الملف؟
قبل عطلة نهاية الأسبوع، نجحت الجهود التي توحّدت لإطلاق سراح الموقوف (خ. ص.)، وشارك فيها رجال أعمال وضباط وسياسيون. غير أنّ ذلك لم يحل دون استمرار التحقيقات، إذ إنّ الملف لم يُقفل بعد، بل توسّع، خصوصاً مع توقيف مشتبه فيهم جدد، لا سيما أنّ حجم الداتا المقرصنة كبير. حتى إنّ هناك معلومات ترددت عن تعرض فرع المعلومات نفسه لخرق كبير جراء عمليات القرصنة هذه. ونقلت مصادر معنية أنّ هجمات القراصنة بدأت قبل أشهر لجمع هذه الكمية من الداتا. وبرغم عدم العثور على رابط يُثبت تنفيذ عمليات هذه القرصنة بناءً لطلب رئيس مجلس إدارة أحد المصارف، ذكرت معلومات أمنية أنّ دافع الموقوف الرئيسي شخصي «كونه مهووس بالقرصنة وجمع المعلومات».
أما جديد الملف، بحسب ما علمت «الأخبار»، فهو توقيف فرع المعلومات مشتبهاً فيه رابعاً يدعى (ك. د.) كان يعمل مع الموقوف (إ. ش.) لدى (ش. ط.) الذي يملك شركة تُعنى بأمن المعلومات (F.T.)، من دون أن يُعرف إذا ما كان الأخير متورطاً في هذا الملف أو لا.
وبالعودة إلى الموقوف الرئيسي الذي جرى تركه يوم الجمعة، فإنّ بحثاً بسيطاً على مواقع الانترنت يُبيّن أنّ الأخير رجل أعمال ورث عن والده ملايين الدولارت، لكنه يُقدّم نفسه على أنّه «مستشار» في ما يُعرف بـ«أمن المعلومات»، وهو مؤسس شركة krypton security وأحد أعضاء المنظمة العالمية المعروفة بـ«chaos computer club»، وهي المنظمة الأكبر لتجمّع القراصنة الإلكترونيين في أوروبا. وفي تقرير صدر عام ٢٠١٦، صُنِّف الموقوف (خ. ص.) على أنه واحد من مئة شخصية تُعدّ الأكثر تأثيراً على صعيد العالم في «أمن المعلومات»، فضلاً عن ظهوره في مقابلة أجرتها معه مجلة «فوربس» الأميركية تحت عنوان: «هؤلاء القراصنة سيجعلون أميركا أكثر أماناً... فهل سيسمح لهم ترامب بذلك؟». ليس هذا فحسب، فقد ظهر في سلسلة وثائقية من خمسة أجزاء أنتجتها صحيفة «الغارديان» البريطانية تحت عنوان: قوة الخصوصية أو «The power of privacy». كذلك ظهر في سلسلة وثائقية عرضتها قناة «ناشيونال جيوغرافيك» تحت عنوان: «الهلع الإلكتروني... الاختراق».
ويُقدّم (خ. ص.) نفسه بصفته «مستشاراً شخصياً» لرئيس مجلس إدارة مصرف لبناني بارز، علماً بأنه كان مسؤولاً عن تطوير الأعمال في المصرف المذكور وعن أكثر من مهمة في المصرف نفسه.
عندما أثارت «الأخبار» قبل أربعة أيام القرصنة الإلكترونية الأخطر في تاريخ لبنان، خصوصاً بما أدت إليه على مدى أسابيع مضت، من انهيار مواقع رسمية حساسة بالكامل وشبه انهيار، فضلاً عن استهداف شركات خاصة كبيرة، أبدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اهتماماً استثنائياً بالملف، طالباً من المعنيين السير في التحقيقات حتى النهاية.
لكن ما إن برز إلى الواجهة اسم أحد المتورطين المرتبطين بأحد كبار المصرفيين اللبنانيين، كان لسان حال مراجع رسمية بارزة أن الملاحقة ستتوقف ولن تستمر التحقيقات، وقالت: «نيال يلي معو مصاري، ما حدا بيقدر يطالو بلبنان». اللافت أنّ الموقوف جمع العدوّين اللدودين في الأشرفية. فقد خاض غمار الوساطة لإطلاقه كل من «الضدّين الكاثوليكيين» في الأشرفية. كيف لا وهو ابن سفير فرسان مالطا في لبنان.
وبالفعل، حصل ما كان متوقعاً، وعلى يد من؟ على يد وزير العدل سليم جريصاتي الذي كان يدلي بمعطيات متناقضة للنيابة العامة والقصر الجمهوري والصحافيين والمراجع الأمنية المعنية، من دون معرفة أسباب هذا السلوك الذي أدى في النهاية إلى إطلاق سراح (خ. ص.) بذريعة وضعه الصحي وحاجته إلى تلقّي العلاج وتناول أدوية و«انهياره نفسياً» و«إصابته بعارض تصلب شديد قد يشكل خطراً على حياته»، الأمر الذي يستوجب نقله على وجه السرعة إلى أحد المستشفيات، لا سيما أنّه ذكر خلال التحقيق أنّه يتناول دواء أعصاب لعلاج خلل في الدماغ قد يؤدي إلى الفصام. ونقلت مصادر قضائية لـ«الأخبار» أنّ الموقوف «تُرِك بسند إقامة (مُنعَ من السفر) لدواعٍ صحية وطبية حصراً»، نافية الخضوع لأي نوع من الضغوط، باعتبار أنّ المشتبه فيه «سيخضع للمحاكمة بالتزامن مع خضوعه للعلاج».
ما حصل، وهو برسم النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الذي نال موافقة وزير العدل، أن (خ. ص.)، وبدل أن ينقل إلى المستشفى، توجه إلى منزله في العاصمة، حيث كان يمارس نشاطه بعد ذلك بشكل اعتيادي ويتلقّى اتصالات تهنئة بالسلامة، وبينها من بعض المسؤولين في الدولة. وبرغم أنّ مصادر قضائية تنفي حصول القاضي حمود على ضوء أخضر من وزير العدل لترك الموقوف، مشيرة إلى أنّ الأخير عَلِم من حمود بحصول إخلاء السبيل، إلا أنّ الثابت أنّ جريصاتي كان يقود معركة ترك الموقوف المذكور.
والسؤال البديهي في هذا السياق، هل هناك اعتبارات معينة جعلت وزير العدل يموّه على القضية أو يتساهل فيها؟ وهل أن سلوكاً من هذا النوع يمكن أن يقبل به رئيس الجمهورية الذي ظل حتى يوم أول من أمس يؤكد أنه لن يسمح بإقفال الملف؟
قبل عطلة نهاية الأسبوع، نجحت الجهود التي توحّدت لإطلاق سراح الموقوف (خ. ص.)، وشارك فيها رجال أعمال وضباط وسياسيون. غير أنّ ذلك لم يحل دون استمرار التحقيقات، إذ إنّ الملف لم يُقفل بعد، بل توسّع، خصوصاً مع توقيف مشتبه فيهم جدد، لا سيما أنّ حجم الداتا المقرصنة كبير. حتى إنّ هناك معلومات ترددت عن تعرض فرع المعلومات نفسه لخرق كبير جراء عمليات القرصنة هذه. ونقلت مصادر معنية أنّ هجمات القراصنة بدأت قبل أشهر لجمع هذه الكمية من الداتا. وبرغم عدم العثور على رابط يُثبت تنفيذ عمليات هذه القرصنة بناءً لطلب رئيس مجلس إدارة أحد المصارف، ذكرت معلومات أمنية أنّ دافع الموقوف الرئيسي شخصي «كونه مهووس بالقرصنة وجمع المعلومات».
أما جديد الملف، بحسب ما علمت «الأخبار»، فهو توقيف فرع المعلومات مشتبهاً فيه رابعاً يدعى (ك. د.) كان يعمل مع الموقوف (إ. ش.) لدى (ش. ط.) الذي يملك شركة تُعنى بأمن المعلومات (F.T.)، من دون أن يُعرف إذا ما كان الأخير متورطاً في هذا الملف أو لا.
وبالعودة إلى الموقوف الرئيسي الذي جرى تركه يوم الجمعة، فإنّ بحثاً بسيطاً على مواقع الانترنت يُبيّن أنّ الأخير رجل أعمال ورث عن والده ملايين الدولارت، لكنه يُقدّم نفسه على أنّه «مستشار» في ما يُعرف بـ«أمن المعلومات»، وهو مؤسس شركة krypton security وأحد أعضاء المنظمة العالمية المعروفة بـ«chaos computer club»، وهي المنظمة الأكبر لتجمّع القراصنة الإلكترونيين في أوروبا. وفي تقرير صدر عام ٢٠١٦، صُنِّف الموقوف (خ. ص.) على أنه واحد من مئة شخصية تُعدّ الأكثر تأثيراً على صعيد العالم في «أمن المعلومات»، فضلاً عن ظهوره في مقابلة أجرتها معه مجلة «فوربس» الأميركية تحت عنوان: «هؤلاء القراصنة سيجعلون أميركا أكثر أماناً... فهل سيسمح لهم ترامب بذلك؟». ليس هذا فحسب، فقد ظهر في سلسلة وثائقية من خمسة أجزاء أنتجتها صحيفة «الغارديان» البريطانية تحت عنوان: قوة الخصوصية أو «The power of privacy». كذلك ظهر في سلسلة وثائقية عرضتها قناة «ناشيونال جيوغرافيك» تحت عنوان: «الهلع الإلكتروني... الاختراق».
ويُقدّم (خ. ص.) نفسه بصفته «مستشاراً شخصياً» لرئيس مجلس إدارة مصرف لبناني بارز، علماً بأنه كان مسؤولاً عن تطوير الأعمال في المصرف المذكور وعن أكثر من مهمة في المصرف نفسه.
رضوان مرتضى - الاخبار 9 تموز 2018
إرسال تعليق