قبل انتهاء المواجهة بين وزير الخارجية جبران باسيل والمفوّضية العليا لشؤون اللاجئين، فرضت مبادرة "حزب الله" في شأن عودة النازحين السوريين نفسها على المكلّفين هذا الملف في مواقع رسمية لبنانية وأمَميّة. والواضح أنها أربكت المسؤولين الأُمميّين قبل اللبنانيين لمجرد أنها جاءت من طرف واحد وهو ما قاد الى نوع من التشكيك بها. فما جديد المواقف؟
لم يُظهِر المسؤولون اللبنانيون وقادة الأحزاب أيّ ردّ فعل يمكن التوقف عنده تجاه إعلان "حزب الله" عن المهمة الجديدة التي تبنّاها في شأن اعادة النازحين السوريين الى بلادهم. فالأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قدّم للخطوة واسبابها الموجبة والآلية التي سيعتمدها الحزب بلا أيّ مقدّمات في وقت لا يبدو أنه مستعدّ للأخذ بما سيأتي من ملاحظات.
ثمّة مَن يعتقد أنّ الحزب قد اعتبر سلفاً أنّ المهمة الجديدة التي "تبرّع بها" كأنها من الخطوات المكمّلة لدوره في الأزمة السورية. وبات واضحاً الى حدٍّ بعيد أنه أقدم على خطوة بهذا الحجم الكبير من دون أن يستشير أحداً، على الأقل في العلن، وهو ماضٍ بها وكأنه لا ينتظر رأي أحد أو ردّ فعل من هنا أو هناك، أيّاً كان هذا الرأي أو ردّ الفعل هذا. وإن دخل البعض في البحث عن كثير من التفاصيل المملّة سيكتشف أنّ ممثليه من النواب وقياديّين قد أبلغوا الى بعض نظرائهم المشاركين في منتديات سياسية وحزبية أنّ في نيّة الحزب مقاربة هذا الملف قريباً من دون انتظار أيِّ نقاش محتمَل حولها أيّاً كان مستواه شكلاً ومضموناً.
وما هي إلّا أيام على تسرّب بعض المعلومات عن مثل هذه الخطوة، حتى كشف نصرالله عنها، وعن الآلية اللوجستية والتنظيمية والإدارية التي سيعتمدها مكتفياً بالتنسيق مع المديرية العامة للأمن العام والجهات السورية المختصّة من دون الإشارة الى أيِّ دورٍ للمنظمات الأممية وتلك التابعة للأمم المتحدة التي تهتمّ بالنازحين في دول الجوار السوري كما في بعض المناطق السورية الداخلية.
تزامناً، وعلى وقع ردّات الفعل المحدودة والخجولة التي عبّر عنها وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي الذي تبرّأ من المبادرة، لم يرصد أيّ ردّ فعل خارج مواقع التواصل الإجتماعي سوى ما عبّر عنه مستشار رئيس الحكومة نديم المنلا الذي أيّد "أيّ مبادرة تساهم في تأمين العودة من أيّ جهة أتت". على رغم استبعاده أن تكون للحزب أيّ قدرة على لعب دور في مجال إعادة مليون ونصف مليون نازح وإجراء المصالحات بين المعارضين والنظام.
وقبل أن يشدّدَ مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري أمس على ضرورة وجود "خطّة وطنية شاملة" في شأن النزوح تلتزم بها الحكومة والعمل على أساسها مع المرجعيّات والمنظّمات الدولية المعنيّة، كانت الحكومة السورية قد لاقت مبادرة نصرالله بخطوة نادرة وغير مسبوقة عندما وجّهت عبر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الدعوة الى "المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد إلى العودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين".
فما الذي يعنيه كل هذا الكلام، عندما طرح على مسؤول أممي؟
يكشف مراقبون يتابعون ملفّ إعادة النازحين السوريين أنّ الوسط الديبلوماسي والأممي المعني بملف النازحين أعلن حالة من الإستنفار لفهم المبادرة ومراميها فقرأ فيها وقبل البحث عن خفاياها وما سبقها من اتّصالات، مبادرة من طرف واحد لا تخدم المساعي المبذولة لتنظيم العودة الشاملة والآمنة.
ولم يكتفِ أحد المسؤولين بالتعابير الديبلوماسية، بل راح أبعد من ذلك في اتّجاه تحميل اصحاب المبادرة المسؤولية الكاملة عمّا يمكن أن يحصل. ومع تأكيده أنه لن يقف في وجه أيّ مبادرة تعيد النازحين الى ارضهم بالضمانات الكافية لتوفير اقامة آمنة، لم يعفِ المسؤولين اللبنانيين من نسبة عالية من المسؤولية.
وفيما كان هذا المسؤول على على قاب قوسين او أدنى من إعلان ما قد يؤدّي "الى قلب الطاولة على الجميع". سأل:
- هل يعقل أن لا نجد في بلد يعاني من سلبيات وجود مليون ونصف مليون نازح على ارض لا تتّسع لأربعة ملايين ونصف مليون لبناني سوى جهاز أمني واحد يتعاون معنا؟
- وكيف يمكن أن يقتنع العالم بوجود اكثر من رأي لبناني يتحكّم بهذا الملف؟
- وما الذي يعوق التوصّل الى خطة شاملة للتعاطي على اساسها في تنفيذ ما اتُّخذ من قرارات في مؤتمرات دولية أقرّت مساعدات وقروضاً بمليارات الدولارات لمساعدة اقتصاد لبنان على النهوض؟
وقبل أن ينتظر المسؤول جواباً على هذه الأسئلة وأخرى مماثلة سجّل الملاحظات الآتية:
«- إنّ المجتمع الدولي يراقب طريقة تعاطي لبنان مع هذا الملف ولن يكون مرتاحاً الى تصرّفات وخطوات منفردة ومن طرف واحد. فما أن تفاهمنا على شكل من اشكال التعاون مع وزير الخارجية فوجئنا بخطوات نعرف كيف ستبدأ ولا نعرف نهاياتها.
- نحن في مرحلة وضِعَ فيها لبنان تحت مجهر الدول المانحة بعد مؤتمر"سيدر 1" والمؤتمرات الأخرى التي تعالج ملفّ النازحين، وهناك آلية عمل يجب أن تكون محترمة، وأيّ خلل يطاول التعاون الواجب حصوله مع المؤسسات الدولية وممثلي الدول المانحة لن تكون نتائجه إيجابية.
- ما نخشاه أن تكون هناك خطط لإعادة مجموعات من النازحين ومنع أخرى من حقّ العودة لألف سبب مقنع وغير مقنع فمَن سيتابع هذه المسيرة الى النهاية؟".
لم يُظهِر المسؤولون اللبنانيون وقادة الأحزاب أيّ ردّ فعل يمكن التوقف عنده تجاه إعلان "حزب الله" عن المهمة الجديدة التي تبنّاها في شأن اعادة النازحين السوريين الى بلادهم. فالأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قدّم للخطوة واسبابها الموجبة والآلية التي سيعتمدها الحزب بلا أيّ مقدّمات في وقت لا يبدو أنه مستعدّ للأخذ بما سيأتي من ملاحظات.
ثمّة مَن يعتقد أنّ الحزب قد اعتبر سلفاً أنّ المهمة الجديدة التي "تبرّع بها" كأنها من الخطوات المكمّلة لدوره في الأزمة السورية. وبات واضحاً الى حدٍّ بعيد أنه أقدم على خطوة بهذا الحجم الكبير من دون أن يستشير أحداً، على الأقل في العلن، وهو ماضٍ بها وكأنه لا ينتظر رأي أحد أو ردّ فعل من هنا أو هناك، أيّاً كان هذا الرأي أو ردّ الفعل هذا. وإن دخل البعض في البحث عن كثير من التفاصيل المملّة سيكتشف أنّ ممثليه من النواب وقياديّين قد أبلغوا الى بعض نظرائهم المشاركين في منتديات سياسية وحزبية أنّ في نيّة الحزب مقاربة هذا الملف قريباً من دون انتظار أيِّ نقاش محتمَل حولها أيّاً كان مستواه شكلاً ومضموناً.
وما هي إلّا أيام على تسرّب بعض المعلومات عن مثل هذه الخطوة، حتى كشف نصرالله عنها، وعن الآلية اللوجستية والتنظيمية والإدارية التي سيعتمدها مكتفياً بالتنسيق مع المديرية العامة للأمن العام والجهات السورية المختصّة من دون الإشارة الى أيِّ دورٍ للمنظمات الأممية وتلك التابعة للأمم المتحدة التي تهتمّ بالنازحين في دول الجوار السوري كما في بعض المناطق السورية الداخلية.
تزامناً، وعلى وقع ردّات الفعل المحدودة والخجولة التي عبّر عنها وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي الذي تبرّأ من المبادرة، لم يرصد أيّ ردّ فعل خارج مواقع التواصل الإجتماعي سوى ما عبّر عنه مستشار رئيس الحكومة نديم المنلا الذي أيّد "أيّ مبادرة تساهم في تأمين العودة من أيّ جهة أتت". على رغم استبعاده أن تكون للحزب أيّ قدرة على لعب دور في مجال إعادة مليون ونصف مليون نازح وإجراء المصالحات بين المعارضين والنظام.
وقبل أن يشدّدَ مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري أمس على ضرورة وجود "خطّة وطنية شاملة" في شأن النزوح تلتزم بها الحكومة والعمل على أساسها مع المرجعيّات والمنظّمات الدولية المعنيّة، كانت الحكومة السورية قد لاقت مبادرة نصرالله بخطوة نادرة وغير مسبوقة عندما وجّهت عبر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الدعوة الى "المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد إلى العودة إلى وطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين".
فما الذي يعنيه كل هذا الكلام، عندما طرح على مسؤول أممي؟
يكشف مراقبون يتابعون ملفّ إعادة النازحين السوريين أنّ الوسط الديبلوماسي والأممي المعني بملف النازحين أعلن حالة من الإستنفار لفهم المبادرة ومراميها فقرأ فيها وقبل البحث عن خفاياها وما سبقها من اتّصالات، مبادرة من طرف واحد لا تخدم المساعي المبذولة لتنظيم العودة الشاملة والآمنة.
ولم يكتفِ أحد المسؤولين بالتعابير الديبلوماسية، بل راح أبعد من ذلك في اتّجاه تحميل اصحاب المبادرة المسؤولية الكاملة عمّا يمكن أن يحصل. ومع تأكيده أنه لن يقف في وجه أيّ مبادرة تعيد النازحين الى ارضهم بالضمانات الكافية لتوفير اقامة آمنة، لم يعفِ المسؤولين اللبنانيين من نسبة عالية من المسؤولية.
وفيما كان هذا المسؤول على على قاب قوسين او أدنى من إعلان ما قد يؤدّي "الى قلب الطاولة على الجميع". سأل:
- هل يعقل أن لا نجد في بلد يعاني من سلبيات وجود مليون ونصف مليون نازح على ارض لا تتّسع لأربعة ملايين ونصف مليون لبناني سوى جهاز أمني واحد يتعاون معنا؟
- وكيف يمكن أن يقتنع العالم بوجود اكثر من رأي لبناني يتحكّم بهذا الملف؟
- وما الذي يعوق التوصّل الى خطة شاملة للتعاطي على اساسها في تنفيذ ما اتُّخذ من قرارات في مؤتمرات دولية أقرّت مساعدات وقروضاً بمليارات الدولارات لمساعدة اقتصاد لبنان على النهوض؟
وقبل أن ينتظر المسؤول جواباً على هذه الأسئلة وأخرى مماثلة سجّل الملاحظات الآتية:
«- إنّ المجتمع الدولي يراقب طريقة تعاطي لبنان مع هذا الملف ولن يكون مرتاحاً الى تصرّفات وخطوات منفردة ومن طرف واحد. فما أن تفاهمنا على شكل من اشكال التعاون مع وزير الخارجية فوجئنا بخطوات نعرف كيف ستبدأ ولا نعرف نهاياتها.
- نحن في مرحلة وضِعَ فيها لبنان تحت مجهر الدول المانحة بعد مؤتمر"سيدر 1" والمؤتمرات الأخرى التي تعالج ملفّ النازحين، وهناك آلية عمل يجب أن تكون محترمة، وأيّ خلل يطاول التعاون الواجب حصوله مع المؤسسات الدولية وممثلي الدول المانحة لن تكون نتائجه إيجابية.
- ما نخشاه أن تكون هناك خطط لإعادة مجموعات من النازحين ومنع أخرى من حقّ العودة لألف سبب مقنع وغير مقنع فمَن سيتابع هذه المسيرة الى النهاية؟".
جورج شاهين - "الجمهورية" - 5 تموز 2018
إرسال تعليق