دفَع التزامنُ بين زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد والتحضيرات الجارية لزيارة الوزير ريكس تيلرسون الى بيروت، الى الحديث عن حجم التنسيق القائم بين أعضاء الفريق الديبلوماسي ما يُوحي بإمكان أن تشكّل هاتان الزيارتان ما يُطمئن اللبنانيّين إلى مستقبل الوضع في لبنان، فهما التقيا أخيراً على توصيفٍ إيجابيٍّ موحَّد تجاه لبنان. فما الذي يعنيه هذا الكلام وما الذي يتوقّعه لبنان؟
بعكس الصورة المنطبعة في أذهان اللبنانيين والعالم عن حجم الخلافات في إدارة الرئيس دونالد ترامب، والخلل في العلاقات بين القادة الكبار في مواقع سياسية وعسكرية وإدارية، فقد ظهر التجانسُ قائماً بين تيليرسون وفريق عمله ولا سيّما في القضايا التي تَعني لبنان والمنطقة كما بالنسبة الى العديد من الملفات الدولية المطروحة بقوة على الإدارة الأميركية.
فالمواقف التي أطلقها تيليرسون وساترفيلد في الأسابيع الماضية من واشنطن وتل أبيب عكست صورةً موحَّدة تجاه الوضع في لبنان من مختلف وجوهه، ولا سيما لجهة الإصرار على دعم الجيش والمؤسّسات الأمنية التي تشكّل العمود الفقري لضمان الإستقرار القائم في لبنان رغم ما يجري حوله وفي المنطقة.
على هذه الخلفيّات، تُبدي المراجع اللبنانية، ولا سيما الديبلوماسية منها، ارتياحَها تجاه الحراك الأميركي في المنطقة ولبنان، ولا سيما الزيارة المتوقّعة لتيليرسون الى المنطقة المقرّرة الأسبوع المقبل، والتي أضاف إليها بيروت للمرة الأولى منذ تولّيه مسؤوليّته على رأس الديبلوماسية الأميركية، في إطار جولة ستشمل إضافةً الى بيروت، كلاً من القاهرة وعمان وأنقرة، قبل أن يشارك في الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد الإرهاب المقرّرعقده في العاصمة الكويتية في 13 شباط الجاري على مستوى وزراء الخارجية بدعوة من المنسّق العام لقوات الحلف الدولي ضدّ الإرهاب في سوريا والعراق.
وانطلاقاً ممّا تقدّم، تُجمع مراجع ديبلوماسية وعسكرية عند تقويمها للزيارتين، على قراءةٍ إيجابية للنتائج المتوقّعة منهما، وهي ترتكز في توقّعاتها على مواقف أطلقها الرجلان بفارق أسابيع قليلة.
فتيليرسون وجّه منذ أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض أكثرَ من موقف شكّلت في مجملها وبفعل تجانسها أكثر من رسالة مدوّية الى جميع المتعاطين بالملف اللبناني، وتحديداً في اتّجاه كل من الرياض وطهران وتل ابيب، أكّد فيها أهمّية حماية إستقرار لبنان، واعتراضه على أيّ مخطّط لإثارة الفتنة في لبنان والعودة به الى الوراء، والتّحذير مباشرة من أيّ مشروع لهزّ الحكومة اللبنانية.
ولا يمكن أن ينسى اللبنانيون الموقف الذي أطلقه تيليرسون في 7 كانون الأول الماضي، لجهة دعم بلاده الحكومة اللبنانية التي كانت قد استأنفت نشاطها بعد انتهاء فترة التريّث التي طلبها الحريري، وملخّصه أنّ "على العالم حماية المؤسّسات اللبنانية واحترام أدوارها"، مؤكّداً التوجُّهَ الأميركي لجهة "دعم الجيش اللبناني لأنّه الجهة الوحيدة المخوَّلة الدفاع عن لبنان".
لذلك، تربط المراجعُ عينُها بإرتياح بين مواقف تيلرسون، وساترفيلد الخبير في الشؤون اللبنانية، ليس لأنه كان سفيراً في لبنان فحسب، فهو كان رفيقاً للرئيس الشهيد رفيق الحريري وواكب معه كل المراحل التي رافقت ولادة "وثيقة الوفاق الوطني" في الطائف، حيث كان يتابع بأدقّ التفاصيل ما كان يُطبخ برعاية أمميّة وعربية غير مسبوقة.
وعليه، استرجع المسؤولون اللبنانيون في لقاءاتهم مع ساترفيلد مواقفه الأخيرة التي أطلقها من تل أبيب، وتحديداً عند مشاركته في 8 كانون الأول الماضي في المؤتمر السنوي الذي نظّمه "المعهد الدولي لدراسات الأمن القومي" التابع لجامعة تل أبيب، والذي كان يناقش في مسائل أمنيّة حسّاسة تَعني الأمن الداخلي والخارجي لإسرائيل، فأكّد على قرار الإدارة الأميركية بمواصلة "جهودها لدعم مؤسّسات أمنية رسمية وشرعية في لبنان مثل القوات المسلّحة اللبنانية، القوة الشرعية الوحيدة في لبنان".
وقد ردّ ساترفيلد يومَها على التّهديدات الإسرائيلية التي بناها المشاركون في المؤتمر على خلفيّة القول إنّه لا يمكن التمييز بين القوّتين"، أي الجيش اللبناني و"حزب الله"، وأنّهما "هدفان لها في أيِّ حرب بالمستقبل، بقوله إنّ الجيش اللبناني هو "قوّةُ توازن محتمَل في وجه جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران".
ولما قال وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان في المؤتمر إنّ "الجيش اللبناني تابع لـ"حزب الله" الأفضل تجهيزاً"... ردّ عليه ساترفيلد بما معناه: "نحن نُصرّ على دعم الجيش للوقوف في وجه رغبة "حزب الله" في توسيع نفوذه هناك".
ولا يمكن تجاهل تلاقي الموقف الديبلوماسي الأميركي والقرارات الأميركية المتّخذة على المستوى العسكري والتي يُترجمها قائد المنطقة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتيل الذي خلف في موقعه وزير الدفاع الحالي جيمس ماتيس وهو ما يُعزّز صلابة الموقف الأميركي من لبنان ويُعزّز الثقة اللبنانية بهذا الدور.
وأمام الربط بين الموقفَين الأميركيَّين الديبلوماسي والعسكري، يُرحّب لبنان بزيارة تيليرسون ويَبني عليها لمجرّد شمول جولته هذه المرة بيروت. ورغم القول إنّ ساترفيلد يتابع ملفّ الجدار الإسرائيلي على طول الخط الأزرق، فهو يأخذ في الإعتبار رفض لبنان لاستكمال بناء الجدار إذا كان سيشمل النقاط الثلاثة عشر المرفوضة على طول الخط الأزرق، كما أنّ المباحثات شملت أيضاً الإدّعاءات الإسرائيلية بملكيّة "البلوك الغازي التاسع" في المياه الإقليمية اللبنانية.
لذلك، سيتبلّغ ساترفيلد خلال لقاءاته في بيروت ما سمعه من رئيس الحكومة سعد الحريري لجهة الموقف اللبناني المتصلّب من الجدار والبلوك الغازي. ولن يكون مضطراً للدفاع عن وجهة نظر إسرائيل، فالوثائقُ التي أودعت الأمم المتّحدة واضحة ولا تقبل الجدلَ القانوني، وهو سيتسلّح في مفاوضاته بالآراء الأميركية السابقة المؤيّدة للبنان معطوفة على القرار الذي صدر أمس عن مجلس الدفاع الأعلى في هذين الملفّين، خصوصاً أنّ لبنان يرفض أيَّ مفاوضات لبنانية - إسرائيلية مباشرة كما تريدها تل أبيب.
والى أن يصل تيليرسون الى بيروت الأسبوع المقبل، ستكون الإتصالاتُ قد نضجت ولا سيما أنّ موعد هذه الزيارة سيَلي توقيع الإتّفاقات مع الشركات الثلاث التي تعهّدت بالبحث عن الثروة اللبنانية في البلوكين 4 و9 لتفرض وجهة النظر اللبنانية بنداً نهائياً على جدول اعمال تيليرسون، علماً أنّ الموقف اللبناني ممّا يجري في سوريا ولبنان واضح وصريح ولن يكون مفاجِئاً للإدارة الأميركية.
بعكس الصورة المنطبعة في أذهان اللبنانيين والعالم عن حجم الخلافات في إدارة الرئيس دونالد ترامب، والخلل في العلاقات بين القادة الكبار في مواقع سياسية وعسكرية وإدارية، فقد ظهر التجانسُ قائماً بين تيليرسون وفريق عمله ولا سيّما في القضايا التي تَعني لبنان والمنطقة كما بالنسبة الى العديد من الملفات الدولية المطروحة بقوة على الإدارة الأميركية.
فالمواقف التي أطلقها تيليرسون وساترفيلد في الأسابيع الماضية من واشنطن وتل أبيب عكست صورةً موحَّدة تجاه الوضع في لبنان من مختلف وجوهه، ولا سيما لجهة الإصرار على دعم الجيش والمؤسّسات الأمنية التي تشكّل العمود الفقري لضمان الإستقرار القائم في لبنان رغم ما يجري حوله وفي المنطقة.
على هذه الخلفيّات، تُبدي المراجع اللبنانية، ولا سيما الديبلوماسية منها، ارتياحَها تجاه الحراك الأميركي في المنطقة ولبنان، ولا سيما الزيارة المتوقّعة لتيليرسون الى المنطقة المقرّرة الأسبوع المقبل، والتي أضاف إليها بيروت للمرة الأولى منذ تولّيه مسؤوليّته على رأس الديبلوماسية الأميركية، في إطار جولة ستشمل إضافةً الى بيروت، كلاً من القاهرة وعمان وأنقرة، قبل أن يشارك في الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد الإرهاب المقرّرعقده في العاصمة الكويتية في 13 شباط الجاري على مستوى وزراء الخارجية بدعوة من المنسّق العام لقوات الحلف الدولي ضدّ الإرهاب في سوريا والعراق.
وانطلاقاً ممّا تقدّم، تُجمع مراجع ديبلوماسية وعسكرية عند تقويمها للزيارتين، على قراءةٍ إيجابية للنتائج المتوقّعة منهما، وهي ترتكز في توقّعاتها على مواقف أطلقها الرجلان بفارق أسابيع قليلة.
فتيليرسون وجّه منذ أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض أكثرَ من موقف شكّلت في مجملها وبفعل تجانسها أكثر من رسالة مدوّية الى جميع المتعاطين بالملف اللبناني، وتحديداً في اتّجاه كل من الرياض وطهران وتل ابيب، أكّد فيها أهمّية حماية إستقرار لبنان، واعتراضه على أيّ مخطّط لإثارة الفتنة في لبنان والعودة به الى الوراء، والتّحذير مباشرة من أيّ مشروع لهزّ الحكومة اللبنانية.
ولا يمكن أن ينسى اللبنانيون الموقف الذي أطلقه تيليرسون في 7 كانون الأول الماضي، لجهة دعم بلاده الحكومة اللبنانية التي كانت قد استأنفت نشاطها بعد انتهاء فترة التريّث التي طلبها الحريري، وملخّصه أنّ "على العالم حماية المؤسّسات اللبنانية واحترام أدوارها"، مؤكّداً التوجُّهَ الأميركي لجهة "دعم الجيش اللبناني لأنّه الجهة الوحيدة المخوَّلة الدفاع عن لبنان".
لذلك، تربط المراجعُ عينُها بإرتياح بين مواقف تيلرسون، وساترفيلد الخبير في الشؤون اللبنانية، ليس لأنه كان سفيراً في لبنان فحسب، فهو كان رفيقاً للرئيس الشهيد رفيق الحريري وواكب معه كل المراحل التي رافقت ولادة "وثيقة الوفاق الوطني" في الطائف، حيث كان يتابع بأدقّ التفاصيل ما كان يُطبخ برعاية أمميّة وعربية غير مسبوقة.
وعليه، استرجع المسؤولون اللبنانيون في لقاءاتهم مع ساترفيلد مواقفه الأخيرة التي أطلقها من تل أبيب، وتحديداً عند مشاركته في 8 كانون الأول الماضي في المؤتمر السنوي الذي نظّمه "المعهد الدولي لدراسات الأمن القومي" التابع لجامعة تل أبيب، والذي كان يناقش في مسائل أمنيّة حسّاسة تَعني الأمن الداخلي والخارجي لإسرائيل، فأكّد على قرار الإدارة الأميركية بمواصلة "جهودها لدعم مؤسّسات أمنية رسمية وشرعية في لبنان مثل القوات المسلّحة اللبنانية، القوة الشرعية الوحيدة في لبنان".
وقد ردّ ساترفيلد يومَها على التّهديدات الإسرائيلية التي بناها المشاركون في المؤتمر على خلفيّة القول إنّه لا يمكن التمييز بين القوّتين"، أي الجيش اللبناني و"حزب الله"، وأنّهما "هدفان لها في أيِّ حرب بالمستقبل، بقوله إنّ الجيش اللبناني هو "قوّةُ توازن محتمَل في وجه جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران".
ولما قال وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان في المؤتمر إنّ "الجيش اللبناني تابع لـ"حزب الله" الأفضل تجهيزاً"... ردّ عليه ساترفيلد بما معناه: "نحن نُصرّ على دعم الجيش للوقوف في وجه رغبة "حزب الله" في توسيع نفوذه هناك".
ولا يمكن تجاهل تلاقي الموقف الديبلوماسي الأميركي والقرارات الأميركية المتّخذة على المستوى العسكري والتي يُترجمها قائد المنطقة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتيل الذي خلف في موقعه وزير الدفاع الحالي جيمس ماتيس وهو ما يُعزّز صلابة الموقف الأميركي من لبنان ويُعزّز الثقة اللبنانية بهذا الدور.
وأمام الربط بين الموقفَين الأميركيَّين الديبلوماسي والعسكري، يُرحّب لبنان بزيارة تيليرسون ويَبني عليها لمجرّد شمول جولته هذه المرة بيروت. ورغم القول إنّ ساترفيلد يتابع ملفّ الجدار الإسرائيلي على طول الخط الأزرق، فهو يأخذ في الإعتبار رفض لبنان لاستكمال بناء الجدار إذا كان سيشمل النقاط الثلاثة عشر المرفوضة على طول الخط الأزرق، كما أنّ المباحثات شملت أيضاً الإدّعاءات الإسرائيلية بملكيّة "البلوك الغازي التاسع" في المياه الإقليمية اللبنانية.
لذلك، سيتبلّغ ساترفيلد خلال لقاءاته في بيروت ما سمعه من رئيس الحكومة سعد الحريري لجهة الموقف اللبناني المتصلّب من الجدار والبلوك الغازي. ولن يكون مضطراً للدفاع عن وجهة نظر إسرائيل، فالوثائقُ التي أودعت الأمم المتّحدة واضحة ولا تقبل الجدلَ القانوني، وهو سيتسلّح في مفاوضاته بالآراء الأميركية السابقة المؤيّدة للبنان معطوفة على القرار الذي صدر أمس عن مجلس الدفاع الأعلى في هذين الملفّين، خصوصاً أنّ لبنان يرفض أيَّ مفاوضات لبنانية - إسرائيلية مباشرة كما تريدها تل أبيب.
والى أن يصل تيليرسون الى بيروت الأسبوع المقبل، ستكون الإتصالاتُ قد نضجت ولا سيما أنّ موعد هذه الزيارة سيَلي توقيع الإتّفاقات مع الشركات الثلاث التي تعهّدت بالبحث عن الثروة اللبنانية في البلوكين 4 و9 لتفرض وجهة النظر اللبنانية بنداً نهائياً على جدول اعمال تيليرسون، علماً أنّ الموقف اللبناني ممّا يجري في سوريا ولبنان واضح وصريح ولن يكون مفاجِئاً للإدارة الأميركية.
جورج شاهين - "الجمهورية" - 8 شباط 2018
إرسال تعليق