0
«البيان الحكومي» المنتظر اعلانه في اول جلسة لمجلس الوزراء، ليكون مدخلاً او مخرجاً لعودة سعد الحريري نهائياً عن استقالته، لا يمكن القول انه صناعة وطنية مئة بالمئة، لأن جميع المعلومات تشير الى ان فرنسا المدعومة اميركياً وسعودياً، تصرّ على ان يكون البيان واضحاً وصريحاً ودقيقاً وصارماً، حول المطالب التي تضمنها تصريح استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، ورهن تريّثه بالاستجابة لها، فعلاً لا قولاً، ما يعني ان الوضع في لبنان لم يعد شأناً داخلياً صرفاً، بل هو ايضاً شأن دولي، وجاء قرار مجلس الأمن غير المسبوق في مثل هذه الحالات، لتأكيد اهتمام المجتمع الدولي بالوضع اللبناني ووضعه تحت المراقبة الدائمة، كما ان اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان، يوم الخميس المقبل في 8 كانون الاول الجاري، سيخرج، وفق معلومات صحافية فرنسية، بمقررات لدعم لبنان في مجالات عديدة، لا تخرج في مضمونها عمّا اتى في استقالة الحريري، تأكيداً على أن لبنان ليس وحيداً في محنته.
 
في هذه الفترة التي تفصلنا عن موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصصة تحديداً لاعلان «البيان الحكومي» المتضمن تعهداً مضموناً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن حالة «النأي بالنفس» عن صراعات دول المنطقة ومشاكلها، ستحترم بدقة، تحوّلت الساحة السياسية اللبنانية الى برج بابل كبير، كثرت فيه الشائعات والتسريبات والتهديدات المبطّنة والمكشوفة، ويصبّ معظمها في خانة توسيع الخرق بين حزب القوات اللبنانية من جهة، وبين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، من جهة ثانية، لمنعها من التفاهم ووصل ما انقطع منذ استقالة الحريري، وتثار امور بالغة الخطورة وتهدد السلم الأهلي، عندما يجري الحديث عن عزل حزب القوات وباقي الاحزاب السيادية مثل الكتائب والوطنيين الاحرار، والشخصيات المستقلة ذات الشعبية المحترمة والمنضوية في قوى 14 اذار، وهي تمثّل تحديداً جماهير واسعة من المسيحيين، بحيث تذكرنا هذه الدعوات المشبوهة بخطيئة عزل حزب الكتائب في العام 1975، وما جرّه من ويلات على لبنان واللبنانيين، والذي اعترف الجميع لاحقاً بأنه كان خطأ مميتاً.

أن ينأى لبنان بنفسه عن صراعات المنطقة، يعني انه يحيّد نفسه عن هذه الصراعات، ولا يتدخل فيها من قريب او بعيد، وهذا التحييد لا يقف دون ابداء الرأي، في بلد حرّ مثل لبنان، ولكن في حدود احترام القوانين المرعية الاجراء، بحيث يحافظ على العلاقات الطيّبة مع الدول العربية الشقيقة، واي دولة اخرى صديقة، حتى ان الحياد الذي يطالب به حزب الكتائب بديلاً عن النأي بالنفس، يعطي النتيجة ذاتها ولكن بشكل افضل، والقول إن الحياد يعني الحياد عن الاعتداءات الاسرائيلية، واجرام المنظمات الارهابية، هو قول مرفوض وغير منطقي، لأن لبنان كدولة عربية ملتزم بنصرة القضية الفلسطينية، كما هو ملتزم بمحاربة الارهاب، ولذلك فإن النأي بالنفس، او التحييد، او الحياد، معانٍ مختلفة لمفهوم واحد، كان يجب على لبنان ان يلتزم بواحدة منها منذ وقت طويل، ويوفّر على نفسه المعاناة الصعبة التي مرّ بها في خلال عقود من الزمن.
 
في نهاية الأمر، نأمل أن يكون موقف الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح: بمدّ اليد للتحالف العربي والدخول في حوار لوقف الحرب المدمّرة التي يشهدها اليمن، عاملاً مساعداً ليرتاح لبنان من مشكلة اساسية، من ضمن المشاكل العديدة التي تقسم اللبنانيين وتضعف لبنان.

فؤاد أبو زيد - "الديار" - 3 كانون الأول 2017

إرسال تعليق

 
Top