0
يدخل لبنان في مرحلة الاختبار الجدي أمام المجتمع الدولي للتأكد من مدى التزامه التأييد غير المسبوق الذي ناله من قبل مجموعة الدعم الدولية في اجتماعها في باريس، والتي أرادت من خلال البيان الصادر عنها، توجيه رسالة إلى كل من يعنيهم الأمر، بأن هذا البلد الذي يقع في منطقة مشتعلة بالنزاعات العسكرية والسياسية، غير متروك، وأنه يتمتع بحماية دولية مباشرة لضمان أمنه واستقراره ليكون في مقدوره التغلب على مشكلاته السياسية والاقتصادية.

ويقول مصدر وزاري واكب التحضيرات لعقد اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، إن "الرعاية الأممية له كانت وراء عودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته، لأن وجوده على رأس حكومة "استعادة الثقة" يشــكل عامل اطمئنان للمجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه العمود الفقري لاستقرار البلد ومنع إعادته إلى المربع الأول الذي عانى منه لبنان، بسبب الشغور في رئاسة الجمهورية، الذي انعكس شللاً وتعطيلاً للمؤسسات الدستورية وللإدارات العامة".


ويؤكد المصدر الوزاري نفسه، لـ "الحياة"، أن "عودة الحريري عن استقالته أعادت لبنان إلى الخريطة الدولية وفتحت الباب أمامه للانصراف إلى تصحيح علاقاته بعدد من الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج العربي، وبالتالي يجب الإفادة من الحاضنة الدولية له وعدم التفريط بها لأنها قد تشكل الفرصة الأخيرة له للانتقال إلى بر الأمان، شرط عدم انخراطه في أي محور من المحاور العربية".


وبكلام آخر رأى المصدر الوزاري ذاته أن "المجتمع الدولي وفّر للبنان شيكاً سياسياً يبقى عليه أن يعرف كيف يصرفه في المكان الصحيح لئلا يتحول إلى شيك بلا رصيد". وقال إنه "رسم له خريطة الطريق التي تمكنه من الحفاظ على استقراره، وأن ما تضمنته من بنود ستبقى موضع متابعة ومواكبة من قبل المجتمع الدولي وهذا ما يتطلب منه ترسيم الحدود لعلاقاته العربية والخارجية لئلا يقع في المحظور الذي تتلاشى معه كل مفاعيل الحاضنة الدولية للبنان".

علاقات الأطراف في ضوء البيان
ولفت المصدر إلى أن "العلاقات بين الأطراف المحلية ستبقى تحت سقف ما ورد من بنود في البيان الاختتامي لمجموعة الدعم الدولية للبنان". وقال إن "التعاطي مع ملف النازحين السوريين في لبنان لن يبقى خاضعاً للبازار السياسي أو للاجتهاد والتأويل من هذا الطرف أو ذاك، خصوصاً من جانب الأطراف التي تدعو إلى تطبيع العلاقة مع النظام في سوريا بذريعة أنه المدخل الوحيد لإعادتهم إلى بلداتهم وقراهم".


وأكد أن "تشديد بيان مجموعة الدعم على العودة الآمنة والكريمة للنازحين السوريين بعيداً من القسرية وبالتنسيق مع المجتمع الدولي وتحديداً الأمم المتحدة، يعني أنه أعاد هذا الملف إلى مساره الأممي وبالتالي وضع حداً للمحاولات المبذولة من الأطراف المحلية المنتمية إلى محور الممانعة ومعها "التيار الوطني الحر" من أجل القفز فوق دور الأمم المتحدة في رعاية عودتهم باعتبارها وحدها المعنية بتحديد المناطق الآمنة لعودتهم إلى بلداتهم في سوريا".


وتوقّف المصدر الوزاري أمام إعادة التذكير بالقرار الدولي 1559 ومفاعيله المتعلقة بسحب السلاح من الميليشيات في لبنان وقال إن "هذا يعني أن هذه المسألة الشائكة ما زالت مطروحة ولم تسحب من التداول على رغم أن بعض الأطراف أحجم منذ فترة عن طرحها".

كما توقف أمام تطرق بيان المجموعة الدولية لدعم لبنان إلى الإصلاحات وكأن من وقّع على هذا البيان أراد التذكير أيضاً بضرورة مكافحة الفساد وإصلاح الإدارات والمؤسسات العامة، وصولاً إلى اعتماد الشفافية ومبدأ المحاسبة.

واعتبر المصدر أن "تضمين البيان إشارة واضحة إلى عزم الأطراف الموقّعة عليه التحضير لثلاثة مؤتمرات، الأول في روما لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، والثاني في باريس لتوفير الدعم للاقتصاد اللبناني، والثالث في بروكسيل ويتعلق بمساعدة لبنان للتخفيف عن الأعباء الملقاة على عاتقه نتيجة استضافته النازحين السوريين، ما هو إلا تعبير عن "النيات الحسنة" للمجتمع الدولي حيال لبنان شرط أن يظهر تشدداً في التزامه ما ورد في البيان، خصوصاً بالنسبة إلى الحفاظ على استقراره والالتفات إلى مشكلاته الداخلية".

"الحياة" - 11 كانون الأول 2017

إرسال تعليق

 
Top