رأى مصدر قريب من «القوات اللبنانيّة» أنّه يُمكن بسهولة مُلاحظة وُجود مُحاولات مُتصاعدة من جانب بعض قوى «8 آذار» لإضعاف «القوّات» ولعزلها سياسياً إذ تحوّلت الحملات السياسيّة والإعلاميّة المُتقطّعة عليها، إلى حملات مُركّزة ومُتواصلة في الآونة الأخيرة. وأضاف أنّ خُصوم «القوّات» استغلّوا بعض الثغر والمطبّات التي مرّت بها علاقتها مع كل من «تيّار المُستقبل» و«التيار الوطني الحُرّ» في الماضي القريب، لتقليب الرأي العام الداعم لهذين الطرفين السياسيّين الأساسيّين على الساحة اللبنانية، عليها. وإذ رفض المصدر القريب من «القوّات» الخوض في تفاصيل هذه الخلافات التي تفاقمت في الأسابيع القليلة الماضية، اكتفى بالقول إنّ الخلاف مع بعض مسؤولي «تيّار المُستقبل» جاء نتيجة إطلاقهم اتهامات غير صحيحة ضد «القوات» ما ساهم في حرف الاهتمام عن جوهر المُشكلة التي يُعاني منها لبنان حاليًا، والتي يُطالب رئيس الحُكومة سعد الحريري نفسه بتصحيحها، لجهة وقف تدخلات «حزب الله» خارج لبنان، وإنّ الخلاف مع بعض مسؤولي «الوطني الحُرّ» جاء نتيجة تبنيهم سياسة هُجومية تجاه «القوّات» علمًا أنّ معركة «القوّات» السياسيّة ليست معهم ولا تستهدف العهد. وأكّد المصدر القريب من «القوّات» وُجود العديد من المساعي والجُهود على أكثر من خط ومُستوى، لإعادة الأمور إلى سابق عهدها، مُشيرًا إلى أنّ الساعات الماضية حملت تقدّمًا في هذا المجال، والأسبوع المُقبل سيحمل خطوات ملموسة وأكثر وُضوحًا نحو مُعالجة الوضع، في حال صفت النيّات. ورأى المصدر نفسه أنّ مُحاولات الإيقاع بين «القوّات» وكل من «المُستقبل» و«الوطني الحُرّ» ترمي إلى مُحاولة إخراج «القوّات» من السُلطة التنفيذيّة على المدى القريب، وإلى مُحاولة منعها من تكوين تحالفات انتخابيّة مُهمّة على المدى المتوسّط، وإلى مُحاولة عزلها وإضعافها بشكل كبير على مُستوى الحياة السياسيّة الداخلية على المدى البعيد.
أوساط سياسيّة مُطلعة في قوى «14 آذار» سجّلت بدورها حملة مُتصاعدة لضرب ما تبقى من قوى «14 آذار» بهدف تشتيتها أكثر فأكثر، وجعلها غير مُؤثّرة سياسيا، وغير قادرة على الوقوف في وجه مُحاولات جعل لبنان في «محور المُقاومة» من أعلى الهرم نُزولاً. وتحدّثت هذه الأوساط عن مُحاولات مُتكرّرة لضرب العلاقة بين «القوات اللبنانية» و«التيّار الوطني الحُرّ» تسلّلت إنطلاقًا من الخلافات بين الطرفين على كل من أسلوب إدارة الحُكم، وعلى التعيينات في إدارات الدولة، وعلى إدارة المُناقصات والمشاريع، حيث روّج خُصوم «القوّات» بأنّها تسعى لعرقلة إنجازات «العهد» وإصلاحات «الوطني الحُرّ»، قبل أن تتعاظم هذه المُحاولات انطلاقا من مُسارعة «القوات» إلى مُلاقاة إعلان رئيس الحكومة استقالته من الرياض بإعلان جهوزيتها لدعم خطوته، بحيث جرى تقليب «التيّار الوطني الحُرّ» على «القوّات» بحجّة أنّها تريد إفشال العهد الرئاسي وإسقاط التسوية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، على الرغم من تأكيد «القوّات» أنّ التسوية الرئاسية صامدة، لكن التسوية الحكوميّة هي التي سقطت بفعل خروج «حزب الله» على مبادئ البيان الوزاري.
ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة في قوى «14 آذار» إلى أنّ ضرب علاقة «القوّات» مع «تيّار المُستقبل» تسلّل انطلاقا من تباعد في الرؤية على مُستوى أسلوب مُواجهة «حزب الله»، ومن خلافات بشأن التعامل مع أزمة الفراغ على مُستوى رئاسة الجُمهورية وسبل معالجته والترشيحات المُتقابلة التي تلت ذلك، وكذلك من خلافات على مُستوى التحالفات والحصص الانتخابية في أكثر من دائرة، ومن تباينات في الأداء الحُكومي على مُستوى المشاريع والحُصص، قبل أن تتعاظم أخيرًا بعد نجاح إعلام «8 آذار» في الترويج لمقولة أنّ رئيس «القوات» الدُكتور سمير جعجع روّج لدى القيادات السعوديّة بأنّ رئيس «تيّار المُستقبل» ضعيف وغير قادر على المُواجهة، وأنّ هذا التحريض هو الذي دفع المسؤولين السعوديّين المَعنيّين بالملفّ اللبناني إلى مُحاولة سحب البساط من تحت الحريري.
وشدّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة في قوى «14 آذار» على أنّ وضع قوى «14 آذار» الحالي غير سليم، إذ انّ الأمور تجاوزت مرحلة تفرّق وتشتّت هذه القوى، لتُصبح أخطر من ذلك بكثير، مع بروز عدة انقسامات وخلافات بين أبناء الصف السياسي الواحد سابقًا. وذكّرت أنّه في العام 2009، كانت اللوائح الانتخابيّة تضمّ مُرشّحين عن كل من «تيار المُستقبل» و«القوّات اللبنانيّة» و«الكتائب اللبنانيّة» و«الحزب التقدمي الإشتراكي» والشخصيّات المُستقلّة المحسوبة على قوى «14 آذار» جنبا إلى جنب، وسألت: «أين نحن اليوم من هذا التحالف، مع تغريد «الكتائب» خارج السرب، ومع حياد «الاشتراكي»، ومع ابتعاد أو إبعاد الشخصيّات المُستقلّة عن الواجهة، ومع تراكم الخلافات بين «القوات» و«المُستقبل»؟ ونبّهت هذه الأوساط إلى أنّ ما يحصل حاليا هو تطبيق واضح لمبدأ «فرّق تسد»، مُحذّرة من سُقوط ما تبقّى من قوى سياديّة ضُمن «14 آذار» في فخّ التفرقة، لينتقل لبنان إلى واقع سياسي مُختلف تماما عمّا استشهد من أجله العديد من شخصيّات «14 آذار».
ناجي سمير البستاني - "الديار" - 3 كانون الأول 2017
إرسال تعليق