يتحضر تيار المردة برئاسة الوزير سليمان فرنجية للانتخابات النيابية كغيره من الاحزاب والقوى السياسية، ويعمل على ايجاد تحالفات قوية كي يحصل على كتلة نيابية كبيرة.
يشبك فرنجية علاقاته بدقة وعناية تحضيراً للتحالفات، فمنذ اسبوعين زار فرنجية المرشح الرئاسي السابق لسعد الحريري في بيت الوسط في زيارة كانت متوقعة وطال انتظارها، اللقاء لم يكن مفاجئاً للطرفين كون العلاقة حافظت على مستواها السياسي والاخلاقي بين فرنجية والحريري ولتفهم واضح من قبل فرنجية لمقتضيات موقف الحريري قبل نحو سنة بالتخلي عن ترشيحه مقابل السير بخيار ميشال عون. فالعلاقة بين زغرتا وبيت الوسط حافظت على مستويات معتدلة في اصعب المراحل السياسية عندما أوصد التيار الوطني الحر ابوابه في وجه فرنجية على خلفية الانتخابات الرئاسية وبعد وصول ميشال عون الى بعبدا ونشوء حالة الغرام المستحيل بين القوات والتيار الوطني الحر، فحاول التيار الوطني الحر التعاطي بكيدية سياسية مع الخصم الرئاسي في حينه ومورست شتى انواع الترهيب على المردة لعدم دخول حكومة سعد الحريري ليتبين فيما بعد ان المردة دخلت الحكومة بفعل الضغط وما مارسته عين التينة والضاحية لحماية الحليف في زغرتا من قمع وبطش التحالف المسيحي عليه ومحاولة رميه خارج حكومة العهد الاولى.
وفي حين بدا الحرص قائماً بين الحريري وفرنجية في فترة "الظلم السياسي" الذي وقع على المردة على حماية المردة فان العلاقة بين التيار الوطني الحر والمردة اتّسمت بالسوداوية في السنة الاولى من عمر العهد قبل ان يحصل تموضع سياسي جديد بعد حادثة السعودية. فالامور بقيت في الايام الاولى من العهد باردة بين الرئيس وفرنجية حيث اوصدت بعبدا الاقفال في وجه اي تقارب، في حين كان تفاهم معراب يفعل المعجزات بين جعجع وعون وبين القوات والتيار الوطني الحر، فان فرنجية وجد نفسه ملزماً على تحالفات سياسية جديدة مع الاخصام السياسيين الماضيين لمواجهة التسونامي القواتي العوني الذي كان يتم التجهيز له، فيما كان التيار يعد العدة لضرب فرنجية في عقر داره فكان على وشك الانتهاء من اللمسات الاخيرة على تحالفات من دون المردة. لكن الحدث السعودي باجبار الحريري على الاستقالة قلب المشهد رأساً على عقب، فاصبح الحلفاء اخصام والاخصام حلفاء، فحزب الله خاض معركة استرجاع سعد الحريري الى جانب رئيس الجمهورية فيما بقي موقف سمير جعجع الحليف الأزلي في 14 آذار لسعد الحريري ملتبساً، هذه التداعيات غيرت المشهد كثيراً واكثر من شملهم التغيير الجديد تيار المردة، الذي بات على مسافة ممتازة من سعد الحريري وتبدلت احواله مع التيار العوني ومع بعبدا، فاذا بالعلاقة بين بعبدا وزغرتا تشهد تطوراً مفاجئا بعدما كان حزب الله حاول جاهداً في مراحل كثيرة وبطرق ديبلوماسية ان يكون فاعلاً في ترتيب العلاقة التي تصدعت بين ميشال عون وسليمان فرنجية وترميم بيت 8 آذار بعد كل ما حصل بعد الانتخابات الرئاسية، ولكن بدون جدوى في حينه.
حتى الساعة لم تسجل خطوات حاسمة في مسألة تموضع المردة الانتخابي، فالتحالف الانتخابي يفترض ان يسبقه اتفاق سياسي ولم تحصل المصالحة الكاملة بعد مع التيار الوطني الحر، وان كانت الاشارات الايجابية كثيرة من رئيس التيار جبران باسيل الى زغرتا بأن "كل شيء وارد" في موضوع التحالف مع المردة مما يفتح المجال للتكهن بحصول اختراق وتطور قريب على مستوى العلاقة بين التيار والمردة، وان كان الموضوع بين المردة والتيار يبدأ أولاً وآخراً عند باسيل، الخصم الافتراضي في البترون وباعتبار ان القصة تتمحور بين البترون وزغرتا في الانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية.
أما على جبهة معراب فان المراوحة على حالها وحدود التقارب هي نفسها التي قامت من بضعة اشهر من خلال التواصل بين القوات والمردة، فالعقلانية السياسية تقود الى مسألة ان التحالف الانتخابي بين القوات والمردة امر معقد، ودونه وقوع فرنجية في مواجهة مع المحور الممانع والداعم لسوريا وللمقاومة اولاً ولان التقارب يستلزم معطيات ليست متوفرة بعد، فالقوات لا تمر بافضل مراحلها راهناً بعكس المردة التي تحافظ على علاقة مقبولة مع الجميع من حلفاء واخصام سياسيين. فالاتصالات مع القوات لم تتوقف لكن ليس بالضروري ان تؤدي الى نتائج وتحالفات انتخابية، فلا يمكن لفرنجية ان يسدد ضربة لمحوره الاستراتيجي بتحالفات لا تنسجم مع ما يريده فريقه السياسي، من هنا يمكن القول ان طريق زغرتا قد تصبح سالكة في اي وقت امام رحلات باسيل الذي انتقل في اليومين الماضيين من صيدا الى الشمال بزيارت لا تخلو من الطابع الانتخابي، فهل يحصل الانتقال قريبا في مفاجأة الاعياد الى زغرتا، ام ان الأمور تحتاج الى نضج سياسي لم يتوفر بعد، واذا كان فرنجية لبى بسرعة دعوة القصر في مرحلة التشاور والبحث عن الحريري الذي اختفى في الرياض فهل الموضوع اليوم يستدعي مبادرة من التيار الوطني الحر باتجاه المردة، وبالنتيجة فان السؤال من يسبق من في انجاز التموضع السياسي والانتخابي، القوات ام التيار الوطني الحر؟ ثمة من يعتبر ان الحريري يلعب دوراً في فك العقد بين الأزرق والبرتقالي، وثمة من يرى ان المردة لا يمكن ان تتحالف مع معراب او تخرج من عباءتها في 8 آذار وحلفائها السابقين، وثمة من يعتبر ان كل شيء بات قابلاً للتبدل وخاضعاً للظروف، ومن ضمن هذه المعادلة هناك من يقول ان التحالفات الانتخابية ستكون مضبوطة على الساعة الاقليمية، وان الحريري ايضاً قد لا يكون قادراً ايضاً على الذهاب بعيداً في استفزاز السعودية والذهاب الى التحالف مع المحور الآخر.
ابتسام شديد - "الديار" - 21 كانون الأول 2017
يشبك فرنجية علاقاته بدقة وعناية تحضيراً للتحالفات، فمنذ اسبوعين زار فرنجية المرشح الرئاسي السابق لسعد الحريري في بيت الوسط في زيارة كانت متوقعة وطال انتظارها، اللقاء لم يكن مفاجئاً للطرفين كون العلاقة حافظت على مستواها السياسي والاخلاقي بين فرنجية والحريري ولتفهم واضح من قبل فرنجية لمقتضيات موقف الحريري قبل نحو سنة بالتخلي عن ترشيحه مقابل السير بخيار ميشال عون. فالعلاقة بين زغرتا وبيت الوسط حافظت على مستويات معتدلة في اصعب المراحل السياسية عندما أوصد التيار الوطني الحر ابوابه في وجه فرنجية على خلفية الانتخابات الرئاسية وبعد وصول ميشال عون الى بعبدا ونشوء حالة الغرام المستحيل بين القوات والتيار الوطني الحر، فحاول التيار الوطني الحر التعاطي بكيدية سياسية مع الخصم الرئاسي في حينه ومورست شتى انواع الترهيب على المردة لعدم دخول حكومة سعد الحريري ليتبين فيما بعد ان المردة دخلت الحكومة بفعل الضغط وما مارسته عين التينة والضاحية لحماية الحليف في زغرتا من قمع وبطش التحالف المسيحي عليه ومحاولة رميه خارج حكومة العهد الاولى.
وفي حين بدا الحرص قائماً بين الحريري وفرنجية في فترة "الظلم السياسي" الذي وقع على المردة على حماية المردة فان العلاقة بين التيار الوطني الحر والمردة اتّسمت بالسوداوية في السنة الاولى من عمر العهد قبل ان يحصل تموضع سياسي جديد بعد حادثة السعودية. فالامور بقيت في الايام الاولى من العهد باردة بين الرئيس وفرنجية حيث اوصدت بعبدا الاقفال في وجه اي تقارب، في حين كان تفاهم معراب يفعل المعجزات بين جعجع وعون وبين القوات والتيار الوطني الحر، فان فرنجية وجد نفسه ملزماً على تحالفات سياسية جديدة مع الاخصام السياسيين الماضيين لمواجهة التسونامي القواتي العوني الذي كان يتم التجهيز له، فيما كان التيار يعد العدة لضرب فرنجية في عقر داره فكان على وشك الانتهاء من اللمسات الاخيرة على تحالفات من دون المردة. لكن الحدث السعودي باجبار الحريري على الاستقالة قلب المشهد رأساً على عقب، فاصبح الحلفاء اخصام والاخصام حلفاء، فحزب الله خاض معركة استرجاع سعد الحريري الى جانب رئيس الجمهورية فيما بقي موقف سمير جعجع الحليف الأزلي في 14 آذار لسعد الحريري ملتبساً، هذه التداعيات غيرت المشهد كثيراً واكثر من شملهم التغيير الجديد تيار المردة، الذي بات على مسافة ممتازة من سعد الحريري وتبدلت احواله مع التيار العوني ومع بعبدا، فاذا بالعلاقة بين بعبدا وزغرتا تشهد تطوراً مفاجئا بعدما كان حزب الله حاول جاهداً في مراحل كثيرة وبطرق ديبلوماسية ان يكون فاعلاً في ترتيب العلاقة التي تصدعت بين ميشال عون وسليمان فرنجية وترميم بيت 8 آذار بعد كل ما حصل بعد الانتخابات الرئاسية، ولكن بدون جدوى في حينه.
حتى الساعة لم تسجل خطوات حاسمة في مسألة تموضع المردة الانتخابي، فالتحالف الانتخابي يفترض ان يسبقه اتفاق سياسي ولم تحصل المصالحة الكاملة بعد مع التيار الوطني الحر، وان كانت الاشارات الايجابية كثيرة من رئيس التيار جبران باسيل الى زغرتا بأن "كل شيء وارد" في موضوع التحالف مع المردة مما يفتح المجال للتكهن بحصول اختراق وتطور قريب على مستوى العلاقة بين التيار والمردة، وان كان الموضوع بين المردة والتيار يبدأ أولاً وآخراً عند باسيل، الخصم الافتراضي في البترون وباعتبار ان القصة تتمحور بين البترون وزغرتا في الانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية.
أما على جبهة معراب فان المراوحة على حالها وحدود التقارب هي نفسها التي قامت من بضعة اشهر من خلال التواصل بين القوات والمردة، فالعقلانية السياسية تقود الى مسألة ان التحالف الانتخابي بين القوات والمردة امر معقد، ودونه وقوع فرنجية في مواجهة مع المحور الممانع والداعم لسوريا وللمقاومة اولاً ولان التقارب يستلزم معطيات ليست متوفرة بعد، فالقوات لا تمر بافضل مراحلها راهناً بعكس المردة التي تحافظ على علاقة مقبولة مع الجميع من حلفاء واخصام سياسيين. فالاتصالات مع القوات لم تتوقف لكن ليس بالضروري ان تؤدي الى نتائج وتحالفات انتخابية، فلا يمكن لفرنجية ان يسدد ضربة لمحوره الاستراتيجي بتحالفات لا تنسجم مع ما يريده فريقه السياسي، من هنا يمكن القول ان طريق زغرتا قد تصبح سالكة في اي وقت امام رحلات باسيل الذي انتقل في اليومين الماضيين من صيدا الى الشمال بزيارت لا تخلو من الطابع الانتخابي، فهل يحصل الانتقال قريبا في مفاجأة الاعياد الى زغرتا، ام ان الأمور تحتاج الى نضج سياسي لم يتوفر بعد، واذا كان فرنجية لبى بسرعة دعوة القصر في مرحلة التشاور والبحث عن الحريري الذي اختفى في الرياض فهل الموضوع اليوم يستدعي مبادرة من التيار الوطني الحر باتجاه المردة، وبالنتيجة فان السؤال من يسبق من في انجاز التموضع السياسي والانتخابي، القوات ام التيار الوطني الحر؟ ثمة من يعتبر ان الحريري يلعب دوراً في فك العقد بين الأزرق والبرتقالي، وثمة من يرى ان المردة لا يمكن ان تتحالف مع معراب او تخرج من عباءتها في 8 آذار وحلفائها السابقين، وثمة من يعتبر ان كل شيء بات قابلاً للتبدل وخاضعاً للظروف، ومن ضمن هذه المعادلة هناك من يقول ان التحالفات الانتخابية ستكون مضبوطة على الساعة الاقليمية، وان الحريري ايضاً قد لا يكون قادراً ايضاً على الذهاب بعيداً في استفزاز السعودية والذهاب الى التحالف مع المحور الآخر.
ابتسام شديد - "الديار" - 21 كانون الأول 2017
إرسال تعليق