0
بتسوية "أقل الأضرار الممكنة" ، طوت السلطة السياسية صفحة استقالة الرئيس سعد الحريري ببيان اقتصر على تأكيد النأي بالنفس عن صراعات المنطقة. غير أن هذا المشهد لم يشف غليل كثير من خصوم حزب الله الذين لم ينسوا بعد قفز الضاحية بعيدا فوق "إعلان بعبدا" الذي كان الحزب التزم به بلسان ممثله في طاولة الحوار عام 2011 النائب محمد رعد. وفيما كانت الحكومة تكتب الفصل الأخير من قصة استقالة الحريري، كانت المعارضة تخوض فصلا جديدا من معركة المواجهة مع السلطة القضائية، والتي بدا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل (الذي أحيل تصريحه من بكركي إلى النيابة العامة التمييزية باعتباره "إخبارا")، مصرا على المضي فيها حتى النهاية، بوصفها محاولة لإسكات المعارضين في بلد يتغنى بالحريات.

وفي معرض التعليق على المشهد السياسي والقضائي الذي أفرزته الأيام الأخيرة ، قال الرئيس أمين الجميّل في حديث لـ "المركزية": "لا أذكر أن البلد مر بهذا الجو من العقم السياسي والفراغ الفكري، وكأنه فقد نقطة إرتكازه. لم نعرف كيف بدأت ولا ما انتهت إليه أزمة الاستقالة. ينطبق على هذه الصورة المثل القائل: "تمخض الجبل، فولد فأرا". لم أقرأ في حياتي بيانا بهذا الكم من الفراغ، إلى حد أنه لم يقل شيئا، ويريدون أن يقنعوا الناس أن الأمور على ما يرام و"قوموا تا نهني".

وكشف الجميّل أن "أكثر ما يؤلمني يكمن في أن موقف حزب الله وحلفائه معروف منذ سنوات. لكن أن يشارك في هذه الهرطقات فريق كان يعد رأس حربة في الدفاع عن سيادة البلد واستقلاله، وقد سقط في صفوفه عدد من الشهداء الذين شهدوا للحق والسيادة والحريات، وأن يقبل هذا الفريق السير في هذا المسار الذي لا يوصف. هنا تماما مكمن العتب والقلق من هذه الظاهرة، ذلك أن بالنسبة إلى البعض، لم يتغير شيء، لكن ما تغير هو الفريق الذي كان يعتبر نفسه حاميا للثوابت الوطنية".

في تعليق على الجلسة الحكومية وكونها أمّنت مخرجا لحفظ ماء وجه الرئيس الحريري، في ظل الكلام عن أن بعض المكونات الحكومية لم تتسن لها قراءة البيان، لفت إلى أن "هذه الحجة أخطر، لأن كلاما من هذا النوع يعني أننا نبصم على بياض، علما أن الحكومة وحدة كاملة لا تتجزأ، والبصم جاء بالاجماع، والحقيقة أنني لم أعد أعرف إذا كنا لا نزال قادرين على حفظ ماء وجه الدولة ككل، قبل الكلام عن الأشخاص"، داعيا الفريق الذي لا يخفي انزعاجه من الصفقات والهرطقات الحكومية إلى اتخاذ موقف واضح، لأن اعتماد طريقة "ببكي وبروح لا تبني بلدا"، مطالبا حزب الله بأن "يرحم البلد".

وفي تعليق على المواجهة القضائية بين النائب سامي الجميّل ووزير العدل سليم جريصاتي، على خلفية ملف بواخر الكهرباء، التي أدرجها كثيرون في سياق معركة مرتبطة بالحريات، أشار الرئيس الجميل إلى أن "هذا النوع من الممارسات والهرطقات يفسر القمع الذي يتعرض له الرأي العام. أي أن ما يجري طبيعي نسبة إلى العقلية السائدة اليوم، والنهج القائم والأهداف الخطيرة المرجوة من هذا الأمر، علما أنها بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية وسيادة البلد، فيما سبب وجود لبنان يكمن أولا في الديموقراطية والحريات. لكن تبعا للمشهد السائد، كان من الطبيعي والمتوقع أن يتم الركون إلى هذا النوع من الضغوط والوسائل لكم الأفواه لأن الحقيقة تجرح".

وعن ردة الفعل الكتائبية العكسية التي أعطت الصيفي إشارة واضحة عنها أمس على لسان نائب المتن، نبه إلى أن "كل صوت حر يزعجهم"، مشيرا إلى "بعض الأصوات "الفاجرة" التي تعبر عن بعض وجهات النظر، باستخدام تعابير بذيئة في حق مقامات مهمة جدا محصنة بموجب الدستور والقانون التي تفتح لها كل المنابر والوسائل الاعلامية. لكن إذا تفوه أحد بكلمة تزعجهم، يهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور".

وشدد على "أننا لم نعتمد يوما حسابات "دكنجية" لا في حزب الكتائب، ولا في عائلة الجميل. لم يستشهد شقيقي (الرئيس) بشير، ولا ابني (الوزير الشهيد) بيار، ولا ابنة شقيقي الطفلة مايا ولا أمين أسود (ابن شقيقة الرئيس الجميّل) لأسباب "دكنجية". حزب الكتائب نذر نفسه في سبيل قضية معينة سيواصل الدفاع عنها.

وعن احتمال عقد اجتماعات لتجمع رؤساء الجمهورية السابقين، أكد الجميّل "أننا نتواصل في ما بيننا، ونشعر بحال من القرف، غير أن ظروف البعض قد تحرجهم وتمنعهم من التعبير عن رأيهم. لكن هذا لا ينفي أن الرأي العام المخلص والصادق والذي يحب لبنان والمتمسك بالسيادة والحرية ليس مرتاحا إلى الوضع العام الراهن. وأنا أخشى أن يزداد مع الوقت قمع الحريات التي بات يطال سياسيين وإعلاميين". 

"المركزية" - 6 كانون الأول 2017

إرسال تعليق

 
Top