مع دخولها في مدار عيد الميلاد، تبدو بيروت وكأنها في مرمى "رياح متعاكسة"، واحدة تحمل ارتياحاً الى "هديّة النأي بالنفس" التي كانت سمحتْ بإعادة الواقع السياسي الى سكة التسوية عبر تراجُع رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته الصادِمة، والثانية معبّأة بارتيابٍ من أن هذه "الهدية مسمومة" بالمناخات "العاصِفة" في الإقليم والتي تشكّل "فتائل تفجير" تقف وجهاً لوجه أمام "مانعةِ الصواعق" الخارجية التي نُصبت فوق لبنان تحت عنوان "الاستقرار أوّلاً".
ويطلّ 2018 على اختباراتٍ بالغة الدقة لتفاهُم النأي بالنفس عن أزمات المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وسط مؤشراتٍ مثيرةٍ للقلق تطايرتْ من "البالستي" على الرياض الذي "وقّعه" الحوثيون ومن خلفهم إيران بعنوان "افتتاح مرحلة جديدة من المواجهة مع السعودية" والذي استدرج موقفيْن متعارضيْن من الحريري شجْباً لـ "هذا الأسلوب العدواني" ومن "حزب الله" الذي عاود مهاجمة المملكة والدفاع عن الحوثيين، قبل ان يطلق رئيس الحكومة أمس موقفاً بارزاً أكد فيه إن "النأي بالنفس يجب أن يكون قولاً وفعلاً لأن لبنان لم يعد يتحمل، وهو لديه مشكلة مع أصدقائه وأشقائه إن كان في السعودية أو الخليج. ونحن نريد أفضل العلاقات مع المملكة لأنها لم تقصر يوماً مع لبنان. لذلك سنواصل هذه المسيرة، وأنا أؤكد أن العلاقات ستكون مع المملكة بأفضل حالاتها".
وإذا كان كلام الحريري يطلق ضمناً إشارة الى عدم إنهاء دول الخليج والعالم العربي عموماً "مسار الفصل" بين لبنان الرسمي والحزب، فإن تدحْرُج المواجهة السعودية مع إيران وصولاً الى الالتحاق المتدرّج للمجتمع الدولي بها يجعل البلاد على مشارف امتحان صمود "درع الاستقرار" أمام عصْف المواجهة الآتية ولا سيما حين تسقط "ورقة التوت" عن النأي بالنفس.
وفي موازاة هذا الانشغال "الدائم" بالخارج، فإنّ الوقائع المحلية "الداهمة" ورغم أنها توحي وكأنّها "ما تحت استراتيجية" إلا أنها تبدو بدورها مربوطة بجانبٍ من الأبعاد الكبرى لانخراط أطراف لبنانية وتحديداً "حزب الله" في الصراعات الخارجية من ضمن المشروع الإيراني التوسّعي بالمنطقة.
وهذا ما ينطبق في شكلٍ خاص على عنوانيْن بارزيْن يشغلان لبنان هذه الأيام هما:
* أزمة توقيع مرسوم الاقدمية لدورة الضباط للعام 1994 والذي استحضر معه الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و"حزب الله" المخاوف من ثنائية مارونية - سنية مستعادة من باب التحذير من أي إحياءٍ لها، وذلك على خلفية توقيع المرسوم من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري والقفز فوق توقيع وزير المال (الشيعي).
وبغض النظر عن مسار المعالجة الذي دخله ملف المرسوم، فإن ما رافقه من كلام عن "ضرب الميثاقية" والأسئلة عما إذا كانت ثمة نيات لتجاوُز اتفاق الطائف وروحيته، يُثبِت في رأي دوائر مطلعة ان "حزب الله" الذي يترك لبري قيادة "الدفة داخلياً" في ما خص موقع الطائفة الشيعية باعتباره يحمل "راية الشرعية"، والحزب الذي يقاتل في الخارج لإرساء المعادلات وتغييرها، لن يكون بوارد التساهل حيال أي مساسٍ بحصة المكوّن الشيعي في التركيبة اللبنانية وبالتوقيع الشيعي في السلطة التنفيذية (الى جانب رئيسيْ الجمهورية والحكومة) ولو كان ذلك غير مكرَّس حالياً بالنص، وذلك حفْظاً لعنوان معركة ما بعد بعد العودة الى الداخل على صعيد إعادة النظر بكعكة السلطة وتوازناتها.
* والعنوان الثاني أزمة الحريات التي انفجرت مع ملاحقة القضاء للإعلامي الأشهر في لبنان مارسيل غانم على خلفية حلقة هاجم فيها ضيف سعودي مسؤولين كباراً في الدولة، وهي الملاحقة التي تحوّلت كرة ثلج سياسية - إعلامية من تحرّكاتٍ (بينها تجمع أمس امام قصر العدل في بيروت) حذّرتْ من استعادة "قمع الحريات زمن الوصاية السورية" ومن "مناخ ترهيبي مبرْمج" يراد له أن يرافق مرحلة التحضير للانتخابات ويُبقي الإعلام "تحت سقف" خطوط مرسومة سلفاً ينضبط وفقها خدمةً لمشاريع أطراف سياسية وازنة.
ويطلّ 2018 على اختباراتٍ بالغة الدقة لتفاهُم النأي بالنفس عن أزمات المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وسط مؤشراتٍ مثيرةٍ للقلق تطايرتْ من "البالستي" على الرياض الذي "وقّعه" الحوثيون ومن خلفهم إيران بعنوان "افتتاح مرحلة جديدة من المواجهة مع السعودية" والذي استدرج موقفيْن متعارضيْن من الحريري شجْباً لـ "هذا الأسلوب العدواني" ومن "حزب الله" الذي عاود مهاجمة المملكة والدفاع عن الحوثيين، قبل ان يطلق رئيس الحكومة أمس موقفاً بارزاً أكد فيه إن "النأي بالنفس يجب أن يكون قولاً وفعلاً لأن لبنان لم يعد يتحمل، وهو لديه مشكلة مع أصدقائه وأشقائه إن كان في السعودية أو الخليج. ونحن نريد أفضل العلاقات مع المملكة لأنها لم تقصر يوماً مع لبنان. لذلك سنواصل هذه المسيرة، وأنا أؤكد أن العلاقات ستكون مع المملكة بأفضل حالاتها".
وإذا كان كلام الحريري يطلق ضمناً إشارة الى عدم إنهاء دول الخليج والعالم العربي عموماً "مسار الفصل" بين لبنان الرسمي والحزب، فإن تدحْرُج المواجهة السعودية مع إيران وصولاً الى الالتحاق المتدرّج للمجتمع الدولي بها يجعل البلاد على مشارف امتحان صمود "درع الاستقرار" أمام عصْف المواجهة الآتية ولا سيما حين تسقط "ورقة التوت" عن النأي بالنفس.
وفي موازاة هذا الانشغال "الدائم" بالخارج، فإنّ الوقائع المحلية "الداهمة" ورغم أنها توحي وكأنّها "ما تحت استراتيجية" إلا أنها تبدو بدورها مربوطة بجانبٍ من الأبعاد الكبرى لانخراط أطراف لبنانية وتحديداً "حزب الله" في الصراعات الخارجية من ضمن المشروع الإيراني التوسّعي بالمنطقة.
وهذا ما ينطبق في شكلٍ خاص على عنوانيْن بارزيْن يشغلان لبنان هذه الأيام هما:
* أزمة توقيع مرسوم الاقدمية لدورة الضباط للعام 1994 والذي استحضر معه الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري و"حزب الله" المخاوف من ثنائية مارونية - سنية مستعادة من باب التحذير من أي إحياءٍ لها، وذلك على خلفية توقيع المرسوم من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري والقفز فوق توقيع وزير المال (الشيعي).
وبغض النظر عن مسار المعالجة الذي دخله ملف المرسوم، فإن ما رافقه من كلام عن "ضرب الميثاقية" والأسئلة عما إذا كانت ثمة نيات لتجاوُز اتفاق الطائف وروحيته، يُثبِت في رأي دوائر مطلعة ان "حزب الله" الذي يترك لبري قيادة "الدفة داخلياً" في ما خص موقع الطائفة الشيعية باعتباره يحمل "راية الشرعية"، والحزب الذي يقاتل في الخارج لإرساء المعادلات وتغييرها، لن يكون بوارد التساهل حيال أي مساسٍ بحصة المكوّن الشيعي في التركيبة اللبنانية وبالتوقيع الشيعي في السلطة التنفيذية (الى جانب رئيسيْ الجمهورية والحكومة) ولو كان ذلك غير مكرَّس حالياً بالنص، وذلك حفْظاً لعنوان معركة ما بعد بعد العودة الى الداخل على صعيد إعادة النظر بكعكة السلطة وتوازناتها.
* والعنوان الثاني أزمة الحريات التي انفجرت مع ملاحقة القضاء للإعلامي الأشهر في لبنان مارسيل غانم على خلفية حلقة هاجم فيها ضيف سعودي مسؤولين كباراً في الدولة، وهي الملاحقة التي تحوّلت كرة ثلج سياسية - إعلامية من تحرّكاتٍ (بينها تجمع أمس امام قصر العدل في بيروت) حذّرتْ من استعادة "قمع الحريات زمن الوصاية السورية" ومن "مناخ ترهيبي مبرْمج" يراد له أن يرافق مرحلة التحضير للانتخابات ويُبقي الإعلام "تحت سقف" خطوط مرسومة سلفاً ينضبط وفقها خدمةً لمشاريع أطراف سياسية وازنة.
"الراي الكويتية" - 22 كانون الأول 2017
إرسال تعليق