0
يبدأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز منتصف الأسبوع المقبل زيارة رسمية إلى روسيا، تجمع مختلف الاوساط السياسية الدولية على وصفها بـ"الحدث التاريخي"، في غض النظر عن النتائج التي ستترتب جراءها على مستوى العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة والتفاهمات المتبادلة بين الدولتين من جهة، وعلى صعيد ازمات منطقة الشرق الاوسط عموما من جهة ثانية، ذلك انها الاولى للملك سلمان الى موسكو منذ تربعه على العرش الملكي، وتتزامن مع تحسن تدريجي في العلاقات المأمول تطويرها وتعزيزها لما فيه مصلحة البلدين، لاسيما بعدما احرزا تقدما مهما في ما يتصل بالملف السوري أفضى إلى تقارب في وجهات النظر على رغم استمرار التباين في اكثر من ملف وقضية، وفي شكل خاص مصير الرئيس السوري بشار الاسد. وابرز نقاط الالتقاء يتمثل في الدورالذي اضطلعت به المملكة في توقيع اتفاق القاهرة بين روسيا والمعارضة السورية الخاص بمناطق "الغوطة" و"الرستن"، وكان موضع تقدير من موسكو التي لم تتوانَ عن الاعلان عن اهمية ما يمكن ان تقوم به السعودية لجهة إنشاء مناطق تخفيف التصعيد.

وفيما ترى اوساط سياسية مطّلعة عبر "المركزية" ان اهم ما في الزيارة بالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط قد يتمحور حول الدور الروسي في مجال التوسط بين المملكة وإيران لتخفيف التوتر بينهما، بما ينسحب على مجمل الازمات فيها انطلاقا من كون روسيا مفاوضا اساسيا في معظم القضايا السياسية في المنطقة، تلفت الى ان انعكاسات هذا التقارب اذا ما حصل كما النتائج الايجابية للزيارة اذا ما تحققت سيستفيد منها لبنان في شكل غير مسبوق نظرا لارتباط ازماته السياسية بصراع المحاور الاقليمية، وتحديدا النزاع السعودي- الايراني المتحكم بشكل مفصلي بأوضاع لبنان واستقراره السياسي. وتشير في السياق، الى ان خطوة من هذا النوع ستنقل لبنان الى مرحلة جديدة تضع حدا للكباش المحتدم الذي بلغ أوجه بين الاطراف السياسية أخيرا على خلفية محاولات جرّ لبنان الى التطبيع مع سوريا، الذي يبدو قاد عددا من السياسيين اللبنانيين اليوم الى الرياض للتشاور في ما آلت اليه الامور لبنانيا في ضوء التصعيد الذي بات يهدد مصير التسوية، حيث توجه اليها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يرافقه وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي صباحا في جولة خارجية أفيد ان أولى محطاتها تبدأ بزيارة المملكة، وما لبث ان حطّ فيها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل يرافقه مستشاره البير كوستانيان تلبية لدعوة رسمية.

ولا تستبعد المصادر ان تكون السعودية التي علمت "المركزية" انها قررت تعيين سفير لها في بيروت هو وليد اليعقوبي الذي ارسلت اوراق اعتماده الى وزارة الخارجية، في طور العودة بقوة الى الساحة اللبنانية بعدما استشعرت جنوح السياسة فيها نحو المحور الايراني لمنعه من ضم لبنان اليه. وعلى رغم تجميد الهبة السعودية وانقطاع الامل باعادة ضخ الحياة في عروقها بالاستناد الى ما اكدته اوساط سياسية عربية في باريس نقلا عن مصادر في وزارة الخارجية لـ"المركزية"، لذلك لم يتم التطرق اليها في المحادثات التي اجراها الرئيس ميشال عون مع المسؤولين الفرنسيين وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فإن المصادر تراهن على ان المملكة اذا ما اتخذت قرار العودة بفاعلية الى الساحة اللبنانية، قد تعدل عن رأيها، علما ان الرئيس ماكرون عازم، كما تشير المصادر، على اثارة ملف الهبة مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان خلال زيارته فرنسا في النصف الاول من الشهر المقبل، عشية المؤتمرالمزمع عقده في روما لمساعدة لبنان عسكريا تحت عنوان روما -2 بهدف تقديم المساعدات للجيش والاجهزة الامنية. وابلغ الجانب الفرنسي لبنان خلال المحادثات الاخيرة ان باريس قد تقدم مساعدة عينية للمؤسسة العسكرية تصل الى 100 مليون اورو كما ستقدم تقنيات تساعد على ضبط الحدود بعد ان نجح الجيش في طرد مسلحي النصرة وداعش من الجرود البقاعية.

"المركزية" - 27 أيلول 2017

إرسال تعليق

 
Top