لم يخفِ نائب كتلة المستقبل نبيل دوفريج تشاؤمه الاقتصادي في أي مرة من المرات، فكان يجاهر عن مستقبل غير سليم وبصراحته المعهودة. كان يفصح عن الكثير من الخبايا وهو مستمر في ذلك، ولذلك يقدم قرارات مختلفة ويشير الی مكامن الخطأ، قد لا «يبلع» بعض القرارات المتخذة، لكنه يدافع عن بعض «التنازلات» التي يقدمها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لصالح الأمن والاقتصاد في لبنان.
ومع «اللــواء»، أجرى جولة أفق حول ملفات ساخنة في الأمن والاقتصاد، مكرراً هذا التشاؤم في المقاربة للأوضاع الراهنة وكله بناء على قراءة ودراسة، غير ان قراءته لبعض الوقائع الامنية تستدعي التوقف عندها، وهنا نص الحوار مع النائب دوفريج:
الرئيس الحريري والتنازلات
{ هل تعتقد ان تصريح الرئيس سعد الحريري أمام وسائل الاعلام جاءت متناقضاً مع بيان كتلة المستقبل مؤخراً؟
– لا أرى تناقضاً بين بيان الكتلة وكلام الرئيس الحريري، فهو يتحدث كرئيس للحكومة يريد المحافظة على حكومته، وكل ما يقوم به يندرج في هذا السياق، من الواضح أن الوضع الذي نعيشه في هذا البلد هو وضع صعب أكثر مما يمكن لأحد أن يتصوره، صحيح اننا نسمع كلاماً عن الكثير من التنازلات من قبل الرئيس الحريري، لكنني أحاول أن أقرأ ذلك من الناحية الايجابية وليس من الجهة السلبية.
{ أين تكمن ايجابيتها؟
– تكمن ايجابيتها في سعيه الى المحافظة على الوضع الحكومي، وانطلاقاً مما أنا مقتنع به، لبنان لم يعد أولوية لا بالنسبة الى الأشقاء ولا لغير الأشقاء، وهو لم يعد موجوداً علی الخارطة العالمية وهو في أسفل سلم الأولويات، فعندما نری الانهيار الاقتصادي الذي وصل اليه لبنان، والتخوف من الوضع الأمني وانعكاس ازدياد تدهور الاقتصاد على الوضع الأمني، كل ذلك يدفع الى التفكير بالقيام بأمر ما، خصوصاً ان غيره ممن يعتبر نفسه قوياً لا يتنازل عن شيء، اذاً لا بد من اجراء التنازل من قبل الحريري لإنقاذ البلد من حرب أهلية جديدة وتدهور اقتصادي ومالي، في الوقت الذي لن يقدم فيه أحد من العالم المساعدة.
{ هل هذا تسليم بالواقع؟
– لا، القصة ليست قصة تسليم، انا لم أتحدث مع الرئيس الحريري، إنما أقدم رأيي حول قراءته للأمور، ولستُ موافقاً على القرارات التي تتخذها الحكومة، فما جرى مع القاضي شكري صادر انتكاسة كبيرة في تاريخ هذه الحكومة، خصوصاً أن الجميع يعلم من هو شكري صادر، والجميع يحترمه، فإذا أجرى دراسة قانونية لم تنل اعجاب البعض، كما ذكر في الصحف، فذلك لا يعني انه لا بد من معاقبته. وأنا أعرف من هو هذا القاضي الذي يتمتع بمناقبية وبنظافة كف وبتاريخ مشهود له بالأدامية، فلا نكافئ شخصاً كهذا ونحيله الى التقاعد قبل عام من انتهاء ولايته، ولا أحمل مسؤولية ذلك للرئيس الحريري إنما للعهد، وحتى يصل رئيس الحكومة الى القبول بذلك، فهذا يعني إنه أجری دراسته للموضوع، وانا أعرف أهمية شكري صادر .
{ لكن الرئيس الحريري، ووزراءه وافقوا على هذه الاقالة التي تشكل موضع تساؤل واستياء من قبل السياسيين؟
– حتی من قبل الأوساط القضائية باستثناء وزير العدل.
{ لكن هذا تدخلاً بشؤون السلطة القضائية؟
– نعم، في الأصل، لم اتفق مع وزير العدل في السياسة، في أي مرة من المرات، لأنني اعتبره وزير «غب الطلب»، رأيناه في المحكمة الدولية، كان «غب الطلب»، والبيان الوزاري للحكومة لحظ موضوع المحكمة الدولية وهو كوزير للعدل موافق اليوم على هذه المحكمة، في حين انه قبل ذلك لم يكن موافقا عليها. لا أريد الدخول في سجالات معه، اذ سبق ان خضت معه في سجالات كافية، وشخصياً لا يمكنني أن «أبلع» ما جرى مع القاضي شكري صادر.
{ إذاً أنت تشارك الوزير فنيانوس الذي قال «يللي ما بيمشي مع هيدا العهد بيطير على بيتو؟».
– نعم، عندما يسأل أحد الوزراء وزير العدل ما هي الغلطة التي ارتكبها هذا القاضي لمعاقبته على هذا النحو، ويجيب الوزير المعني: «لا علاقة لك بما فعله ولن أقول شيئاً»، فهذا أمر غير سليم لأن القرار صادر عن مجلس الوزراء ولا بد من اعطاء الأسباب الموجبة لذلك لتعيين بديل أو اقالة أحد ما من منصبه، وهو لم يقدم أي جواب وقال أنا وزير للعدل وما يجب فعله هو اقتراح الاسم فقط، وهنا أريد ان أشيد بشكري صادر وبمناقبيته.
{ هناك من اعتبر ان ما يُمارس اليوم هو سياسة انتقام أو كيدية؟
– وفق الصحف وما قرأته في جريدة الاخبار المقربة من العهد، ووزير العدل، فما من سبب وجيه لقرار الوزير جريصاتي، فقد أشادت الصحيفة عينها بالقاضي صادر، ما يعني انه يحوز على احترام الجميع. وبكل صراحة، فـإن ما جرى يؤثر سلباً على العاملين في الادارات الرسمية وأصبحوا يتوجسون من التعاطي المقبل بسبب ولاء معين.
معركة عرسال وما أبعد من الحدود
{ كيف تقرأ أحداث عرسال، ألا يعني ذلك تحييد الجيش واستفراد حزب الله بقرار السلم والحرب؟
– بالطبع، هذا دليل اضافي على ان هناك حزباً في لبنان يتخذ القرار الذي يريد وساعة يريد ووفق الأجندة التي يملك. لو كنت ابن البقاع وأقطن فيه، ومهما كانت الطائفة التي أنتمي اليها، ومهما كان انتمائي السياسي لقلت أن العملية التي حصلت تريحني كمواطن خصوصاً ان رحيل جبهة النصرة المتهمة بتفخيخ السيارات يريح. ولكن بالنسبة لي كرجل سياسة يهمه المحافظة على الدستور، فأسأل لماذا هناك جيش اذاً، لماذا لم يقم الجيش اللبناني بهذه العملية؟ ألا يمكنه ذلك؟ ووفق ما نسمع من قيادة الجيش، فهو يملك الامكانية، لذلك اتفقنا في طاولات الحوار وحكومات الوفاق الوطني، ان القرار المتعلق بالسلم والحرب هو قرار يشارك فيه الجميع بما في ذلك حزب الله، وكي تأخذ العملية الطابع الدستوري، فلا تكون ضمن أجندة غير لبنانية، وعلى الرغم من الكلام الذي قاله سماحة السيد نصر الله بأن القرار المتخذ هو قرار لبناني وليس إيرانياًً، فهناك دليل يؤكد أن ما يجري لا يصب في مصلحة لبنان، انما يصب في مصلحة مشروع يتعدى الحدود اللبنانية.
{ هل هذا المشروع هو مشروع تقاسم نفوذ بين الدول الكبرى وإعطاء حصة لإيران؟
– نعم، لقد قالها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أثناء زيارته الى لبنان عندما ذكر في بنت جبيل: أنا هنا لأتوجه الى المجتمع الدولي والقول أن ايران أصبحت علی شاطئ البحر الابيض المتوسط.
لماذا التوقف عند حدود داعش؟
{ هل اكتمل المثلث الشيعي أم لا يزال ناقصاً؟
– ما من مثلث وما من طائفة قادرة على السيطرة وهذا ما يجب أن يقرأه الحزب. هناك مراحل، تشعر فيها انها تملك القوة، لكن في دقيقة واحدة قد تذهب هذه القوة الی سواك. السؤال الكبير هو انه اذا كان ما جرى فعلاً يصب في مصلحة القرى اللبنانية، لماذا لم يستكمل هذا العمل في رأس بعلبك والقاع؟
{ هل بسبب وجود رغبة في عدم الصدام مع داعش الذي يعد صناعة سورية في الأساس؟
– المنطقة الجغرافية أي جرود رأس بعلبك والقاع، تبدأ من جرود عرسال، ومن هناك تصل الى منطقة اسمها اللبوة (35 كلم بعد بعلبك)، ثم الی حمص، وهناك مفترق باتجاه السلسلة الشرقية، وهذه هي عرسال، وجرود عرسال تبدأ من هناك ومن ثم تعود الى بعلبك. ومن هذا الخط في اتجاه سوريا شمالاً، هناك رأس بعلبك والقاع، حيث يتواجد داعش، هذا من الجهة اللبنانية، ونزولاً الى الساحل، هناك رأس بعلبك والعين والقاع، وهناك المواطنون والجيش اللبناني، وما من طريق يمكن ان يُسلك بهدف وصول امدادات عسكرية ومياه وشراب الى جماعة داعش. أما في المنطقة الشمالية حيث تدخل الى سوريا، وهي طريق القصير وجوسي، تقع تحت سيطرة النظام السوري وحزب الله، أما من الجهة الأخرى من الجبل لجهة الحدود بين لبنان وسوريا، فيقال ان النظام السوري هو المسيطر. اذاً أين هي طريق الامداد لداعش وكيف تعيش هذه الجماعة ومن أين تأتي بالذخيرة والاسلحة؟ الجواب هو ان أحداً ما متواطئ معهم ويساعدهم في كل شيء، وإلا فأنهم ساقطون عسكرياً، أنا اتحدث هنا جغرافياً، اذاً من أين يأتي لهم كل شيء، من مياه وسلاح وطعام؟ أما السؤال الآخر: لماذا وقف حزب الله عند حدود داعش، هذا يدفعنا إلى التساؤل عما اذا كان هناك من «قبة باط» من النظام الذي طلب من الحزب التوقف هنا، بسبب الحاجة الى «داعش».
{ اذاً كيف يدخل الجيش الى هذه المعركة؟
– لا أفهم في الاستراتيجيات العسكرية، لكن هناك اسئلة لا بد من توجيهها، وعندما يرى الجيش ان في الجهة المقابلة أي من سوريا هناك تسهيلات تقدم لهم، وسيكون هناك استنزاف له في معركته لن يقوم بهذه العملية، والجيش يدرك ما هو المناسب. بالنسبة لنا، هناك ضوء أخضر للجيش للقيام بمهامه، واريد ان أذكر عندما طرحت فكرة نزع مخيمات عرسال في حكومة الرئيس تمام سلام، منحنا هذا الضوء للجيش للقيام بما يريد القيام به، حصل اعتراض وقتها من قبل التيار الوطني الحر لجهة عدم جواز نزع المخيمات قبل معرفة أين سيتم وضعها؟ وحزب الله أبدى دعمه للتيار الوطني الحر وقتها، وقال الوزير باسيل نحن مع نزعها، لكن يجب أن نعرف أين سيتم وضعها. من الواضح ان مفهوم الدولة يتراجع، وهيبة الدولة تتراجع.
{ اذاً الأمر لمن؟
– من الواضح ان الأمر ليس لنا. ما يهم الرئيس الحريري هو الاستقرار الأمني وحماية الاقتصاد، خصوصاً ان ليس بإمكانه فعل أي شيء آخر.
{ لكن الرئيس الحريري ذهب الی الولايات المتحدة الأميركية والتقى ترامب، وهذا لم يبدل الموقف الأميركي تجاه حزب الله، واقرار الكونغرس المزيد من العقوبات والحصار الذي لن يطاول حزب الله فحسب بل مجمل الأوضاع في لبنان؟
{ هدف رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان هو الا تطاول العقوبات الأميركية على حزب الله ومؤسساته وتمويله القطاع المصرفي في لبنان. من المؤكد انه سيكون لهذه العقوبات تأثير علی الاقتصاد، وما جرى هو محاولة للتخفيف من هذه العقوبات.
«الترانسفير» حصل
{ هل تعتقد ان الأزمة السورية دخلت فعلاً في تسوية، وان هناك اتجاهاً لتقسيم سوريا الى كانتونات أو مقاطعات كونفدرالية؟
– مما لا شك فيه أن «الترانسفير» لسوء الحظ حصل لإبقاء منطقة ما تسمى بالاقليات تحت السيطرة، هناك شيء أسمه تحالف الاقليات المذهبية والدينية في المنطقة والذي نسمع عنه منذ زمن، أي تحالف الأقليات على الحوض الشرقي للبحر المتوسط. فلنبدأ من المنطقة الشمالية أي الاسكندرون في تركيا، وهي في الأساس منطقة علوية. فلنأخذ كل لواء اسكندرون ونتجه نحو انطاكيا على الحدود أي حدود باب الهوا في سوريا ثم الى كسب أي الحدود البحرية بعد اللاذقية وكل هذه المنطقة تضم أقليات. ثم في الدخول الی المنطقة في سوريا (اللاذقية – جبلة)، وهي مناطق أقليات. أما على الحدود اللبنانية – السورية، فهناك وادي النصاری من تحت منطقة حمص، كما منطقة قلعة الحصن، وبطريرك الروم الأرثوذكس اليازجي من هناك أي من مرمريتا تحت منطقة قلعة الحصن، بعد ذلك يتم الدخول الى لبنان، وهناك منطقة صغيرة (عكار ربما أو طرابلس)، وهي مساحة صغيرة قياساً بما كنا نتحدث عنه حول لواء اسكندرون الی نهاية فلسطين المحتلة ومن ثم تأتي الى المناطق المسماة مسيحية في لبنان. وفي بيروت هناك المختلط ثم الى الضاحية الجنوبية، وهي منطقة أقليات، لأن الشيعة في منطقة الشرق الأوسط هم أقليات، ثم الى ساحل الشوف، نصل الى الدروز وهم أقليات أيضاً وبعد ذلك تصل الى اقليم التفاح وصيدا، وهناك السنة، وهم قلائل هناك، ثم الى الجنوب حيث الشيعة والمسيحيون وتكمل الطريق للوصول الى فلسطين المحتلة واسرائيل حيث اليهود وهم أقليات، فالمخطط الذي كنا نقرأه في العام 1970، وفي بداية الحرب الأهلية، حيث كان الكلام عن تقسيم وغيره كما الخرائط التي كنا نراها في الملاجئ، ينفذ بطريقة أخرى، لقد قيل: هزمنا أميركا مع رفع الأصبع وهزمنا بوش الذي كان يتحدث عن الشرق الأوسط الجديد، لكن هذا الشرق الأوسط الجديد يعني تقسيم المنطقة الى مناطق نفوذ أي إلى أقليات، وهذه المناطق تكون ضد بعضها البعض، وهذا الموضوع يخدم اسرائيل وبن غوريون قال: كي تتمكن اسرائيل من العيش، لا بد لمنطقة الشرق الأوسط من أن تقسم وتكون هناك مناطق طائفية، مذهبية والا فلا مستقبل لاسرائيل، وهذا الأمر يحصل ومن يساهم بذلك، هو من يقول انه يريد محاربة اسرائيل، ونحن ننفذ ما يريده الاسرئيليون من حيث لا ندري، وكذلك فإن وزيرة خارجية اسرائيل السابقة غولدا مائير سئلت عن سبب افتعالها مشكلة مع الفلسطينيين الذي يطردون ولماذا لا يتم السير في النموذج اللبناني القائم على تقاسم السلطة بين جميع الطوائف، وبسببه يشهد لبنان اقتصاداً مزدهراً، وما من أحد يسأل عن طائفة الاخر، فأجابت: سترون مع الوقت ان لبنان كذبة انظروا أين أصبحنا ومن يطبق هذا الكلام هم من يحاربون هؤلاء الناس.
الاقتصاد والصورة القاتمة
{ رسمت صورة اقتصادية قاتمة ورئيس الجمهورية تحدث عن واقع اقتصادي غير مشجع في السنوات المقبلة اذا لم تتم معالجات جذرية فما هو قولك؟
– قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وفي الحكومة السابقة وفي مجلس النواب واللجان النيابية، أشارت بيانات كتلة المستقبل الى التخوف من التراجع الاقتصادي وتفاقم الأوضاع، وفي العام 2018، هناك استحقاقات على لبنان في ما خص وضع الدين العام، ما قد يستدعي طلب الدين من أجل سداد الدين القديم.
{ اذاً الى أين نتجه؟ ونحن مقبلون على مشكلة كبيرة في موضوع سلسلة الرتب والرواتب ورئيس الجمهورية لم يوقع بعد قانون السلسلة؟.
– نقرأ كلاماً حول إمكانية طلب تعديل بعض المواد، وهذا الامر يقع ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية.
{ هل يفتح ذلك باب مشكلة اجتماعية؟
– عدم اقرار السلسلة قد يؤدي الى ذلك، لكن هناك فترة لاحقة بعد ذلك تسمح لنا بالتصويت عليها.
{ شهر؟
– من بعد صدور القانون يملك الرئيس مهلة شهر لرده مع الاسباب الموجبة، أما مهلة الـ15 يوماً فهي للمرسوم وليس للقانون، اذا لم يوقع الرئيس مرسوم قرار مجلس الوزراء، يصبح نافذاً بعد 15 يوماً، أما القانون فيملك مهلة الشهر لرده إلى مجلس النواب مع الاسباب الموجبة والمقترحات لاجراء التعديل، ويجب ان يقرن رفضه بالاسباب والاقتراحات، عندها يحيله رئيس مجلس النواب الى اللجنة المختصة ويتم درسه ولعل هناك أسباب موجبة، وفي الامكان اقراره مرة أخرى.
الموازنة قبل كل شيء
{ هل كنت تفضل اقرار الموازنة قبل سلسلة الرتب والرواتب؟
– كنت أفضل ألا تتوقف الموازنة في أي سنة، وتوقف الموازنة من العام 2005 يعود الى أسباب سياسية وقضية قطع الحساب سياسية، قامت ضد رجل اسمه الرئيس السنيورة وتيار المستقبل، كما قامت ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما من أحد يتحدث عن قطع الحساب ومقتنع به، ومما لا شك فيه ان مبلغ سلسلة الرتب والرواتب سواء المدخول أو المصروف يفترض وروده في الموازنة، خصوصاً انه مبلغ كبير، وإلا فلماذا الموازنة، فهي تسمح لنا بمعرفة العجز والواردات والنفقات. النفقات معروفة في حين ان الواردات غير معروفة وفق النسب المئوية، كنت أفضل عند الاتفاق على السلسلة التي ستأتي بقانون منفرد، ان يرد المبلغ الموجود فيها ضمن الموازنة أي ان يرد تمويل سلسلة الرتب والرواتب في الموازنة، أما الضرائب وما يسمی بمرسوم المدخول فيجب لحظه بقانون الموازنة ولكن بسبب السرعة والضغوط، مُررت السلسلة قبل الموازنة التي لم تنته بعد.
التشاؤم منذ نجاح «باريس2»
{ الى أين نتجه إذاً؟
– في احدى المرات، سألوا الرئيس الحريري عني، فقال: أعتبر ان النائب دوفريج من أفضل نواب «المستقبل» ولكنه متشائم دائماً، لسوء الحظ، فإن التشاؤم الذي أبديه يعود الی سنوات عديدة، وأظهر انه في محله بدليل ما نحن فيه اليوم، وهذا ليس بتشاؤم إنما واقعية، وقبل اغتيال الرئيس الحريري، كنت أرى التعطيل للقوانين في البلد، وبدأ هذا التشاؤم عندما نجح الرئيس الحريري في صنع مؤتمر باريس-2، وأتى الى لبنان بهذا الانتصار الفظيع الذي منح الأمل لكل اللبنانيين، وقال لنا في المكتب وقتها: «يا شباب من بعد نجاح غير متوقع، الله يستر شو ناطرنا»، هذا الكلام سمعته، وهذا ما حصل، فبعد ستة أشهر طارت حكومته، وتم منعه من توزير الوزراء الذين كانوا وراء باريس-2، أي باسل فليحان رحمه الله وغسان سلامة. أجبروه أن يترأس حكومة لا وزراء له فيها باستثناء الرئيس السنيورة الذي خاض معركة لإبقائه وجميع القوانين التي صوتنا عليها بعد مؤتمر باريس-2، لم تطبق أي الكهرباء والاتصالات، طيّروا القطاع الخاص بالنسبة الى الاتصالات وتم وضع اليد ورأينا الكوارث في الموضوع من وقتها، أما قانون الكهرباء الذي يفترض أن يشهد خصخصة، لم يطبق، ولم يتم تعيين هيئة ناظمة، ولكل هذه الأسباب، أنا متشائم، لا سيما ان من عطلّ نجح في تعطيله، لو تمكنا من تطبيق القوانين بالقوة، لقلت أنني متفائل، فعدم القدرة على تطبيق القوانين المتصلة بحياة المواطن اليومية سواء الاتصالات أو الضمان الاجتماعي أو بطاقة الاستشفاء وضمان الشيخوخة وهي موجودة منذ العام 2000 دفعني الى التشاؤم، ومُنع تنفيذ كل هذه القوانين، كي لا تقوى الدولة، إذ ممنوع عليها ذلك، وحتى اليوم ممنوع على جمهورية الطائف أن تنجح، وعلى الرغم من أداء القسم على الطائف والدستور وتطبيق الدستور، فإن كل ما نراه، يصب في مخالفة الدستور. سنصل الى مرحلة اقتصادية صعبة للغاية والمؤشرات الاقتصادية في لبنان منذ 4 سنوات التي أوردتها شركات دولية حول أرقام الدين العام، سيئة بل أسوأ مقارنة بأرقام اليونان عند انهيارها، واضطرت اليونان وقتها الى تخفيض الرواتب الی النصف، ونزل المواطنون الى الشارع وتم رفع الضرائب، لكنها نجحت في الخروج من هذه الأزمة، وبدءاً من هذا العام ارتفع النمو الاقتصادي، وبصفتي رئيس اللجنة الاقتصادية النيابية سأعقد اجتماعات قطاعية بعد الانتهاء من مشروع الموازنة بوجود الوزراء المعنيين، كي نسمع أرقام القطاعات والى أين تصل سواء في التجارة أو الصناعة أو الزراعة والسياحة والخدمات، لبلورة صورة واضحة عن المستقبل وإطلاع الناس عليها.
ضد استئجار بواخر الكهرباء
{ ما هو رأيك في قرار دائرة المناقصات برفض تلزيم الكهرباء عبر البواخر؟
– وفق ما قرأت في الصحف، فإن دائرة المناقصات قالت في تقريرها الذي أصدرته ان دفتر الشروط والذي أنجز للبواخر لا يمكن إلا لشركة واحدة أن تلبي ما جاء فيه، وهذا الأمر يخرج عنصر المنافسة من العملية كلها. منطقياً، أتفهم أن تكون الحكومة مستعجلة في الإتيان بالكهرباء، وهذا ما وعدت به من خلال الاتفاق بالتراضي. لستُ ضد البواخر إنما ضد استئجارها، فمن يشيد مصنعاً، إما يعمد الى بيعه أو وضعه للإيجار، فلماذا لا أنجز اتفاقاً معهم كي تتحول العملية في ما خص دفع الاستئجار الی ملكية من خلال سند تمليك، وكأنني أدفع التقسيط لثمن سيارة لخمس أو لست سنوات، في هذا الوقت أنجز الاستثمار وأبني، وعندما انتهي من البناء، تصبح ملكي فإما أعرضهم للبيع أو للايجار الى دول أخرى، وخطة الكهرباء لحظت بناء مصنعين وبدفاتر شروط، وبانتظار التنفيذ. هناك حاجة الی الكهرباء، لكن من دون استئجار البواخر، بل بعملية الشراء عبر التقسيط، فتصبح ملكاً بعد حين.
ومع «اللــواء»، أجرى جولة أفق حول ملفات ساخنة في الأمن والاقتصاد، مكرراً هذا التشاؤم في المقاربة للأوضاع الراهنة وكله بناء على قراءة ودراسة، غير ان قراءته لبعض الوقائع الامنية تستدعي التوقف عندها، وهنا نص الحوار مع النائب دوفريج:
الرئيس الحريري والتنازلات
{ هل تعتقد ان تصريح الرئيس سعد الحريري أمام وسائل الاعلام جاءت متناقضاً مع بيان كتلة المستقبل مؤخراً؟
– لا أرى تناقضاً بين بيان الكتلة وكلام الرئيس الحريري، فهو يتحدث كرئيس للحكومة يريد المحافظة على حكومته، وكل ما يقوم به يندرج في هذا السياق، من الواضح أن الوضع الذي نعيشه في هذا البلد هو وضع صعب أكثر مما يمكن لأحد أن يتصوره، صحيح اننا نسمع كلاماً عن الكثير من التنازلات من قبل الرئيس الحريري، لكنني أحاول أن أقرأ ذلك من الناحية الايجابية وليس من الجهة السلبية.
{ أين تكمن ايجابيتها؟
– تكمن ايجابيتها في سعيه الى المحافظة على الوضع الحكومي، وانطلاقاً مما أنا مقتنع به، لبنان لم يعد أولوية لا بالنسبة الى الأشقاء ولا لغير الأشقاء، وهو لم يعد موجوداً علی الخارطة العالمية وهو في أسفل سلم الأولويات، فعندما نری الانهيار الاقتصادي الذي وصل اليه لبنان، والتخوف من الوضع الأمني وانعكاس ازدياد تدهور الاقتصاد على الوضع الأمني، كل ذلك يدفع الى التفكير بالقيام بأمر ما، خصوصاً ان غيره ممن يعتبر نفسه قوياً لا يتنازل عن شيء، اذاً لا بد من اجراء التنازل من قبل الحريري لإنقاذ البلد من حرب أهلية جديدة وتدهور اقتصادي ومالي، في الوقت الذي لن يقدم فيه أحد من العالم المساعدة.
{ هل هذا تسليم بالواقع؟
– لا، القصة ليست قصة تسليم، انا لم أتحدث مع الرئيس الحريري، إنما أقدم رأيي حول قراءته للأمور، ولستُ موافقاً على القرارات التي تتخذها الحكومة، فما جرى مع القاضي شكري صادر انتكاسة كبيرة في تاريخ هذه الحكومة، خصوصاً أن الجميع يعلم من هو شكري صادر، والجميع يحترمه، فإذا أجرى دراسة قانونية لم تنل اعجاب البعض، كما ذكر في الصحف، فذلك لا يعني انه لا بد من معاقبته. وأنا أعرف من هو هذا القاضي الذي يتمتع بمناقبية وبنظافة كف وبتاريخ مشهود له بالأدامية، فلا نكافئ شخصاً كهذا ونحيله الى التقاعد قبل عام من انتهاء ولايته، ولا أحمل مسؤولية ذلك للرئيس الحريري إنما للعهد، وحتى يصل رئيس الحكومة الى القبول بذلك، فهذا يعني إنه أجری دراسته للموضوع، وانا أعرف أهمية شكري صادر .
{ لكن الرئيس الحريري، ووزراءه وافقوا على هذه الاقالة التي تشكل موضع تساؤل واستياء من قبل السياسيين؟
– حتی من قبل الأوساط القضائية باستثناء وزير العدل.
{ لكن هذا تدخلاً بشؤون السلطة القضائية؟
– نعم، في الأصل، لم اتفق مع وزير العدل في السياسة، في أي مرة من المرات، لأنني اعتبره وزير «غب الطلب»، رأيناه في المحكمة الدولية، كان «غب الطلب»، والبيان الوزاري للحكومة لحظ موضوع المحكمة الدولية وهو كوزير للعدل موافق اليوم على هذه المحكمة، في حين انه قبل ذلك لم يكن موافقا عليها. لا أريد الدخول في سجالات معه، اذ سبق ان خضت معه في سجالات كافية، وشخصياً لا يمكنني أن «أبلع» ما جرى مع القاضي شكري صادر.
{ إذاً أنت تشارك الوزير فنيانوس الذي قال «يللي ما بيمشي مع هيدا العهد بيطير على بيتو؟».
– نعم، عندما يسأل أحد الوزراء وزير العدل ما هي الغلطة التي ارتكبها هذا القاضي لمعاقبته على هذا النحو، ويجيب الوزير المعني: «لا علاقة لك بما فعله ولن أقول شيئاً»، فهذا أمر غير سليم لأن القرار صادر عن مجلس الوزراء ولا بد من اعطاء الأسباب الموجبة لذلك لتعيين بديل أو اقالة أحد ما من منصبه، وهو لم يقدم أي جواب وقال أنا وزير للعدل وما يجب فعله هو اقتراح الاسم فقط، وهنا أريد ان أشيد بشكري صادر وبمناقبيته.
{ هناك من اعتبر ان ما يُمارس اليوم هو سياسة انتقام أو كيدية؟
– وفق الصحف وما قرأته في جريدة الاخبار المقربة من العهد، ووزير العدل، فما من سبب وجيه لقرار الوزير جريصاتي، فقد أشادت الصحيفة عينها بالقاضي صادر، ما يعني انه يحوز على احترام الجميع. وبكل صراحة، فـإن ما جرى يؤثر سلباً على العاملين في الادارات الرسمية وأصبحوا يتوجسون من التعاطي المقبل بسبب ولاء معين.
معركة عرسال وما أبعد من الحدود
{ كيف تقرأ أحداث عرسال، ألا يعني ذلك تحييد الجيش واستفراد حزب الله بقرار السلم والحرب؟
– بالطبع، هذا دليل اضافي على ان هناك حزباً في لبنان يتخذ القرار الذي يريد وساعة يريد ووفق الأجندة التي يملك. لو كنت ابن البقاع وأقطن فيه، ومهما كانت الطائفة التي أنتمي اليها، ومهما كان انتمائي السياسي لقلت أن العملية التي حصلت تريحني كمواطن خصوصاً ان رحيل جبهة النصرة المتهمة بتفخيخ السيارات يريح. ولكن بالنسبة لي كرجل سياسة يهمه المحافظة على الدستور، فأسأل لماذا هناك جيش اذاً، لماذا لم يقم الجيش اللبناني بهذه العملية؟ ألا يمكنه ذلك؟ ووفق ما نسمع من قيادة الجيش، فهو يملك الامكانية، لذلك اتفقنا في طاولات الحوار وحكومات الوفاق الوطني، ان القرار المتعلق بالسلم والحرب هو قرار يشارك فيه الجميع بما في ذلك حزب الله، وكي تأخذ العملية الطابع الدستوري، فلا تكون ضمن أجندة غير لبنانية، وعلى الرغم من الكلام الذي قاله سماحة السيد نصر الله بأن القرار المتخذ هو قرار لبناني وليس إيرانياًً، فهناك دليل يؤكد أن ما يجري لا يصب في مصلحة لبنان، انما يصب في مصلحة مشروع يتعدى الحدود اللبنانية.
{ هل هذا المشروع هو مشروع تقاسم نفوذ بين الدول الكبرى وإعطاء حصة لإيران؟
– نعم، لقد قالها الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أثناء زيارته الى لبنان عندما ذكر في بنت جبيل: أنا هنا لأتوجه الى المجتمع الدولي والقول أن ايران أصبحت علی شاطئ البحر الابيض المتوسط.
لماذا التوقف عند حدود داعش؟
{ هل اكتمل المثلث الشيعي أم لا يزال ناقصاً؟
– ما من مثلث وما من طائفة قادرة على السيطرة وهذا ما يجب أن يقرأه الحزب. هناك مراحل، تشعر فيها انها تملك القوة، لكن في دقيقة واحدة قد تذهب هذه القوة الی سواك. السؤال الكبير هو انه اذا كان ما جرى فعلاً يصب في مصلحة القرى اللبنانية، لماذا لم يستكمل هذا العمل في رأس بعلبك والقاع؟
{ هل بسبب وجود رغبة في عدم الصدام مع داعش الذي يعد صناعة سورية في الأساس؟
– المنطقة الجغرافية أي جرود رأس بعلبك والقاع، تبدأ من جرود عرسال، ومن هناك تصل الى منطقة اسمها اللبوة (35 كلم بعد بعلبك)، ثم الی حمص، وهناك مفترق باتجاه السلسلة الشرقية، وهذه هي عرسال، وجرود عرسال تبدأ من هناك ومن ثم تعود الى بعلبك. ومن هذا الخط في اتجاه سوريا شمالاً، هناك رأس بعلبك والقاع، حيث يتواجد داعش، هذا من الجهة اللبنانية، ونزولاً الى الساحل، هناك رأس بعلبك والعين والقاع، وهناك المواطنون والجيش اللبناني، وما من طريق يمكن ان يُسلك بهدف وصول امدادات عسكرية ومياه وشراب الى جماعة داعش. أما في المنطقة الشمالية حيث تدخل الى سوريا، وهي طريق القصير وجوسي، تقع تحت سيطرة النظام السوري وحزب الله، أما من الجهة الأخرى من الجبل لجهة الحدود بين لبنان وسوريا، فيقال ان النظام السوري هو المسيطر. اذاً أين هي طريق الامداد لداعش وكيف تعيش هذه الجماعة ومن أين تأتي بالذخيرة والاسلحة؟ الجواب هو ان أحداً ما متواطئ معهم ويساعدهم في كل شيء، وإلا فأنهم ساقطون عسكرياً، أنا اتحدث هنا جغرافياً، اذاً من أين يأتي لهم كل شيء، من مياه وسلاح وطعام؟ أما السؤال الآخر: لماذا وقف حزب الله عند حدود داعش، هذا يدفعنا إلى التساؤل عما اذا كان هناك من «قبة باط» من النظام الذي طلب من الحزب التوقف هنا، بسبب الحاجة الى «داعش».
{ اذاً كيف يدخل الجيش الى هذه المعركة؟
– لا أفهم في الاستراتيجيات العسكرية، لكن هناك اسئلة لا بد من توجيهها، وعندما يرى الجيش ان في الجهة المقابلة أي من سوريا هناك تسهيلات تقدم لهم، وسيكون هناك استنزاف له في معركته لن يقوم بهذه العملية، والجيش يدرك ما هو المناسب. بالنسبة لنا، هناك ضوء أخضر للجيش للقيام بمهامه، واريد ان أذكر عندما طرحت فكرة نزع مخيمات عرسال في حكومة الرئيس تمام سلام، منحنا هذا الضوء للجيش للقيام بما يريد القيام به، حصل اعتراض وقتها من قبل التيار الوطني الحر لجهة عدم جواز نزع المخيمات قبل معرفة أين سيتم وضعها؟ وحزب الله أبدى دعمه للتيار الوطني الحر وقتها، وقال الوزير باسيل نحن مع نزعها، لكن يجب أن نعرف أين سيتم وضعها. من الواضح ان مفهوم الدولة يتراجع، وهيبة الدولة تتراجع.
{ اذاً الأمر لمن؟
– من الواضح ان الأمر ليس لنا. ما يهم الرئيس الحريري هو الاستقرار الأمني وحماية الاقتصاد، خصوصاً ان ليس بإمكانه فعل أي شيء آخر.
{ لكن الرئيس الحريري ذهب الی الولايات المتحدة الأميركية والتقى ترامب، وهذا لم يبدل الموقف الأميركي تجاه حزب الله، واقرار الكونغرس المزيد من العقوبات والحصار الذي لن يطاول حزب الله فحسب بل مجمل الأوضاع في لبنان؟
{ هدف رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان هو الا تطاول العقوبات الأميركية على حزب الله ومؤسساته وتمويله القطاع المصرفي في لبنان. من المؤكد انه سيكون لهذه العقوبات تأثير علی الاقتصاد، وما جرى هو محاولة للتخفيف من هذه العقوبات.
«الترانسفير» حصل
{ هل تعتقد ان الأزمة السورية دخلت فعلاً في تسوية، وان هناك اتجاهاً لتقسيم سوريا الى كانتونات أو مقاطعات كونفدرالية؟
– مما لا شك فيه أن «الترانسفير» لسوء الحظ حصل لإبقاء منطقة ما تسمى بالاقليات تحت السيطرة، هناك شيء أسمه تحالف الاقليات المذهبية والدينية في المنطقة والذي نسمع عنه منذ زمن، أي تحالف الأقليات على الحوض الشرقي للبحر المتوسط. فلنبدأ من المنطقة الشمالية أي الاسكندرون في تركيا، وهي في الأساس منطقة علوية. فلنأخذ كل لواء اسكندرون ونتجه نحو انطاكيا على الحدود أي حدود باب الهوا في سوريا ثم الى كسب أي الحدود البحرية بعد اللاذقية وكل هذه المنطقة تضم أقليات. ثم في الدخول الی المنطقة في سوريا (اللاذقية – جبلة)، وهي مناطق أقليات. أما على الحدود اللبنانية – السورية، فهناك وادي النصاری من تحت منطقة حمص، كما منطقة قلعة الحصن، وبطريرك الروم الأرثوذكس اليازجي من هناك أي من مرمريتا تحت منطقة قلعة الحصن، بعد ذلك يتم الدخول الى لبنان، وهناك منطقة صغيرة (عكار ربما أو طرابلس)، وهي مساحة صغيرة قياساً بما كنا نتحدث عنه حول لواء اسكندرون الی نهاية فلسطين المحتلة ومن ثم تأتي الى المناطق المسماة مسيحية في لبنان. وفي بيروت هناك المختلط ثم الى الضاحية الجنوبية، وهي منطقة أقليات، لأن الشيعة في منطقة الشرق الأوسط هم أقليات، ثم الى ساحل الشوف، نصل الى الدروز وهم أقليات أيضاً وبعد ذلك تصل الى اقليم التفاح وصيدا، وهناك السنة، وهم قلائل هناك، ثم الى الجنوب حيث الشيعة والمسيحيون وتكمل الطريق للوصول الى فلسطين المحتلة واسرائيل حيث اليهود وهم أقليات، فالمخطط الذي كنا نقرأه في العام 1970، وفي بداية الحرب الأهلية، حيث كان الكلام عن تقسيم وغيره كما الخرائط التي كنا نراها في الملاجئ، ينفذ بطريقة أخرى، لقد قيل: هزمنا أميركا مع رفع الأصبع وهزمنا بوش الذي كان يتحدث عن الشرق الأوسط الجديد، لكن هذا الشرق الأوسط الجديد يعني تقسيم المنطقة الى مناطق نفوذ أي إلى أقليات، وهذه المناطق تكون ضد بعضها البعض، وهذا الموضوع يخدم اسرائيل وبن غوريون قال: كي تتمكن اسرائيل من العيش، لا بد لمنطقة الشرق الأوسط من أن تقسم وتكون هناك مناطق طائفية، مذهبية والا فلا مستقبل لاسرائيل، وهذا الأمر يحصل ومن يساهم بذلك، هو من يقول انه يريد محاربة اسرائيل، ونحن ننفذ ما يريده الاسرئيليون من حيث لا ندري، وكذلك فإن وزيرة خارجية اسرائيل السابقة غولدا مائير سئلت عن سبب افتعالها مشكلة مع الفلسطينيين الذي يطردون ولماذا لا يتم السير في النموذج اللبناني القائم على تقاسم السلطة بين جميع الطوائف، وبسببه يشهد لبنان اقتصاداً مزدهراً، وما من أحد يسأل عن طائفة الاخر، فأجابت: سترون مع الوقت ان لبنان كذبة انظروا أين أصبحنا ومن يطبق هذا الكلام هم من يحاربون هؤلاء الناس.
الاقتصاد والصورة القاتمة
{ رسمت صورة اقتصادية قاتمة ورئيس الجمهورية تحدث عن واقع اقتصادي غير مشجع في السنوات المقبلة اذا لم تتم معالجات جذرية فما هو قولك؟
– قبل انتخاب رئيس الجمهورية، وفي الحكومة السابقة وفي مجلس النواب واللجان النيابية، أشارت بيانات كتلة المستقبل الى التخوف من التراجع الاقتصادي وتفاقم الأوضاع، وفي العام 2018، هناك استحقاقات على لبنان في ما خص وضع الدين العام، ما قد يستدعي طلب الدين من أجل سداد الدين القديم.
{ اذاً الى أين نتجه؟ ونحن مقبلون على مشكلة كبيرة في موضوع سلسلة الرتب والرواتب ورئيس الجمهورية لم يوقع بعد قانون السلسلة؟.
– نقرأ كلاماً حول إمكانية طلب تعديل بعض المواد، وهذا الامر يقع ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية.
{ هل يفتح ذلك باب مشكلة اجتماعية؟
– عدم اقرار السلسلة قد يؤدي الى ذلك، لكن هناك فترة لاحقة بعد ذلك تسمح لنا بالتصويت عليها.
{ شهر؟
– من بعد صدور القانون يملك الرئيس مهلة شهر لرده مع الاسباب الموجبة، أما مهلة الـ15 يوماً فهي للمرسوم وليس للقانون، اذا لم يوقع الرئيس مرسوم قرار مجلس الوزراء، يصبح نافذاً بعد 15 يوماً، أما القانون فيملك مهلة الشهر لرده إلى مجلس النواب مع الاسباب الموجبة والمقترحات لاجراء التعديل، ويجب ان يقرن رفضه بالاسباب والاقتراحات، عندها يحيله رئيس مجلس النواب الى اللجنة المختصة ويتم درسه ولعل هناك أسباب موجبة، وفي الامكان اقراره مرة أخرى.
الموازنة قبل كل شيء
{ هل كنت تفضل اقرار الموازنة قبل سلسلة الرتب والرواتب؟
– كنت أفضل ألا تتوقف الموازنة في أي سنة، وتوقف الموازنة من العام 2005 يعود الى أسباب سياسية وقضية قطع الحساب سياسية، قامت ضد رجل اسمه الرئيس السنيورة وتيار المستقبل، كما قامت ضد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما من أحد يتحدث عن قطع الحساب ومقتنع به، ومما لا شك فيه ان مبلغ سلسلة الرتب والرواتب سواء المدخول أو المصروف يفترض وروده في الموازنة، خصوصاً انه مبلغ كبير، وإلا فلماذا الموازنة، فهي تسمح لنا بمعرفة العجز والواردات والنفقات. النفقات معروفة في حين ان الواردات غير معروفة وفق النسب المئوية، كنت أفضل عند الاتفاق على السلسلة التي ستأتي بقانون منفرد، ان يرد المبلغ الموجود فيها ضمن الموازنة أي ان يرد تمويل سلسلة الرتب والرواتب في الموازنة، أما الضرائب وما يسمی بمرسوم المدخول فيجب لحظه بقانون الموازنة ولكن بسبب السرعة والضغوط، مُررت السلسلة قبل الموازنة التي لم تنته بعد.
التشاؤم منذ نجاح «باريس2»
{ الى أين نتجه إذاً؟
– في احدى المرات، سألوا الرئيس الحريري عني، فقال: أعتبر ان النائب دوفريج من أفضل نواب «المستقبل» ولكنه متشائم دائماً، لسوء الحظ، فإن التشاؤم الذي أبديه يعود الی سنوات عديدة، وأظهر انه في محله بدليل ما نحن فيه اليوم، وهذا ليس بتشاؤم إنما واقعية، وقبل اغتيال الرئيس الحريري، كنت أرى التعطيل للقوانين في البلد، وبدأ هذا التشاؤم عندما نجح الرئيس الحريري في صنع مؤتمر باريس-2، وأتى الى لبنان بهذا الانتصار الفظيع الذي منح الأمل لكل اللبنانيين، وقال لنا في المكتب وقتها: «يا شباب من بعد نجاح غير متوقع، الله يستر شو ناطرنا»، هذا الكلام سمعته، وهذا ما حصل، فبعد ستة أشهر طارت حكومته، وتم منعه من توزير الوزراء الذين كانوا وراء باريس-2، أي باسل فليحان رحمه الله وغسان سلامة. أجبروه أن يترأس حكومة لا وزراء له فيها باستثناء الرئيس السنيورة الذي خاض معركة لإبقائه وجميع القوانين التي صوتنا عليها بعد مؤتمر باريس-2، لم تطبق أي الكهرباء والاتصالات، طيّروا القطاع الخاص بالنسبة الى الاتصالات وتم وضع اليد ورأينا الكوارث في الموضوع من وقتها، أما قانون الكهرباء الذي يفترض أن يشهد خصخصة، لم يطبق، ولم يتم تعيين هيئة ناظمة، ولكل هذه الأسباب، أنا متشائم، لا سيما ان من عطلّ نجح في تعطيله، لو تمكنا من تطبيق القوانين بالقوة، لقلت أنني متفائل، فعدم القدرة على تطبيق القوانين المتصلة بحياة المواطن اليومية سواء الاتصالات أو الضمان الاجتماعي أو بطاقة الاستشفاء وضمان الشيخوخة وهي موجودة منذ العام 2000 دفعني الى التشاؤم، ومُنع تنفيذ كل هذه القوانين، كي لا تقوى الدولة، إذ ممنوع عليها ذلك، وحتى اليوم ممنوع على جمهورية الطائف أن تنجح، وعلى الرغم من أداء القسم على الطائف والدستور وتطبيق الدستور، فإن كل ما نراه، يصب في مخالفة الدستور. سنصل الى مرحلة اقتصادية صعبة للغاية والمؤشرات الاقتصادية في لبنان منذ 4 سنوات التي أوردتها شركات دولية حول أرقام الدين العام، سيئة بل أسوأ مقارنة بأرقام اليونان عند انهيارها، واضطرت اليونان وقتها الى تخفيض الرواتب الی النصف، ونزل المواطنون الى الشارع وتم رفع الضرائب، لكنها نجحت في الخروج من هذه الأزمة، وبدءاً من هذا العام ارتفع النمو الاقتصادي، وبصفتي رئيس اللجنة الاقتصادية النيابية سأعقد اجتماعات قطاعية بعد الانتهاء من مشروع الموازنة بوجود الوزراء المعنيين، كي نسمع أرقام القطاعات والى أين تصل سواء في التجارة أو الصناعة أو الزراعة والسياحة والخدمات، لبلورة صورة واضحة عن المستقبل وإطلاع الناس عليها.
ضد استئجار بواخر الكهرباء
{ ما هو رأيك في قرار دائرة المناقصات برفض تلزيم الكهرباء عبر البواخر؟
– وفق ما قرأت في الصحف، فإن دائرة المناقصات قالت في تقريرها الذي أصدرته ان دفتر الشروط والذي أنجز للبواخر لا يمكن إلا لشركة واحدة أن تلبي ما جاء فيه، وهذا الأمر يخرج عنصر المنافسة من العملية كلها. منطقياً، أتفهم أن تكون الحكومة مستعجلة في الإتيان بالكهرباء، وهذا ما وعدت به من خلال الاتفاق بالتراضي. لستُ ضد البواخر إنما ضد استئجارها، فمن يشيد مصنعاً، إما يعمد الى بيعه أو وضعه للإيجار، فلماذا لا أنجز اتفاقاً معهم كي تتحول العملية في ما خص دفع الاستئجار الی ملكية من خلال سند تمليك، وكأنني أدفع التقسيط لثمن سيارة لخمس أو لست سنوات، في هذا الوقت أنجز الاستثمار وأبني، وعندما انتهي من البناء، تصبح ملكي فإما أعرضهم للبيع أو للايجار الى دول أخرى، وخطة الكهرباء لحظت بناء مصنعين وبدفاتر شروط، وبانتظار التنفيذ. هناك حاجة الی الكهرباء، لكن من دون استئجار البواخر، بل بعملية الشراء عبر التقسيط، فتصبح ملكاً بعد حين.
د. عامر مشموشي وكارول سلوم - اللواء 7 اب 2017
إرسال تعليق