0
انعقد المجلس الاعلى للدفاع يوم الثلثاء الماضي في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بُعيد تحركات السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد في اتجاه اركان السلطة حاملة اليهم رسائل حادة.
 
فقد كان للسفيرة ريتشارد زيارات لكل من عون ووزيرا الداخلية والخارجية، نهاد المشنوق وجبران باسيل الذي زارته على عجل يوم الاحد الماضي في اللقلوق وباشرت معه ايصال تحذيرات واشنطن بأنّ أي تعاون او تنسيق بحده الادنى بين الجيش اللبناني وبين حزب الله او الجيش السوري سيدفع بإدارتها لإتخاذ اجراءات صارمة تبدأ بتقليص المساعدات الى الجيش اللبناني، سيما أنّ قيمة ما وصل للمؤسسة العسكرية من مساعدات متعدّدة في السنوات الاخيرة يفوق الميليار دولار اميركي، وأنّ تجهيز الولايات المتحدة لهذا الجيش لأن يكون له دوراً فاعلاً يجب ان يستمر وليس عليه ان يفقد هذا الدوران خلال التنسيق مع حزب الله، لذلك كان اجتماع المجلس الاعلى بمثابة جواب ورسالة في الوقت ذاته من الجانب اللبناني الرسمي لواشنطن بأنّ الجيش اللبناني وحده سيقدم على تنفيذ عملية القضاء على داعش في جرود البقاع الشمالي ولن يكون الى جانبه حزب الله دون ان يسمي البيان الذي تلى الاجتماع هذا الامر.
 
وثمة معلومات بأنّ وجهة نظر لدى مسؤولين في الدولة كانت تميل نحو التنسيق بين الجيش اللبناني وبين الجيش السوري انطلاقاً من ان ضابطاً في الجيش اللبناني يتولى التنسيق مع الجانب السوري العسكري على ما كشف المشنوق مؤخراً، وانه من الطبيعي ان يحصل التنسيق مع الجيش السوري للقضاء على داعش، الا انّ هذا الخيار تراجع اثر التحذيرات الاميركية بعد ان تبين لهؤلاء المسؤولين بان التنسيق يتطلب نوعا من التعاون العسكري العالي كإقامة خلية عسكرية مشتركة لادارة سير المعارك بما يعني ان الامور تجري كأن ثمة تحالفاً قائماً بين الجيشين اللبناني والسوري، لذلك تتابع المعلومات، كان استعراض مطول لقائد الجيش العماد جوزيف عون ابان اجتماع لمجلس الاعلى ركز على خبرة الجيش اللبناني في انجاز عملية القضاء على داعش، على ما عاكسه البيان اللاحق للاجتماع.وهو سيرجاء زيارته الى الولايات المتحدة تحسبا من اي ثغرة في الميدان راهنا قد تفسر تنسيقا مع حزب الله او الجيش السوري. 
 
ولم تكن ريتشارد وحدها في هذا الحراك بل ان دبلوماسيون غربيون ارسلوا مؤشرات لمسؤولين لبنانيين حول اعتراضهم على اي تنسيق بين الجيش اللبناني وبين اي قوة اخرى سواء كانت حزب الله او الجيش السوري، سيما انّ الجانب الاميركي يتجاوب مع قيادة الجيش اللبناني لناحية اعطائه مسحاً دقيقاً عن منطقة تواجد داعش وكيفية انتشار افرادها وتوزع نقاط الدفاع الاستراتيجية وهو دور اميركي مساعد وسيعمد ايضا لتزويد الجيش اللبناني بالاحداثيات التي تتطلبها مسار المعارك.
 
وان كان التفاوض مع داعش مرفوض دولياً فان ذلك يشكل في حد ذاته تحدياً للجيش اللبناني لكون انتقال هذا التنظيم الإرهابي من منطقة انتشاره في الجرود الى غير مناطق في الجانب السوري دونه معوقات سيّما أن المنافذ في مجملها مغلقها وتحد من امكانية فرار عناصره وتغيير معالمهم على غرار ما حصل في الموصل.
 
اي ان الجيش اللبناني سيكون امام مواجهة شرسة نظراً لعدم امكانية مغادرة هؤلاء على غرار ما حصل مع جبهة النصرة او ما سيحصل مع سرايا الشام التي لم يتم بعد التوصل لحل متكامل لمغادرتها الجرود اللبنانية لكونها تجد ذاتهاحاليا امام نارين، الاولى هي ان عودة هؤلاء الى الاماكن التي يسيطرعليها الرئيس بشار الاسد هو امر يقلقهم امنياً، عدا ان عودتهم الى هذه المناطق ستفرض عليهم الالتحاق بالجيش السوري لتأدية الخدمة العسكرية الالزامية.
 
والثانية تكمن في ان عناصر سرايا الشام يخشون الانتقال الى منطقة ادلب تخوفاً من انقضاض جبهة النصرة عليهم لاعتبار ان هذه السرايا خانتها وانسحبت من المعركة واستسلمت معنويا وعسكريا لكل من الجيش اللبناني وحزب الله.
 
وقد شكلت زيارة السفيرة الاميركية خلطا للأوراق لناحية طبيعة المعارك التي على الجيش اللبناني ان يباشرها دون ان يكون له اي تنسيق مباشر مع الجيش السوري وحزب الله الذي اعلن امينه العام عن الحق الطبيعي لعناصره لقتال داعش من الجانب السوري ،اي ان خلط الأوراق سيدفع بقائد الجيش اللبناني لان يكون ممتلكا قرار انطلاق المعارك للقضاء على «داعش» وابعادها عن الجانب اللبناني دون ان يحمل الامر اية تنسيق مع حزب الله والجيش السوري. 

سيمون أبو فاضل - "الديار" - 10 آب 2017

إرسال تعليق

 
Top