0
سبق واشرت في اكثر من مقال وفي مقابلة اذاعية، الى الواقع الحكومي المهزوز بفعل الخلافات العديدة بين الوزراء، وبفعل امتعاض بعض الوزراء على طريقة ادارة جلسات مجلس الوزراء، وان رئيس الحكومة سعد الحريري كان، على ما نقل عن مقربين منه، على قاب قوسين من تقديم استقالته لكن احداث جرود عرسال، وبعدها استعداد الجيش لتحرير جرود بلدتي القاع ورأس بعلبك، حملته على التمهل، حتى لا يكون هناك فراغ حكومي في ظرف بالغ الدقة، لكن اجواء جلسة مجلس الوزراء امس، لم تكن هادئة، ولا منتجه، بسبب خلافات استراتيجية وخلافات داخلية، ادت الى انسحاب وزير التربية مروان حمادة، والى تمسك رئيس الحكومة بسياسة النأي بالنفس، رداً على نية قيام ثلاثة وزراء بزيارة دمشق بصفة رسمية، دفعت بالدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية الى عقد مؤتمر اعلن فيه رفض حزبه اي اتصال بالنظام السوري، وان هذا الامر ان تم ستكون له انعكاسات على الحكومة، فسره البعض بانه تهديد بسحب الوزراء الاربعة للحزب وحلفائه، ما قد يؤدي في حال حصوله الى ازمة وزارية لا تتوقف على انسحاب وزراء القوات فحسب، بل قد تكون باباً لانسحابات اخرى.
 
الخلافات في وجهات النظر بين وزراء القوات ووزراء التيار الوطني الحر، ووزراء الرئيس ميشال عون، قد تفتح طريقاً عسكرياً لتحول الاختلافات الى خلافات. والى تطيير الحكومة، ان لم يتم تدارك الاختلافات العديدة التي تراكمت منذ خمسة اشهر تقريباً، وكان فتيلها الاكبر الاختلاف حول مستشفى «البوار»، وتعيين رئيس مجلس ادارة لتلفزيون لبنان وموقف وزراء القوات من خطة الكهرباء، وقد اتسعت مروحة هذه الاختلافات لتطول التعيينات الادارية وتحفظ وزراء القوات عليها، وقد يكون الاختلاف في المواقف بين القوات والتيار، حول معركة جرود عرسال وعدم ممانعة التيار في الحوار مع النظام السوري لاعادة النازحين الى بلادهم، سبباً رئيسياً في تسعير الخلافات داخل الحكومة، بحيث يتحول اهتزازها الى تفكك وانهيار، وهذا ما تتحاشاه القوات، وتنوي فتح خط حوار مباشر مع رئيس الجمهورية في محاولة لاعادة تصويب بوصلة التفاهم بين الحزبين، بما يعود بالخير على لبنان وعلى المسيحيين، لان القيادتين تدركان اخطار عودة التوتر الى القاعدتين، وهذا الامر بدأ يتسع في وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد فتح هواء التلفزيون البرتقالي امام شخصيات اعلامية وسياسية وحزبية معروفة بعدائها للقوات، وتتاح لها الفرصة للتهجم على الحزب ورئيسه، وقد تكبر الحملة وتأخذ ابعاداً اتهامية تتجاوز الانتقاد المقبول.

الاحتقان على اشده في الحكومة، وخارجها، ويتشارك في هذا الاحتقان اكثر من حزب ممثل في الحكومة، واذا كان هناك نية صافية وسليمة، لتنفيس هذا الاحتقان، فالمجال لا يزال متاحاً، ولكن ليس الى مدة طويلة، لان الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية لا تطمئن احداً، وهي لا تنتظر طويلاً لتنفجر في وجه المواطنين العائشين في بؤس وقلق غير مسبوقين من قبل.
 
عقارب الساعة تقترب من لحظة اندلاع معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك على يد الجيش اللبناني.
 
من يسجل له الفضل في تحرير الحكومة من سياسات النكد والحقد والعصبيات الطائفية والمذهبية والاستئثار بالسلطة.

فؤاد أبو زيد - "الديار" - 10 آب 2017

إرسال تعليق

 
Top