بحذر يتعاطى سمير جعجع و«قواته» مع التيار الوطني الحرّ. كثيراً ما يهمس المعرابيون في الخفاء، وفي أوقات أخرى في العلن، بأن العونيين «نالوا ما أرادوه، وبدأوا التنصّل من اتفاق النوايا الذي ينصّ على أن نكون شركاء في العهد». «صفقة العمر» بالنسبة إلى القوات «تتقدّم فيها الخسارة على الربح».
يومَ قرّر سمير جعجع تبنّي ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، كان يعلَم أنه يقطع مع فريق الرابع عشر من آذار بدعمه الحليف الأساسي لحزب الله. لكنه قرّر أن يرى النصف الملآن من الكوب، ويدرس هذا الخيار بحسابات سياسية مختلفة: قارن بين البقاء في موقعه من دون أن يزيد إلى رصيده ولو حتى كرسياً نيابياً، وبين أن يكون شريكاً في العهد الجديد.
مغريات تقاسم الحصّة المسيحية مع التيار الوطني الحرّ لا تقارن قياساً بما يُمكن أن يجنيه لو جمع كل الأحزاب والتيارات المسيحية الأخرى في صفّه. لكن، بعد انتخاب عون، فوجئ القواتيون بأن العلاقة مع التيار، كما هي الحال بين أيّ مكوّنين سياسيين، تخضع لبورصة المصالح العونية. وإن كان الفريقان يحاولان إخفاء التوتر، أو في أحسن الأحوال تلطيفه، غير أن معراب ليست راضية وتتّهم الطرف الآخر بأنه «يحاول التنصّل من اتفاق إعلان النوايا الذي نصّ على أن نكون شركاء في العهد»، فيما يتعاطى العونيون بلغة باردة: «ما في شي. خلافات صغيرة لا تفسد في الودّ قضية».
رُبما يفضّل جعجع العضّ على الجرح والبقاء ساكتاً، بدلاً من أن يُشمّت به فارس سعيد مثلاً أو بقايا ثورة الأرز.
لكن، بغض النظر عن نغمة «الثوابت المسيحية» التي لا ينفك التيار والقوات يردّدانها، الأكيد أن المُقاربة التفصيلية للعلاقة، من جهة القوات، فيها الكثير من التصويب على «هفوات» العهد ومكامن الخلل التي دفعت الطرفين إلى استفزاز أحدهما الآخر، تارة عبر مقاطعات (كما حصل في مهرجان الأرز، أو الزيارة التي قام بها الوزير جبران باسيل لزحلة)، وتارة أخرى في الترشيحات (حين طرحت القوات مرشحاً لها في البترون وجبيل)، وما بينهما من مناوشات حكومية ونيابية حول أكثر من ملف، بدءاً بقانون الانتخابات مروراً بالتعيينات وصولاً إلى ملف الكهرباء.
تضع معراب نفسها في موقع المعتدى عليه، إذ إن «التحالف الذي تمّ التوصّل اليه مع الرابية ضمّ اتفاقاً ضمنياً بأن نكون شركاء في كل شيء: المقاعد النيابية، التعيينات، الحقائب الوزارية...»، لكنها فوجئت أولاً «ببدعة ما يُسمى حصة الرئيس تحت عنوان تعزيز دور الرئاسة وحصتها». لكنها في الحقيقة «كانت نوعاً من وضع اليد على حصة القوات». وفي التعيينات «نكث العونيون بوعدهم بإعطاء القوات حقيبة سيادية»، حتى إنهم «لم يأخذوا برأي القوات في التعيينات، كما حصل مثلاً أثناء تعيين مدير لهيئة أوجيرو». وفوجئ القواتيون، ثانياً، «بتجاوز القوات داخل مجلس الوزراء بشأن الآلية واتخاذ القرارات المتعلقة بملفات كبيرة»؛ فالتيار «غالباً ما ينطلق من مقاربة ذاتية، يطغى فيها أسلوب الاستئثار، كما ظهر في ملف الكهرباء وإدارة تلفزيون لبنان ومستشفى البوار الحكومي». وثالثاً بـ«محاولة استبعادهم عن مفاوضات القانون الانتخابي، قبل دخول القوات بقوة عبر النائب جورج عدوان، وهو أمر لم يستسِغه العونيون».
ببساطة، يؤكد عارفو معراب ومقرّبون منها أن «المأخذ الأساسي يتعلق بعدم احترام الشراكة»، و«عدم احترام مبدأ الشفافية والآليات القانونية». والأهم أن «التيار يعتبر نفسه فوق الشبهات، وأصبح الهمّ عنده تحقيق المكاسب والتعاطي بأحادية لا علاقة لها لا بالتغيير ولا بالإصلاح». لذا «نرى عدم اتفاق على ممارسة السلطة، وكذلك الأداء الحكومي». برأي القواتيين، «ما يحصل الآن حصل سابقاً داخل 14 آذار، وكان ذلك خلافاً أساسياً مع تيار المستقبل الذي تدخل السلطة والسيطرة عليها ضمن أولوياته».
الأكيد، بالنسبة إلى القوات، «لن يؤدي ذلك إلى كسر العلاقة التي حققت أهدافها الاستراتيجية، أي انتخابات رئاسية وقانون انتخابات»، ومن ثم «تحقيق الشراكة الإسلامية – المسيحية التي لا يُمكن أن تحصل من دون تحالف مسيحي قوي». أما ما دون ذلك فليس إلا «خلافاً في التكتيك السياسي». وفي هذا الملعب تسعى القوات إلى أن تكون حالة مستقلّة. فهي «ستستمر في معركتها داخل مجلس الوزراء ضد كل ما تعتبره غير قانوني». وفي ما يتعلّق بالانتخابات «ستخوضها منفردة حيث ترى لها مصلحة في ذلك»، كما أنها «لن تتوقف عن التصويب على كل التجاوزات الإدارية والنيابية». أمس، كانت لافتة استضافة قناة «أو تي في» المعارض القواتي حنّا العتيق. وهي المرة الأولى، منذ اتفاق معراب، تطل على التلفزيون العوني شخصية تستفزّ القواتيين. لا شكّ في أنها إشارة سلبية جديدة، اعتبرتها القوات «نوعاً من العدائية»، لكنها لن تلجأ إلى الأسلوب ذاته، فهي «لم تقصُد الاستفزاز حين سمّت مرشحين في عدد المناطق»، وتعتبر ذلك «حقاً لها». كذلك لن تردّ على هذه الإطلالة «بإجراء مقابلات مثلاً مع معارضين عونيين وهم كثر». لكنها في المحصلة ترى أن «خسارتها من الاتفاق مع العونيين، والذي تعتبره صفقة العمر على المستوى السياسي والمسيحي، فاقت الربح».
العونيون: الانزعاج متبادل
لا تختلف حال القوات اللبنانية عن حال التيار الوطني الذي أكدت مصادره أن «الانزعاج متبادل». تشير المصادر العونية إلى أن الإشكالية الحقيقية تكمن في أن القوات «تعتبر أن دعمها للجنرال ميشال عون في معركة الرئاسة يعطيها الحق في أن تصوّر نفسها وكأن حجمها من حجم التيار». لكن واقع الأمور يختلف «فهي لديها كتلة من 8 نواب، ونحن 23 نائباً». ومن جهة أخرى «لا تستطيع المقارنة بيننا وبينها كفريق سياسي». ورأت المصادر أنه «ما دامت القوات تصر على أن تقاسمنا كل شي مناصفة، فستكون هناك مشكلة، لأن التفاهم لم يعطِها هذا الحق». وأضافت: «فلننتظر الانتخابات النيابية وليحدد حجم كل فريق»! من جهة أخرى، اعتبرت المصادر أن «القوات لا تريد التسليم بواقع أن لرئيس الجمهورية حيثية واعتبارات، كما حصل مثلاً في ملف إدارة تلفزيون لبنان». وعلقت بالقول: «لا يمكن معراب أن تصورنا وكأننا ظالمون وهي في موقع الضحية. وإذا كانت لديها اعتراضات على تعاملنا، فنحن أيضاً لسنا راضين عن سلوكهم داخل الحكومة». مع ذلك، تقول المصادر أن «لا رجعة إلى الوراء. التفاهم مع القوات لا يلغي أن يكون لكل طرف منا هامش التصرف في عدد من الملفات، غير أن العودة إلى الصدام المسيحي بالنسبة إلينا غير واردة ولا مسموح بها».
يومَ قرّر سمير جعجع تبنّي ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، كان يعلَم أنه يقطع مع فريق الرابع عشر من آذار بدعمه الحليف الأساسي لحزب الله. لكنه قرّر أن يرى النصف الملآن من الكوب، ويدرس هذا الخيار بحسابات سياسية مختلفة: قارن بين البقاء في موقعه من دون أن يزيد إلى رصيده ولو حتى كرسياً نيابياً، وبين أن يكون شريكاً في العهد الجديد.
مغريات تقاسم الحصّة المسيحية مع التيار الوطني الحرّ لا تقارن قياساً بما يُمكن أن يجنيه لو جمع كل الأحزاب والتيارات المسيحية الأخرى في صفّه. لكن، بعد انتخاب عون، فوجئ القواتيون بأن العلاقة مع التيار، كما هي الحال بين أيّ مكوّنين سياسيين، تخضع لبورصة المصالح العونية. وإن كان الفريقان يحاولان إخفاء التوتر، أو في أحسن الأحوال تلطيفه، غير أن معراب ليست راضية وتتّهم الطرف الآخر بأنه «يحاول التنصّل من اتفاق إعلان النوايا الذي نصّ على أن نكون شركاء في العهد»، فيما يتعاطى العونيون بلغة باردة: «ما في شي. خلافات صغيرة لا تفسد في الودّ قضية».
رُبما يفضّل جعجع العضّ على الجرح والبقاء ساكتاً، بدلاً من أن يُشمّت به فارس سعيد مثلاً أو بقايا ثورة الأرز.
لكن، بغض النظر عن نغمة «الثوابت المسيحية» التي لا ينفك التيار والقوات يردّدانها، الأكيد أن المُقاربة التفصيلية للعلاقة، من جهة القوات، فيها الكثير من التصويب على «هفوات» العهد ومكامن الخلل التي دفعت الطرفين إلى استفزاز أحدهما الآخر، تارة عبر مقاطعات (كما حصل في مهرجان الأرز، أو الزيارة التي قام بها الوزير جبران باسيل لزحلة)، وتارة أخرى في الترشيحات (حين طرحت القوات مرشحاً لها في البترون وجبيل)، وما بينهما من مناوشات حكومية ونيابية حول أكثر من ملف، بدءاً بقانون الانتخابات مروراً بالتعيينات وصولاً إلى ملف الكهرباء.
تضع معراب نفسها في موقع المعتدى عليه، إذ إن «التحالف الذي تمّ التوصّل اليه مع الرابية ضمّ اتفاقاً ضمنياً بأن نكون شركاء في كل شيء: المقاعد النيابية، التعيينات، الحقائب الوزارية...»، لكنها فوجئت أولاً «ببدعة ما يُسمى حصة الرئيس تحت عنوان تعزيز دور الرئاسة وحصتها». لكنها في الحقيقة «كانت نوعاً من وضع اليد على حصة القوات». وفي التعيينات «نكث العونيون بوعدهم بإعطاء القوات حقيبة سيادية»، حتى إنهم «لم يأخذوا برأي القوات في التعيينات، كما حصل مثلاً أثناء تعيين مدير لهيئة أوجيرو». وفوجئ القواتيون، ثانياً، «بتجاوز القوات داخل مجلس الوزراء بشأن الآلية واتخاذ القرارات المتعلقة بملفات كبيرة»؛ فالتيار «غالباً ما ينطلق من مقاربة ذاتية، يطغى فيها أسلوب الاستئثار، كما ظهر في ملف الكهرباء وإدارة تلفزيون لبنان ومستشفى البوار الحكومي». وثالثاً بـ«محاولة استبعادهم عن مفاوضات القانون الانتخابي، قبل دخول القوات بقوة عبر النائب جورج عدوان، وهو أمر لم يستسِغه العونيون».
ببساطة، يؤكد عارفو معراب ومقرّبون منها أن «المأخذ الأساسي يتعلق بعدم احترام الشراكة»، و«عدم احترام مبدأ الشفافية والآليات القانونية». والأهم أن «التيار يعتبر نفسه فوق الشبهات، وأصبح الهمّ عنده تحقيق المكاسب والتعاطي بأحادية لا علاقة لها لا بالتغيير ولا بالإصلاح». لذا «نرى عدم اتفاق على ممارسة السلطة، وكذلك الأداء الحكومي». برأي القواتيين، «ما يحصل الآن حصل سابقاً داخل 14 آذار، وكان ذلك خلافاً أساسياً مع تيار المستقبل الذي تدخل السلطة والسيطرة عليها ضمن أولوياته».
الأكيد، بالنسبة إلى القوات، «لن يؤدي ذلك إلى كسر العلاقة التي حققت أهدافها الاستراتيجية، أي انتخابات رئاسية وقانون انتخابات»، ومن ثم «تحقيق الشراكة الإسلامية – المسيحية التي لا يُمكن أن تحصل من دون تحالف مسيحي قوي». أما ما دون ذلك فليس إلا «خلافاً في التكتيك السياسي». وفي هذا الملعب تسعى القوات إلى أن تكون حالة مستقلّة. فهي «ستستمر في معركتها داخل مجلس الوزراء ضد كل ما تعتبره غير قانوني». وفي ما يتعلّق بالانتخابات «ستخوضها منفردة حيث ترى لها مصلحة في ذلك»، كما أنها «لن تتوقف عن التصويب على كل التجاوزات الإدارية والنيابية». أمس، كانت لافتة استضافة قناة «أو تي في» المعارض القواتي حنّا العتيق. وهي المرة الأولى، منذ اتفاق معراب، تطل على التلفزيون العوني شخصية تستفزّ القواتيين. لا شكّ في أنها إشارة سلبية جديدة، اعتبرتها القوات «نوعاً من العدائية»، لكنها لن تلجأ إلى الأسلوب ذاته، فهي «لم تقصُد الاستفزاز حين سمّت مرشحين في عدد المناطق»، وتعتبر ذلك «حقاً لها». كذلك لن تردّ على هذه الإطلالة «بإجراء مقابلات مثلاً مع معارضين عونيين وهم كثر». لكنها في المحصلة ترى أن «خسارتها من الاتفاق مع العونيين، والذي تعتبره صفقة العمر على المستوى السياسي والمسيحي، فاقت الربح».
العونيون: الانزعاج متبادل
لا تختلف حال القوات اللبنانية عن حال التيار الوطني الذي أكدت مصادره أن «الانزعاج متبادل». تشير المصادر العونية إلى أن الإشكالية الحقيقية تكمن في أن القوات «تعتبر أن دعمها للجنرال ميشال عون في معركة الرئاسة يعطيها الحق في أن تصوّر نفسها وكأن حجمها من حجم التيار». لكن واقع الأمور يختلف «فهي لديها كتلة من 8 نواب، ونحن 23 نائباً». ومن جهة أخرى «لا تستطيع المقارنة بيننا وبينها كفريق سياسي». ورأت المصادر أنه «ما دامت القوات تصر على أن تقاسمنا كل شي مناصفة، فستكون هناك مشكلة، لأن التفاهم لم يعطِها هذا الحق». وأضافت: «فلننتظر الانتخابات النيابية وليحدد حجم كل فريق»! من جهة أخرى، اعتبرت المصادر أن «القوات لا تريد التسليم بواقع أن لرئيس الجمهورية حيثية واعتبارات، كما حصل مثلاً في ملف إدارة تلفزيون لبنان». وعلقت بالقول: «لا يمكن معراب أن تصورنا وكأننا ظالمون وهي في موقع الضحية. وإذا كانت لديها اعتراضات على تعاملنا، فنحن أيضاً لسنا راضين عن سلوكهم داخل الحكومة». مع ذلك، تقول المصادر أن «لا رجعة إلى الوراء. التفاهم مع القوات لا يلغي أن يكون لكل طرف منا هامش التصرف في عدد من الملفات، غير أن العودة إلى الصدام المسيحي بالنسبة إلينا غير واردة ولا مسموح بها».
ميسم رزق - الاخبار 3 اب 2017
إرسال تعليق