اذا كان النصر الذي حققه «حزب الله» بتحرير جرود عرسال من قبضة «جبهة النصرة» حلقة من سلسلة انتصارات للمقاومة في مسيرة تحديد الوطن من الجنوب الى الحدود الشرقية. فان النصر الاكبر لا يكمن في الشق العسكري الميداني فقط. بل بفتح كوة في جدار النزوح السوري الذي اثبتت المجريات في مخيمات عرسال بان عودة النازحين الى الاراضي السورية باتت امراً طبيعياً وضرورياً. وان بقاء مخيمات النزوح العشوائية على مختلف الاراضي اللبنانية امر غير مبرر، الا لدى المنظمات العاملة تحت راية الامم المتحدة التي تعمل على «تغطية مخطط جهنمي مشبوه من خلال اصرارها على تشجيع النازحين السوريين بالبقاء خارج بلدهم والاندماج في المجتمعات التي استضافتهم، واذا كانت تركيا والاردن لا تتأثران بالنزوح السوري من خلال توزيع النازحين على مخيمات مقفلة وباشراف الدولتين، وانعدام خطورة التغيير الديمغرافي لديهما، فان الامر يختلف على صعيد البلد الصغير الى حد تتوجس اوساط مواكبة للمجريات من ان اغراقه بهذا الكم الهائل من النازحين يهدف الى خلق توازن رعب مع «حزب الله» على خلفية ان التغيير الديمغرافي المذهبي سلاح اقوى من المدفعية وراجمات الصواريخ وانه بموازاة الميدان العسكري الذي رجح فيه كفة «حزب الله» خلقت المنظمات الاممية ميداناً اجتماعياً بالغ التعقيد ويهدد البلد برمته كياناً وكينونة.
ولعل من المضحك المبكي في آن يكثف خطورة مخيمات النزوح السوري ان المقاتلين الذين غادروا وادي حميد في عرسال من جماعة ابو مالك التلي لا يتعدى عددهم 120 بينما الذين رحلوا مع امير «جبهة النصرة» بلغ عددهم ما بين 8 الاف و10 الاف من النازحين ما يشير وبحسب الاوساط الى ان التلي رحل مع جيش قوامه 6 آلاف مقاتل على الاقل اذا تم استثناء النساء والاطفال، فلماذا يرحل هؤلاء لو لم يكونوا مرتكبين على الصعيد الامني، لا سيما وان الهجوم على مواقع الجيش اللبناني في آب عام 2014 انطلق من مخيمات النازحين في عرسال او معسكراتهم اذا جاز التعبير وجوارها وفق المعطيات الميدانية آنذاك.
وتضيف الاوساط انه بعد رحيل «النصرة» تتم المفاوضات لترحيل 200 مقاتل من «جبهة سرايا اهل الشام»، الذين آثروا الوقوف على الحياد ابان معركة الجرود العرسالية، الا ان عديد من سيرافقهم من النازحين يبلغ ما بين 3 الاف و4 الاف شخص، الى مناطق يسيطر عليها «الجيش السوري الحر» في سوريا، ما يعني وفق ابسط المعادلات ان عودة النازحين السوريين الى بلادهم متاحة كون لكل فريق منهم مناطق آمنة، فلمؤيدي النظام هذا ان وجدوا مناطق آمنة وشاسعة تمتد على رقعة ما يسمى «بسوريا المفيدة» وللمعارضين على مختلف اهدافهم من تكفيريين وغيرهم مناطق تخضع لسيطرتهم من ادلب حيث معقل «النصرة» الى الرقة حيث معقل «داعش».
ولعل اللافت في المجريات السورية بحسب الاوساط، على صعيد الساحة المحلية ان بلدة عرسال شكلت البداية يوم تحولت الى معبر وملجـأ للارهاب التكـفيري المهاجر نحو سوريا في بداية الحروب السورية، ولا ينسى احد كيف قـامت قيامة بعض الاطراف يوم كشـف وزير الدفاع السابق فايز غصن ما لدى مديرية المخابرات من معلومات موثوقة، وبالتفاصيل عن تحول عرسال يومذاك الى مقصد لشذاذ الآفاق من اجانب ومحليين يحملون الفكر التكفيري للعبور الى الداخل السوري. فهل تكون عرسال النهاية في مسيرة النزوح السوري بعدما فتحـت معركة جرودها طريق العودة للنـازحين بعد افول نجم «النصرة» وسقوط رهانات مصطفى الحجيري «ابو طاقية» المتهم الرئيسي في ملف العسكريين المخطوفين، وتبخر علي الحجيري رئيس البلدية السابق الملقب «ابو عجينة» كون دوام الحال من المحال.
اسكندر شاهين - "الديار" - 3 آب 2017
إرسال تعليق