لا يستطيع احد ان يحدد كيف سيكون المشهد السياسي الانتخابي في زغرتا التي باتت ضمن دائرة واحدة مع بشري والكورة والبترون. والتي تضم عشرة مقاعد نيابية سبعة منهم اليوم ضمن فريق 14 اذار والثلاثة الاخرين ينتمون الى كتلة لبنان الواحد الموحد التي يرأسها الوزير سليمان فرنجية.لا يمكن تحديد المشهد قبل عشرة اشهر من الانتخابات النيابية المقررة في ايار المقبل لان من الان وحتى يحين موعد الاستحقاق تنتظر البلاد استحقاقات عديدة لها انعكاساتها على هذا المشهد الانتخابي.
ليست زغرتا ودائرتها الانتخابية وحسب بل في كل الدوائر الانتخابية التي لا بد ستتأثر خاصة واننا على ابواب حسم المعركة ضد الارهاب في السلسلة الشرقية التي يخوضها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك والفاكهة والقاع.
ففي زغرتا قوتان سياسيتان تتنفاسان منذ عهد الاجداد والى اليوم هما تيار المردة برئاسة الوزير فرنجية وحركة الاستقلال برئاسة ميشال رينيه معوض. وللتيارين المذكورين حيثيات سياسية وتحالفية تتأثر بالانقسامات السياسية على الساحة اللبنانية فتيار المرده واضح في نهجه السياسي الذي حدده فرنجية وعلى الضفة الاخرى تيار معوض الذي حدد خياره ايضا منذ زمن ضمن فريق 14 اذار، غير ان المستجدات السياسية والتطورات التي فرضت نفسها على الساحة اللبنانية وخاصة تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية سوف تكون له تداعياته في كل الدوائر الانتخابية وخاصة في زغرتا، التي تشهد مؤخرا حركات سياسية لم تتوقعها الاوساط المراقبة وفيها الكثير من الغرابة، لكن برأي سياسيين انها ليست بعيدة عن اللعبة السياسية اللبنانية المعتادة والتي ترفع شعار «ليس في السياسة عدو دائم ولا صديق دائم بل المصلحة هي الصديق الثابت»، وعلى هذا المرتكز تبنى التحالفات السياسية الانتخابية فمن كان يتوقع ان يلتقي رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض مع التيار الوطني الحر ولطالما شن معوض حملات شعواء على التيار الوطني الحر وعلى زعيمه الرئيس العماد ميشال عون. ايضا من كان يتوقع تقدم الحوار ايجابا بين تيار المرده والقوات اللبنانية وخطاب الفريقين الايجابي تجاه بعضهما البعض والزيارات المتبادلة واحياء لجنة التنسيق بينهما. حتى ان الاجوبة التي يتلقاها السائل عن احتمال التحالف بين المرده والقوات اللبنانية دائما كانت تشير الى ان هذا الاحتمال قائم وليس مستحيلا كما ليس مستبعدا.
الساحة الزغرتاوية تشهد حراكا سياسيا انتخابيا هادئا لكن من تسأل عن الاحتمالات يجيبك انه من المبكر جدا الحديث عن تحالفات وما يمكن ان يتضح اليوم لا يصح غدا. في ظل احتمالات عديدة واردة وقائمة ابرزها: احتمال فك الارتباط بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وعندئذ سيكون الكلام الانتخابي في زغرتا باتجاه اخر واذا ثبت التفاهم العوني ـ القواتي سيكون المشهد مغايرا جدا لمشهد التفاهم المعرابي.
الواضح في فريق تيار المرده ان الثابت في التحالف هو فرنجية والنائب اسطفان الدويهي اما النائب سليم كرم فاوساط فرنجية تحرص على العلاقة مع كرم حتى اللحظة. لكن كل شيء ممكن حسب المصالح الانتخابية.
اما فريق حركة الاستقلال فقد خطى ميشال معوض خطوات متقدمة في تحالفه مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
وحتى الان التوقعات هي ان يحافظ فرنجية على حلفائه في زغرتا والدائرة الانتخابية بمعنى ان لائحته ستضم اسطفان الدويهي وسليم كرم عن زغرتا وجبران طوق عن بشري وفايز غصن وسليم سعادة عن الكورة حيث تبذل مساع مع الحزب القومي لترشيح سليم سعادة دون غيره من الحزبيين لانه يمتلك قاعدة شعبية ورثها عن والده تضاف الى القاعدة الحزبية.
اما المقعد الثالث في الكورة فلن يكون النائب فريد مكاري بعيدا عن الاستئناس برأيه حول مرشحه المفضل بعد عزوفه عن الترشح. وعن البترون الاقرب الى الاحتمال هو النائب بطرس حرب. هذه اللائحة قد تتغير معطياتها جذريا فيما لو فرط التحالف القواتي العوني وعندئذ ستنصب الجهود على المصلحة الانتخابية في هذه الدائرة وليس بعيدا حينها قيام تحالف بين المرده والقوات اللبنانية وقد ذكرت مصادر ان القاعدة الشعبية للمرده تتهيأ نفسياً لهذا المعطى السياسي الممكن ولذلك يتردد ان فرنجية سوف يعزف حينها عن الترشح لصالح نجله طوني سليمان فرنجية الذي ينشط منذ مدة على الساحة السياسية في زغرتا والدائرة كلها وعلى مستوى الشمال وله حالياً لقاءات واتصالات مع القوى السياسية والتيارات الفاعلة في زغرتا والشمال.
وفي المقابل ينشط ميشال رينيه معوض مستمرا في تحالفه مع التيار الوطني الحر والاقرب اليه حتى الان اضافة الى التيار العوني النائب السابق جواد بولس ولم تتضح بعد اتصالاته في بشري والكورة والبترون علما ان الكتائب اللبنانية قد تمد جسورا نحو معوض حيث لا مستحيل في السياسة. لكن سيكون لتيار المستقبل الرأي في خيارات معوض باعتبار ان في الدائرة الانتخابية المذكورة حوالى 16 الف ناخب من الطائفة الاسلامية السنية وبالرغم من علاقة الرئيس سعد الحريري المميزة مع الوزير فرنجية، الا انه لن يستطيع التحالف الانتخابي معه ومساندته لان مصلحته الانتخابية في دوائر اخرى هي مع القوات اللبنانية ومع كل فريق 14 اذار. مع الاشارة الى ان لائحة ثالثة ستولد في زغرتا قوامها النائب السابق قيصر معوض والكتائب اللبنانية في حال عدم انضمامها الى ميشال معوض وسيلعب اللواء اشرف ريفي دورا بارزا في هذه اللائحة بمونته القاعدة الاسلامية السنية في زغرتا المتمردة على تيار المستقبل. واشيع ان اللواء ريفي لديه مرشح في الكورة. وجرى اكثر من لقاء تنسيقي بين النائب السابق قيصر معوض واللواء ريفي. كما تتوقع المصادر ان تتشكل لائحة رابعة في زغرتا هي لائحة المجتمع المدني وقد باشر اعضاؤها باتصالات مع ناشطين من المجتمع المدني في زغرتا والدائرة الانتخابية لبلورة لائحة انتخابية.
ليس من ثابت حتى الان على صعيد التحالفات وكل شيء رهن التطورات السياسية والامنية في لبنان والمنطقة في الايام المقبلة.
دموع الأسمر - "الديار" - 18 آب 2017
إرسال تعليق