تعترف دوائر عربية وخليجية تتابع ما يجري في لبنان من كثب بأنها ارتكبت أخطاء في سياستها حياله، كما في تعاملها مع بعض الأطراف فيه. إلا أنها ترسل إشارات استياء متلاحقة ومتعددة الأسلوب إلى أطراف، مسيحيين خصوصاً، كانوا في ما مضى أساساً في تحالف 14 آذار لتسليمهم بسيطرة "حزب الله" على قرار الدولة اللبنانية، وإن تحت لافتة "ربط نزاع" مع هذا الحزب.
تندرج السياسة التي سميت بالـ"س- س" بعد الانتخابات النيابية اللبنانية في 2009 في طليعة هذه الأخطاء، بحسب الاعترافات– إذا جاز التعبير- لكن فرضها في ذلك الوقت ظرف دولي وإقليمي تمثل خصوصاً في تقارب الإدارة الأميركية، برئاسة باراك أوباما، مع إيران وإلحاح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي على الانفتاح على نظام بشار الأسد، وأيضاً موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي أطلق تصريحاً لا يُنسى في تلك الحقبة: "إن "حزب الله" هو حركة مقاومة، ولا أصدق أنه قتل الرئيس رفيق الحريري".
بعده كان خطأ تغيّب رئيس "تيار المستقبل" نحو خمس سنوات عن لبنان، تاركاً قاعدته وشعبيته في حال بلبلة وضياع. وكان ممكناً فعل شيء ما أكثر لحمله على العودة. فوق ذلك، قبلت هذه السياسة بالفيتو الذي وضعه نظام الأسد على عودة الرئيس فؤاد السنيورة إلى رئاسة الحكومة. كذلك، أخطأت بتأييد مبدأ نأي لبنان بنفسه عن سوريا وأحداثها التي انطلقت عام 2011، حين انتهزت إيران فرصة أتاحها هذا "النأي بالنفس" للانقضاض على الوضعين اللبناني والسوري في وقت واحد.
مع انخراط "حزب الله" بقوة في الحرب السورية، تصاعدت المشاعر الطائفية والمذهبية، وانتشرت العدوى في كل الاتجاهات. تحوّل حزب "القوات اللبنانية" من ركن وطني في "انتفاضة الاستقلال- 2005 " إلى حزب يغلّب حساباته السياسية المسيحية على الاعتبارات الأخرى، وينساق من غير قصد في مفهوم "حلف الأقليات" الذي يخدم أهداف إيران في المنطقة.
كذلك تحوّل "تيار المستقبل" من تيار وطني لطالما فاخر بأنه عابر للطوائف إلى تيار مسلم سُنّي، من دون أن يغيّر هذا التحوّل شيئاَ في واقع الصراع على مستوى المنطقة مع إيران. وانشغل حزب الكتائب اللبنانية إلى حد بعيد، بالتنافس مع حزب "القوات"، عن هموم وطنية أخرى . أما الزعيم التقدمي النائب وليد جنبلاط، فكان سباقاً إلى الخوض في سلسلة تحوّلات خلّفت آثاراً سلبية حتى اليوم، منها رفضه الشديد في الـ2005، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، طرح موضوع سلاح "حزب الله" على المحافل الدولية، ومنها تأرجحه بين تشدد في غير موضعه، وفي شكل غير منطقي كما حصل قبل 7 ايار 2008، وبين دعوة إلى التنازل أمام القوة المسلحة، كما حصل بعد أحداث ذلك اليوم "المجيد"، على ما وصفه السيد حسن نصرالله.
وأكثر قرار جنبلاطي يبقى في البال عند تعداد أخطاء "الحلفاء السابقين" من وجهة النظر العربية والخليجية، هو مشاركته في عدم تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة بعد "فجر القمصان السود" في الـ2011. حتى اليوم، لم تصطلح تماماً العلاقة بين المختارة ودول عربية مؤثرة في لبنان بسبب تلك الواقعة، الأشبه بانكسار الزجاج.
في الـ2013، ارتكبت الدول العربية المؤثرة وحلفاء لها في لبنان خطأ تقدير بعدم الاندفاع الى تسمية الحريري أو السنيورة لترؤس الحكومة التي ملأت مرحلة الفراغ في رئاسة الجمهورية. وكانت مناسبة لاستنهاض الروح الرافض لهيمنة "حزب الله" على لبنان. فضّلت تلك الدول وحلفاؤها الرئيس تمام سلام تأثراً ربما بموقف جنبلاط الرافض تسمية أحد "صقور" قوى 14 آذار (دائماً سابقاً). وكان النظام السوري في أسوأ أوضاعه، ومعه الحزب الذي يقاتل بجانبه، والوزير جبران باسيل الذي توجه إلى السفارة السعودية سعياً إلى تقارب. في النتيجة، قامت حكومة سلام بما استطاعت من واجباتها. لكن تلك الحقبة المائعة سياسياً ساهمت بوضوح في تفكيك حركة الاعتراض على هيمنة الحزب الموالي لإيران، سنياً ومسيحياً.
طبعاً من الظلم الامتعاض من حلفاء محليين تجاوبوا مع سياسات حلفاء خارجيين أكبر منهم. لكن الخطأ الأكبر وقع لاحقاً، ولم يعد ممكناً إصلاحه. فدول الخليج والمجموعة العربية قررت التصدي لإيران في المنطقة، وتحوّلت إلى الهجوم بدءاً من 2015، فيما الحلفاء المحليون، ولا سيما حزب "القوات"، استعجلوا انتخاب رئيس من فريق 8 آذار قبل انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي سيغيّر السياسة الأميركية حيال إيران. كان يمكنهم الانتظار 8 أيام فقط.
تندرج السياسة التي سميت بالـ"س- س" بعد الانتخابات النيابية اللبنانية في 2009 في طليعة هذه الأخطاء، بحسب الاعترافات– إذا جاز التعبير- لكن فرضها في ذلك الوقت ظرف دولي وإقليمي تمثل خصوصاً في تقارب الإدارة الأميركية، برئاسة باراك أوباما، مع إيران وإلحاح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي على الانفتاح على نظام بشار الأسد، وأيضاً موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي أطلق تصريحاً لا يُنسى في تلك الحقبة: "إن "حزب الله" هو حركة مقاومة، ولا أصدق أنه قتل الرئيس رفيق الحريري".
بعده كان خطأ تغيّب رئيس "تيار المستقبل" نحو خمس سنوات عن لبنان، تاركاً قاعدته وشعبيته في حال بلبلة وضياع. وكان ممكناً فعل شيء ما أكثر لحمله على العودة. فوق ذلك، قبلت هذه السياسة بالفيتو الذي وضعه نظام الأسد على عودة الرئيس فؤاد السنيورة إلى رئاسة الحكومة. كذلك، أخطأت بتأييد مبدأ نأي لبنان بنفسه عن سوريا وأحداثها التي انطلقت عام 2011، حين انتهزت إيران فرصة أتاحها هذا "النأي بالنفس" للانقضاض على الوضعين اللبناني والسوري في وقت واحد.
مع انخراط "حزب الله" بقوة في الحرب السورية، تصاعدت المشاعر الطائفية والمذهبية، وانتشرت العدوى في كل الاتجاهات. تحوّل حزب "القوات اللبنانية" من ركن وطني في "انتفاضة الاستقلال- 2005 " إلى حزب يغلّب حساباته السياسية المسيحية على الاعتبارات الأخرى، وينساق من غير قصد في مفهوم "حلف الأقليات" الذي يخدم أهداف إيران في المنطقة.
كذلك تحوّل "تيار المستقبل" من تيار وطني لطالما فاخر بأنه عابر للطوائف إلى تيار مسلم سُنّي، من دون أن يغيّر هذا التحوّل شيئاَ في واقع الصراع على مستوى المنطقة مع إيران. وانشغل حزب الكتائب اللبنانية إلى حد بعيد، بالتنافس مع حزب "القوات"، عن هموم وطنية أخرى . أما الزعيم التقدمي النائب وليد جنبلاط، فكان سباقاً إلى الخوض في سلسلة تحوّلات خلّفت آثاراً سلبية حتى اليوم، منها رفضه الشديد في الـ2005، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، طرح موضوع سلاح "حزب الله" على المحافل الدولية، ومنها تأرجحه بين تشدد في غير موضعه، وفي شكل غير منطقي كما حصل قبل 7 ايار 2008، وبين دعوة إلى التنازل أمام القوة المسلحة، كما حصل بعد أحداث ذلك اليوم "المجيد"، على ما وصفه السيد حسن نصرالله.
وأكثر قرار جنبلاطي يبقى في البال عند تعداد أخطاء "الحلفاء السابقين" من وجهة النظر العربية والخليجية، هو مشاركته في عدم تسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة بعد "فجر القمصان السود" في الـ2011. حتى اليوم، لم تصطلح تماماً العلاقة بين المختارة ودول عربية مؤثرة في لبنان بسبب تلك الواقعة، الأشبه بانكسار الزجاج.
في الـ2013، ارتكبت الدول العربية المؤثرة وحلفاء لها في لبنان خطأ تقدير بعدم الاندفاع الى تسمية الحريري أو السنيورة لترؤس الحكومة التي ملأت مرحلة الفراغ في رئاسة الجمهورية. وكانت مناسبة لاستنهاض الروح الرافض لهيمنة "حزب الله" على لبنان. فضّلت تلك الدول وحلفاؤها الرئيس تمام سلام تأثراً ربما بموقف جنبلاط الرافض تسمية أحد "صقور" قوى 14 آذار (دائماً سابقاً). وكان النظام السوري في أسوأ أوضاعه، ومعه الحزب الذي يقاتل بجانبه، والوزير جبران باسيل الذي توجه إلى السفارة السعودية سعياً إلى تقارب. في النتيجة، قامت حكومة سلام بما استطاعت من واجباتها. لكن تلك الحقبة المائعة سياسياً ساهمت بوضوح في تفكيك حركة الاعتراض على هيمنة الحزب الموالي لإيران، سنياً ومسيحياً.
طبعاً من الظلم الامتعاض من حلفاء محليين تجاوبوا مع سياسات حلفاء خارجيين أكبر منهم. لكن الخطأ الأكبر وقع لاحقاً، ولم يعد ممكناً إصلاحه. فدول الخليج والمجموعة العربية قررت التصدي لإيران في المنطقة، وتحوّلت إلى الهجوم بدءاً من 2015، فيما الحلفاء المحليون، ولا سيما حزب "القوات"، استعجلوا انتخاب رئيس من فريق 8 آذار قبل انتخاب الرئيس دونالد ترامب الذي سيغيّر السياسة الأميركية حيال إيران. كان يمكنهم الانتظار 8 أيام فقط.
ايلي الحاج - النهار 9 اب 2017
إرسال تعليق