0
فيما كان اللبنانيون يتوقعون امس ان يستأثر موضوع تحرير جرود عرسال بشقيه الامني والتفاوضي بمداولات مجلس الوزراء نسبة لأهميته على المستوى الوطني، غابت القضية في شكل شبه كامل وتصدر واجهة الاهتمام الهمّ الاقتصادي من باب ملف سلسلة الرتب والرواتب واحكامها الضريبية، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبعدما قدّم عرضاً مفصّلاً عن الوضع الاقتصادي والمالي في ضوء تقارير أعدّتها مراجع مالية مختصّة، ابلغ المجلس بالمراجعات التي تلقّاها حول السلسلة والأحكام الضريبية من نقابيّين ومسؤولين تربويّين ومن مجلس القضاء الأعلى ونقباء المهن الحرة والمتقاعدين العسكريّين وغيرهم، داعياً الى تقييم هذه الملاحظات بموضوعية ودقة، ولافتاً الى ضرورة التقيّد بالنصوص الدستورية التي ترعى إقرار الموازنة العامة مركّزاً على شموليتها ووحدتها.

لكن موقف رئيس الجمهورية لم يشح الضبابية التي تغلّف مصير السلسلة وضرائبها إقرارا او ردا او اي خيار آخر متاح دستوريا كعدم التوقيع وعدم الرد ليصبح القانون نافذا بعد انقضاء المهلة، او قانونيا من خلال تقديم اقتراح قانون معجل مكرر بعد نفاد المهلة لادخال تعديلات الى متنه، بحيث يتطلع اللبنانيون الى القرار الرئاسي المفترض ان يصدر قبل 19 آب موعد انتهاء المهلة الدستورية لتبيان الخيط الابيض من الاسود. وفي السياق تقول مصادر قريبة من بعبدا لـ"المركزية" ان السلسلة حق للجميع لا يجوز تجاهله، بيد ان التقاريرالتي تتلقاها دوائر القصر والجهات الحكومية المعنية من اكثر من جهة وقطاع، تبرز ثغرات كبيرة ناتجة اما عن تسرّع في دراسة القانون او عن عدم معرفة والمام بتداعيات الاحكام الضرائبية، استنادا الى دراسات وتقارير اعدت في هذا المجال.

وتورد على سبيل المثال في الشق المتصل بالقضاء ان بعض هذه الدراسات أكد ان ثمة مرؤوسين ستصبح رواتبهم وفق السلسلة اعلى من رواتب رؤسائهم، في حين هناك غياب تام للتقديرات فيما يتصل بالنتائج التي ستترتب جراء شمول المتقاعدين بالسلسلة.

ولا تقتصر المشكلة على القطاعين المذكورين اعلاه، اذ ان التداعيات الاكثر سلبية ستطال القطاع التربوي من خلال رفع اجور اساتذة التعليم الخاص حيث تعلو صرخات ذوي الطلاب رفضا لأي زيادة على الاقساط المدرسية، الى جانب الانعكاسات "القاتلة" على مدارس الاطراف التي لن تتمكن من استكمال رسالتها التربوية في ضوء قلة عدد التلامذة ما يفرض ارتفاع نسبة الزيادة التي ستطالهم، وتذكّر هنا بأن الدولة متخلفة عن دفع مستحقات المدارس المجانية منذ أكثر من خمس سنوات.

وفي غياب الموازنة التي يترقب المعنيون اقرارها للاطلاع على ارقامها والتصرف بوحيها، تفيد المصادر ان الرئيس عون سيطرح على الحكومة والقوى السياسية والشركاء في السلطة كل المعطيات ونتائج الدراسات في شأن انعكاسات السلسلة مرفقة بالتقارير الصادرة عن مؤسسات دولية في ما خص دقة الوضع وضرورة التعامل بحذر ومسؤولية، بحيث يحظى اي قرار يتخذه بشرعية سياسية وشعبية وحصانة من القوى المشاركة في الحكم، فيتحمل الجميع مسؤولياتهم.

"المركزية" - 4 آب 2017

إرسال تعليق

 
Top