نحن الآباء الذين لا ننام حين يشعر أطفالنا بألم في الرأس أو الحنجرة، لا تغيب عن بالنا صورة حسين يوسف. كيف نام هذا الأب يوم أمس؟ وكيف نام والد الشهيد عباس مدلج وهو يترقّب مواصلة البحث، فجر اليوم، عن جثّة ابنه؟
كنّا نمرّ، في السنوات الأخيرة، في وسط بيروت بالقرب من خيمة أهالي العسكريّين. بالكاد ننظر الى الخيمة وسط زحمة السيّارات، ثم نمضي الى أعمالنا أو سهراتنا وأفراحنا. ستفرغ هذه الخيمة. ستُرفع من المكان بثقل الآلام التي تُركت فيها. ستمضي أيّامٌ قليلة، ثمّ يُطوى الكلام عن قضيّتهم. ستُرفع من الخيمة صور الشهداء المرفقة بعبارة "ناطرينكن". الانتظار، على قساوته، كان أهون من نبأ الموت. لعلّ الأجدى أن تُرفع صورة الحكومة مع عبارة "ناطرينك". فالحكومة التي ستعقد جلسات في المحافظات بعد أسابيع، عليها أن تبدأ هذه الجلسات من هذه الخيمة لتطلب التحقيق في قضيّة خطف العسكريّين وقتلهم، ولو أنّ الأمل مفقود في محاسبة. هذا بلد لا يحاسب المرتكبين، بل يكرّم بعضهم، بالتوزير أحياناً.
هناك من يعدّ للاحتفال بالانتصار في إحدى الساحات العامّة. سترفع الأعلام وتُطلق الأناشيد ويتهافت الفنّانون للغناء رافعين شارة النصر. للاستغلال السياسي مدرسة في لبنان وطقوس تبلغ مرتبة الوقاحة. سيكون حينها حسين يوسف في منزله الذي ترتفع في وسط داره صورة ابنه الشهيد. سيبكي حينها، ربما أكثر من بكائه عند تلقّيه أمس النبأ الأليم.
ولكن، قبل الاحتفال بالانتصار، هل يحقّ لنا أن نسأل لماذا لا يقوم الجيش بتوقيف المدعوَّين "أبو طاقيّة" و"أبو عجينة" الموجودَين في عرسال، وقد صدرت في حقّهما مذكّرات توقيف، وهما يملكان حتماً الكثير من المعلومات، علماً أنّ الثاني ظهر أثناء زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى عرسال.
هل يحقّ لنا أن نسأل الدولة، من رأسها الى رؤوس أجهزتها الأمنيّة، عن عدم توقيف لبنانيٍّ واحد له صلة بخطف العسكريّين وقتلهم والمتاجرة بقضيّتهم؟
هل يحقّ لنا أن نسأل عن انتصارات، بينما يقيم قتلة عسكريّين ومدنيّين، من عبرا الى طرابلس وغيرهما، في مخيّم عين الحلوة، وهو، للتذكير مرّة جديدة، أرض لبنانيّة محكومة باتفاقيّات عمرها عشرات السنوات وآن الأوان لسقوطها ومنع أيّ سلاح داخل المخيّمات؟
حين تملك دولتنا أجوبةً عن هذه الأسئلة، فلتحتفل. حتى ذلك الحين، فلتخجل. فلتنظر الى عيون حسين يوسف ولتخجل.
كنّا نمرّ، في السنوات الأخيرة، في وسط بيروت بالقرب من خيمة أهالي العسكريّين. بالكاد ننظر الى الخيمة وسط زحمة السيّارات، ثم نمضي الى أعمالنا أو سهراتنا وأفراحنا. ستفرغ هذه الخيمة. ستُرفع من المكان بثقل الآلام التي تُركت فيها. ستمضي أيّامٌ قليلة، ثمّ يُطوى الكلام عن قضيّتهم. ستُرفع من الخيمة صور الشهداء المرفقة بعبارة "ناطرينكن". الانتظار، على قساوته، كان أهون من نبأ الموت. لعلّ الأجدى أن تُرفع صورة الحكومة مع عبارة "ناطرينك". فالحكومة التي ستعقد جلسات في المحافظات بعد أسابيع، عليها أن تبدأ هذه الجلسات من هذه الخيمة لتطلب التحقيق في قضيّة خطف العسكريّين وقتلهم، ولو أنّ الأمل مفقود في محاسبة. هذا بلد لا يحاسب المرتكبين، بل يكرّم بعضهم، بالتوزير أحياناً.
هناك من يعدّ للاحتفال بالانتصار في إحدى الساحات العامّة. سترفع الأعلام وتُطلق الأناشيد ويتهافت الفنّانون للغناء رافعين شارة النصر. للاستغلال السياسي مدرسة في لبنان وطقوس تبلغ مرتبة الوقاحة. سيكون حينها حسين يوسف في منزله الذي ترتفع في وسط داره صورة ابنه الشهيد. سيبكي حينها، ربما أكثر من بكائه عند تلقّيه أمس النبأ الأليم.
ولكن، قبل الاحتفال بالانتصار، هل يحقّ لنا أن نسأل لماذا لا يقوم الجيش بتوقيف المدعوَّين "أبو طاقيّة" و"أبو عجينة" الموجودَين في عرسال، وقد صدرت في حقّهما مذكّرات توقيف، وهما يملكان حتماً الكثير من المعلومات، علماً أنّ الثاني ظهر أثناء زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى عرسال.
هل يحقّ لنا أن نسأل الدولة، من رأسها الى رؤوس أجهزتها الأمنيّة، عن عدم توقيف لبنانيٍّ واحد له صلة بخطف العسكريّين وقتلهم والمتاجرة بقضيّتهم؟
هل يحقّ لنا أن نسأل عن انتصارات، بينما يقيم قتلة عسكريّين ومدنيّين، من عبرا الى طرابلس وغيرهما، في مخيّم عين الحلوة، وهو، للتذكير مرّة جديدة، أرض لبنانيّة محكومة باتفاقيّات عمرها عشرات السنوات وآن الأوان لسقوطها ومنع أيّ سلاح داخل المخيّمات؟
حين تملك دولتنا أجوبةً عن هذه الأسئلة، فلتحتفل. حتى ذلك الحين، فلتخجل. فلتنظر الى عيون حسين يوسف ولتخجل.
MTV
داني حداد - 28 اب 2017
إرسال تعليق