الحوار بين حزب الله والمستقبل في عين التينة متوقف منذ أشهر، وقد يكون السبب أن أسباب وأهداف هذا الحوار قد انتفت. وكان من أهدافه إدارة مرحلة الفراغ الرئاسي والتفاهم على الرئيس الجديد في إطار تسوية حصلت. وكان من أهدافه «منع الفتنة» الشيعية ـ السنية، وهذه أصبحت بعيدة بعدما تم عزل لبنان بالنار والقوة عن الأزمة السورية، إضافة الى أن حكومة الشراكة باتت تشكل الإطار الطبيعي للعلاقة والحوار بين المستقبل وحزب الله.
العلاقة بين الطرفين توصف بـ «المستقرة نسبيا»، لم تسجل تقدما وتراجعها طفيف حتى الآن، اللقاء الذي كان مفترضا حصوله بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله بعد تشكيل الحكومة لم يحصل. الحريري غير جاهز لهذا اللقاء الذي في حال انعقاده يتوج اتفاقا حول علاقة مستدامة، ولكن الحريري مازال متمسكا بعلاقة «ربط النزاع» ويبدي حذرا شديدا في إبرام اتفاق مع حزب الله في ظل حالة شعبية سنية لا تتقبل تنازلات إضافية.«علاقة المساكنة» بين الحريري وحزب الله تحت سقف «حكومة استعادة الثقة» سارية وفق مقتضيات التسوية السياسية وقواعد اللعبة المتفق عليها، وفي ظل «احتماء» الحريري بعلاقة جيدة ومنتجة مع الرئيس ميشال عون. ولكن بدأت هذه العلاقة تتصدع في الآونة الأخيرة وعلى إيقاع التحولات العسكرية والسياسية الجارية في سورية وعلى الحدود اللبنانية ـ السورية، والتي أحدثت تغييرا في ميزان القوى العام لمصلحة المحور الإيراني ـ السوري ودفعت بحزب الله الى إدخال تعديلات على قواعد اللعبة الداخلية والى طرح مسألة نقل العلاقة اللبنانية ـ السورية الى مستويات متقدمة جديدة، والى مرحلة التنسيق الرسمي والعلني. وهذه الدعوة اعتبرها المستقبل بمنزلة إخلال بأسس ومبادئ «التسوية» التي من بنودها اتباع الحكومة سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية وعن المحاور الإقليمية ووضع كل الملفات الخلافية جانبا.
يبدو أن المعركة ضد «داعش» (فجر الجرود)، ومع أنها حظيت بإجماع وطني غير مسبوق، ستكون تفاعلاتها وإشكالياتها سببا في تعميق التوتر بين المستقبل وحزب الله وفي تحويل «الإشكال» الذي نشأ بعد معركة جرود عرسال الى اشتباك سياسي بعد معركة جرود القاع. وهذا ما بدأ ليل اول من امس مع خطاب السيد حسن نصرالله وبعده عندما جاء الرد الفوري من تيار المستقبل. أمين عام حزب الله ألقى ما يشبه «خطاب النصر» مساويا في الأهمية بين تحرير الحدود الجنوبية من الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الحدود الشرقية مع سورية من الإرهاب التكفيري. وهذا الخطاب انطوى على مفاجآت وعناصر جديدة أبرزها:
٭ الكشف عن تحرير حزب الله 20 كلم مربعا من الأرض اللبنانية في اليوم الأول من المعركة (قلعة الحصن وقلعة يونين في اتجاه معبر الزبداني)، وهذا الكلام يدحض النظريات القائلة بغياب التنسيق بين الجيش اللبناني والمقاومة والجيش السوري.
٭ الكشف عن مفاوضات بدأت مع تنظيم «داعش» بعد أخذ موافقة الحكومة السورية، ومن دون إذن الحكومة اللبنانية. وهذا التفاوض سيجري تحت النار ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل التوصل الى اتفاق، وسيكون شرطه الأول كشف مصير الجنود اللبنانيين، وسيكون هدفه «إنهاء وجود داعش على الأرض السورية واللبنانية».
٭ مطالبة الجانب اللبناني «الرسمي» في حال أراد البدء بالتفاوض أن يأخذ في الاعتبار أن أي اتفاق يتوصل إليه ليس قابلا للتنفيذ من دون تعاون القيادة السورية، وهذا التعاون شرطه أن تطلب الحكومة اللبنانية رسميا من دمشق التعاون لإنجاح المهمة، وأن تنسق علنا و«فوق الطاولة».
٭ اعتبار أن هذا الإنجاز الكبير (تأمين الحدود اللبنانية ـ السورية بالكامل وتحرير الأرض اللبنانية وطرد «داعش» منها والضغط للكشف عن مصير العسكريين المخطوفين واستعادتهم) هو من نتاج المعادلة الذهبية «الجيش والشعب والمقاومة»، ولم يكتف السيد نصرالله بذلك وإنما تحدث عن معادلة ماسية رباعية جديدة بإضافة الجيش السوري «واللي بدو يزعل يزعل».هذه المواقف تعكس استياء وتململا لدى أمين عام حزب الله من الأجواء التي صاحبت عملية «فجر الجرود»، ان لجهة حجب أي دور لحزب الله والتركيز على عدم وجود تنسيق معه، أو لجهة إسقاط معادلة «جيش وشعب ومقاومة» وإطلاق معادلة جديدة «جيش وشعب ودولة»، أو لجهة إصرار المسؤولين اللبنانيين على عدم سلوك طريق التعاون والتنسيق مع دمشق رغم الحاجة إليها لتنفيذ أي اتفاق أو لإكمال العملية العسكرية، هذه المواقف قرأتها الأوساط السياسية والديبلوماسية بتمعن، ولكن تيار المستقبل كان الأسرع الى الرد عليها وبدا كما لو أنها «استفزته» وأخرجته عن تحفظه في التعامل مع خطب نصرالله منذ أشهر.
تيار المستقبل اعتبر في بيان له أن «الأمين العام لحزب الله يحاول مجددا أن يفرض على اللبنانيين سياسات مرفوضة، وهو يتخذ هذه المرة من قضية الكشف عن العسكريين المخطوفين لدى داعش وسيلة لابتزاز الحكومة اللبنانية واستدراجها الى مفاوضة داعش بالتنسيق والتكامل مع الحكومة السورية»، مؤكدا أن «قضية العسكريين المخطوفين في عهدة الجهات الأمنية المختصة وفي عهدة القيادة العسكرية التي سبق أن أعلنت غير مرة أنها لن تذهب الى التفاوض مع داعش قبل الكشف عن مصير العسكريين. وأشار تيار المستقبل الى أن الأمين العام لحزب الله بشّر اللبنانيين ببزوغ معادلة رباعية إقليمية جديدة لجهة إضافة الجيش السوري الى معادلته الثلاثية المعروفة، وهي أفضل وسيلة لنسف المعادلة التي أرادها ذهبية أو ماسية من الأساس. وحسنا أنه فعل ذلك لأننا بالفعل أصبحنا أمام معادلة تفقد صلاحية الإجماع الوطني بامتياز، وتضع الجيش والشعب اللبناني خارجها تلقائيا.
وأوساط المستقبل ترى أن نصرالله عاد إلى مطلبه الأساسي منذ ما قبل معركة جرود عرسال وهو تنسيق الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية، لكن هذه المرة ادخل مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين في «بازار» هذا المطلب السياسي بالدرجة الأولى. وصحيح أن نصرالله لم يتحدث عن تنسيق وإنما تحدث عن تكامل بين الجهتين اللبنانية والسورية ومعركة واحدة.
العلاقة بين الطرفين توصف بـ «المستقرة نسبيا»، لم تسجل تقدما وتراجعها طفيف حتى الآن، اللقاء الذي كان مفترضا حصوله بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصرالله بعد تشكيل الحكومة لم يحصل. الحريري غير جاهز لهذا اللقاء الذي في حال انعقاده يتوج اتفاقا حول علاقة مستدامة، ولكن الحريري مازال متمسكا بعلاقة «ربط النزاع» ويبدي حذرا شديدا في إبرام اتفاق مع حزب الله في ظل حالة شعبية سنية لا تتقبل تنازلات إضافية.«علاقة المساكنة» بين الحريري وحزب الله تحت سقف «حكومة استعادة الثقة» سارية وفق مقتضيات التسوية السياسية وقواعد اللعبة المتفق عليها، وفي ظل «احتماء» الحريري بعلاقة جيدة ومنتجة مع الرئيس ميشال عون. ولكن بدأت هذه العلاقة تتصدع في الآونة الأخيرة وعلى إيقاع التحولات العسكرية والسياسية الجارية في سورية وعلى الحدود اللبنانية ـ السورية، والتي أحدثت تغييرا في ميزان القوى العام لمصلحة المحور الإيراني ـ السوري ودفعت بحزب الله الى إدخال تعديلات على قواعد اللعبة الداخلية والى طرح مسألة نقل العلاقة اللبنانية ـ السورية الى مستويات متقدمة جديدة، والى مرحلة التنسيق الرسمي والعلني. وهذه الدعوة اعتبرها المستقبل بمنزلة إخلال بأسس ومبادئ «التسوية» التي من بنودها اتباع الحكومة سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية وعن المحاور الإقليمية ووضع كل الملفات الخلافية جانبا.
يبدو أن المعركة ضد «داعش» (فجر الجرود)، ومع أنها حظيت بإجماع وطني غير مسبوق، ستكون تفاعلاتها وإشكالياتها سببا في تعميق التوتر بين المستقبل وحزب الله وفي تحويل «الإشكال» الذي نشأ بعد معركة جرود عرسال الى اشتباك سياسي بعد معركة جرود القاع. وهذا ما بدأ ليل اول من امس مع خطاب السيد حسن نصرالله وبعده عندما جاء الرد الفوري من تيار المستقبل. أمين عام حزب الله ألقى ما يشبه «خطاب النصر» مساويا في الأهمية بين تحرير الحدود الجنوبية من الاحتلال الإسرائيلي وتحرير الحدود الشرقية مع سورية من الإرهاب التكفيري. وهذا الخطاب انطوى على مفاجآت وعناصر جديدة أبرزها:
٭ الكشف عن تحرير حزب الله 20 كلم مربعا من الأرض اللبنانية في اليوم الأول من المعركة (قلعة الحصن وقلعة يونين في اتجاه معبر الزبداني)، وهذا الكلام يدحض النظريات القائلة بغياب التنسيق بين الجيش اللبناني والمقاومة والجيش السوري.
٭ الكشف عن مفاوضات بدأت مع تنظيم «داعش» بعد أخذ موافقة الحكومة السورية، ومن دون إذن الحكومة اللبنانية. وهذا التفاوض سيجري تحت النار ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل التوصل الى اتفاق، وسيكون شرطه الأول كشف مصير الجنود اللبنانيين، وسيكون هدفه «إنهاء وجود داعش على الأرض السورية واللبنانية».
٭ مطالبة الجانب اللبناني «الرسمي» في حال أراد البدء بالتفاوض أن يأخذ في الاعتبار أن أي اتفاق يتوصل إليه ليس قابلا للتنفيذ من دون تعاون القيادة السورية، وهذا التعاون شرطه أن تطلب الحكومة اللبنانية رسميا من دمشق التعاون لإنجاح المهمة، وأن تنسق علنا و«فوق الطاولة».
٭ اعتبار أن هذا الإنجاز الكبير (تأمين الحدود اللبنانية ـ السورية بالكامل وتحرير الأرض اللبنانية وطرد «داعش» منها والضغط للكشف عن مصير العسكريين المخطوفين واستعادتهم) هو من نتاج المعادلة الذهبية «الجيش والشعب والمقاومة»، ولم يكتف السيد نصرالله بذلك وإنما تحدث عن معادلة ماسية رباعية جديدة بإضافة الجيش السوري «واللي بدو يزعل يزعل».هذه المواقف تعكس استياء وتململا لدى أمين عام حزب الله من الأجواء التي صاحبت عملية «فجر الجرود»، ان لجهة حجب أي دور لحزب الله والتركيز على عدم وجود تنسيق معه، أو لجهة إسقاط معادلة «جيش وشعب ومقاومة» وإطلاق معادلة جديدة «جيش وشعب ودولة»، أو لجهة إصرار المسؤولين اللبنانيين على عدم سلوك طريق التعاون والتنسيق مع دمشق رغم الحاجة إليها لتنفيذ أي اتفاق أو لإكمال العملية العسكرية، هذه المواقف قرأتها الأوساط السياسية والديبلوماسية بتمعن، ولكن تيار المستقبل كان الأسرع الى الرد عليها وبدا كما لو أنها «استفزته» وأخرجته عن تحفظه في التعامل مع خطب نصرالله منذ أشهر.
تيار المستقبل اعتبر في بيان له أن «الأمين العام لحزب الله يحاول مجددا أن يفرض على اللبنانيين سياسات مرفوضة، وهو يتخذ هذه المرة من قضية الكشف عن العسكريين المخطوفين لدى داعش وسيلة لابتزاز الحكومة اللبنانية واستدراجها الى مفاوضة داعش بالتنسيق والتكامل مع الحكومة السورية»، مؤكدا أن «قضية العسكريين المخطوفين في عهدة الجهات الأمنية المختصة وفي عهدة القيادة العسكرية التي سبق أن أعلنت غير مرة أنها لن تذهب الى التفاوض مع داعش قبل الكشف عن مصير العسكريين. وأشار تيار المستقبل الى أن الأمين العام لحزب الله بشّر اللبنانيين ببزوغ معادلة رباعية إقليمية جديدة لجهة إضافة الجيش السوري الى معادلته الثلاثية المعروفة، وهي أفضل وسيلة لنسف المعادلة التي أرادها ذهبية أو ماسية من الأساس. وحسنا أنه فعل ذلك لأننا بالفعل أصبحنا أمام معادلة تفقد صلاحية الإجماع الوطني بامتياز، وتضع الجيش والشعب اللبناني خارجها تلقائيا.
وأوساط المستقبل ترى أن نصرالله عاد إلى مطلبه الأساسي منذ ما قبل معركة جرود عرسال وهو تنسيق الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية، لكن هذه المرة ادخل مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين في «بازار» هذا المطلب السياسي بالدرجة الأولى. وصحيح أن نصرالله لم يتحدث عن تنسيق وإنما تحدث عن تكامل بين الجهتين اللبنانية والسورية ومعركة واحدة.
"الأنباء الكويتية" - 26 آب 2017
إرسال تعليق