من نافل القول إنّ ربط بعض الإستحقاقات بما يقول به الدستور والقوانين المعمول بها ليس في مكانه. فقد تجاهل أهل الحكم لسنوات المهل الدستورية وتحوّلت في بعض المحطات سبيلاً الى تحقيق غايات اختلطت فيها المصالح والرغبات بالنكد السياسي. وعليه فالحديث عن الإنتخابات الفرعية وما رافقها يشكّل واحدة من المحطات وضع فيها الدستور على الرف ما أدّى الى التشكيك بإجرائها في مواعيدها. فكيف ولماذا؟
لم يعد خافياً على أحد أنّ مقاربة اهل السلطة لإستحقاق الإنتخابات الفرعية يشوبه كثير من اللغط وتحوط به الشكوك على كل المسارات النيابية والسياسية والدستورية والشعبية.
فالجميع يدركون أنّ المهل القانونية والدستورية التي يجب العودة اليها لمعالجة الشغور النيابي في أيّ مقعد من المقاعد الثلاثة التي شغرت تباعاً في كل من دائرتي طرابلس وكسروان ـ الفتوح على مدى الأشهر الماضية قد عبرت من دون أن يقاربها المسؤولون بأيّ خطوة جدّية.
وبالعودة الى المواعيد التي عبرت أو استُهلكت والتي تمّ تجاوزها من دون أيّ رادع سياسي أو دستوري يستذكر اللبنانيون اللحظة التي شغر فيها المقعد الأورتوذكسي في طرابلس باستقالة النائب روبير فاضل في 30 أيار عام 2016 وهو ما شكل دافعا الى الدعوة خلال مهلة تمتد من شهرين على الأكثر وشهرعلى الأقل من تاريخ اعتبار الإستقالة نهائية لتحديد موعد لإنتخاب البديل وسدّ الشغور طالما أنّ الزمن الفاصل عن نهاية ولاية المجلس القانونية يتجاوز الأشهر الستة.
وعلى رغم ما نصّت عليه المادة 41 من الدستور في وضوح لا لبس فيه لمواجهة حالة من هذا النوع لم يحرّك أحد ساكناً لا على مستوى الحكومة ولا وزارة الداخلية أو ايّ مرجع مختص وكأنّ شيئاً ممّا تسبّبت به الإستقالة قد حصل.
وفي 5 كانون الثاني من السنة الجارية شغر المقعد النيابي العلوي في دائرة طرابلس بوفاة النائب بدر ونّوس ولم يواجه أحد من المعنيين من اهل الحكم والحكومة هذا الإستحقاق بأيّ إجراء دستوري أو إداري على رغم الحديث المفتوح ولأسابيع عدة على شاشات التلفزة وعبر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة ووسائل التواصل الإجتماعي، عن البديل وموازين القوى التي تعيشها المدينة لفترة.
ولا غرابة أو عجباً في ذلك فقد شغر ما بين الإستقالة والوفاة مقعد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في دائرة كسرون ـ الفتوح بانتخابه رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول الماضي ولم يُتّخذ أيّ إجراء مناسب لملء المقعد.
كان هناك مَن يقول، في تلك الفترة، إنّ التحضيرات للإنتخابات النيابية المقبلة باتت على الأبواب وإنّ السعي الى قانون جديد للإنتخاب قد يعوّض هذه الإستحقاقات ولا بد من انتظار تلك المحطة لملء المراكز الثلاثة الشاغرة رغم معرفة مَن بيدهم الربط والحل.
إنّ الإنتخابات لن تحصل وإنّ تفاهمات ووثائق التفاهم والمقايضات الإنتخابية الرئاسية وضعتها على الرف في المرحلة الراهنة تسهيلاً لإتمام الإستحقاق وانتخاب عون رئيساً للجمهورية بعد 29 شهراً من الشغور الرئاسي.
وهو أمر لم تعد الشكوك تطاوله، فقد ثبت شرعاً وقوعه، وجاءت كل المحطات والوقائع السياسية اللاحقة لتؤكّد هذه النظرية ولتثبت أنّ هناك إجماعاً بين اهل الحكم أقطابه الرئيسيين على إمرار المرحلة من دون أن يشهد اللبنانيون أيّ «بروفا» انتخابية قد تحدث نقاشاً أو إعادة نظر في حجم بعض القوى السياسية والحزبية التي اصابها الهوان وبات النقاش يتركز حول حجمها وقدرتها على إدارة شوارعها، خصوصاً في الدوائر الإنتخابية التي شغرت فيها المواقع النيابية.
ولذلك، يبدو واضحاً تجاهل كبار المسؤولين ومعهم المعنيون المكلّفون التحضيرات اللوجستية والإدارية والمالية والقضائية وتشكيل هيئة مراقبة الإنتخابات لمختلف المهل الدستورية التي تعدّلت تلقائياً بإتمام التمديد للمجلس النيابي في الثلث الأخير من حزيران الماضي ولمدة 11 شهراً وفرضت الحديث عن مهل جديدة نتيجة تحديد موعد ما زال مبدئياً لإجراء الإنتخابات النيابية الشاملة في مطلع أيار 2018.
وبناءً على ما تقدّم يلاحظ المعنيون الصمت الذي تلوذ به وزراة الداخلية تجاه الإجراءات الواجب اعتمادها وهو صمت رافق تأجيل الإنتخابات في مرحلتي التمديد الأولى والثانية في العامين 2013 و2014 كما في الربيع الفائت للمرة الثالثة على التوالي رغم زيارتي وزير الداخلية في الفترة الأخيرة لقصر بعبدا للحديث عن الإنتخابات الفرعية من دون أن يلي ذلك سوى الوعد بطرح الموضوع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فور عودة الأخير من زيارته للولايات المتحدة الأميركية كما حصل في الأمس القريب وقبلها الى حين عودته من الرياض.
وثمّة مؤشر واحد ما زال يوحي بالنيّة في إجراء هذه الإنتخابات ويتمثّل بإصرار رئيس الجمهورية في مواقف معلنة له التزاماً بما يقول به الدستور
ولأسباب سياسية تتصل بالتزامات العهد تجاه هذه الإنتخابات التي ستشمل، بالإضافة الى الإنتخابات النيابية الفرعية، إجراءها على مستوى المجالس البلدية والإختيارية المستقيلة والمحلولة حيث شلّ العمل البلدي أو حيث تمّ إحداث بلديات جديدة.
إلاّ أنّ المراهنين على موقف رئيس الجمهورية لا يعتبرون أنّ الإنتخابات حاصلة حكماً. فهو وقف ضد التمديد الأخير للمجلس ولم ينجح في فرض رأيه، فكيف إذا صحّ ما توقّعه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي جاهر قبل أيام بمعارضته هذه الإنتخابات على أساس دعوته الى «توفير كلفتها» على الخزينة العامة قبل أشهر قليلة من نهاية الولاية الممدّدة للمجلس الى الربيع المقبل.
وفي الختام لا بدّ من الإشارة الى أنّ وزير الداخلية أودع رئيس الجمهورية خلال زيارته بعبدا الأسبوع الماضي رأياً يقول إنّ الدعوة الى هذه الإنتخابات تبقى ممكنة الى السابع عشر من آب الجاري، أي قبل شهر على الإنتخابات التي يمكن إجراؤها الأحد في 17 أيلول المقبل أو الذي يليه في 24 منه، ولذلك ينبغي انتظار هذه المهلة الجديدة للبتّ بمصير هذه الإنتخابات سلباً أم إيجاباً.
فالجميع يدركون أنّ المهل القانونية والدستورية التي يجب العودة اليها لمعالجة الشغور النيابي في أيّ مقعد من المقاعد الثلاثة التي شغرت تباعاً في كل من دائرتي طرابلس وكسروان ـ الفتوح على مدى الأشهر الماضية قد عبرت من دون أن يقاربها المسؤولون بأيّ خطوة جدّية.
وبالعودة الى المواعيد التي عبرت أو استُهلكت والتي تمّ تجاوزها من دون أيّ رادع سياسي أو دستوري يستذكر اللبنانيون اللحظة التي شغر فيها المقعد الأورتوذكسي في طرابلس باستقالة النائب روبير فاضل في 30 أيار عام 2016 وهو ما شكل دافعا الى الدعوة خلال مهلة تمتد من شهرين على الأكثر وشهرعلى الأقل من تاريخ اعتبار الإستقالة نهائية لتحديد موعد لإنتخاب البديل وسدّ الشغور طالما أنّ الزمن الفاصل عن نهاية ولاية المجلس القانونية يتجاوز الأشهر الستة.
وعلى رغم ما نصّت عليه المادة 41 من الدستور في وضوح لا لبس فيه لمواجهة حالة من هذا النوع لم يحرّك أحد ساكناً لا على مستوى الحكومة ولا وزارة الداخلية أو ايّ مرجع مختص وكأنّ شيئاً ممّا تسبّبت به الإستقالة قد حصل.
وفي 5 كانون الثاني من السنة الجارية شغر المقعد النيابي العلوي في دائرة طرابلس بوفاة النائب بدر ونّوس ولم يواجه أحد من المعنيين من اهل الحكم والحكومة هذا الإستحقاق بأيّ إجراء دستوري أو إداري على رغم الحديث المفتوح ولأسابيع عدة على شاشات التلفزة وعبر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة ووسائل التواصل الإجتماعي، عن البديل وموازين القوى التي تعيشها المدينة لفترة.
ولا غرابة أو عجباً في ذلك فقد شغر ما بين الإستقالة والوفاة مقعد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في دائرة كسرون ـ الفتوح بانتخابه رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الأول الماضي ولم يُتّخذ أيّ إجراء مناسب لملء المقعد.
كان هناك مَن يقول، في تلك الفترة، إنّ التحضيرات للإنتخابات النيابية المقبلة باتت على الأبواب وإنّ السعي الى قانون جديد للإنتخاب قد يعوّض هذه الإستحقاقات ولا بد من انتظار تلك المحطة لملء المراكز الثلاثة الشاغرة رغم معرفة مَن بيدهم الربط والحل.
إنّ الإنتخابات لن تحصل وإنّ تفاهمات ووثائق التفاهم والمقايضات الإنتخابية الرئاسية وضعتها على الرف في المرحلة الراهنة تسهيلاً لإتمام الإستحقاق وانتخاب عون رئيساً للجمهورية بعد 29 شهراً من الشغور الرئاسي.
وهو أمر لم تعد الشكوك تطاوله، فقد ثبت شرعاً وقوعه، وجاءت كل المحطات والوقائع السياسية اللاحقة لتؤكّد هذه النظرية ولتثبت أنّ هناك إجماعاً بين اهل الحكم أقطابه الرئيسيين على إمرار المرحلة من دون أن يشهد اللبنانيون أيّ «بروفا» انتخابية قد تحدث نقاشاً أو إعادة نظر في حجم بعض القوى السياسية والحزبية التي اصابها الهوان وبات النقاش يتركز حول حجمها وقدرتها على إدارة شوارعها، خصوصاً في الدوائر الإنتخابية التي شغرت فيها المواقع النيابية.
ولذلك، يبدو واضحاً تجاهل كبار المسؤولين ومعهم المعنيون المكلّفون التحضيرات اللوجستية والإدارية والمالية والقضائية وتشكيل هيئة مراقبة الإنتخابات لمختلف المهل الدستورية التي تعدّلت تلقائياً بإتمام التمديد للمجلس النيابي في الثلث الأخير من حزيران الماضي ولمدة 11 شهراً وفرضت الحديث عن مهل جديدة نتيجة تحديد موعد ما زال مبدئياً لإجراء الإنتخابات النيابية الشاملة في مطلع أيار 2018.
وبناءً على ما تقدّم يلاحظ المعنيون الصمت الذي تلوذ به وزراة الداخلية تجاه الإجراءات الواجب اعتمادها وهو صمت رافق تأجيل الإنتخابات في مرحلتي التمديد الأولى والثانية في العامين 2013 و2014 كما في الربيع الفائت للمرة الثالثة على التوالي رغم زيارتي وزير الداخلية في الفترة الأخيرة لقصر بعبدا للحديث عن الإنتخابات الفرعية من دون أن يلي ذلك سوى الوعد بطرح الموضوع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فور عودة الأخير من زيارته للولايات المتحدة الأميركية كما حصل في الأمس القريب وقبلها الى حين عودته من الرياض.
وثمّة مؤشر واحد ما زال يوحي بالنيّة في إجراء هذه الإنتخابات ويتمثّل بإصرار رئيس الجمهورية في مواقف معلنة له التزاماً بما يقول به الدستور
ولأسباب سياسية تتصل بالتزامات العهد تجاه هذه الإنتخابات التي ستشمل، بالإضافة الى الإنتخابات النيابية الفرعية، إجراءها على مستوى المجالس البلدية والإختيارية المستقيلة والمحلولة حيث شلّ العمل البلدي أو حيث تمّ إحداث بلديات جديدة.
إلاّ أنّ المراهنين على موقف رئيس الجمهورية لا يعتبرون أنّ الإنتخابات حاصلة حكماً. فهو وقف ضد التمديد الأخير للمجلس ولم ينجح في فرض رأيه، فكيف إذا صحّ ما توقّعه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي جاهر قبل أيام بمعارضته هذه الإنتخابات على أساس دعوته الى «توفير كلفتها» على الخزينة العامة قبل أشهر قليلة من نهاية الولاية الممدّدة للمجلس الى الربيع المقبل.
وفي الختام لا بدّ من الإشارة الى أنّ وزير الداخلية أودع رئيس الجمهورية خلال زيارته بعبدا الأسبوع الماضي رأياً يقول إنّ الدعوة الى هذه الإنتخابات تبقى ممكنة الى السابع عشر من آب الجاري، أي قبل شهر على الإنتخابات التي يمكن إجراؤها الأحد في 17 أيلول المقبل أو الذي يليه في 24 منه، ولذلك ينبغي انتظار هذه المهلة الجديدة للبتّ بمصير هذه الإنتخابات سلباً أم إيجاباً.
جورج شاهين - "الجمهورية" - 1 آب 2017
إرسال تعليق