حين قرر موقعنا اجراء حوار مع الرئيس ميشال سليمان، لم نكن نعلم أن في جعبة الرجل الكثير من المواقف والآراء التي قد يعلن عنها في هذا التوقيت بالذات.. أكثر من ساعة ونصف من الأسئلة والنقاش والاستفسارات والرئيس سليمان لا تظهر على وجهه أي علامة من علامات الضيق أو التململ، أو أي إيحاء يفيد في الاسراع من انهاء الحديث. على العكس تماماً، تشعر وكأنه يودّ منك طرح المزيد من الأسئلة والكثير من الاستفسارات علّه يكشف بعض الحقائق الجاسمة في صدره، والتي يودّ أن يبوح بها على طريقته ووفق أسلوبه الخاص.
فأكثر ما يزعج الرئيس سليمان القول بأن وصوله الى سدة الرئاسة هو ترجمة لانتصار قوى "8 آذار" بعد أحداث" 7 أيار" ويقول بأن الرئيس سعد الحريري أول من فاتحه في هذا الموضوع مبدياً دعمه الجدي غير المشروط في حين أتت قوى" 8 آذار" بسلة شروط رددتها لهم مع الشكر.. ولا يتردد بالقول بأن الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل "حزب الله" وان كانت اليوم أكثر من السابق...
يصف سليمان الحريري بأن لديه فائض من الاعتدال وحب الوطن ويطلب منه التمسك بثوابته، علاقته طبيعية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويؤكد بأنه لن يساير الحكم ولن يهاجمه، بل يعطيه فرصة.. يتفق مع "القوات اللبنانية" في الخطوط العامة أما في التفاصيل فهناك اختلاف، ويعتبر بأنهم ذهبوا الى خيارات يكتشفون كلفتها اليوم، ويعترف بأن "الكتائب" وبعض المستقلين السياديين هم الأقرب الى توجهاته..
يعتبر سليمان بأن ما حصل في عرسال فيه انتقاص من هيبة ودور الجيش اللبناني. ينصح سليمان الحكومة باجراء تعديلات على قانون الانتخابات الحالي لوجود بعض الشوائب، والا فان الطعون الانتخابية ستكون بالمئات بعد صدور النتائج.. يخاطب سليمان الشارع المسيحي بأن عليه أن يعي بأن لا أحد يحميه غير الجيش اللبناني، وبأن السنة يهمهم لبنان مثل باقي اللبنانيين واكثر.
ويبدي عتبه من طريقة التعاطي مع "تغيير شقيقه محافظ البقاع، ووضعه في التصرف"، ويعتبرها خطوة غير قانونية، وانتقام مباشر منه. ويوجّه سليمان رسالة لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل انطلاق المواجهات مع "داعش" بأن يخوض المعركة وحده وأن لا يسمح بتدخل أي طرف. والتنسيق مع الجيش السوري، يجب ان يترك لتقييم الجيش في الميدان، ولا يتعدى حدود مدى النيران، ومن دون أن تذهب الامور الى مواضيع سياسية أو غير سياسية."
مواقف كثيرة أطلقها سليمان ان كان في موضوع زيارة الوزراء الى سوريا، وخلية العبدلي في الكويت، وسلسلة الرتب والرواتب، مشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة وتحالفاته، التعيينات، وغيرها من الملفات.. وهذه مقابلة الرئيس ميشال سليمان كاملة:
لبنان برهن عن قوة
وفي حديث الى الموقع الرسمي لـتيار المستقبل – almustaqbal.org يلفت الرئيس سليمان الى أنه "خلال المرحلة الممتدة منذ العام 2005 حتى انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجهورية والرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة، أثبت الشعب اللبناني، والبلد عموماً، أنه أقوى بكثير مما كان يتخيله الزعماء السياسيين"، لأنه بعد انسحاب السوريين عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سوقت بعض المرجعيات ومن كل الطوائف إن الجيش سينقسم، إلاّ أنه لم يحصل شيء. وعندما بدأت الحرب في سوريا قالوا "الله يساعد لبنان بدو يفرط"، وإن المسيحيين سيتهجرون، لكن من حسن الحظ حصل العكس.
ويقول: "انا ميشال سليمان قائد جيش وقائد لواء وآمر سرية وجندي ورئيس جمهورية ومواطن، تفاجأت بصمود هذا البلد، أوهمونا بفكرة أننا بحاجة الى من يحمينا، وإلاّ فلا عيش مشترك ولا مناصفة، وهذه كانت أكبر خطورة. فبالرغم من الفراغ الدستوري بقي الشعب مؤمن بصيغة العيش المشترك والعقد الاجتماعي، وللطائف فضل كبير في هذا، وذلك باندفاع من المسلم أكثر من المسيحي على المشاركة.
والسؤال اليوم، هل سندخل في طور إعادة تخويف المسيحيين، وأنه لا يوجد من يحميهم؟ هذا ما اخشاه"، مذكرا بأنه "يوجد في مقدمة الدستور بند يقول إن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه"، وقد تمسك الجميع به، هذه نقطة قوة كبيرة لهذا البلد إضافة الى الجيش الذي تعمّد بالنار منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال معركة الضنية التي أيد فيها الجيش بقيادتي وزارني في مكتبي في اليرزة داعماً، الى ما تلاه في معركة نهر البارد وغيرها من المطبات، حيث أصرّ الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، أن نواصل على نفس النهج والخط الوطني، فقدّما كل الدعم والغطاء للجيش وصولاً الى معركة عرسال".
لكن رغم كل ما يجري من أحداث، يؤكد الرئيس سليمان أن البلد بخير، "جيشه قوي ونظامه المصرفي قوي. وقعت حوادث كثيرة، ولم تحصل حادثة طائفية واحدة في لبنان، أليس لذلك معنى لدى الدول الخارجية؟. لذا أنا اعتبر أن البلد بخير. وقد برهن عن قوة كبيرة وجيشه تصدى للارهاب، والمرجعيات السياسية وحدّت مواقفها ضد الارهاب. ما يؤهلنا لنكون محط دعم والتفات من المجتمع الدولي والدول المؤثرة شرط ان نحسن إدارة اللعبة".
7 أيار قرار مجنون ومعيب
وعن أحداث" 7 أيار" وتقصير الجيش بحماية أهل بيروت، يقول الرئيس سليمان: "7 أيار" حادثة استثنائية فريدة من نوعها، وبمثابة الحرب الاهلية، انها خطيئة كبرى بحق البلد، ولا يمكن في هذه الحالة أن يتمكن أي جيش منع حصولها، لكنه يستطيع قمعها لاحقاً وإعادة بسط سلطة الدولة". ويؤكد ان طبيعة المدينة والتداخل السكاني وتمركز الجيش، أثرت بشكل كبير على ما حصل. هذه المسألة تعالج بعد حدوثها لأنها ليست جبهة واضحة المعالم يتحضر لها الجيش او جبهتين متقابلتين يتمركز الجيش بينهما.
ورغم نفي سليمان حصول أي تواطؤ بين بعض الضباط أو وحدات من الجيش مع الحزب يومها، أو احتمال وجود أوامر لم يتم تنفيذها على الارض. الا أنه يُشير الى أن "الخروقات ممكن أن تحصل، ولكن ليس لدي اثباتات، نعم هناك خروقات لحزب الله في الاجهزة، وقد يكون في ذلك الوقت أقل من الآن، ولكن هذا لا يعني بأي حال وجود تواطؤ من قادة الوحدات، أو أنهم لم ينفذوا الأوامر".
وعن اتفاق الدوحة وما يشاع عن انقلاب الرئيس سليمان على "8 آذار"، يوضّح "أول من حدثني عن رئاسة الجمهورية كان الشيخ سعد الحريري رئيس تكتل "لبنان أولاً"، الذي بادر بدعم جدّي وغير مشروط لانتخابي رئيساً، وذلك قبل أن تنتهي ولاية الرئيس لحود بأشهر عدة، وقد تفاجأت بكلامه، لأنني كنت أشعر حينها بأنه لا يمكن أن يأتي عسكري الى رئاسة الجمهورية، فتمنيت عليه شاكراً ان يتحرر من أي التزام بما طرحه، وبأنني سأعتبر أنه لم يفاتحني بأي شيء. وبعدها، وقبل انتهاء ولاية الرئيس لحود بقليل، زارني أفرقاء من "8 آذار" وتكلموا معي بموضوع انتخابي وكيفية تشكيل الحكومة ووضعوا شروطا معينة، وعندما لم أتجاوب معهم ذهبوا الى الرئيس بشار الاسد وقالوا له هذا الرجل ينتمي الى "14 اذار" وليس معنا وسيطعننا بظهرنا، فأجابهم بأنه "لا يمكن التراجع لقد أعطينا كلمتنا على رئيس توافقي، لكنهم أقنعوه بضرورة تأجيل الانتخابات، فحل الفراغ لمدة سبعة أشهر." لذا، فالكلام أن وصولي الى سدة الرئاسة كان تكريساً لانتصار "8 آذار" في حوادث "7 ايار" لا أساس له من الصحة.
عن العهد الجديد
وفيما خص العهد الجديد، يقول الرئيس سليمان: "أنا لا اساير هذا الحكم ولا أهاجمه بل أعطيه فرصة وأقول رأيي بصراحة وفي كل المواضيع، لكنه يعتبر أن غلطة الحكم هي عدم الاتفاق على الخطوط العريضة، لذلك ما نسمعه في مجلس الوزراء حول أن الامور الخلافية لا نناقشها، بعيد عن المنطق السياسي، لكي لا اقول المنطق السيادي، لأننا بعيدون جدا عن المنطق السيادي، فعلى الاقل لنناقش هذه الامور، اذا لم نكن قادرين على معالجتها، فكل مرض نخفيه يصبح مرضا خبيثا، وإلا تحولت القيادة السياسية الى "اتحاد بلديات لبنان". وهنا نسأل لماذا لم يحدث اتفاق مسبق بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية على المواضيع الخلافية، كيف يمكن أن نشاهد جميعنا "حزب الله" يحرر جرود عرسال والجيش "يحمي خطوط البلدة فقط"، مؤكدا أن "الجيش قادر أكثر من حزب الله، لدينا 70 الف عسكري في الجيش ولدينا طائرات ورادارات ومدافع، واذا كان لديهم صواريخ أكثر فهذه ليست معركة صواريخ".
والى الذين يسوقون ان الجيش لم يكن لديه الغطاء السياسي من قبل حكومة تمام سلام في اب 2014 والتي كانت تقوم مقام رئيس الجمهورية بفعل الفراغ، عندما هاجم الارهابيون وحدات الجيش واختطفوا عناصره وقتلوا بعضهم، يشدد سليمان ان ظروف المعركة مع "داعش" و"النصرة" المتوافرة اليوم، اتت بعد انهيار القيادات الارهابية بفعل الضربات الجوية للتحالف الدولي والدخول الأميركي الروسي العربي على خط إنهاء "داعش"، وهذا ما لم يكن متوفراً في اب 2014 لدى نشوء "داعش" وتوسعها، وانكفاء الجيش السوري، وهذا ما يفسر عدم قيام "حزب الله" من قبل بمثل هذه العملية. وأكرر، الجيش قام بعمل جبار في الجرود وفي لبنان ككل، ملاحقاً الارهاب أينما وجده، والظرف اليوم مؤاتياً لاقتلاع بقاياه.
معركة عرسال إنتقاص لدور الجيش
برأي الرئيس سليمان معركة جرود عرسال كان يجب أن يقوم بها الجيش اللبناني فقط، فلماذا لم توكل هذه المهمة له؟، هل أن "حزب الله" قطع الطريق عليه؟ هل الجيش قال إنه لا يستطيع القيام بها؟ أم أنه لم يعط غطاء سياسيا؟ وقد تبين أن العملية مقتصرة على 120 إرهابياً، ما حصل فيه انتقاص لهيبة ودور الجيش اللبناني".
لتنسيق ميداني محدود مع السوريين
يجزم الرئيس سليمان بأن "الجيش يجب أن يقوم بالعملية، لقد أصبح من أولويات الامور أن يقوم بها ويربحها مهما كلفت، ولو تطلبت تنسيقاً ميدانياً محدوداً على مدى النيران بين الوحدات، في بقعة جغرافية صغيرة ومشتركة لمواجهة عدو مشترك، فمكتب التعاون والتنسيق موجود وقد بدأت الامور في عكار عندما كنت رئيسا للجمهورية وطلبت من مكتب التعاون والتنسيق أن يُنسّق مع الوحدات السورية لمنع انتقال المسلحين وتهريب الاسلحة.
هذا يترك لتقييم الجيش العسكري في الميدان، من دون أن تتخطى البقعة التي قرر مجلس الوزراء أن تجري فيها العملية، ومن دون أن تذهب الامور الى مواضيع سياسية أو غير سياسية."
زيارة بعض الوزراء الى سوريا
وعن زيارة بعض الوزراء الى سوريا، يلفت سليمان الى أنه "يؤيد موقف الحكومة الذي يقضي برفض زيارة اي وزير الى سوريا بتفويض حكومي، ومن يزورها له الحريّة لكن بصفته الشخصية. أمور الناس والمؤسسات يجب أن تسير كما يجب، فنحن ليس لدينا عداء مع الشعب السوري، وبالتالي فإن التنسيق بين مؤسسات الدوليتين (الكهرباء وغيرها) يجب أن يبقى موجودا لأن هذه المؤسسات وهذه الادارات هي ملك الشعب السوري وليست ملك النظام ولا المعارضة".
سلسلة الرتب والرواتب.. وتحكُم "حزب الله" بالسياسة الخارجية
الرئيس سليمان مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب، إلاّ أنه ضد إقرار ضرائب جديدة، ويوضّح في هذا الاطار أن "الاقتصاد في حالة ركود وكان يجب أن يشهد تحسنا كبيرا في النمو عقب إنتخاب رئيسا للجمهورية، لكن لم يحصل بل شهد تراجعا في بعض الاماكن، والسبب في ذلك يعود، وفقا للرئيس سليمان، الى غياب سياسة واضحة للدولة. ويسأل: "ألا يعرف المستثمر الخليجي أو الاميركي أو الفرنسي أو التركي أو اللبناني في الخارج أو في الداخل أن الدولة ليست صاحبة القرار في ما يتعلق بالحرب والسلم؟. هناك شعور بأن "حزب الله" هو من يحدد مفاصل السياسة الخارجية بتفاصيلها والدولة بموقع المتفرّج".
الكويت و"خلية العبدلي"
ويعطي الرئيس سليمان مثالا عن تحكّم "حزب الله" بالسياسة الخارجية، مستهجنا كيف أنه فيما خص الكويت و"خلية العبدلي" الجواب كان لدولة الكويت أننا سألنا "حزب الله" ونفى علاقته بالخلية، فهل هذا يكفي، حتى لو كان صحيحاً؟. ويقول: "أحيي هنا قرار الرئيس الحريري بالذهاب الى الكويت لحل تلك المسألة، هذا هو التصرف الصحيح وهذا ما اقترحته قبل أسبوع.
وبالعودة الى "السلسلة" وتأثير عدم وضوح السياسة اللبنانية سلبا على المستثمرين، يشدد الرئيس سليمان على أن "الحركة المالية والاقتصادية لا تنتعش إلاّ بظل الحريات والديموقراطية التي تؤمنها سيادة الدولة. لذا، طالما هناك فريقاً مسلحاً يحارب خارج البلاد ضد إرادة الدولة من دون ضوابط، فلن يتقدم إقتصادنا. على الدولة اللبنانية أن تبرهن بأنها ستستعيد زمام الامور، أقله من خلال البدء في البحث بالاستراتيجية الدفاعية، لأن الدول جاهزة لدعم لبنان".
والبديل بالنسبة للرئيس سليمان، هو إقرار "السلسة" بالتزامن مع تخفيض ميزانية الدولة بدلا من وضع ضرائب تُضر بالاقتصاد، ويؤكد أنه يجب إعطاء الموظفين حقوقهم، مع إجراء تقشف في الميزانية والقيام بالاصلاحات اللازمة. فهناك الكثير من الدول خفضت ميزانياتها وهناك دول خفضت الرواتب. ويبقى الاهم إقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتخفيف من الاستدانة والعجز من اجل القيام بتطوير وتأهيل البنى التحتية والخدمات.
ملاحظات على قانون الانتخاب
عن قانون الانتخاب والملاحظات عليه، يعتبر الرئيس سليمان أنه "من المعيب عدم السماح لمن هم في عمر الـ18 بالانتخاب، خصوصا في ظل قانون النسبية، إضافة الى إجبار رؤساء البلديات على الاستقالة قبل عامين من موعد اجراء الانتخابات، وعدم إقرار الكوتا النسائية، الدائرة الصغرى مع الصوت التفضيلي في القضاء، والخطأ الاكبر إحتساب الصوت التفضيلي على نسبة مئوية، وهذا بالحساب فيه عورة فاضحة، كذلك هناك مشكلة في اللائحة التي يُختار فيها الصوت التفضيلي فقط من دون اللائحة فتنجح كاملة، هذا خطأ. أنا أنصح الحكومة أن تقوم ببعض التعديلات الضرورية على القانون، والا فالطعون ستكون بالمئات فور صدور النتائج النهائية للانتخابات.
المشاركة في الانتخابات المقبلة والتحالفات
وعما إذا كانت هذه الملاحظات ستحول دون قيامه بخوض غمار المعركة الانتخابية المقبلة، يؤكد الرئيس سليمان أن كيفية المشاركة تتعلق بطبيعة المناخ الانتخابي في حينه، والاهم من ذلك، الموقف الوطني من الانتخابات وشعار الانتخابات ومواقف الاطراف من القضايا السيادية، لأننا لم نعد نسمع مواقف كالسابق. أما المشاركة فستكون بلوائح مستقلة غير منتمية لأي طرف أو من خلال التحالف مع السياديين، كما ان دعم اللوائح التي تشبه خطنا السياسي أمر محسوم، إضافة الى دعم الاشخاص المنتمين للقاء الجمهورية. ويرى أن هناك استحقاقات أهم من الموضوع الانتخابي حاليا، كالانتخابات الفرعية فعدم إجرائها يشكل مخالفة صريحة للدستور.
الحريري قائد الاعتدال في لبنان
وعن علاقته بالرئيس الحريري، يجيب الرئيس سليمان: "أنا ما زلت أؤمن بأن لدى الرئيس سعد الحريري فائض من الاعتدال وحب الوطن، وهو المهيأ لقيادة هذا التيار (الاعتدال) والحفاظ عليه، وفي الوقت عينه، اتمنى عليه كرئيس لمجلس الوزراء، ان يتمسك بمعتقده السياسي، تماماً كما يتمسك رئيس الجمهورية برأيه وكذلك رئيس مجلس النواب.
الشارع المسيحي.. والخيارات
أما عن خيارات الشارع المسيحي خصوصاً في ظل التعليقات والمواقف الصادرة عنه فيما خص معركة عرسال وتدخل "حزب الله" فيها، فبنظر سليمان على "الشارع المسيحي أن يعي بأن لا أحد يحميه غير الجيش اللبناني، فهل يريدون إعادتنا الى منطق الذمية؟. على المسيحي أن لا يخاف، نحن في صلب الدولة اللبنانية، لماذا تصنيف الناس والتمييز بينهم؟. طرابلس التي جرى التخويف منها أثبتت أنها وطنية بإمتياز. وعلى المسيحي أن يفهم أيضا وهذا ما اكتشفه مؤخراً، أن كل اللبنانيين حريصين عليه أكثر من حرصه على نفسه، والتشكيك الذي حصل بوطنية بعض الطوائف في لبنان غير صحيح. وكل ما كان يشاع عن أن ما يهم السنة في لبنان هو محيطهم العربي فقط، خاطئ. وبرأيي فإن السنة يهمهم لبنان أكثر من سواهم".
الثنائي المسيحي.. والتعيينات
وبالنسبة للتعيينات، يُذكّر الرئيس سليمان بأننا "وضعنا آلية تعيينات لنسير بها، والسؤال لماذا يتم السعي الى إلغائها اليوم، هل دخلنا في المحاصصة؟، التعيينات كانت أكبر عائق لي في عهدي، إذ لم أتمكن من إجراء التعيينات التي أرغب فيها واتهموني بالمحاصصة. وكنت قد توافقت مع الرؤساء بري والحريري والسنيورة على تطبيق آلية التعيينات، وإذ تنصلت بعض الاطراف من الآلية وتهربت منها".
وردا على سؤال عن إمكانية، تغيير شقيقه، محافظ البقاع، وتعيين شخصاً آخر في مكانه محسوب على طرف سياسي معين يبدي الرئيس سليمان بعض العتب، ويعتبر أن الضرر سيقع على من يقوم بهذه الخطوة. ويوضح "أنا لست ضد هذه الخطوة، ولكنني ضد أن يتم وضعه في إطار غير قانوني وغير مستحق، أي أن يوضع بالتصرف. هو محافظ، إما أن يعطى وظيفة فئة أولى، أو يعين في القضاء الاداري لأنه يستوفي كل الشروط المطلوبة، لكن أن يتم وضعه بالتصرف، فهذه كيدية سياسية، وبمثابة إنتقام من ميشال سليمان.
العلاقة مع الأطراف السياسية
عن العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقول: "علاقتي مع الرئيس ميشال عون طبيعية، وقد صارحته ببعض الامور، ومعارضتي ليست معارضة له على المستوى الشخصي، إنما هي مطالبة لتطبيق بعض الأسس والثوابت".
أما عن علاقته مع "القوات" اللبنانية، فيلفت الى أنه "بالخطوط العامة جيدة لكن بالتفصيل وطريقة التنفيذ هناك اختلاف، هم ذهبوا الى خيارات يكتشفون كلفتها المرتفعة اليوم. ففي الامور الوطنية والسيادية كانوا من أوائل المطالبين، لكنهم ذهبوا الى حلف سياسي كبير مع فريق من "8 آذار".
ويأسف سليمان ان يتعرض من يطالب اليوم بالسيادة وقيام الدولة للتخوين والاتهام بالتآمر على "حزب الله" وأنه مع إسرائيل ويريد التكفيري والارهابي، هذا الامر منظم ومدروس".
وعن علاقة الرئيس سليمان بالكتائب اللبنانية، يؤكد ان الكتائب وبعض المستقلين السياديين هم الاقرب اليوم لتوجهات الرئيس سليمان، ويقول: "ونحن متفقون إن كان بالاهداف الاساسية، أو بأسلوب الممارسة والتنفيذ".
أما بالنسبة لفريق "8 آذار"، يشير سليمان الى أن القسم الاكبر من هذا الفريق يقاطعه بسبب المواقف التي اتخذها في عهده، وستثبت الايام أحقية هذه المواقف.
رسالة سليمان لقائد الجيش
الرئيس سليمان وجّه رسالة للجيش وقائده، في ظل ما يحكى عن اقتراب خوضه لمعركة حاسمة ضد تنظيم "داعش" في رأس بعلبك، قائلا: "هناك إحتضان كامل من اللبنانيين للجيش، ولا يجب أن يسمح لأحد "بكسر شوكته". عليه القيام منفردا بهذه المعركة، وإن لم يستطع ليخبرنا بالاسباب، لكن لا يجب أن يسمح لأحد في القيام بمعارك بدلا عنه. كل الامكانات يمكن وضعها بيد الجيش، وذلك عبر إجتماع المجلس الاعلى للدفاع ووضع الوسائل والقدرات كافة تحت تصرفه، وتمكينه من تنفيذ السياسة الدفاعية. كل ذلك يحصل بقرار سياسي، إذ لا يجب أن يقف الجيش متفرجا ويصفّق للإنتصارات. قائد الجيش العماد جوزف عون صلب بهذه المسألة وشجاع ومجرّد، وأنا أعرفه جيداً وأشد على يده وأقول له، خض المعركة وحدك ولا تسمح بتدخل أي طرف.
إنشاء بيت سياسي
وعن الحنين لموقع الرئاسة الاولى، وجود نيّة لتكريس بيت سياسي يكمل المسيرة، يختم الرئيس سليمان: "أسعد لحظة في حياتي كانت لدى مغادرتي القصر الرئاسي، إذ أمّنت الاستقرار في البلد بأصعب الظروف، ووضعت الاسس للإنتقال الى الدولة السيادية المستقلة بعد مرحلة الوصاية السورية.
أما بموضوع البيت السياسي فيمكن أن يكون هناك لوم عليّ من قبل بعض الاصدقاء والاقارب، لكن كانت لدي قناعة بأن من يكون في رأس الهرم وفي سدة المسؤولية، لا يجب أن يوظّف أو يستغل منصبه في خدمة عائلته أو أحد أفرادها. لكنني اليوم أشجعهم على العمل في السياسة والحقل العام متى أرادوا، لاسيّما بعد خروجي من الحكم".
فأكثر ما يزعج الرئيس سليمان القول بأن وصوله الى سدة الرئاسة هو ترجمة لانتصار قوى "8 آذار" بعد أحداث" 7 أيار" ويقول بأن الرئيس سعد الحريري أول من فاتحه في هذا الموضوع مبدياً دعمه الجدي غير المشروط في حين أتت قوى" 8 آذار" بسلة شروط رددتها لهم مع الشكر.. ولا يتردد بالقول بأن الأجهزة الأمنية مخترقة من قبل "حزب الله" وان كانت اليوم أكثر من السابق...
يصف سليمان الحريري بأن لديه فائض من الاعتدال وحب الوطن ويطلب منه التمسك بثوابته، علاقته طبيعية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ويؤكد بأنه لن يساير الحكم ولن يهاجمه، بل يعطيه فرصة.. يتفق مع "القوات اللبنانية" في الخطوط العامة أما في التفاصيل فهناك اختلاف، ويعتبر بأنهم ذهبوا الى خيارات يكتشفون كلفتها اليوم، ويعترف بأن "الكتائب" وبعض المستقلين السياديين هم الأقرب الى توجهاته..
يعتبر سليمان بأن ما حصل في عرسال فيه انتقاص من هيبة ودور الجيش اللبناني. ينصح سليمان الحكومة باجراء تعديلات على قانون الانتخابات الحالي لوجود بعض الشوائب، والا فان الطعون الانتخابية ستكون بالمئات بعد صدور النتائج.. يخاطب سليمان الشارع المسيحي بأن عليه أن يعي بأن لا أحد يحميه غير الجيش اللبناني، وبأن السنة يهمهم لبنان مثل باقي اللبنانيين واكثر.
ويبدي عتبه من طريقة التعاطي مع "تغيير شقيقه محافظ البقاع، ووضعه في التصرف"، ويعتبرها خطوة غير قانونية، وانتقام مباشر منه. ويوجّه سليمان رسالة لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل انطلاق المواجهات مع "داعش" بأن يخوض المعركة وحده وأن لا يسمح بتدخل أي طرف. والتنسيق مع الجيش السوري، يجب ان يترك لتقييم الجيش في الميدان، ولا يتعدى حدود مدى النيران، ومن دون أن تذهب الامور الى مواضيع سياسية أو غير سياسية."
مواقف كثيرة أطلقها سليمان ان كان في موضوع زيارة الوزراء الى سوريا، وخلية العبدلي في الكويت، وسلسلة الرتب والرواتب، مشاركته في الانتخابات النيابية المقبلة وتحالفاته، التعيينات، وغيرها من الملفات.. وهذه مقابلة الرئيس ميشال سليمان كاملة:
لبنان برهن عن قوة
وفي حديث الى الموقع الرسمي لـتيار المستقبل – almustaqbal.org يلفت الرئيس سليمان الى أنه "خلال المرحلة الممتدة منذ العام 2005 حتى انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجهورية والرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة، أثبت الشعب اللبناني، والبلد عموماً، أنه أقوى بكثير مما كان يتخيله الزعماء السياسيين"، لأنه بعد انسحاب السوريين عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سوقت بعض المرجعيات ومن كل الطوائف إن الجيش سينقسم، إلاّ أنه لم يحصل شيء. وعندما بدأت الحرب في سوريا قالوا "الله يساعد لبنان بدو يفرط"، وإن المسيحيين سيتهجرون، لكن من حسن الحظ حصل العكس.
ويقول: "انا ميشال سليمان قائد جيش وقائد لواء وآمر سرية وجندي ورئيس جمهورية ومواطن، تفاجأت بصمود هذا البلد، أوهمونا بفكرة أننا بحاجة الى من يحمينا، وإلاّ فلا عيش مشترك ولا مناصفة، وهذه كانت أكبر خطورة. فبالرغم من الفراغ الدستوري بقي الشعب مؤمن بصيغة العيش المشترك والعقد الاجتماعي، وللطائف فضل كبير في هذا، وذلك باندفاع من المسلم أكثر من المسيحي على المشاركة.
والسؤال اليوم، هل سندخل في طور إعادة تخويف المسيحيين، وأنه لا يوجد من يحميهم؟ هذا ما اخشاه"، مذكرا بأنه "يوجد في مقدمة الدستور بند يقول إن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه"، وقد تمسك الجميع به، هذه نقطة قوة كبيرة لهذا البلد إضافة الى الجيش الذي تعمّد بالنار منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال معركة الضنية التي أيد فيها الجيش بقيادتي وزارني في مكتبي في اليرزة داعماً، الى ما تلاه في معركة نهر البارد وغيرها من المطبات، حيث أصرّ الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، أن نواصل على نفس النهج والخط الوطني، فقدّما كل الدعم والغطاء للجيش وصولاً الى معركة عرسال".
لكن رغم كل ما يجري من أحداث، يؤكد الرئيس سليمان أن البلد بخير، "جيشه قوي ونظامه المصرفي قوي. وقعت حوادث كثيرة، ولم تحصل حادثة طائفية واحدة في لبنان، أليس لذلك معنى لدى الدول الخارجية؟. لذا أنا اعتبر أن البلد بخير. وقد برهن عن قوة كبيرة وجيشه تصدى للارهاب، والمرجعيات السياسية وحدّت مواقفها ضد الارهاب. ما يؤهلنا لنكون محط دعم والتفات من المجتمع الدولي والدول المؤثرة شرط ان نحسن إدارة اللعبة".
7 أيار قرار مجنون ومعيب
وعن أحداث" 7 أيار" وتقصير الجيش بحماية أهل بيروت، يقول الرئيس سليمان: "7 أيار" حادثة استثنائية فريدة من نوعها، وبمثابة الحرب الاهلية، انها خطيئة كبرى بحق البلد، ولا يمكن في هذه الحالة أن يتمكن أي جيش منع حصولها، لكنه يستطيع قمعها لاحقاً وإعادة بسط سلطة الدولة". ويؤكد ان طبيعة المدينة والتداخل السكاني وتمركز الجيش، أثرت بشكل كبير على ما حصل. هذه المسألة تعالج بعد حدوثها لأنها ليست جبهة واضحة المعالم يتحضر لها الجيش او جبهتين متقابلتين يتمركز الجيش بينهما.
ورغم نفي سليمان حصول أي تواطؤ بين بعض الضباط أو وحدات من الجيش مع الحزب يومها، أو احتمال وجود أوامر لم يتم تنفيذها على الارض. الا أنه يُشير الى أن "الخروقات ممكن أن تحصل، ولكن ليس لدي اثباتات، نعم هناك خروقات لحزب الله في الاجهزة، وقد يكون في ذلك الوقت أقل من الآن، ولكن هذا لا يعني بأي حال وجود تواطؤ من قادة الوحدات، أو أنهم لم ينفذوا الأوامر".
وعن اتفاق الدوحة وما يشاع عن انقلاب الرئيس سليمان على "8 آذار"، يوضّح "أول من حدثني عن رئاسة الجمهورية كان الشيخ سعد الحريري رئيس تكتل "لبنان أولاً"، الذي بادر بدعم جدّي وغير مشروط لانتخابي رئيساً، وذلك قبل أن تنتهي ولاية الرئيس لحود بأشهر عدة، وقد تفاجأت بكلامه، لأنني كنت أشعر حينها بأنه لا يمكن أن يأتي عسكري الى رئاسة الجمهورية، فتمنيت عليه شاكراً ان يتحرر من أي التزام بما طرحه، وبأنني سأعتبر أنه لم يفاتحني بأي شيء. وبعدها، وقبل انتهاء ولاية الرئيس لحود بقليل، زارني أفرقاء من "8 آذار" وتكلموا معي بموضوع انتخابي وكيفية تشكيل الحكومة ووضعوا شروطا معينة، وعندما لم أتجاوب معهم ذهبوا الى الرئيس بشار الاسد وقالوا له هذا الرجل ينتمي الى "14 اذار" وليس معنا وسيطعننا بظهرنا، فأجابهم بأنه "لا يمكن التراجع لقد أعطينا كلمتنا على رئيس توافقي، لكنهم أقنعوه بضرورة تأجيل الانتخابات، فحل الفراغ لمدة سبعة أشهر." لذا، فالكلام أن وصولي الى سدة الرئاسة كان تكريساً لانتصار "8 آذار" في حوادث "7 ايار" لا أساس له من الصحة.
عن العهد الجديد
وفيما خص العهد الجديد، يقول الرئيس سليمان: "أنا لا اساير هذا الحكم ولا أهاجمه بل أعطيه فرصة وأقول رأيي بصراحة وفي كل المواضيع، لكنه يعتبر أن غلطة الحكم هي عدم الاتفاق على الخطوط العريضة، لذلك ما نسمعه في مجلس الوزراء حول أن الامور الخلافية لا نناقشها، بعيد عن المنطق السياسي، لكي لا اقول المنطق السيادي، لأننا بعيدون جدا عن المنطق السيادي، فعلى الاقل لنناقش هذه الامور، اذا لم نكن قادرين على معالجتها، فكل مرض نخفيه يصبح مرضا خبيثا، وإلا تحولت القيادة السياسية الى "اتحاد بلديات لبنان". وهنا نسأل لماذا لم يحدث اتفاق مسبق بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية على المواضيع الخلافية، كيف يمكن أن نشاهد جميعنا "حزب الله" يحرر جرود عرسال والجيش "يحمي خطوط البلدة فقط"، مؤكدا أن "الجيش قادر أكثر من حزب الله، لدينا 70 الف عسكري في الجيش ولدينا طائرات ورادارات ومدافع، واذا كان لديهم صواريخ أكثر فهذه ليست معركة صواريخ".
والى الذين يسوقون ان الجيش لم يكن لديه الغطاء السياسي من قبل حكومة تمام سلام في اب 2014 والتي كانت تقوم مقام رئيس الجمهورية بفعل الفراغ، عندما هاجم الارهابيون وحدات الجيش واختطفوا عناصره وقتلوا بعضهم، يشدد سليمان ان ظروف المعركة مع "داعش" و"النصرة" المتوافرة اليوم، اتت بعد انهيار القيادات الارهابية بفعل الضربات الجوية للتحالف الدولي والدخول الأميركي الروسي العربي على خط إنهاء "داعش"، وهذا ما لم يكن متوفراً في اب 2014 لدى نشوء "داعش" وتوسعها، وانكفاء الجيش السوري، وهذا ما يفسر عدم قيام "حزب الله" من قبل بمثل هذه العملية. وأكرر، الجيش قام بعمل جبار في الجرود وفي لبنان ككل، ملاحقاً الارهاب أينما وجده، والظرف اليوم مؤاتياً لاقتلاع بقاياه.
معركة عرسال إنتقاص لدور الجيش
برأي الرئيس سليمان معركة جرود عرسال كان يجب أن يقوم بها الجيش اللبناني فقط، فلماذا لم توكل هذه المهمة له؟، هل أن "حزب الله" قطع الطريق عليه؟ هل الجيش قال إنه لا يستطيع القيام بها؟ أم أنه لم يعط غطاء سياسيا؟ وقد تبين أن العملية مقتصرة على 120 إرهابياً، ما حصل فيه انتقاص لهيبة ودور الجيش اللبناني".
لتنسيق ميداني محدود مع السوريين
يجزم الرئيس سليمان بأن "الجيش يجب أن يقوم بالعملية، لقد أصبح من أولويات الامور أن يقوم بها ويربحها مهما كلفت، ولو تطلبت تنسيقاً ميدانياً محدوداً على مدى النيران بين الوحدات، في بقعة جغرافية صغيرة ومشتركة لمواجهة عدو مشترك، فمكتب التعاون والتنسيق موجود وقد بدأت الامور في عكار عندما كنت رئيسا للجمهورية وطلبت من مكتب التعاون والتنسيق أن يُنسّق مع الوحدات السورية لمنع انتقال المسلحين وتهريب الاسلحة.
هذا يترك لتقييم الجيش العسكري في الميدان، من دون أن تتخطى البقعة التي قرر مجلس الوزراء أن تجري فيها العملية، ومن دون أن تذهب الامور الى مواضيع سياسية أو غير سياسية."
زيارة بعض الوزراء الى سوريا
وعن زيارة بعض الوزراء الى سوريا، يلفت سليمان الى أنه "يؤيد موقف الحكومة الذي يقضي برفض زيارة اي وزير الى سوريا بتفويض حكومي، ومن يزورها له الحريّة لكن بصفته الشخصية. أمور الناس والمؤسسات يجب أن تسير كما يجب، فنحن ليس لدينا عداء مع الشعب السوري، وبالتالي فإن التنسيق بين مؤسسات الدوليتين (الكهرباء وغيرها) يجب أن يبقى موجودا لأن هذه المؤسسات وهذه الادارات هي ملك الشعب السوري وليست ملك النظام ولا المعارضة".
سلسلة الرتب والرواتب.. وتحكُم "حزب الله" بالسياسة الخارجية
الرئيس سليمان مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب، إلاّ أنه ضد إقرار ضرائب جديدة، ويوضّح في هذا الاطار أن "الاقتصاد في حالة ركود وكان يجب أن يشهد تحسنا كبيرا في النمو عقب إنتخاب رئيسا للجمهورية، لكن لم يحصل بل شهد تراجعا في بعض الاماكن، والسبب في ذلك يعود، وفقا للرئيس سليمان، الى غياب سياسة واضحة للدولة. ويسأل: "ألا يعرف المستثمر الخليجي أو الاميركي أو الفرنسي أو التركي أو اللبناني في الخارج أو في الداخل أن الدولة ليست صاحبة القرار في ما يتعلق بالحرب والسلم؟. هناك شعور بأن "حزب الله" هو من يحدد مفاصل السياسة الخارجية بتفاصيلها والدولة بموقع المتفرّج".
الكويت و"خلية العبدلي"
ويعطي الرئيس سليمان مثالا عن تحكّم "حزب الله" بالسياسة الخارجية، مستهجنا كيف أنه فيما خص الكويت و"خلية العبدلي" الجواب كان لدولة الكويت أننا سألنا "حزب الله" ونفى علاقته بالخلية، فهل هذا يكفي، حتى لو كان صحيحاً؟. ويقول: "أحيي هنا قرار الرئيس الحريري بالذهاب الى الكويت لحل تلك المسألة، هذا هو التصرف الصحيح وهذا ما اقترحته قبل أسبوع.
وبالعودة الى "السلسلة" وتأثير عدم وضوح السياسة اللبنانية سلبا على المستثمرين، يشدد الرئيس سليمان على أن "الحركة المالية والاقتصادية لا تنتعش إلاّ بظل الحريات والديموقراطية التي تؤمنها سيادة الدولة. لذا، طالما هناك فريقاً مسلحاً يحارب خارج البلاد ضد إرادة الدولة من دون ضوابط، فلن يتقدم إقتصادنا. على الدولة اللبنانية أن تبرهن بأنها ستستعيد زمام الامور، أقله من خلال البدء في البحث بالاستراتيجية الدفاعية، لأن الدول جاهزة لدعم لبنان".
والبديل بالنسبة للرئيس سليمان، هو إقرار "السلسة" بالتزامن مع تخفيض ميزانية الدولة بدلا من وضع ضرائب تُضر بالاقتصاد، ويؤكد أنه يجب إعطاء الموظفين حقوقهم، مع إجراء تقشف في الميزانية والقيام بالاصلاحات اللازمة. فهناك الكثير من الدول خفضت ميزانياتها وهناك دول خفضت الرواتب. ويبقى الاهم إقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتخفيف من الاستدانة والعجز من اجل القيام بتطوير وتأهيل البنى التحتية والخدمات.
ملاحظات على قانون الانتخاب
عن قانون الانتخاب والملاحظات عليه، يعتبر الرئيس سليمان أنه "من المعيب عدم السماح لمن هم في عمر الـ18 بالانتخاب، خصوصا في ظل قانون النسبية، إضافة الى إجبار رؤساء البلديات على الاستقالة قبل عامين من موعد اجراء الانتخابات، وعدم إقرار الكوتا النسائية، الدائرة الصغرى مع الصوت التفضيلي في القضاء، والخطأ الاكبر إحتساب الصوت التفضيلي على نسبة مئوية، وهذا بالحساب فيه عورة فاضحة، كذلك هناك مشكلة في اللائحة التي يُختار فيها الصوت التفضيلي فقط من دون اللائحة فتنجح كاملة، هذا خطأ. أنا أنصح الحكومة أن تقوم ببعض التعديلات الضرورية على القانون، والا فالطعون ستكون بالمئات فور صدور النتائج النهائية للانتخابات.
المشاركة في الانتخابات المقبلة والتحالفات
وعما إذا كانت هذه الملاحظات ستحول دون قيامه بخوض غمار المعركة الانتخابية المقبلة، يؤكد الرئيس سليمان أن كيفية المشاركة تتعلق بطبيعة المناخ الانتخابي في حينه، والاهم من ذلك، الموقف الوطني من الانتخابات وشعار الانتخابات ومواقف الاطراف من القضايا السيادية، لأننا لم نعد نسمع مواقف كالسابق. أما المشاركة فستكون بلوائح مستقلة غير منتمية لأي طرف أو من خلال التحالف مع السياديين، كما ان دعم اللوائح التي تشبه خطنا السياسي أمر محسوم، إضافة الى دعم الاشخاص المنتمين للقاء الجمهورية. ويرى أن هناك استحقاقات أهم من الموضوع الانتخابي حاليا، كالانتخابات الفرعية فعدم إجرائها يشكل مخالفة صريحة للدستور.
الحريري قائد الاعتدال في لبنان
وعن علاقته بالرئيس الحريري، يجيب الرئيس سليمان: "أنا ما زلت أؤمن بأن لدى الرئيس سعد الحريري فائض من الاعتدال وحب الوطن، وهو المهيأ لقيادة هذا التيار (الاعتدال) والحفاظ عليه، وفي الوقت عينه، اتمنى عليه كرئيس لمجلس الوزراء، ان يتمسك بمعتقده السياسي، تماماً كما يتمسك رئيس الجمهورية برأيه وكذلك رئيس مجلس النواب.
الشارع المسيحي.. والخيارات
أما عن خيارات الشارع المسيحي خصوصاً في ظل التعليقات والمواقف الصادرة عنه فيما خص معركة عرسال وتدخل "حزب الله" فيها، فبنظر سليمان على "الشارع المسيحي أن يعي بأن لا أحد يحميه غير الجيش اللبناني، فهل يريدون إعادتنا الى منطق الذمية؟. على المسيحي أن لا يخاف، نحن في صلب الدولة اللبنانية، لماذا تصنيف الناس والتمييز بينهم؟. طرابلس التي جرى التخويف منها أثبتت أنها وطنية بإمتياز. وعلى المسيحي أن يفهم أيضا وهذا ما اكتشفه مؤخراً، أن كل اللبنانيين حريصين عليه أكثر من حرصه على نفسه، والتشكيك الذي حصل بوطنية بعض الطوائف في لبنان غير صحيح. وكل ما كان يشاع عن أن ما يهم السنة في لبنان هو محيطهم العربي فقط، خاطئ. وبرأيي فإن السنة يهمهم لبنان أكثر من سواهم".
الثنائي المسيحي.. والتعيينات
وبالنسبة للتعيينات، يُذكّر الرئيس سليمان بأننا "وضعنا آلية تعيينات لنسير بها، والسؤال لماذا يتم السعي الى إلغائها اليوم، هل دخلنا في المحاصصة؟، التعيينات كانت أكبر عائق لي في عهدي، إذ لم أتمكن من إجراء التعيينات التي أرغب فيها واتهموني بالمحاصصة. وكنت قد توافقت مع الرؤساء بري والحريري والسنيورة على تطبيق آلية التعيينات، وإذ تنصلت بعض الاطراف من الآلية وتهربت منها".
وردا على سؤال عن إمكانية، تغيير شقيقه، محافظ البقاع، وتعيين شخصاً آخر في مكانه محسوب على طرف سياسي معين يبدي الرئيس سليمان بعض العتب، ويعتبر أن الضرر سيقع على من يقوم بهذه الخطوة. ويوضح "أنا لست ضد هذه الخطوة، ولكنني ضد أن يتم وضعه في إطار غير قانوني وغير مستحق، أي أن يوضع بالتصرف. هو محافظ، إما أن يعطى وظيفة فئة أولى، أو يعين في القضاء الاداري لأنه يستوفي كل الشروط المطلوبة، لكن أن يتم وضعه بالتصرف، فهذه كيدية سياسية، وبمثابة إنتقام من ميشال سليمان.
العلاقة مع الأطراف السياسية
عن العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقول: "علاقتي مع الرئيس ميشال عون طبيعية، وقد صارحته ببعض الامور، ومعارضتي ليست معارضة له على المستوى الشخصي، إنما هي مطالبة لتطبيق بعض الأسس والثوابت".
أما عن علاقته مع "القوات" اللبنانية، فيلفت الى أنه "بالخطوط العامة جيدة لكن بالتفصيل وطريقة التنفيذ هناك اختلاف، هم ذهبوا الى خيارات يكتشفون كلفتها المرتفعة اليوم. ففي الامور الوطنية والسيادية كانوا من أوائل المطالبين، لكنهم ذهبوا الى حلف سياسي كبير مع فريق من "8 آذار".
ويأسف سليمان ان يتعرض من يطالب اليوم بالسيادة وقيام الدولة للتخوين والاتهام بالتآمر على "حزب الله" وأنه مع إسرائيل ويريد التكفيري والارهابي، هذا الامر منظم ومدروس".
وعن علاقة الرئيس سليمان بالكتائب اللبنانية، يؤكد ان الكتائب وبعض المستقلين السياديين هم الاقرب اليوم لتوجهات الرئيس سليمان، ويقول: "ونحن متفقون إن كان بالاهداف الاساسية، أو بأسلوب الممارسة والتنفيذ".
أما بالنسبة لفريق "8 آذار"، يشير سليمان الى أن القسم الاكبر من هذا الفريق يقاطعه بسبب المواقف التي اتخذها في عهده، وستثبت الايام أحقية هذه المواقف.
رسالة سليمان لقائد الجيش
الرئيس سليمان وجّه رسالة للجيش وقائده، في ظل ما يحكى عن اقتراب خوضه لمعركة حاسمة ضد تنظيم "داعش" في رأس بعلبك، قائلا: "هناك إحتضان كامل من اللبنانيين للجيش، ولا يجب أن يسمح لأحد "بكسر شوكته". عليه القيام منفردا بهذه المعركة، وإن لم يستطع ليخبرنا بالاسباب، لكن لا يجب أن يسمح لأحد في القيام بمعارك بدلا عنه. كل الامكانات يمكن وضعها بيد الجيش، وذلك عبر إجتماع المجلس الاعلى للدفاع ووضع الوسائل والقدرات كافة تحت تصرفه، وتمكينه من تنفيذ السياسة الدفاعية. كل ذلك يحصل بقرار سياسي، إذ لا يجب أن يقف الجيش متفرجا ويصفّق للإنتصارات. قائد الجيش العماد جوزف عون صلب بهذه المسألة وشجاع ومجرّد، وأنا أعرفه جيداً وأشد على يده وأقول له، خض المعركة وحدك ولا تسمح بتدخل أي طرف.
إنشاء بيت سياسي
وعن الحنين لموقع الرئاسة الاولى، وجود نيّة لتكريس بيت سياسي يكمل المسيرة، يختم الرئيس سليمان: "أسعد لحظة في حياتي كانت لدى مغادرتي القصر الرئاسي، إذ أمّنت الاستقرار في البلد بأصعب الظروف، ووضعت الاسس للإنتقال الى الدولة السيادية المستقلة بعد مرحلة الوصاية السورية.
أما بموضوع البيت السياسي فيمكن أن يكون هناك لوم عليّ من قبل بعض الاصدقاء والاقارب، لكن كانت لدي قناعة بأن من يكون في رأس الهرم وفي سدة المسؤولية، لا يجب أن يوظّف أو يستغل منصبه في خدمة عائلته أو أحد أفرادها. لكنني اليوم أشجعهم على العمل في السياسة والحقل العام متى أرادوا، لاسيّما بعد خروجي من الحكم".
عبدالله بارودي - سلام طرابلسي - الموقع الرسمي لتيار المستقبل - 15 اب 2017
إرسال تعليق