يجلس عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده في منزل جده الرئيس إميل إده التاريخي في الصنائع، عندما يكون في بيروت، ويعرض لزائره بحرقة انطباعات سلبية كوّنها عن اللبنانيين وطرق تفكيرهم، أنانياتهم وحساباتهم الصغيرة في القضايا السياسية. عن سعي كثيرين من المتحمسين سابقاً لعمه الراحل ريمون إده وخطه الوطني إلى النيابة والوزارة والوجاهة بأي ثمن وطريقة. عن خيباته الكبيرة بزعماء البلاد وحرصه على إبقاء اسم “الكتلة الوطنية” مشرِّفاً منزّهاً عن التلوث السياسي والزحف إلى المراكز والإستفادات على أنواعها. رئيس بلدية جبيل المستقيل من أجل الترشح للنيابة، زياد حواط، هو نقيض “العميد” المنكفئ والمتشائم، وأيضاً عمه المحامي جان حوّاط الذي كبُر معه أبناء جيله. مهندس شاب، وسيم وغني، متحمس، متفائل تسبقه ابتسامته، ومنغمس في الاحتكاك اليومي بالناس، ويُحسن تماماً استخدام الميديا ولعبة التعامل مع وسائل الإعلام والإعلاميين والصحافيين وشركات الإعلان، وأسرار الكاميرات وما خلفها. كان صعوده صاروخياً إلى رئاسة بلدية جبيل وحقق فيها إنجازات يُشهد لها. لكنه في قفزته الأخيرة إلى مقعد نيابي انتقل إلى دور لاعب “صولد وأكبر” تحفّ برهانه الأخطار. من جهة تخلى عن رئاسة بلدية مدينة من الأهم تاريخياً على حوض البحر الأبيض المتوسط، بعدما وفّرت له صورة زاهية في أذهان اللبنانيين، ومن جهة أعلن أنه سيكون مرشح حزب “القوات اللبنانية” في انتخابات 2018 التي قد تحصل وقد لا تحصل، ومن يدري في دولة رجراجة كلبنان، بانياً رهانه على قبول نسبة لا بأس بها من أهالي بلاد جبيل، الكتلويين خصوصاً، بانتخاب مرشح لحزب كان سابقاً في عيونهم ميليشيا انشقت عن حزب الكتائب الذي يتفوق على “القوات” بعدد بطاقات الانتساب في منطقة جبيل، ولكن ليس بحماسة المحازبين وفاعليتهم الانتخابية.
حسم زياد حوّاط أمره وتقدم باستقالته من رئاسة بلدية جبيل. سيعلّق بعضهم: “النيابة أحلى”، غامزاً من شعار حملته الإنتخابية للبلدية، وسيأسف لقراره النائب وليد جنبلاط بتغريدة على “تويتر”. الأهم أن ينسى هو وينسى الناس عبارة دأب على تردادها كلما سأله أحدهم عن نيته الترشح للنيابة على لائحة “القوات” والانضمام إلى كتلتها النيابية: “بيّي (الراحل حليم) وصّاني ما إقعد على طاولة حدا”. وقد يكون عذره معه، فالسياسة في لبنان تقتضي القدرة على تغيير الموقف بحسب الظروف. تبقى مشكلة عدم اقتناع عمه المحامي جان حوّاط حتى اليوم بجلوس ابن أخيه إلى طاولة “القوات” وإصراره على الترشح بنفسه مما يخلق “إشكالية” لرئيس البلدية ذات طابع أدبي، وإن كانت لا تؤثر كثيراً في عدد الأصوات التي سينالها إذا حصلت الانتخابات.
إلا أن ثمة رأياً سائداً في جبيل فحواه أن الرجل الذي حسم أمره فعلاً وحمل حوّاط على الاستقالة من رئاسة البلدية هو سمير جعجع الذي ضرب “ضربة معلّم” سواء أفاز زياد بالنياب أم لا، باعتبار أن الغاية هي نفاذ “القوات” إلى مجتمع قضاء جبيل من باب عريض، بعدما ثبت أن كوادر الحزب الحالية لن تستطيع أداء هذه المهمة. كما أن صديق جعجع و”القواتيين” الدكتور فارس سعَيد لا يزيد عددهم أو ينقصه إن ربح الإنتخابات أو خسرها، وفي كل الأحوال يجلس بجانب جعجع عندما يلتقي وإياه على الهدف السياسي وليس إلى طاولته في كل حين على غرار ما سيذهب إليه حوّاط بناء على ورقة تفاهم موقّعة في معراب. ازداد تفاؤل العونيين بعد ترشح حواط باحتمال فوز مرشحيهم الثلاثة في جبيل بفعل انقسام أصوات خصومهم بين حوّاط والدكتور فارس سعَيد، فيما الاخير يحسب أن لائحة العونيين في جبيل سوف تخرقها اللائحة التي سيشكلها أو يتحالف معها بناء على خط سياسي وطني عالي السقف في معارضته لسلاح “حزب الله”، لا يستطيع الوصول إليه حتى سمير جعجع. وسيتّكل على شبكة علاقات متينة يقيمها في كل قضاء جبيل، واعتبارات تلعب لمصلحته منها أنه مستقل حر القرار ومعارض بلا هوادة وبلا سؤال عن منفعته الشخصية على غرار ما كانه العميد الراحل ريمون إده. ليست مصادفة أو من غير معنى عميق تناقل الكتلويين في جبيل هذه الأيام عبارة قالتها “الست نهاد” تعليقاً على المواقف السياسية التي يعلنها ابنها فارس: “ضلّيت عارض ريمون أربعين سنة حتى فرّخ ريمون إدّه عندي بالبيت!”.
حسم زياد حوّاط أمره وتقدم باستقالته من رئاسة بلدية جبيل. سيعلّق بعضهم: “النيابة أحلى”، غامزاً من شعار حملته الإنتخابية للبلدية، وسيأسف لقراره النائب وليد جنبلاط بتغريدة على “تويتر”. الأهم أن ينسى هو وينسى الناس عبارة دأب على تردادها كلما سأله أحدهم عن نيته الترشح للنيابة على لائحة “القوات” والانضمام إلى كتلتها النيابية: “بيّي (الراحل حليم) وصّاني ما إقعد على طاولة حدا”. وقد يكون عذره معه، فالسياسة في لبنان تقتضي القدرة على تغيير الموقف بحسب الظروف. تبقى مشكلة عدم اقتناع عمه المحامي جان حوّاط حتى اليوم بجلوس ابن أخيه إلى طاولة “القوات” وإصراره على الترشح بنفسه مما يخلق “إشكالية” لرئيس البلدية ذات طابع أدبي، وإن كانت لا تؤثر كثيراً في عدد الأصوات التي سينالها إذا حصلت الانتخابات.
إلا أن ثمة رأياً سائداً في جبيل فحواه أن الرجل الذي حسم أمره فعلاً وحمل حوّاط على الاستقالة من رئاسة البلدية هو سمير جعجع الذي ضرب “ضربة معلّم” سواء أفاز زياد بالنياب أم لا، باعتبار أن الغاية هي نفاذ “القوات” إلى مجتمع قضاء جبيل من باب عريض، بعدما ثبت أن كوادر الحزب الحالية لن تستطيع أداء هذه المهمة. كما أن صديق جعجع و”القواتيين” الدكتور فارس سعَيد لا يزيد عددهم أو ينقصه إن ربح الإنتخابات أو خسرها، وفي كل الأحوال يجلس بجانب جعجع عندما يلتقي وإياه على الهدف السياسي وليس إلى طاولته في كل حين على غرار ما سيذهب إليه حوّاط بناء على ورقة تفاهم موقّعة في معراب. ازداد تفاؤل العونيين بعد ترشح حواط باحتمال فوز مرشحيهم الثلاثة في جبيل بفعل انقسام أصوات خصومهم بين حوّاط والدكتور فارس سعَيد، فيما الاخير يحسب أن لائحة العونيين في جبيل سوف تخرقها اللائحة التي سيشكلها أو يتحالف معها بناء على خط سياسي وطني عالي السقف في معارضته لسلاح “حزب الله”، لا يستطيع الوصول إليه حتى سمير جعجع. وسيتّكل على شبكة علاقات متينة يقيمها في كل قضاء جبيل، واعتبارات تلعب لمصلحته منها أنه مستقل حر القرار ومعارض بلا هوادة وبلا سؤال عن منفعته الشخصية على غرار ما كانه العميد الراحل ريمون إده. ليست مصادفة أو من غير معنى عميق تناقل الكتلويين في جبيل هذه الأيام عبارة قالتها “الست نهاد” تعليقاً على المواقف السياسية التي يعلنها ابنها فارس: “ضلّيت عارض ريمون أربعين سنة حتى فرّخ ريمون إدّه عندي بالبيت!”.
إيلي الحاج - "النهار" - 17 تموز 2017
إرسال تعليق