0
أصدر النائب بطرس حرب بيانا جاء فيه: "تتملكني، كما تتملك الشعب اللبناني، الحيرة تجاه الدعوة الملكية السعودية الكريمة لرئيس الحكومة اللبنانية للمشاركة في مؤتمر القمة الإسلامية العربية الأميركية التي ستنعقد في المملكة السعودية الشقيقة.
 
إلا أنه، على الرغم من الصداقة التاريخية الراسخة بين المملكة ولبنان، وهي التي لم تقصر يوما في مساندة لبنان ومؤازرته في كل الحقبات والمحن التي مر بها، فحفرت في قلوب اللبنانيين المحبة وعرفان الجميل، لا بد من التساؤل عن الظروف والملابسات التي أدت إلى توجيه دعوة الحضور إلى دولة رئيس مجلس الوزراء، وليس إلى فخامة رئيس الجمهورية، ولا سيما أنه من المعروف أن مؤتمرات القمة الدولية أو الإقليمية مخصصة لحضور ملوك ورؤساء الدول لهذه المؤتمرات مع نظرائهم من رؤساء الدول الأخرى المشاركة، وأن الأصول والعادة والتقاليد مستقرة على توجيه الدعوة من رئيس الدولة المضيفة لحضور دولة مؤتمر قمة إلى رئيس الدولة المدعوة، وفي حالتنا إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على أن يعود لرئيس الجمهورية اللبنانية أن يقرر المشاركة شخصيا أو تكليف من يمثله في المؤتمر.

إن طريقة توجيه الدعوة إلى لبنان تشكل سابقة خطيرة، وتعتبر بكل المقاييس فشلا ذريعا للسياسة الخارجية اللبنانية التي بررت، إن لم تكن أدت، لحصول هذه السابقة، وهو ما يدفعني إلى الاستيضاح عن الظروف والملابسات والأسباب التي دفعت أكبر أصدقاء لبنان إلى تجاوز رئيس الجمهورية، الذي أقيم له، عند زيارة المملكة، استقبال حافل، واعدا بإعادة العلاقات اللبنانية-السعودية إلى سابق عهدها بعدما شابها الكثير من الانحرافات التي أدت إلى تأزيمها نتيجة السياسة التي اعتمدها وزير الخارجية اللبنانية وسوء أدائه.

ولا تكفينا الذرائع التي تذكرها وسائل الإعلام حول أن تفاهما حصل بين فخامة رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة ووزير الخارجية على استبدال ترؤس رئيس الجمهورية للوفد اللبناني بمشاركة وزير الخارجية في الوفد الذي سيترأسه رئيس مجلس الوزراء، لأن هذا التفاهم، إذا صح حصوله، يخالف أبسط الأصول والأحكام التي ترعى العلاقات الدولية، ويتعارض مع أحكام الدستور، ويطال موقع الرئاسة الأولى تغييبا وإضعافا وتجاوزا، ولا سيما في مؤتمر قمة إسلامي عربي، حيث يكون رئيس جمهورية لبنان الرئيس العربي المسيحي الوحيد فيه. إنها سياسة ترقيع وتبرير، وليست مواقف دول وحكومات تحترم نفسها وشعوبها ودولها.

والخشية الكبرى أن يكون ما جرى يشكل تهرباً من حرج شخصي يقع فيه رئيس الجمهورية في المؤتمر، ولا يشكل حرجاً لرئيس الحكومة ووزير الخارجية، وهو أمر مستغرب وغير منطقي، أو أن يكون رسالة مباشرة من منظمي المؤتمر تعبر عن رفض مواقف الدولة اللبنانية وبعض الرموز الأساسية فيها، ما يؤكد فشل المراهنات على توجهات سياسية خارجية موعودة وغير محترمة، وهو ما يضاعف المخاوف الكبيرة على مصير لبنان ومصير اقتصاده ومصير اللبنانيين الذين يعملون في المملكة العربية السعودية، وهم بمئات الآلاف.

غير أن الأمل يبقى في أن لا تدفعنا سياسة التذاكي والخفة التي تعتمدها وزارة الخارجية، إلى مغامرة لا يملك اللبنانيون قدرة على خوضها، وفي أن تبقى المملكة العربية السعودية وملكها صديقا للبنان واللبنانيين، وهي صداقة تفوق بعمقها ونقاوتها وثباتها كل الظروف والأخطاء، وتبقى رمزا للأخوة الصادقة التي تربطنا". 

17 أيار 2017

إرسال تعليق

 
Top