0
في ظل «التوافق الالزامي» الذي يفرضه زعماء الطوائف والمذاهب على الشعب اللبناني، عند بحث اي موضوع «اساسي» على ما نصت عليه الفقرة الخامسة من المادة 56 من الدستور، والمواضيع الاساسية الواردة في الدستور هي «تعديل الدستور، اعلان حالة الطوارئ، الحرب والسلم. التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة الامد، تعيين موظفي الفئة الاولى او ما يعادلها، اعادة النظر في التقسيم الاداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الاحوال الشخصية، اقالة الوزراء. يمكن التساؤل، ما هي الفائدة من وضع القوانين والدساتير، طالما ان زعماء الطوائف والمذاهب، لا يقيمون وزناً ولا اهمية للنصوص الواضحة والصريحة التي ترعى استقام الحياة السياسية في لبنان.
 
هذه المواضيع الاساسية الاربعة عشر، التي اعتبرها الدستور اساسية، ميزها بانها تستدعي ثلثي عدد اعضاء الحكومة، للموافقة عليها، بما يعني ان الدستور قال صراحة، بدستورية التصويت على هذه المواضيع، ومنها قانون الانتخابات واعادة النظر بالتقسيمات الادارية، الذي يرفضه البعض من دون ان يرف له جفن.
 
الدستور في لبنان والقوانين ايضاً، لزوم ما لا يلزم، يلجأ اليها المواطن العادي، المقطوع من شجرة، لنحميه، فيصاب بالخيبة والاحباط، ولكنه سرعان ما يحصل على الحماية، فور تقديم اوراق اعتماده ورضوخه لمشيئة الاقوياء، وزعماء الطوائف والمذاهب وحملة السلاح.
 
في الفصل الثاني من الدستور (اللبنانيون وحقوقهم وواجباتهم) عشر مواد تحكي اساطير عن حقوق المواطنين وحرياتهم، ولا مادة منها تطبق، اما بالكامل واما جزئيا. (من المادة 6 حتى المادة 15).
 
لماذا نتعب على دساتير وقوانين، ونختلف حولها احيانا الى درجة الاقتتال، طالما انها ستبقى حبرا على ورق.
 
لماذا نهدد بحرب اهلية، من اجل قانون للانتخابات يمكن الاستعاضة عنه بقانون العشائر والقبائل غير المكتوب؟
 
اي فائدة من دستور او قانون، يحتملان الف تفسير وتفسير وما من تفسير يتطابق مع الاخر، وكأننا جزء من احفاد شعب برج بابل.
 
نادرا ما تصادف زعيما او متقدما من ذريّة طوائف لبنان ومذاهبه، لا يحمل خنجرا وراء ظهره، وهو يدعو الى التفاهم والحوار، ويحاضر بالعفة.
 
نحكي الحكايا، عن لبنان الحضارة، والتقدم، والعلم، والانفتاح، وننسى ان اهل هذه القيم، او اكثريتهم، اما اصبحوا تحت التراب، واما نقلوا هذا اللبنان معهم الى اقاصي الارض.
مقدمة الدستور، تشبه من حيث المضمون، فذلكة الموازنة العامة، فهي التمهيد المختصر للمضمون، ومقدمة الدستور اللبناني مؤلفة من عشرة بنود اقسم انها ليست سوى «صفّ حكي» كتبها انسان نيّته طيبة.
 
كثر في لبنان من يملكون النية الحسنة وارادة التغيير ولكنهم مع الاسف يحلمون لأجيال لم تولد بعد.

فؤاد أبو زيد - "الديار" - 10 أيار 2017

إرسال تعليق

 
Top