0
منذ بدء المفاوضات بين إيران والدول 5+1 بشأن وقف الجمهورية الإسلامية برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات التجارية والعسكرية والسياسية عن هذه الأخيرة حاولت إسرائيل بشتى الوسائل عرقلة هذه المفاوضات رغم كل الضمانات التي وُفرت لها خاصة من قبل الولايات المتحدة الأميركية. رغم هذه الضمانات أصرّ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو على المضي قدماً في إيقاف هذا الاتفاق التاريخي حيث وصلت به الوقاحة إلى محاولة إقناع الكونغرس الأميركي في خطابه الشهير في الثالث من آذار 2015 بتهديد هذا الاتفاق للأمن القومي الإسرائيلي متخطياً حينذاك الرئيس باراك أوباما.
 
بموجب هذا الاتفاق الذي وقع في صيغته النهائية في 14 تموز 2015 وأصبح نافذاً في 17 كانون الثاني 2016 أصبح بإستطاعة إيران إستيراد وتصدير الأسلحة فحصلت على صواريخ س 300 الروسية المتطورة المضادة للطيران.
 
وكان قد سبق هذه الصفقة نشر روسيا منظومة دفاع جوي س 300 وس 400 في سوريا بالإضافة إلى طائرات سوخوي وميغ مما حدّ من إمكانيات الطيران الإسرائيلي والأميركي والتركي في مناطق نفوذ روسيا في سوريا. 
 
تزامناً مع كل هذه الأحداث كان حزب الله يشن حروباً شرسة ضد الإرهابيين التكفيريين على عدة جبهات في سوريا وفي نفس الوقت يعزز منظومته الصاروخية في وجه العدو الصهيوني مما وضع قادة العدو الإسرائيلي في حالة إستنفار قصوى. 
 
في الثاني عشر من آذار الفائت حطت في مطار نيفاتيم العسكري الإسرائيلي أول دفعة من طائرات «F 35» الشبح الأميركية تبلغ كلفة كل طائرة 100 مليون دولار. وإسرائيل هي أول دولة أجنبية تحصل على هذه الطائرة الخارقة على جميع الأصعدة. وكانت تل أبيب قد إشترت خمسون طائرة «F 35» في عام 2012 على أن تسلمها الولايات المتحدة الأميركية إياها على دفعات. هذه الطائرة هي من طراز شبح، مقاتلة جوية، وقاذفة صواريخ جو-أرض يمكنها تفادي الصواريخ س 300 المضادة للطيران الموجودة في إيران وسوريا لا بل يمكنها تحديد موقع صواريخ س 300 إلكترونياً وقصفها وتدميرها. كما يمكنها تنفيذ مهمات دقيقة جداً ومعقدة كقصف منشآت أو حتى شحنة نووية في إيران أوفي أي بلد في الإقليم. يمكنها أيضاً تنفيذ عمليات «جراحية» عسكرية وأمنية ضد المقاومة الإسلامية في لبنان وسوريا.
 
إذا كانت ركائز الأمن القومي العسكري للعدوالإسرائيلي هي: أولاً: الردع - ثانياً: الحسم - ثالثاً: الجهوزية (بالتحديد سرعة إستدعاء الإحتياط) فيمكن وضع إمتلاك الكيان الصهيوني لهذا النوع من الطائرات في خانة الحسم الإستباقي لأي محاولة تحضير أو شن هجوم صاروخي تقليدي أونووي على إسرائيل. أمّا البارز في صفقة شراء هذه الطائرات يكمن في أن لإسرائيل الحق في إستعمال الـ «F 35» دون موافقة مسبقة من الولايات المتحدة الأميركية مما قد يؤدي إلى مواجهة مفتوحة مع الجهة المعتدى عليها ونشوء ربما حرب نووية. 
 
ويصف الخبراء العسكريين في أميركا أن هذه الطائرة سلاح غير تقليدي كالـ «F16» نظراً لقدراتها الخارقة وهذا يعني أن إسرائيل تتحضر لحرب غير تقليدية في المنطقة.
تأمل إسرائيل من خلال إمتلاك هذا النوع من الطائرات من السيطرة على الأجواء في منطقة الشرق الأوسط للأربعين سنة المقبلة.
 
يتسائل خبير عسكري مخضرم: هل فعلاً هذِه الصفقة ستُغير موازين القوى في المنطقة لصالح إسرائيل؟ ويتسائل: في ظل الصراع الدولي الإقليمي في المنطقة هل ستسمح موسكولذراع الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة أي إسرائيل بإمتلاك هذا النوع من السلاح دون ردّ، علماً أن لإسرائيل قاعدة جوية في أذربيجان على الحدود الجنوبية الغربية مع روسيا وعلى بعد 500 كم فقط من موسكو؟ وماذا عن إيران وحزب الله وسوريا؟
 
يتابع الخبير العسكري أنّ الرئيس بوتين أرسى بدفاعه المستميت عن سوريا معادلة عسكرية جديدة في منطقة الشرق الأوسط وهولن يسمح للولايات المتحدة الأميركية ولحلفائها بتخطي هذه المعادلة وهو يمتلك أوراق عديدة يمكنه أن يستعملها لإثبات تفوق محور الممانعة على إسرائيل. فإذا كان بإستطاعت طائرات الـ «F 35» رصد موقع صواريخ «س 300» التي تمتلكها كل من سوريا وإيران وتدميرها فهذا غير ممكن مع الصواريخ الروسية المضادة للطيران «س 400» الأكثر تطوراً من سابقاتها حيث تتمتع هذه الأخيرة بمنظومة رادارات فائقة الدقة تعمل بشكل لا يمكن تحديد موقعها من قبل أي معتدي. فمن الممكن أن تسلّم موسكو في المستقبل القريب إيران وسوريا صواريخ «س 400» كرد على تسليم أميركا لطائرات جديدة لإسرائيل. 
 
لكن الأهم من كل ذلك أن روسيا طورت مؤخراً طائرتين حربيتين جديدتين هما الـ «MIG 35» والـ «SUKHOI T 50» الشبح اللتان تضاهيان قدرة وتكنولوجيا وإمكانيات طائرة الـ «F 35». فماذا لو قرر الرئيس بوتين بيع هاتين الطائرتين لحليفيه سوريا وإيران؟ أو حتى إستعمال روسيا بنفسها لهاتين الطائرتين دفاعاً عن حلفائها؟ هل ستستطيع إسرائيل المواجهة بمفردها أمّ أن ذلك سيستدعي تدخل الولايات المتحدة الأميركية لمساندة حليفها الكيان الصهيوني فتقع حرب جوية غير تقليدية هي الأعنف في تاريخ المعارك الجوية وقد تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة؟
 
ويضيف الخبير العسكري: ماذا ستكون ردة فعل حزب الله الذي أصبح يمتلك مئات الألاف من الصواريخ الموجودة في لبنان وسوريا والموجهة إلى الداخل الإسرائيلي في حال إستعمال الصهاينة لطائراتهم الجديدة أوأي سلاح آخر في أي اعتداء على لبنان أوحلفاء لبنان؟ 
 
يختم الخبير أنّ إسرائيل ومنذ هزيمتها المذلة خلال عدوان تموز 2006، ومنذ الاتفاق النووي بين إيران ودول 5+1 ومنذ فوز النظام السوري وحلفائه على الإرهابيين وهي تتخبط في أزمات عسكرية ووجودية لن تنفعها شراء 50 أوحتى 100 طائرة «F 35» أو صواريخ أرض - أرض حتى مهما حاول الرئيس الأميركي ترامب دعم الصهاينة.

شربل الأشقر - "الديار" - 13 أيار 2017

إرسال تعليق

 
Top