0
بدا واضحاً من مداخلات النواب في جلسة مناقشة الحكومة ان الاختلاف كان واسعاً بين ممثلي الكتل النيابية من مقاربة ملف قانون الانتخابات ما يؤثر الى صعوبة وربما استحالة التوافق على صيغة مشتركة، في الاتصالات السياسية المستمرة بين القوى السياسية او في جلسة الحكومة يوم غد الاثنين وما يتوقع ان يتبعها من جلسات اخرى لهذه الغاية.
 
وقد اصبحت الساحة السياسية امام مفترق صعب في الايام القليلة المقبلة من حيث الاتفاق على القانون الجديد او على عناوينه من الموالاة من قبل ولوج باب التمديد التقني لمجلس النواب والا فان الخيار الوحيد سيكون عندها دعوة رئيس المجلس نبيه بري لعقد جلسة التمديد الموعود، خصوصاً ان الرئيس بري حدد منتصف الشهر الحالي موعداً نهائياً امام الحكومة، لكي تنتهي من الاتفاق على عناوين القانون على الرغم من ان رئيس المجلس لم يكشف امام اقرب المحيطين به عن الخطوات التي سيلجأ اليها لمنع الفراغ في مجلس النواب، بعد ان اكد اكثر من مرة ان الفراغ ممنوع في المجلس لانه سيؤدي الى شلل كامل على مستوى كل المؤسسات الاخرى، بدءا من الحكومة.
 
الا ان ارجحية ذهاب البلاد نحو المحظور وفق مصدر وزاري لم تدفع الجهات المعنية المقررة للعمل الجدي والدائم لانتاج صيغة توافقية تخرج البلاد من عنق الزجاجة الذي جرى ادخالها بها، بل ان اكثرية الكتل ما تزال تنظر الى قانون الانتخاب انطلاقا من حسابات الربح والخسارة، وكمية النواب التي تستطيع الفوز بها في حال اعتماد هذه الصيغة او تلك بعيداً عن اي حسابات وطنية تنطلق من اعتبار هذا الاستحقاق مدخلاً للاصلاح السياسي، وقاعدة لتمثيل الجميع كل وفق حجمه الشعبي، بل ان الكثير من الطروحات هدفها الاول والاخير بان تشكل الانتخابات النيابية مدخلا للدور السياسي الذي يسعى هؤلاء للقيام به في المرحلة اللاحقة بدءاً من الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومحاولة الاقصاء المسبق لبعض المرشحين المحتملين بدءا من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
 
على ان اوساط قريبة من قصر بعبدا تراهن على حلول جوجلة للافكار قبل جلسة الاثنين، واوضحت انه اذا جرى الاتفاق على عناوين معينة للقانون سيصار الى طرحها للنقاش، واما في حال بقيت الرؤى مختلفة سيتم طرح ملف الانتخابات وما يجري تداوله من اقتراحات ومشاريع بهذا الخصوص وقالت ان رئيس الجمهورية سينتظر، ما سيطرح من اقتراحات ومسار النقاش حولها، واذا ما وجد الامور تراوح مكانها، فعندها سيلجأ الى طرح ما يعتقده الافضل بالنسبة الى قانون الانتخابات.
 
واكدت الاوساط انه اذا استحال الوصول الى اتفاق بين كل مكونات الحكومة على صيغة جديدة، فعندها لن يكون من مناص امام طرح هذه الصيغ على التصويت. وسألت الاوساط المعارضين لهذا التوجه، اذا لم يتم التوافق داخل الحكومة، هل المطلوب ابقاء البلاد دون قانون للانتخابات، واوضحت ان الدستور يدعو لاتخاذ القرارات بالتوافق لكن اذا استحال ذلك، فمن خلال التصويت داخل مجلس الوزراء.
 
وعما اذا كان رئيس الجمهورية سيلجأ الى رد قانون التمديد التقني في حال قام مجلس النواب باقرار التمديد قبل الاتفاق على القانون قالت انه من المبكر الحديث عن هذا الامر، لان الاولوية لدى الرئيس عون الوصول الى صيغة جديدة تمهد لاجراء الانتخابات في اقرب وقت.
 
الخيارات المطروحة حول قانون التمديد
في كل الاحوال، توقفت مصادر سياسية في 8 اذار عند اصرار وزير الخارجية جبران باسيل على التمسك باساس الاقتراح الذي كان تقدم به، والذي يدعو لانتخاب 69 نائباً على اساس النظام الارثوذكسي متجاوزاً كل الاعتراضات عليه من الثنائي الشيعي الى النائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، وكذلك رئيس الحكومة سعد الحريري على الرغم من ان الاخير يتفادى اعلان رفضه للاقتراح حتى يؤدي ذلك الى هذا الرفض الى ازعاج رئيس الجمهورية الذي كان على علم مسبق باقتراح باسيل. وتشير المصادر الى ان اعلان وزير الخارجية قبل ايام انه ينتظر رد حزب الله على اقتراحه ليس دقيقاً. بعد ان كان تبلغ ملاحظات جوهرية من الحزب على اقتراحه، وذلك بهدف «حشر» الحزب والايحاء بان السير بالاقتراح المذكور يتوقف على موقف حزب الله وان الاخير قادر على اقناع حلفائه للسير به، مع ان قيادات حزب الله تؤكد يومياً ان القانون الافضل هو النسبية الكاملة.
 
انطلاقاً من ذلك، ما هي الخيارات والاحتمالات حول مسار القانون والتمديد وما بعدهما؟
وفي تقدير المصادر المذكورة ان الاسبوع الطالع سيكون المهلة الاخيرة امام انجاز القانون ليصار الى التمديد افساحاً في المجال امام وزارة الداخلية للقيام بالاجراءات المطلوبة، والا فان الخيار الوحيد سيبقى التمديد للمجلس بانتظار اتفاق القوى السياسية على القانون الجديد، ولذلك ترى المصادر ان الامور ذاهبة في اتجاه احد الخيارات الاتية:
 
- ان اتساع دائرة الخلاف في شأن المقاربة المطلوبة للقانون، تشير الى صعوبة كبيرة في توصل مجلس الوزراء بالتوازي مع الاتصالات السياسية الى صيغة مقبولة من الجميع، وان كانت المصادر تعتقد انه اذا كان هناك اصرار من رئيسي الجمهورية والحكومة ومعهما اكثرية القوى السياسية للخروج باتفاق على صيغة موحدة، فالارجحية ان يصار للاخذ بالاقتراح الذي كانت تقدمت به سابقاً كتلة التنمية والتحرير عبر النائب علي بزي والذي يدعو للاخذ مناصفة في تقسيم النواب بين النسبي والاكثري مع ابقاء الباب مفتوحاً لادخال بعض التعديلات والملاحظات عليه بعد التمديد، بما خص الدوائر وتوزيع النواب في كل دائرة بين الاكثري والنسبي خصوصاً ان هناك اعتراضات واسعة على الاعتماد الجزئي للقانون الارثوذكسي، وكذلك اعتراض الثنائي المسيحي على النسبية الكاملة.
 
ـ ان تذهب الامور نحو التصويت في مجلس الوزراء على احدى الصيغ المقترحة، الا ان المصادر تستبعد الذهاب الى هذا الخيار لمعرفة الجميع ان اعتراض اي قوة سياسية على المشروع سيقود البلاد الى ازمة كبرى، وهو الامر الذي اشار اليه النائب وائل ابو فاعور في جلسة مناقشة الحكومة ووافقه على ذلك الرئيس بري، على اعتبار ان جنبلاط قد يلجأ الى مقاطعة الانتخابات، وربما النزول الى الشارع لمنع اجراء الانتخابات في قرى الجبل.
 
ـ ان يصار الى التمديد للمجلس ما بين ستة شهر وسنة بناء على اقتراح قانون يرفعه النائب نقولا فتوش مع الاسباب الموجبة له، طالما تعذر الاتفاق على قانون الانتخاب، وتأكيدا منه على خطورة حصول الفراغ في مجلس النواب، مع العلم ان اكثرية الكتل النيابية ستؤيد التمديد حتى في حال عدم الاتفاق على القانون، بدءا من الثنائي الشيعي الى كتلة المستقبل وكتلة اللقاء الديموقراطي وكتلة المردة ونواب آخرين، وتؤكد ان هذا الخيار سيتم في خلال بضعة ايام، اذا تبين ان هناك استحالة للاتفاق على القانون.
 
ـ ان يمارس رئيس الجمهورية حقه الدستوري في رد قانون التمديد او اجتهادات بعض الخبراء الدستوريين بان له الحق في طلب تأجيل انعقاد مجلس النواب الى مدة لا تتجاوز الشهر، (يستند الخبراء القانونيون الى الفقرة واحد من صلاحيات رئىس الجمهورية)، وفي حال قام رئيس الجمهورية برد قانون التمديد سيعاود مجلس النواب الاجتماع قبل انتهاء الدورة العادية في 31 ايار للتصويت مرة جديدة على القانون لكي يصبح ساري المفعول اما اذا لجأ الى طلب وقف انعقاد مجلس النواب لمدة شهر، بحيث يحوّل ذلك دون اعادة التصويت على القانون قبل انتهاء الدورة العادية فهذا الامر سيؤدي الى احدى مشكلتين:
 
ـ المشكلة الاولى، حصول سجال قانون دستوري حول تأجيل انعقاد مجلس النواب لمدة شهر في هذا التوقيت الحساس، لكن المصادر تستبعد لجوء رئيس الجمهورية الى هذا الاجراء لما له من ارتدادات خطيرة على الساحة الداخلية وهو الحريص على الاستقرار وانجاز قانون جديد.
 
كما انها تستبعد قبول بعض الكتل بذلك، اذا ما وجدت ان لدى النائب جنبلاط اعتراضاً على الصيغة التي سيتم طرحها على التصويت، وبالاخص من جانب كتلتي المستقبل والتنمية والتحرير، على رغم ما قاله النائب عقاب صقر في تصريح له من مجلس النواب انه لا مانع من التصويت في حال تعذر التوافق، وتضيف انه اذا اعترضت احدى الجهات السياسية التي لا ينعكس اعتراضها انقساما طائفياً فالامور قد تمر دون ازمة وطنية، لكن اذا اعترض جنبلاط وما يمثله على صعيد الطائفة الدرزية فالامور عندها ستأخذ ابعاداً اخرى، تصل الى حدود الانقسام الطائفي والمذهبي، وحتى عدم المشاركة في الانتخابات ومنع حصولها في مناطق حضوره.
 
- المشكلة الثانية حصول فراغ في مجلس النواب وبالتالي تعذر انجاز قانون جديد للانتخابات، بالاضافة الى الانعكاسات الاخرى لذلك على باقي المؤسسات وتشير المصادر انه في حال وصلت الامور الى هذا المحظور، فهذا يعني ان الخيار الوحيد سيقى عندها اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين، وهو الامر الذي يرفضه رئيس الجمهورية.
 
لكن المصادر توضح انه حتى لو تعذر عقد جلسة تشريعية ثانية لاعادة التصويت على التمديد فالمادة 55 من الدستور، تقول انه في حال عدم اجراء الانتخابات ضمن المهلة المنصوص عنها في المادة الخامسة والعشرين من الدستور يعتبر مرسوم الحل باطلاً وكأنه لم يكن ويستمر مجلس النواب في ممارسة سلطاته وفقاً لاحكام الدستور، وعلى هذا الاساس ترى المصادر ان الحديث عن الفراغ خارج النص الدستوري الذي يحرص في مادته المذكورة على استمرار عمل المجلس.

حسن سلامة - "الديار" -  9 نيسان 2017

إرسال تعليق

 
Top