0
تلقّى رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ايام رسالة من الرئيس ميشال سليمان مرفقة بسطرين بخط يده على بطاقته الشخصية وتحمل توقيعه. وكتب بعد التحية جملة يدعوه فيها الى قراءة مداخلة ادلى بها بري في جلسة الحوار التي انعقدت في قصر بعبدا في 5 أيار 2014. ويتبين ما اورده مضمون هذا المحضر انها تحاكي بالفعل ما يعيشه اللبنانيون من ازمات نتيجة عدم التوصل الى قانون للانتخاب، الى كل المواضيع التي لا تزال تشغل الرأي العام، من الحديث عن المثالثة، الموازنة، ادارة السلطة، مجلس الشيوخ وصولاً الى العنف الاسري.
اراد سليمان ان يذكّر بري بان كل هذه الملفات التي تناولها في تلك الجلسة لم تلقَ الحلول المناسبة بفعل عدم وجود ارادات حقيقية عند اكثر الافرقاء لاجتراح المخارج المناسبة. ويبقى الاخطر في كلام بري انه حذر من خطورة حصول فراغ في مجلس النواب قبل نحو ثلاثة اعوام، إذ تطرّق الى مسألة المثالثة والحديث عن مؤتمر تأسيسي قائلاً: "إن أي فكرة لمجلس تأسيسي يصوّب النظر الى المثالثة، او أي انتقاص من حقوق اهلنا وشركائنا واخوتنا المسيحيين، هذا الامر ليس وارداً وارغب في ان يسجل هذا الكلام في المحضر على الاقل". يأتي هذا الكلام وكأنه اشبه بـ "رد رسمي شيعي" على الذين يتهمون هذا الفريق بأنه يعمل على تغيير بناء هيكل الحكم في لبنان او إحداث تغيير في الطائف. وتطرق ايضاً الى مجلس الشيوخ "الذي يحفظ حقوق الطوائف. النسبية في رأيي المتواضع هي انقاذ للبنان وللنظام اللبناني من الاشياء التي نتخبط فيها". وتناول بري في المحضر "ضرورة التشجيع على الوصول الى الموازنة واقرارها، وبالنسبة الى السلسلة الناس لها حقوق ولها حق بأخذها".
يبقى اخطر ما جاء في المحضر قول بري: "بالنسبة الى قانون الانتخاب، هناك خشية يجري الحديث عنها، لا سمح الله ان يكون فراغ في رئاسة الجمهورية، وان يكون كذلك فراغ حتى في المجلس النيابي، وتمديد جديد(...)". ويلخص في مواقفه هذه الازمة التي ترافق عدم ولادة قانون الانتخاب الى اليوم مع نفاد المهل واقتراب موعد نهاية ولاية البرلمان في 20 حزيران المقبل، مع دعوته المستمرة الى ان تتولى الحكومة هذه المهمة وتتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن في ظل الحديث عن امكان التوصل الى "فرج انتخابي" قبل منتصف نيسان الجاري، علما ان المعطيات المتوافرة حول هذا الملف المعقّد لا تبشر بالخروج من النفق المظلم.
وبعدما قرع بري جرس الانذار باكرا، يظهر ان الطبقة السياسية كلها تنتظر اسبوعين حاسمين: أبيض او أسود. وهو لا يزال يردد انه يجب التوصل الى قانون في القريب العاجل تمهيداً للتمديد التقني - الضروري "ولست سعيدا به". ويخشى بعد هذا التاريخ دخول البلاد في مرحلة شديدة الخطورة. ولا ينفك يذكر امام زواره التمديد التقني الكاره له في الاصل والمجبر عليه ان يأتي بناء على تفاهم حول القانون في الحكومة على قاعدة ان الفراغ في المجلس كبير ويهدد البلد، "وهي ليست مزحة، عندها لا تبقى دولة ولا مؤسسات ولا اي شيء"، وان الوصول الى هذا المشهد يعني باختصار تقديم "افضل وصفة سياسية للمؤتمر التأسيسي الذي يضرب كل الهيكل وهو خراب للبلد. هذه هي رسالتي ولا بد من الانتباه جيداُ لأننا نجتاز مرحلة خطرة جدا". ولذلك لن يتوقف عند هذه الحدود، وسيذهب وزراء حركة "أمل" الى مجلس الوزراء "ليطرحوا مجدداً المشروع المختلط الذي قدمته (64 اكثري و64 نسبي)، وهو الاسلم في الوضع الحالي لان كل النالس تنتخب بعضها البعض وضمن معايير موحدة، ولا نعارض مناقشة صيغ اخرى. وتعالوا ناقشونا، علما ان هذا المشروع لم يكن محل طموحي وهو تطبيق النسبية في كل لبنان".
ولم يشأ بري التعليق على الصيغة الاخيرة من مشروع الوزير جبران باسيل الذي لا يقبله بالطبع، والذي تلقّى صاحبه "الجواب المناسب" من "الثنائي الشيعي". ولا تمنعه ديبلوماسيته وسعيه الدؤوب للاسراع في انتاج قانون من القول ان "بعض الصيغ يطرحها اصحابها وكأنها منزلة من السماء، وهي في الحقيقة اسوأ من الستين".
وفي انتظار ما ستحمله الايام المقبلة، ستتوجه كل الانظار الى جلسة المناقشة في البرلمان الخميس المقبل وسيرتفع الطلب على الكلام للافادة من النقل المباشر واعلان البعض براءته من التمديد التقني او سواه من تسميات لن تقنع الشريحة الكبرى من المواطنين من عدم تمكن السلطات المعنية من اجراء الانتخابات او اقله التفاهم على قانون، مع الاشارة الى ان القمة العربية انتهت في الاردن ولا تزال اصداء رسالة "الرؤساء الخمسة" تتفاعل في الداخل والتي تصدى لها بري على اعتبار انها اساءت الى لبنان الرسمي. ويحلو لبري هنا ان يذكر كيف عمل على استقبال امير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني بعد عدوان اسرائيل في تموز 2006، وطلبه من الرئيسين اميل لحود وفؤاد السنيورة آنذاك ان يكون الثلاثة في حفل استقبال الضيف ووداعه في المطار لاظهار الصورة الراقية عن المسؤولين في لبنان ليعودوا في ما بعد الى عداوتهم، في اشارة منه الى العلاقة السيئة التي كانت تحكم لحود والسنيورة.

رضوان عقيل - النهار 3 نيسان 2017

إرسال تعليق

 
Top