رئيس تيار المردة يكتفي هذه الايام بالمتابعة والاتصالات السياسية والرصد السياسي لمسار القانون الانتخابي كما كل القوى السياسية التي تقف على حافة «النهر» بانتظار مرور امر ما، فقليل من المواقف والكلام يصدر من بنشعي، ربما هي استراحة ما بعد المعركة الرئاسية التي ضاعت في زواريب الحسابات الخاطئة للتسوية الرئاسية والتي اتعبت فرنجية وربما هي استعداد لمنازلة اخرى في الانتخابات النيابية وتحضيراً لاستحقاق ما بعد الانتخابات، فسليمان فرنجية من الاسماء المارونية في الاستحقاق الرئاسي لخلافة ميشال عون بعد ست سنوات والطامحون بالرئاسة الذين يجهزون المعركة من اليوم صاروا كثيرين. ومن اللحظة الاولى يشعر فرنجية ان معركة الرئاسة لم تنته مفاعيلها بعد ، فهو مستهدف في عقر داره في زغرتا وثمة تحركات مشبوهة ومن انتقل الى عرينه الانتخابي ناسجاً تحالفات انتخابية في تحد انتخابي واضح المعالم . يدرك فرنجية ان التسوية الرئاسية شيىء والانتخابات النيابية شيىء آخر، فهو عندما لملم اوراقه بعد الانتخابات الرئاسية وعاد الى حكومة سعد الحريري «ممنوع شطبه» من المعادلة السياسية والانتخابية وفي عرينه الزغرتاوي وهذه المعادلة ثابتة في حسابات حزب الله وقيادات 8 آذار مهما كان شكل التحالفات او القانون الانتخابي، عدا ذلك فان عشاء التيار الوطني الحرفي زغرتا استنفر العصبية الزغرتاوية التي تشتد في المحن حول رئيس المردة.
واذا كان فرنجية يرسم الاستراتيجية السياسية من بنشعي، فعلى الأرض «ملائكته» جاهزون في الاستحقاقات، ف«رجل» فرنجية في بعبدا وزير الأشغال يوسف فنيانوس يفي بالغرض والمطلوب بخوض المعارك والغوص في الملفات والاستحقاقات خصوصاً انه يتربع على رأس وزارة خدماتية اشتهتها أغلبية القوى السياسية، فنيانيوس هو «عيون وآذان سليمان فرنجية في حكومة سعد الحريري وعليه فان وزير الأشغال غالباً ما يتعرض لاطلاق نار لانه في قلب المواجهة، أولاً لأن وزارة الأشغال من اكثر الوزارات الخدماتية جاذبية لما توفره من خدمات وتلزيمات ومناقصات على ابواب الانتخابات النيابية المقبلة، ولأن وزير الاشغال هو «مردي» في الزمن العوني او الحقبة العونية وفي ظل الخلاف السياسي الذي لم يجد حلولاً ومنافذ له بعد بين رئيس الجمهورية ورئيس تيار المردة . فعلى مسافة أمتار من قصر بعبدا تقع وزارة الأشغال بجوار وزارة الدفاع وعلى «مرمى حجر «من الضاحية، واذا كان فنيانوس لا يزور بعبدا إلا عندما تعقد جلسات الحكومة في القصر فان الطريق سالكة كثيراً الى حارة حريك التي يعرف وزير الاشغال كل احيائها وطرقاتها السياسية لانه كان مسؤولاً عن ملفات سياسية وأمنية مع قيادة حارة حريك، والى عين التينة التي لها بصمات وحضور عمره سنوات وعهود الطريق سهلة جداً بعدما آلت الحقيبة «الدسمة» الى المردة من حصة حركة أمل . هذه الامتيازات للحقيبة الخدماتية جعلت الأشغال ووزيرها عرضة لاطلاق نار خصوصاً وان حركة وزير المردة لا تشبه حركة نظرائه في حكومة سعد الحريري فهو يتعاطى مع الملفات والاعمال في وزارته وكأنها «باقية الى الأبد»، عجقة أشغال و«زفت» وتلزيمات ومناقصات، ومن المرفأ الى المطار والسوق الحرة مرافق اساسية تدر ارباحاً طائلة على الدولة في غياهب الاهمال حتى لا يقال الاهتراء والفساد، ومن المرفأ العمل يتركز على تطويره لأنه من اهم المرافىء الموجودة على البحر المتوسط ولتحديد دوره وعمله من الناحية التجارية والاقتصادية باعادة اعمار سوريا والعراق وملء الشواغر لزيادة الانتاجية والاهتمام بالحوض الرابع والرسوم الجمركية وطريقة تحويلها للخزينة. اما مطار رفيق الحريري فان مفاجأة وزير المردة تمثلت بوضع خطة توسيعية للمطار فيصبح قادراً على استيعاب اكثر من 12 مليون مسافر بدل ستة ملايين ورفع مداخيل السوق الحرة من سبعة مليارات الى 40 ملياراً باطلاق المناقصات لحفظ المال العام.
وعلى ما يبدو فان السياسة التصحيحية التي اطلقها وزيرالأشغال لا تعجب بعض الجهات التي بدأ بعضها بالتصويب في مرمى الأشغال، وعليه فمن المتوقع ان يطل وزير الأشغال في حلقة تلفزيونية لطرح مسائل التلزيمات والمناقصات وخطة عمل وزاراته امام الرأي العام كما هي، فلا اشكالية طالما ان ثمة قراراً مركزياً بالتصدي لمن يضع العصي في طريق انطلاق العمل التصحيحي في الادارات. يقول المطلعون على طريقة العمل في وزارة الاشغال ان السياسة تقف وتنتهي عند «باب الوزارة»، فلا تمييز بين حلفاء واخصام «العونيون والقوات يزورننا كما الجميع» و التعاطي هو وفق القانون وما يلزم مع القوات والتيار الوطني الحر ومعاملات او مراجعات المختلفين معهم في السياسة تحصل بالدرجة الاولى قبل الآخرين.
حازت الأشغال في اللجان النيابية على رقم قياسي من الأموال لرفع موازنة عملها بتوقيع عشرين نائباً من كل الكتل النيابية المختلفة وهذا دليل على ثقة معينة، وان وزير الأشغال لا يتعاطى بالكيدية السياسية وان الإنماء سيكون متوازناً في كل المناطق من البقاع والشمال الى الجنوب، واما القول ان المردة متحيزة لمناطقها وان حصص الشمال او زغرتا تحديداً لها أولويات خاصة «فلا إحراج في ذلك بالنسبة الى المردة طالما ان الشمال محروم في الحقبات الماضية من الرعاية وعناية الدولة، فنيانوس نفسه أكد «لا مانع من خدمة مناطقنا ولا عيب في المسألة وهو الذي قال في احدى الجلسات الوزارية لحلفائه «خدمتم مناطقنا وحان وقت مناطقنا».
إبتسام شديد - "الديار" - 5 آذار 2017
إرسال تعليق