0
تستعد القمة العربية للالتئام خلال الأيام القليلة القادمة في الأردن، والحديث طويل والسجال أطول حول مصير نظام الأسد والميليشيات الإرهابية الإيرانية منها والعربية، ومن بينها رأس الشر «حزب الله». لذلك على قادة الدول العربية مواجهة شرور «حزب الله» وملاحقته والتنديد به كما «القاعدة» و«داعش» ومن على شاكلتهما لأن لا فارق بينهم في الهدف والعقيدة والأيديولوجيا والمنهجية الفكرية القائمة على القتل واستباحة الدماء باسم الدين.
كان الأولى بالرئيس اللبناني ميشال عون، بدلاً من دعوة مصر أخيراً إلى مبادرة لإنقاذ العالم العربي من الإرهاب، أن يدعو في بيروت «حزب الله» عن التوقف عن الإرهاب وأن يطالبه بالخروج من سورية وأن يتوقف عن إنتاج الخلايا الإرهابية في دول المنطقة.
لماذا؟ لأن فخامة الرئيس عون يدرك جيداً أنه يتحالف في لبنان مع العقل المدبر والمنفذ للإرهاب في بلاده والعالم العربي، وهو «حزب الله» اللبناني الذي يأتمر بإمرة إيران، وينفذ سياستها للتدخل بشؤون دول المنطقة ويجند الإرهابيين لتنفيذ تفجيرات واغتيالات.
العجيب أنه حينما سئل الجنرال عون خلال زيارته مصر الشهر الماضي عن حل مشكلة سلاح حزب حسن نصر الله الذي يختطف إرادة الدولة اللبنانية وقراراتها السيادية، وسياساتها الخارجية، رد بالقول: «هناك ضرورة لوجود هذا السلاح ما دام هناك أرض تحتلها إسرائيل، وما دام الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إسرائيل». بل زاد أن سلاح حزب نصر الله يعتبر «مكملاً لعمل الجيش ولا يتعارض معه»، وهذا توريط للبنان والجيش طالما «حزب الله» يقتل أطفال ونساء سورية ويشارك في العراق واليمن، ونعلم جميعاً عدد المذابح والمجازر التي شارك فيها الحزب في سورية وغيرها.. وكأن فخامة الرئيس يريد أن ينسينا اجتياح الحزب لبيروت بالسلاح عام 2008، ومحاصرة الوسائل الإعلامية وقطع الطرقات وتعطيل المطار بالقوة والدخول في مواجهات مسلحة مع أهل بيروت، خصوصاً السنة!
وكان من الطبيعي أن تشعل تصريحات الجنرال سجالاً جديداً داخل لبنان، خصوصاً أن حزب نصر الله، والخلاف القديم/‏الجديد بشأن سلاحه، ودوره في الساحة السياسية اللبنانية، ودوره في القتال في صفوف نظام بشار الأسد، كان عطل تشكيل الحكومة اللبنانية شهوراً، بل أبقى المقعد الرئاسي شاغراً مدة أطول. ولمن يستغربون مواقف الجنرال وتبديل مواقفه مثلما يبدل سترته نحيلهم إلى تصريح شهير للجنرال قاله قبل أن يتحالف مع حزب حسن نصر الله في عام 2006، وهو: «حزب الله إذا بقيَ مسلحاً لن يستطيع حماية نفسه، وسيعرّض الشعب اللبناني للخطر معه». وها هو في عام 2017 يستمر في تحالفه مع الحزب ليؤكد مجدداً بـ«ضرورة وجود سلاح حزب الله لأنه مكملٌ لعمل الجيش الذي لا يتمتع بالقوة الكافية».
كان إدلاء عون بتلك المواقف بعد زيارته للسعودية، التي كان حزب نصر الله سبباً في توتر علاقتها القديمة مع لبنان، مخيباً للآمال، خصوصاً أن الرئاسة تتطلب مواقف براغماتية وسطية، لضرورة عدم إقصاء التيارات السياسية الناشطة في الحياة اللبنانية.
وكان مخيباً للآمال لأن عون بدلاً من أن يعيد إلى لبنان هويته العربية، وهو واحد من وعوده بعد تنصيبه رئيساً للبلاد، تركه في حضن حزب نصر الله. والأنكى أن الرجل، وهو قائد سابق للجيش اللبناني، وصف ذلك الجيش بأنه لا يتمتع بالقوة الكافية. ويعني ذلك ببساطة أن عهد الرئيس عون لن يشهد تعزيزاً لقدرات الجيش الوطني، وأن مشكلة سلاح حزب حسن نصر الله الإيراني باقية بلا حل، وأن اختطاف الحزب الإرهابي للإرادة السياسية للدولة اللبنانية سيبقى خميرة لعكننة الحياة السياسية، واستدامة السجالات والتوترات والصراعات في المشهد اللبناني.
لقد ظل الجنرال يحترف سياسة ترحيل حلول الأزمات منذ محاولته فرض نفسه رئيساً للحكومة في ظل الهيمنة السورية، وهو ما انتهى بسيطرة نظام حافظ الأسد على لبنان بأسره، وخروج عون إلى منفاه الباريسي. وهو ينسى أن الشعب اللبناني حين تفجر غضبه خرج بصوت واحد في قلب بيروت ولم يعد إلى بيوته إلا بعد إرغام بشار الأسد على إجلاء قواته وجواسيسه. الأكيد أنه حين يصل الغضب بالشعب اللبناني مداه من الدويلة الإيرانية داخل الدولة اللبنانية فسيهب مجدداً ليكنس سلاح حزب الله.. ويقتلع شعارات نصر الله ومن يصمت على أفعاله وإرهابه.

جميل الذيابي - عكاظ - 22 آذار 2017

إرسال تعليق

 
Top