قد يكون مشهد جامع الامين في بيروت الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري الى رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام وقيادات في الطائفة السنية، احد مؤشرات المساعي الجارية لوحدة الطائفة السنية، لكن المؤشر الاهم الذي اثار تساؤلات الاوساط السياسية هو رعاية الحريري لحفل «جمعية العزم والسعادة» سواء في اختيار الرئيس ميقاتي للرئيس الحريري راعيا للحفل، او في قبول الحريري رعايته للحفل ومشاركته بكلمة بالمناسبة.
هذا المشهد اثار العديد من التكهنات حول خلفياته وامكانية انسحابه على الاستحقاق الانتخابي النيابي وتكرار تجربة التحالف في مدينة طرابلس بين الرئيسين الحريري وميقاتي ولا سيما ان اللقاء بين الرجلين في حفل الغداء الذي سبق حفل المسجد كان وديا جداً بخاصة من جانب الحريري الذي اظهر توددا شديدا حيال ميقاتي الذي رد التودد بكلمة اشاد فيها بالحريري واصفا اياه بالاخ والصديق.
غير ان ميقاتي تطرق الى مشهدية جامع الامين الجامعة للرؤساء من ابناء الطائفة الاسلامية السنية خلال رعايته حفل تكريم مخاتير طرابلس والشمال بمناسبة يوم المختار الوطني.
فمن يتابع ميقاتي في الآونة الاخيرة يلاحظ انه يضع النقاط على الحروف ويرد بين وآخر على ما يطرح هنا وهناك من تكهنات تتناول مواقفه السياسية واحتمالات تحالفه اذ لم تتضح الصورة بعد، بل ولن تتضح قبل اقرار القانون الانتخابي وحتى ذلك الحين لن تتخطى الاحتمالات اطار التكهنات التي لا يمكن الركون اليها.
ففي رأي ميقاتي ان التفسير الذي رافق احتفال جامع الامين قد ذهب بعيدا في غير اتجاه ولعل التحليلات لم توفق في وضع المشهد ضمن اطاره الطبيعي حيث يعتبر ميقاتي ان اللقاء الجامع غير مرتبط بأي استحقاق ظرفي، كما هو ليس مقاربة انتخابية مشددا على انه لن تكون له عداوة مع اي شريك في الوطن بل انفتاح على الجميع مع حق الاختلاف في وجهات النظر ولكل شخصيته وموقفه ورأيه مؤكدا انه مع التنوع والتعددية والاختلاف بما في ذلك رحمة للامة ولان التعاون يجلب الخير للبلد.
من سمع ميقاتي لاحظ انه يفصل بين التلاقي بمناسبة محددة والاستحقاق الانتخابي وهناك من لاحظ ان ميقاتي اعطى اشارات الى ان اللقاء بين ميقاتي والحريري غير وارد حتى الان دون استبعاد هذه الفرضية، اضافة الى ان اوساط نافذة في تيار المستقبل اكدت في اكثر من مناسبة انه لا يمكن خوض الانتخابات النيابية بتحالف مع ميقاتي بالرغم من اهمية وحدة الصف الاسلامي السني لكن ضمن خصوصيات كل فريق سياسي، وسبق لميقاتي أن اعلن عن نيته تشكيل لائحة من فريق منسجم.
وحدة الصف الاسلامي ايضا كانت يوم امس موضع اهتمام القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري الذي جال على قيادات طرابلس بدءا من اللقاء مع ميقاتي ثم الوزير محمد الصغدي والوزير اللواء اشرف ريفي والوزير فيصل كرامي دون استثناء لاي شخصية طرابلسية فاعلة وقد اعتبرت اوساط سياسية ان جولة البخاري في طرابلس اشارة واضحة الى الدور السعودي في تقريب وجهات النظر بين قيادات السنة وتوحيد الصف الاسلامي السني وقد أشار ميقاتي الى هذه الوحدة واهمية التعددية وحق الاختلاف بديموقراطية رحمة للبلاد والعباد.
واللافت ان ميقاتي كشف يوم امس حتمية تأجيل الانتخابات النيابية لمدة سنة نتيجة تعثر الوصول الى قانون انتخاب عصري بالرغم من ان ما عرف بقانون حكومة ميقاتي نال موافقة كل الاطراف السياسية.
صراحة ميقاتي قادته ايضا الى التوضيح ان الشكوى تنصب على الطبقة السياسية التي لم تستطع انتاج قانون انتخابي حتى الآن وبالتالي لم تول طرابلس والشمال اهتماما وان ما شهدته الشوارع موجه ضد هذه الطبقة التي تفرض الضرائب على فئات شعبية ولم تستطع حتى الآن انجاز الموازنة ولا السلسلة.
جهاد نافع - "الديار" - 25 آذار 2017
إرسال تعليق