هذا السؤال المركزي لمجمل الطوائف المسيحية في لبنان وحتى في المشرق عموماً ما زال يقض مضجع المجتمع المسيحي الشعبي بأكمله بفعل الواقع المؤلم الذي وصلت اليه معظم الطوائف المسيحية في الشرق من عذاب وقهر وتهجير الى خارج بلدانهم الاصلية في هذه المنطقة، ويبدو ان لبنان هو الكتف القوي الذي يستند اليه مسيحيو معظم بلدان المنطقة ومن هنا كان التركيز خلال السنتين الماضيتين على ضرورة الحفاظ على ما تبقى في ارض السيد المسيح وعدم افراغها من مواطنيها الاساسيين، ويروي اسقف ماروني وفي نفسه الغصة انما على شيء من التفاؤل بالمستقبل وعلى خلفية قيام المجتمعات المسيحية في المنطقة بعد العديد من عمليات الترحيل والتنكيل ليقول: ان الواقع الحالي لا بد من القول انه تحسن بعض الشيء ليس بفعل واقع التحالفات التي اقيمت فحسب انما بفضل العامل الوحيد الذي يوقظ الوعي وهو اليقظة الحقيقية على المصير بأكمله ووجود رؤية شبه موحدة لدى القادة المسيحيين جميعاً وشعورهم بخطورة الواقع القائم حتى داخل لبنان، ويضيف ان مسألة قيام ورقة النوايا بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يجب تشجيعها كي تشمل كافة الاحزاب والتيارات المسيحية وعلى ان تكون اداة للجمع وليس للتفرقة او فقط العمل من الناحية السياسية فيها ونسيان ان هناك احزاباً اخرى لها وزنها على الساحة المسيحية يجب التقرب منها وتذليل العقبات القائمة بينها وبين الثنائي المسيحي كي نصل الى رؤية موحدة لحال المسيحيين جميعاً وعدم اعتماد فعل النكاية او العودة الى الوراء وفتح الملفات التي مضى عليها الزمن وقلب الصفحة مهما كانت الصعاب قائمة لان الخطر قائم على الجميع دون استثناء وليس على المسيحيين فحسب انما على كافة اللبنانيين جزء هذا المد التكفيري الذي يجتاح المنطقة بالذبح والقتل والتهجير، ويؤكد الاسقف ان البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي منكب منذ فترة طويلة على ملف اعادة شمل المسيحيين وهو يعمل يوميا ومنذ اول يوم من انتخابه بطريركاً على محاولة رأب الصدع وتقريب وجهات النظر وليس بالضرورة ان يكون الجميع واحداً انما ان يبقى الهدف وهو هدف البقاء في المشرق واحداً الى الابد اما المسائل السياسية فلا شك انها تغذي الخلافات وتزيد من الانشقاقات الا انها لا يجب ان تكون عامل فرقة أبدية اذا كان حقاً القائمون بالشأن المسيحي هم مسيحيون اصحاء بالرغم من كون العمل السياسي مصدر للهموم التي تبعد الانسان عن رسالته الحقيقية، ويلفت الاسقف الماروني الى ان الواقع الحالي يمكن تلخيصه بكل صراحة بالتالي:
1- قيام ثنائي مسيحي قوي يتمثل بالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يمكن ان يشكل انطلاقة وليس نهاية للعمل على جمع كافة الاطياف، ويعطي الاسقف تنبيهاً الى الثنائي بعدم ترك الساحة وحيدة لهما بالرغم من انها حق لهما لكن الاوضاع لا تتحمل هذا الكم من التباعد مع الاخرين او محاولة تحجيمه بل العكس يجب ان يكون الهدف بمد اليد نحو الاخر ذلك ان اي عزل يسبب الكثير من العزلة او اتكاء الاخرين على اطراف ثانية بفعل ما يتعرض له.
2- وضعية حزب الكتائب اللبنانية وهو حزب عريق حسب ما يصفه الاسقف وهو خارج الثنائية ولكن القنوات مفتوحة بينه وبين القوات والتيار الوطني ولو في الحد الادنى من اللقاءات انما واجب الكتائب ان تقدم على خطوة من قبلها ويلاقيها خطوة من قبل الثنائية بعيداً عن الحصص النيابية والكراسي ما دام المصير مهدداً جميع المسيحيين وبالتالي فان واجبات الكنيسة العمل على ترطيب الاجواء بين الجميع وهذا ما تقوم به باستمرار وعلى كبار القوم في المجتمع المسيحي ان يساعدوا الكنيسة في عملها ما داموا حريصين على بقاء اتباع السيد المسيح في المكان الذي ولد فيه وصلب وقام، ومن هذا المنطلق لا تنفك الكنيسة بتوجيه التنبيهات الى السرعة في المعالجة قبل ان يفوت الاوان.
3- تيار المردة وهنا يقع بيت القصيد حيث الجهود منصبة من قبل البطريركية المارونية على تقريب وجهات النظر بين النائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع والتيار الوطني الحر ذلك ان الخطاب المعتمد من قبل الجميع لا يبشر بالخير وعلى كافة هذه الاحزاب ان تكون واعية جداً لخطورة المرحلة التي يمر بها المسيحيون في المنطقة وان الكراسي تجيء وترحل فيما المجتمع المسيحي هو الباقي وعلى الجميع اخذ العلم ان داعش لن يسأل اي مسيحي عن انتمائه السياسي؟!!
عيسى بو عيسى - "الديار" - 16 آذار 2017
إرسال تعليق